أنا خائفة جداً أن أكون سحاقية؟؟
السلام عليكم د.وائل، أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاماً، أذكر عندما كنت في سن العاشرة والحادية عشرة كنت وبنت خالتي نلعب، وكم من مرة تبادلنا القبلات من الفم والأحضان فقط ولم يحدث أي اتصال جنسي... اعذرني على هذه المصطلحات. وقبل 3 سنوات حدث مرتين بيننا أيضا قبلة واحدة وقليل جداً من اللمسات والأحضان، وبعدها توقفنا ولم أعرف وقتها أن ما حدث بيننا حرام ويعتبر شذوذاً وهو مثل الزنا، وأكرر هنا أيضاً أنه لم يحدث أي اتصال جنسي أبداً. لكن قبل فترة عرفت أن هناك شواذ وعرفت عقوبة السحاق.
والآن أريد أن أعرف هل ما حصل بيننا يسمى سحاقاً؟ وهل يجب أن نعاقب عليه؟ وهل السحاق يسمى عندما يحدث اتصال جنسي -أي تلامس للأعضاء التناسلية- فقط، وفي هذه الحالة يجب التعزيز والضرب؟
أنا خائفة جداً أن أكون زانية، علماً أنه أكرر لم يحدث أي اتصال جنسي بيننا، لكني أخاف الله، وبعدها عرفت ذلك وتبت إلى الله توبة نصوحة. أيضاً عندما فعلنا هذه الحركات لم أكن أعرف أنها حرام، كان كل تفكيري أنها حرام بين امرأة ورجل. والآن تقدم لي الكثير من العرسان ولم أرفضهم وهذا يدل على أني لست شاذة، أليس كذلك؟
سؤالي هو: هل ما حدث بيننا سحاق -أي زنا-؟ وهل القبلات والأحضان واللمسات هي زنا أم سحاق؟.
وشكراً لك يا سيدي العزيز.
10/5/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
أهلاً وسهلاً بك يا "رفيف"، وهذه المرة الثانية فقط التي أدعو فيها واحدة بنفس اسمي، الأولى طالبة كانت عندي في الجامعة، وأنت الثانية، وإن كنت لا أعرف أهذا اسمك الحقيقي أم اسم اخترته لنفسك؟.
منذ يومين فقط جرى كلام بيني وبين الدكتور وائل حول جهل عامة الناس بهذه الأمور ومسؤولية علماء الدين عن هذا. ونظرياً: الجاهل يكون معذوراً فقط في حالتين: أولهما: أن يكون أسلم حديثاً، والثانية: أن يكون بعيداً عن العلماء، أما إن كان قريباً منهم، يستطيع أن يذهب إليهم ويسألهم ويتعلم منهم، فهذا لا يُعذَر بجهله، ويؤاخذ على عدم معرفته.
أقول: نظرياً لأن الأمر عملياً مختلف جداً؛ إذ رغم كثرة العلماء ووجودهم بيننا، ورغم ظهورهم في وسائل الإعلام وحضهم على طلب العلم، إلا أن الناس بعيدين عنهم حكماً، وخاصة المراهقين والشباب، فأحدهم لا يعرف أن عليه أن يسأل العلماء وأن هناك ما يجب عليه تعلمه، حتى يبلغ عمرك بل أكثر، إذ لا ينبه على وجوب ذلك –ولا على الأحكام التي تلزمه- في البيت ولا في المدرسة ولا في مكان، فكأن ما يقال في وسائل الإعلام لا علاقة له به، هذا إن حدثته نفسه أن يجلس ويستمع إلى ما يقال! وإلا فسماع ما يطرب أجمل من سماع حديث الشيخ الجاف ثقيل الدم! فهذا شأنه كشأن الجاهل الذي قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله تعالى: "فإن قيل: هو فرط لكونه ما سأل عما يجب عليه. قيل: هذا ما دار في رأسه، ولا استشعر أن سؤال من يعلمه يجب عليه، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور، فلا يأثم أحد إلا بعد العلم، وبعد قيام الحجة عليه، والله لطيف بعباده رؤوف بهم. قال الله تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) [الإسراء:15]...".
فأرجوه تبارك وتعالى أن تكوني ممن لا يؤاخذهم الله عزّ وجلّ، خاصة أنك طيبة القلب عندك خشية من الله تعالى إذ سارعت إلى التوبة فور معرفتك للحكم. وأشكرك لأنك أرسلت سؤالك لتتعلمي، وسيكون سؤلك -أيضاً- سبباً لتعلم غيرك، فيكون ثواب تعليمهم في صحيفتك بإذن الله تعالى.
- والسحاق هو: فعل المرأة بالمرأة ما يفعل الرجل بالمرأة، إذاً لا بد فيه من تلامس العورتين، وهو كالزنا، بمعنى أنه حرام وكبيرة وعار مثله، وأيضاً يعاقب عليه، لا أنه كالزنا تماماً من كل وجه، فالزنا مفاسده أكبر إذ فيه احتمال حصول الولد واختلاط الأنساب، وعقوبة الزنا أشد إذ فيه الجلد مئة جلدة للبكر، والرجم بالحجارة حتى الموت للثيب (المتزوج/ـة)، أما السحاق فالواجب فيه التعزير: أي عقوبة لم يقدرها الشرع بنص، وإنما يترك تقديرها لإمام المسلمين أو القاضي، والسبب أن السحاق لا يوجد فيه إدخال للعورة في عورة أخرى وإنما مجرد تلامس ظاهري، ولا يخشى منه حصول الولد.
- ويقابله اللواط، وهو: إدخال الرجل ذكره في دبر رجل آخر، وهو كبيرة من الكبائر العظيمة وقال بعض العلماء: إنه أشد من الزنا لأن فيه إدخال والرجل لا يحل للرجل بحال، أما الزنا فالمرأة يمكن أن تحل للرجل بالزواج. وعقوبة اللواط عند جمهور العلماء مثل عقوبة الزنا، وقال المالكية: عقوبة اللائط الرجم سواء كان بكراً أم ثيباً.
- ولا يجب الغسل بعد السحاق إلا بإنزال المني، أما اللواط فيجب فيه الغسل على كل حال على الفاعل والمفعول به لحصول الإيلاج أو ما يعبر عنه بالتقاء الختانين (العورتين).
بعد أن عرفت هذا تعلمين أن الممارسات بين المرأتين أو الرجلين، دون هذا الحد، كالذي فعلته من تقبيل ولمس، لا يسمى سحاقاً، ولا لواطاً بالنسبة للذكور، ولكنه أمر محرم على كل حال وفاعله آثم، ويحق لإمام المسلمين تعزير (معاقبة) من يفعل ذلك عالماً بالحرمة، ولكن بعقوبة دون عقوبة اللواط والسحاق.
وهذه الأفعال بداية شذوذ أشد ولا يؤمن معه من حصول اللواط والسحاق فعلاً. والحمد لله أن عرّفك الحكم قبل أن تتدرج بك الأمور وتصلين إلى ما هو أسوأ من ذلك.
أما عن وجوب العقوبة:
- فأولاً يجب عليك أن تعلمي أن هذه العقوبات لا يصح أن يقوم بها إلا إمام المسلمين أو نائبه كالقاضي.
- وثانياً: لا بد لاستحقاق العقوبة أن تثبت التهمة -عند الإمام أو القاضي- وهذا يكون إما بالاعتراف، أو بشهادة أربعة رجال؛ في اللواط يشهدون أنهم رأوا ذكر أحدهما يدخل في دبر الآخر رأي العين، وبشهادة اثنين في السحاق.
- وثالثاً: إن قبول التوبة ليس مشروطاً بإقامة العقوبة، بل يندب للتائب أن يستر على نفسه ولا يخبر أحداً ويتوب إلى الله عزّ وجلّ، والله يقبل توبته بفضله وكرمه. وإذا كان هذا حكم من فعل المعاصي عالماً بحرمتها، فالذي يفعلها غير عالم بحرمتها أحرى أن يقبل الله تعالى توبته ويعفو عنه.
لهذا: فما قمت به لا يسمى سحاقاً ولا زناً، ولا يجب عليك العقوبة لجهلك أولاً، ولتوبتك ثانياً.
ولكن عليك الآن:
- أن تحمدي الله تعالى على توبتك.
- أن تستري نفسك فلا تخبري أحداً بما كان منك.
- وأن تسارعي –بعد أن عرفت وجوب طلبك للعلم- لمعرفة سائر أمور دينك بالبحث عن العلماء وحضور مجالسهم قبل أن ترتكبي أموراً محرمة أخرى وأنت لا تعلمين.
- أن تقومي بتعليم ابنة خالتك وتعريفها بحرمة هذا الأمر، وكذلك تعليم من حولك هذه الأمور بأسلوب مؤدبٍ راقٍ، وحضهم على تعلم شؤون دينهم خشية أن يذوقوا مثل الذي ذقت -دون الإفصاح عنه من باب الستر-.
رعاك الله يا رفيف وغفر لك ولرفيف كاتبة هذه السطور، ولقارئها، آمين...