أبي يخونني..!؟
أكتب أسطري هذه وأنا لا أشعر فقط بل أعيش معنى فقدان الأم التي وفاها الأجل منذ ثلاثة أسابيع، رحمها الله وأسكنها روض الفردوس.
أختي، أنت تطالبين من حولك لتأخذي، لكن هل فكرت يوماً بالعطاء؟ والدك أكثركم تأثراً بوفاة والدتك فهو لم يعاشرها لمدة 20 سنة كما فعلت وفعل أهلها، بل هو أكثركم معاشرةً لها (40 سنة)، أي ضعف عمرك تقريباً..!
عندما ماتت أمك كانت أخواتك قد تزوجن عدا أختك الأخرى، تحطم الكل كما تحطمت عائلتي، لكن هل مسحت دموع والدك وهو وحيد على الفراش وظلال أمك بجواره؟ هل ضممته لصدرك واستمعت لآلامه؟ والدك يعدكم على الأصابع ويرى أنه يخسر كل يوم واحدة منكن، والدك يخشى الوحدة، يريد من يعطيه شيئاً مقابل عطائه للغير.
تقولين و"أنا"؟ أبوك يرى أنك ستتزوجين اليوم أو غداً وفي آخر الأمر سيظل ذلك الكهل الوحيد الذي يعيش في منزل عابق بأشباح وذكريات الماضي. أخفى أمر زواجه لأنه يدرك تماماً ردة فعلكم ولومكم له بانتقاصه من قدر ومكانة أمك، أمك موجودة في قلبه ولن يحتل أحد آخر مكانها، والدليل على ذلك عدم إقدامه على الزواج أثناء عمله بالخارج أو خلال فترة مرضها، مهما قدمت له الحنان والحب والرعاية فلن تقدري على تقديم حقوقه الزوجية، والدك بشر لديه أحاسيس ورغبات، مهما زاد به العمر يظل كالطفل غض القلب.
الآن دورك ودور أخواتك في غمره بالحنان والعطف الذي أغدقه عليكم طوال سنوات عمركم، ودور زوجته برعايته وحبه وإعطاءه حقوقه كزوج. صارحوه بلطف أنكم قد عرفتم بأمر زواجه ولا تلوموه فهذا حقه، أعلم أنه من المؤلم أن يعيش مع امرأة أخرى في نفس المنزل الذي عاشت فيه أمك، لذلك قد يفيد انتقالكم لمنزل آخر والعيش أنت ووالدك وزوجته سوية، أو على الأقل اختيار إحدى حجرات المنزل لتعيش فيها الزوجة غير حجرة والدتك.
لا تنتقلي عند أخيك أو أخواتك فلن يحبك أحدهم ويحن عليك بقدر حب والدك وحنانه عليك، هذا ناهيك عن ردة فعل زوجته في المستقبل لو ضاقت من وجودك، كما أنه من الصعب العيش عند أخواتك في وجود أزواجهن، فستكونين كالمتطفلة على حياتهم وستزداد مشاكلك النفسية أكثر. قفي بجوار والدك، فهو لم يلجأ لذلك إلا بعد أن فقد الأمل في غمره بحنانكم.
وصدقيني أنا لا أقول ذلك فلسفةً وإنما من واقع تجربة أعيشها شخصياً وأرى أبعادها على كل فرد في أسرتي.
وأخيراً، أتمنى لك السعادة في الدنيا والآخرة، ورحم الله والدتك وأسكنها فسيح جناته..!
30-4-2009
رد المستشار
لم أجد أرق ولا أوقع من حديثك يا ابنتي فلم يكن لي أن أضيف كلمة واحدة بعد كلماتك..!