كيف تصبحين جميلة؟
عزيزتي الغالية غلا،
قرأت رسالتك بشغف شديد، وقرأت الرّد أيضاً بشغف أشد. عندما كنت في مثل عمرك كان يراودني نفس الإحساس الذي يراودك الآن، ربما هي فترة عمرية نمرّ بها جميعاً ونرغب فيها أن نكون محط اهتمام من حولنا، ونرى أن هذا الاهتمام لا يتأتى إلا بمدح الجمال والقوام. مرّت عليّ لحظات كنت أبكي فيها بكاءً شديداً لأن الله حباني بجسد ممتلئ، وسمعت بسببه من التعليقات ما "لذّ وطاب"، وزاد الطين بلة من وجهة نظر من حولي أني ارتديت الحجاب منذ سن 16 سنة فأعطاني ذلك مظهراً أكبر من سني. لكن في الجامعة تعرّفت على شاب أحبني وأحببته ولم يرَ سمنة جسدي ولكن رأى جمال روحي وطيبة قلبي، وكان دائماً يقول لي: "بداخلك بحر من الحنان والطيبة أنا بحاجة لهما ولم أرهما في أحد من قبل".
انتهت القصة مثل معظم قصص الحب في الجامعة، ولكني تعلمت منها الكثير وبدأت أنظر إلى مواطن الجمال بداخلي وأنمّيها، ولم أفكر قط في عمليات تجميل أو خلافه -خافي على نفسك من الدخول في عمليات وبنج ومشرط طبيب وأنت في غنى عن هذا-، لقد توفيت فنانتنا الجميلة سعاد نصر بسبب عملية شفط دهون، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
اجتهدت كثيراً في عملي، ونمّيت كل ذرة مميزة بداخلي حتى صرت محط إعجاب الجميع -حتى ممن كانوا ينتقدون جسمي وشكلي بالحجاب الذي يزيد من عمري-، ولم أستخدم يوماً مساحيق التجميل، فقد كنت ومازلت أرى أن أجمل شيء للإنسان هو خلقته التي خلقه ربه بها وتناسق تفاصيل هذه الخلقة سوياً، وكان أجمل ماكياج استخدمته وما زلت هو ابتسامتي التي لا تفارق وجهي أبداً مهما كانت الظروف أو الصعاب التي تواجهني، وهي حقيقة تكون شديدة في كثير من الأحيان؛
لقد مررت بوعكة صحية شديدة خلال الأسبوع الماضي، وكان الجميع بمن فيهم والدتي في حالة قلق شديد لأنها كانت وعكة شديدة ومتشعبة ومتعددة الجوانب، ولم يكن أحد يعلم ماذا يمكن أن نفعل في هذا الأمر فالموضوع متشابك، وانتابتني نوبة من الضحك الشديد في محاولة للتغلب على كم الألم الشديد الذي كنت أشعر به، وانهالت مني تعليقات ساخرة لاذعة بانتهاء العمر الافتراضي وما شابه حتى استخلصت الضحكات من جميع من هم حولي إلى أن منّ الله عليّ فجأة بزوال جميع الأعراض دون أي أسباب! الخلاصة التي أريد أن أقولها لك عزيزتي: ليس الجمال الشكلي هو المقياس الوحيد للجمال، وحتى في الجمال الشكلي تختلف الأذواق- ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع!.
ركزي على كل مواطن الجمال الداخلي بك من كل شيء سواء كان هذا الشيء قلبأً حنوناً، أو حبّاً للأطفال، أو مرحاً وانطلاقاً، مهارة في دراستك ومن ثم في عملك... إلخ، وأقسم لك وعن تجربة سيخطب ودك جميع من تنكروا لرغبتك في الدلع والدلال واعتبروه حقاً غير مشروع لك.
بارك الله فيك يا عزيزتي الصغيرة.
27/4/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
بارك الله بك د.غادة، على تشجيعك ونصائحك.
لا أدري ولكنها مجرد وجهة نظر، ألا ترين أن التربية الأسرية والمجتمع عموماً لهما الأثر في عدم رؤية الفتاة لمحاسنها ومواضع الجمال والتميز فيها؟ حيث غالب الناس لا يقتنعون بالفروق الفردية، ولا يعرفون التعامل معها ويريدون الجميع على صفة واحدة إن فقدت كانت الفتاة / أو الفتى / منبوذة وغير مرغوبة، ولو أدركوا أن الناس متفاوتون في الخلقة ولكل إنسان مواضع إيجابية منحه الله إياها وسخره في هذه الحياة بما يناسب إيجابياته، لما عابوا أحداً، ولما شعر أحد بالنقص، أليس كذلك؟.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> كيف تصبحين جميلة مشاركة 2