كئيبة وعصبية
أنا مبتورة الساقين ولكني أعمل وأشتغل بالطب، ولكن عندي شعور دائم باليأس والخوف من المستقبل وكره لكل الناس وحتى أخواتي، ولكني لا أظهر ذلك بل أكبت وأتألم، لا أحد يشعرني بالسعادة، أنا فقط من يعطي. لا أحد يشعرني بأني سأتزوج وأفرح، كرهت كل شيء وكرهت أن أسعد، وأنا لم أسعد.
أفيدوني ماذا أفعل؟ ولكم الشكر.
24/4/2009
رد المستشار
السلام عليكم، الأخت الكريمة،
إن ما تعانين منه ليس مشكلتك، ولكن مشكلة ذوي العقول الصغيرة من الناس، حيث يظنون أنهم خير ممن أحبه الله تعالى فامتحنه. يظنون أنهم يملكون ما لا يملك المصابون والمرضى، وينسون أن صحتهم وأعضاءهم ليست ملكاً لهم، إن شاء الله تعالى أخذها منهم في أي وقت شاء... ومن كانت صحته ليست ملكاً له فعلام يتكبر على الناس ويسكر بما يتميز به عليهم، وهو فقير مثلهم لا يملك شيئاً؟!
أختي الغالية،
لا تحزني من أجل غباء الناس، هم الذين يحتاجون من يبكي عليهم ويرثي لحالهم، صحيح أن الكلام الجارح ونظرات الاحتقار والتكبر مؤلمة، ولكن ليكن عندك يقين أنهم هم المرضى والمصابون لا أنت، لأنهم أصيبوا في عقولهم ونفوسهم، وتعلمين ما قيمة المرء إن أصيب في هذين....
وأود أن أقول لك: لا تربطي بين إعاقتك وبين الزواج... فكم من إعاقة كانت سبباً للزواج!! وكم من عافية كانت سبباً للعنوسة...
أعرف فتاة كانت بارعة الجمال إلى حد كبير، وكانت صباح كل يوم قبل أن تدخل إلى غرفتها في العمل تسير في ممرات المكان الذي تعمل فيه وساحاته بين الناس، فخورة بجمالها... وكانت كل يوم تستقبل أكثر من خاطب ممن يتصفون بالغنى والجمال والعلم، ولكنها وأهلها كانوا يرفضون الخطاب بحجة أنهم لا يليقون بابنتهم... وفجأة ودون سابق إنذار بدأت تشعر بألم في مفصل الفخذ ولم تعد تستطيع تحريكه..، وبعد إجراء كثير من الفحوصات، تبيّن لها أنها مصابة بورم خبيث في المفصل.. وأدخلت العملية، وخرجت مشلولة بسبب خطأ من الجراح.. ولم يرضَ أحد أن يعيد الجراحة لها فسافرت إلى إيطاليا وأجرت عملية أخرى، وأعطيت الجرعات للتداوي من السرطان... فسقط شعرها الذي كانت تفتخر بجماله... وعادت تمشي ولكنها أصبحت تعرج عرجاً واضحاً!!
كان مرضها سبباً لحجابها وعودتها إلى الله تعالى، وسبباً لزواجها أيضاً، فقد جاء شاب كان معها في المدرسة، وكان لا يجرؤ على خطبتها لأنها كانت لا تستقبل من هم في مثل مستواه المادي...، فلما أصبحت على هذه الحال وافق أبوها أن يزوجها له وأخبره بكل قصتها... والآن منّ الله عليها بالشفاء وهي أم لثلاثة أطفال.... كان عرجها سبباً لزواجها... بينما كانت عافيتها وجمالها سبباً لتأخره، وربما لو بقيت على حالها الأول لما تزوجت أبداً...
أعرف عدداً من القصص أمثال هذه، ولكن أكتفي بما ذكرت لأبرهن لك أنه لا علاقة بين الزواج والسعادة، وبين فقد شيء من الأعضاء، أو الإصابة بالأمراض... أنت والحمد لله طبيبة رغم ما تعانين، وهناك الكثيرون ممن آتاهم الله الصحة الوافرة والجمال الكبير ولكنهم لا يحسنون كتابة أسمائهم.... لم لا تسعدين بما آتاك الله تعالى من النعم؟ ألأنك فقدت نعمة تنسين مليون نعمة أخرى منحها الله تعالى لك؟
فكري بنعم الله تعالى عليك حتى في فقد ساقيك! وما يدريك أن إصابتك أراحتك من رجل كان سيذيقك الأمرّين ثم يعيدك مكسورة الخاطر إلى بيت أهلك؟؟؟ وما يدريك أن إصابتك أهلتك لأن تشعري بمشاعر المرضى من حولك فتكونين لهم عوناً وتفرجين عنهم كرباتهم فيفرج الله عنك شدائد الكربات يوم القيامة؟؟
وما يدريك أن صبرك ورضاك سيكون سبباً لرفع درجاتك في الجنان؟ ما هي إلا أيام قليلة وتجدين نفسك هناك... وحينها تنسين كل ألم أصابك، ويبقى لك جزاء الصبر...
لو أردت أن أعدد لك نعم الله عليك لما وجدت مكاناً على صفحات الموقع تتسع النعم التي أنت فيها...
فافعلي كما قال الشاعر:
ارضَ بالله صاحباً * ودع الخلق جانباً
ألقي كلام الناس وراء ظهرك وافرحي بنعم الله عليك، وسخري نفسك لمساعدة المصابين ومكسوري الخاطر، وستذوقين طعم السعادة معهم بإذن الله تعالى.
ويتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> لا تحزني من أجل غباء الناس مشاركة 1