هرمون الحب, يتوقف..!؟
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته؛ إني أريد استشارتكم في مشكله بيني وبيت خطيبي وهي أنه غير رومانسي، يقول لي كلمة أحبك ووحشتيني كل أسبوع مرة. تحدثت معه كثيرا في هذا الموضوع ولكن بلا جدوى, بيكون إجابته أن الحب أفعال وليس كلام, ويأخذ يسرد لي كل فعل يقوم به يثبت أنه يحبني ولكني أحتاج للكلمة الحلوة.
لا أدري كيف أتعامل معه حتى يمنحني الكلمة الحلوة؟ وهل هذا يعني أنه متبلد المشاعر, أم هذه صفه في الشخصية, وإن كانت صفة فكيف يمكنني تعديلها؟
أنا مخطوبة له منذ 3 شهور عن طريق تعارف تقليدي يشبه الصالونات, فهل ممكن أن يكون هذا هو السبب؟ كما أنه يعمل في بلد آخر ولا يراني؟
ولكنه صرح لي في بداية خطوبتنا بحبه لي وأنا أيضا أحبه ولكني أحتاج للكلمة الرومانسية حتى أزيد من حبي له, إني أشعر عند الكلام معه أنه زميل لي وليس من سيكون زوجا لي بعد عدة أشهر.
أحيانا أبدأ أنا بقول الكلمة الرومانسية ولكني أجد منه عدم تفاعل سوى الرد بـ (وأنا كمان) مما يدفعني بعدم قولها مرة أخرى, ويدفعني للرد بنفس قوله حينما يكون هو قائلها.
أرجوكم ساعدوني فهو إنسان جميل لا ينقصه سوى ذلك الشيء ولكن ذلك الشيء يتعبني كثيرا.
أما عن الشق الثاني في المشكلة هو أني قد قرأت كثيرا عن أن المسؤول عن الحب هو هرمون معين يتم إفرازه وبعد فترة قليلة من الجواز يتوقف هذا الهرمون ويتبدل بإفراز هرمون آخر يكون مسؤولا عن المودة والرحمة بين الزوجين، فهل هذا يعنى أن المتزوجين بدون قصه حب وعشق لن يعيشوا أبدا إحساس الحب والعشق بينهما على الرغم من التفاهم والألفة بينهما؟؟؟؟؟!!!!!
10/05/2009
رد المستشار
يبدو أن السؤال حول الحب لن ينتهي إلا بانتهاء البشرية، ورغم أن حال البشرية الآن لا يدل على المشاعر الرقيقة ولا العطاء النبيل -إلا ما ندر-، إلا أننا على ما يبدو أيضاَ سنظل نحتاج الحب ليلعب معنا دور الوغد اللذيذ!، ويحقق لنا القلق المنشود، ويرهقنا بالسهر لنشكو من السهاد!، وحتى نفض هذا الاشتباك علينا أن نفرق بين ثلاثة أمور تتعلق بالحب وهم؛ حقيقته، وطريقة التعبير عنه، ومداه.
فحقيقته؛ ليس فقط مشاعر تتفجر بداخلنا فيدق القلب دون سابق إنذار لشخص واحد دون باقي البشر، فهذا جزء من الحقيقة ولكنها ليست الحقيقة كلها، فالحب يُصنع أكثر مما يوهب، يُصنع بالعطاء والصبر والجهد والاحترام والتقبل والتسامح والرضا والتفاهم رغم الخلاف والاختلاف.... الخ، فبدون تلك الصناعة يصبح الحب كالنبتة الجميلة التي تفتقر للماء والغذاء والشمس ولكنها لا تجد منهم شيئا فتذبل كل يوم عن اليوم السابق له حتى تموت، أو كمشاعر فقدت مسؤوليتها عن الحبيب وعن الحب ذاته، لذلك لم يعد مقبولاَ أن نشك في الحب ولكن الشك كله في "معدن" المحبين والحب من ذلك براء، لذلك لا ينتهي الحب بالزواج ممن نحب ولكن ينتهي حين نقف عن هذه الصناعة.
وطريقة التعبير عنه؛ تتنوع وتختلف باختلاف طبيعة كل شخص وطريقة فهمه له وطريقة تربيته وبما تأثر به من مواقف وخبرات على مدار حياته، لذلك فطريقة التعبير حتماً ستختلف من شخص لآخر، وتختلف في العموم بين الرجل والمرأة، فالمرأة غالباَ تعبر عن حبها بالكلمات بجانب الأفعال بقدر يكاد يكون متساويا، بينما يعبر الرجل عن حبه بالفعل أكثر بكثير من الكلام، ولقد صدق خطيبك معك حين قال لك هذا بوضوح.
أما مداه؛ فهو محدود!، فكثيراً ما يتصور الحبيب أن حبه لمحبوبه يجب أن يكون بلا نهاية وبلا شطآن، ولقد أثبتت الحياة العملية أن العطاء الأعمى خطأ فادح في الحب، حيث ينقله من مشاعر عطاء متبادلة بين المحبين لمشاعر أنانية فيها طرف يحصل على كل شيء تقريباَ وطرف يكاد يحصل على شيء واحد تقريباَ، فيعتل الحب ويمرض، وليس معنى حديثي أن نوقف تدفق المشاعر أو العطاء، فلقد قلنا في البداية أن حقيقة الحب العطاء، ولكن من تمام الحفاظ على الحب بين المحبين صحيحاً مُعافاً أن يكون هناك تبادل متساوي بين المحبين ولا أقصد التساوي في طريقة التعبير أو كمية العطاء أو في نوع العطاء، ولكن التساوي الذي يجعل كل طرف يحصل على"أهم"وليس"كل"ما يحتاجه من محبوبه، فيحيا راضياً قادراً على مواصلة العطاء بما يحتاجه محبوبه منه بالتبعية.
والآن جاء دور الإجابة على الأسئلة التي طرحتها تحديداً، فأقول لك: أن خطيبك واضح تماماً من الآن وغالباً من يعبر عن حبه بالأفعال سيظل هكذا، فالسؤال الذي لن يرد عليه أحد سواك هل في مقابل تأكدك من حبه لك -فقد قال لك هذا في بداية الارتباط في لحظات الفرح الغامر- وفي مقابل ما تجدينه من صفات تحتاجين لوجودها فيه كزوج ستعاشرينه وكأب لأبنائك إن شاء الله -تذكري حقيقة الحب- هل ستتحملين هذا، أم أن الموضوع لديك فارق جداً لدرجة انفصالك عنه؟
وعليك أن تكون غاية في الصدق مع نفسك في الإجابة وكذلك على دراية واقعية بأن هذا غالباً لن يتغير ولا تتصوري أن الزواج كفيل بالتغيير، فالتغيير يحدث حين يقرر الشخص أنه يحتاج للتغيير وليس بسبب زواجه.
أما هرمون الحب علمياً فيظل في حالة نشاط ما دامت المراكز المسؤولة عن الاحتياجات الاجتماعية والنفسية والجسدية غير مشبعة بشكل كبير، وهذا ما أوضحته دراسة غربية حديثة وبهذا تفسر سبب خفوت الشوق العالي واللوعة بين المحبين بعد فترة غالباَ تتوقف عند العام ونصف، وإن كان بعض المحبين حققوا فترة تزيد عن الثلاث سنوات ولكنهم قلة، ويتوقف هذا على عوامل نفسية وتربوية وعاطفية كثيرة في هذه القصة.
أما الحب بين الأزواج فهو لا يضيع ولا يذهب -إلا إذا وقف ما تحدثنا عنه في البداية- ولكن شكل وطبيعة المرحلة بين الزوجين هو الذي يختلف فتختلف طريقة التعبير عنه، ويتصور الأزواج انه غير موجود لأنهم يقارنون بين الحب في فترة الخطوبة وفترة الزواج بعد خمس سنوات مثلا!، فهذه مقارنة غير منطقية بالأساس لأن طبيعة المرحلة هنا بين الطرفين مختلفة، ففي البداية لم يكن هناك إشباع كامل فيتم التعبير بالآهات والكلمات والشموع والشعر وغيره، لكن بعد وجود أطفال يتم التعبير عنه بالاهتمام بتوفير الطلبات والترفيه والمدارس المناسبة وغيره، وليس معنى ذلك أن الكلام المعسول ينتهي ولكنه يقل لأن التعبير بالأفعال الأخرى يشغل حيزاَ لا بأس به، ومع ذلك ستظل مشاعر المرأة مرتبطة بالكلمة واللمسة والحنان فلينتبه الرجل، وستظل مشاعر الرجل مرتبطة بالتقدير والفعل والقدرة على تحدي المشكلات فلتنتبه النساء، فالاختلاف بينهما للتكامل وليس للتناطح، والحكيم بحق يعي ماذا يريد وماذا يتحمل بالفعل دون أن يغدر بالحب أو يغدر بمن يحب أو يغدر بنفسه.