تبحثين عن الحب أم الزواج م6
حبيبتي الأستاذة رفيف الصباغ،
بداية أحب أن أعلمك أني أفتقدك كثيراً وأتمنى أن تكوني بخير حال وصحة جيدة، وأعتذر عن غيابي هذه الفترة الطويلة، فما رأيته كان فوق الطاقة. اسمحي لي أن أتكلم معك هذه المرة وكأني أتكلم مع نفسي فأنا أثق برأيك وبحكمتك في الآراء.
بعد رسالتي الأخيرة لك مررت بمرحلة من الصراع النفسي الذي زاد عليّ؛ كنت أكره نفسي لوجودي في هذه الحياة، ولم أعد أعلم كيف أتصرف ومن يشيرني ويعطيني الرأي الذي أثق به، إلى أن تحدد موعد شراء أثاث منزلي، وطبعاً أنت تدرين أن ذلك يتطلب الموافقة القطعية؛ كنت أحس بضيق نفس شديد إلى أن ذهبت قبلها بيوم لإحدى صديقاتي وقابلت عندها بالصدفة دكتور نفساني، جلس معي وعرّفني على نفسي وعلى طبيعتي وأقنعني، وللحق كان كلامه لا يختلف كثيراً عن كلامك ولكني كنت أحتاج المساعدة القريبة مني.
طبقت كل ما قاله ومشيت مثلما قال، وجدت تحسناً كبيراً إلى أن توافقت مع خطيبي ورأيت فيه ما لم أكن أراه من قبل، بل ورأيت نفسي حقيرة النفس ولمت نفسي على ما فعلته به، ولكن كان غصب عني، كل ما لامني عليه الطبيب هو قبولي للخطبة في وقت غير مناسب، ولكنك تدرين أني لم أستطع إيقاف هذا الأمر فالله له حكمة في حدوثه في هذا الوقت بالذات، ولكن الطبيب قال لي أني أعاني أكثر في وجود هذه الخطبة من الصراع النفسي الذي يعلو على طاقتي النفسية ويسبب لي كل الأمراض العضوية "وكأننا نزرع في أرض غير صالحة للزراعة"، ولكن الأمر نفذ.
حزنت بشدة من خطيبي في بداية الأمر لأنه كان سبباً في معاناتي، وبسبب حبه الشديد لي، ولكني تعلمت هذه المرة ولم أندفع في مشاعري لم أعرف لماذا! هل لأني أحببت مرة بشدة ولن تتكرر؟ أم أنني فعلاً أحاذر دون وعي مني بفعل هذا الأمر؟ الآن اقترب زفافي- هو يوم 20يونيو المقبل- ولا أستطيع وصف إحساسي؛ أحس بالغربة، وأحس أنني لست أنا وكأني أحلم، في مثل هذه الأيام كنت مخطوبة لشخص أحبه، أرسم معه حياتي، والآن أتزوج رجلاً آخر، وكل شيء يتم في يسر وسهولة. لا أكذبك القول فأنا غير سعيدة، ليس لأني أتزوج الرجل الذي لا أرغب فيه، بل بالعكس لقد تغيّر الأمر، بل لأني أحس أن الله يعاقبني بسبب ذنبي مع خطيبي- الأول أو الثاني، لا فرق- فأنا ضعيفة جداً ناحية الجنس الآخر ولا أستطيع مقاومة من يحتك بي منهم لحرماني الشديد، أعلم أنه ليس عذراً.
كنت من ثلاث سنوات أعفّ البنات على وجه الأرض، حتى عندما أحببت سبع سنوات لم تخرج أبداً العلاقة عن الحدود، ولكن منذ سنّ ال23 وقد تطاول عليّ الكثيرون، كنت أقبل لأني لا أحب أن أفضح نفسي بعلو صوتي وأقول ما الغريب بي! كنت أنتظر الخطبة بفارغ الصبر من شخص ملتزم يصونني وأتى الملتزم، لكنه ما عاد ملتزماً بمجرد جلوسه معي وحدنا، فقد تطاول أيضاً حتى فسخت الخطبة.
وأتى الآخر الحييّ المؤدب الخجول، الذي لم يعرف عنه أبداً أي علاقات نسائية، وأيضاً لم يتحمل! هل هي مشاعرهم تجاهي؟ ولو كنت واحدة أخرى، فهل سيحدث ذلك؟ وكيف وافقتهم؟ كيف صدر مني ذلك؟ كيف لم أضربهم بالعصا كما كنت أفعل من قبل مع الآخرين؟ كيف أهنت كرامتي؟ هذا الذنب الذي يعذبني طوال هذه السنة حاولت حلّه بعقد القران، ولكنك تعلمين القصة من أولها، كيف أعقد وأنا في هذه الحالة وجسدي تعوّد على ذلك؟ أنا لم أعد بكراً بالرغم من عذريتي "الجسدية"، كل شيء تدمر في حياتي، أحاول القرب من الله وأرجع كما كنت، ولكن كيف وهذه الآفة موجودة؟! لا أستطيع سدها بالعقد أو بالفراق؟ متى تنتهي هذه المأساة؟
كيف يسامحني ربي ويكتب لي حياة سعيدة مع رجل يحبني؟ هل أستحق أنا أرى أني لا أستحق؟ كنت أتمنى رجلاً يخاف عليّ من نفسه، يحفظ كتاب الله، ولكن الله حرمني من هذا، صحيح أنه ابن ناس وأخلاقه كريمة ويؤدي فروضه، لكني كنت أطمع في أكثر من ذلك ليخلعني من هذه الحياة، ولكني كنت أعيش أوهاماً، أصبّر نفسي وأقول لست وحدك بل كثر في مثل موقفك، لكن لا أنا أثق في أن هناك أناس ما زالوا يحافظون على شرع الله، هذا هو الشيء الوحيد الذي يؤرقني في حياتي ولا أعلم إن مت كيف أقابل ربي بعد كل هذا العذاب، وإن تركته هل أجد غيره للمرة الثالثة فلا يلمسني ما دمت لا أحلّ له؟ هل الصحابة في عهد رسول الله كانوا كذلك؟ هل هي طبيعة البشر التي لا يستطيع أحد التحكم بها، أم أن الضوابط حين عجزنا عن تنفيذها تكون عذراً لهذا الخطأ الفادح؟
أنا لا أعذر نفسي بل أطلب إقامة الحد المناسب لعقوبتي، لكن قبل عقوبتي أرجو الرد لإنهاء هذه التعاسة من حياتي والتي لا أستطيع إيقافها منذ ثلاث سنوات: بدأها رجل قبّلني بالقوة حتى يذوق مني، لكن الباب انفتح ومثل هذه الأبواب لا تسد بسهولة. حاولت كثيراً، ولا أكذبك أنا أكره خطيبي ونفسي لأنهما السبب في معصيتي لربي، فكيف أتصرف؟.
18/4/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
أختي الحبيبة الغالية "سوسو"، يبدو أن الأرواح أسرع اتصالاً من هذه الشبكة؛ فسبحان الله، كنت من فترة وجيزة أفكر في أمرك وأتساءل بيني وبين نفسي عن آخر أحوالك! فشكراً لمتابعتنا بأخبارك.
حقيقة لا تعلمين مدى حزني عندما أُقع على مثل هذه القصص وهذه الحوادث، ولا أعلم علامَ أحزن وأبكي: على الشباب المتعطش المحروم، أم على انتهاك حرمات الله عزّ وعلا؟ ولا أدري حقاً ماذا أقول؟ لأن المقدمات إذا كانت غير صحيحة فكيف يمكننا أن نحصل على النتيجة الصحيحة؟؟. ما حصل معكما ليس غريباً عن طبيعة البشر كائنين من كانوا، بل هو المتوقع، لهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ((ألا لا يخلوَنّ رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)) فما بالك باثنين متحابين على وشك الزواج، في عصر كثرت فيه المثيرات وقلّ فيه الحلال؟؟ فالحال كما قال الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له * إياك إياك أن تبتل بالماء!
ولكن لا بأس، فالنبي صلّى الله عليه وسلّم قال في نفس الحديث بعد هذه العبارة مباشرة: ((من سرّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن))، فاطمئني طالما أن سيئتك قد ساءتك فأنت مؤمنة بشهادة نبيك المصطفى صلّى الله عليه وسلّم. لكن الباب أمامك مفتوح للرجوع إلى الله والأمر يسير على من يسره الله عليه، صحيح أن سد هذا الباب بعد فتحه أصعب من المحافظة عليه مغلقاً، ولكنه أيسر من عذاب الله بل من عتابه لنا يوم القيامة.
أول عمل تقومين به إن أردت الخلاص أن تمتنعي من الخلوة به قبل إبرام العقد، وليكن معكما أحد من محارمك [رغم أن أصل الحكم ألا تجتمعي معه أصلاً]، واضربي بالأعراف وكلام الناس عرض الحائط، فغداً عندما يقوم الناس لرب العالمين كل واحد منهم سيقول: نفسي..، نفسي...
وإن حصل ثمة خلوة من غير إرادة وسوّل لكما الشيطان أمراً فأذكّرك –يا أخيتي- بحديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله من حر الشمس يوم القيامة، يوم لا ظلّ إلا ظلّه، ومنهم: ((رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله)) وهذا يصدق على المرأة أيضاً، فأمامك فرصة ذهبية للفوز بهذا الظل: تذكري هذا الحديث وقولي لخطيبك: إني أخاف الله، وابتعدي...، وتأكدي إن كنت قلتها الآن فإن حياتكما ستكون مبنية على خوف الله ما كتب لكما البقاء، إن استطعت أن تقوليها الآن فحتماً ستستطيعين قولها أمام كل معصية تعترض طريقك غداً، قوليها وجرّبي حلاوتها، ليكن موقفك– رعاك الله وأيدك- كموقف الصحابي فَضالة بن عُمير إذ أسلم ثم عاد إلى بيت أهله، وبينما هو في الطريق لقيته امرأة كان يتحدث إليها، فطلبت منه أن يأتي ليتحدث معها كالعادة، فأجابها بأبيات ابتدأها بقوله:
قالت: هلم إلى الحديث فقلت: لا * يأبى عليك الله والإسلامُ
أعلم أن الأمر ليس بالهين، ولكن كوني قوية واستعيني بالله، فالله ينتظر منك هذه الخطوة، ينتظر منك أن تريه إيمانك وثباتك فلا تضيعي على نفسك الفرصة، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
باب التوبة مفتوح لم يسده الله في يوم من الأيام، ولكن الشيطان يقنطنا من رحمة الله كي لا نقبل عليه، فثقي برحمة الله تعالى وأقبلي، فقد وصف نفسه في أول آية من كتابه بأنه ((الرّحمن الرّحيم))، ونحن نكررها في يومنا عشرات المرات، فلا تقنطي فالله ينتظرك أن تقبلي، وأنا أنتظر منك أن تخبريني الأخبار الطيبة فلا تخيبي أملي.
وأخيراً أقول لك: ما زال هناك عباد لله محبين له، متمسكين بشرعته، يخافون معصيته، ولولا وجودهم لخسف الله بنا الأرض، ولكنهم قلة، فأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياك وجميع المسلمين منهم، وأن يزيدهم ويبارك فيهم، ولنتعاهد سوية على التمسك بشرع الله يا أخية، وغداً نلتقي في الجنة إن شاء الله.
مبارك زفافك سلفاً، بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، ولا تنسيني من الدعاء في ظهر الغيب، وتابعينا بأخبارك إلى أن تصبحي جدة!.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج م8