أوهام عربية: يحبني ويتزوجني ويحب أطفالي!!
أنا سيدة عمري 32 سنة، ربما تكون مشكلتي أني في هذا السن، فقد وصلت هذا العمر ومن المفترض أني الآن مستقرة في حياتي، ولكن الواقع أني سأبدأ حياتي من الصفر! أنا لم أعش شبابي؛ كنت متزوجة من رجل دفنني بالحياة، عشت بين أربعة جدران، كان أبي رجلاً متشدداً يعقد الأمور، فالخروج والزيارات وكل شيء من شأنه الترويح عن النفس كان ممنوعاً (وهو الآن لا يكلمني ولا يسمح لأمي أن تكلمني لأني جلبت له العار إذ طلقت، ليس هذا فقط بل أعيش في أوروبا وحدي، مع العلم أنه رفض أن أعيش في بيته عند طلاقي)، وزوجي رجل معزول عن العالم ووضعه المالي سيء، فلم أعش حياة اجتماعية ولم أستمتع بحياتي.
الآن أنا مطلقة وعندي طفلين، انتقلت حديثاً للعيش في أوروبا وحدي مع أطفالي ولا أعرف أحداً هنا يمكنه أن يساعدني، مطلوب مني تعلم لغة جديدة صعبة عليّ، بدأت تعلمها منذ ثلاثة شهور. أشعر أن عمري ضاع مني ولم أعشه، وهذا الشعور يزعجني وأريد أن أبحث عن الحب والزواج السعيد، لكن بمن يمكنني أن ألتقي؟.
في داخلي فتاة في العشرين من عمرها لكن الحقيقة الخارجية أني بدأت أغوص في الثلاثينات، أحلم أن شاباً في العشرينات من عمره يحبني ويتزوجني وأعيش الحياة حلوة معه: أخرج، وأسافر، وأضحك وأزور عائلات أصدقاء لنا.. هل أحلم بالمستحيل؟. أشعر بمرارة لضياع حياتي كلها.
الشيء الآخر أني تزوجت ثلاث عشرة سنة من رجل كان لديه مشكلة جنسية، في حين إني من النوع الذي أرغب بشدة في الجنس، أشعر أني لم أعش حياة زوجية طبيعية وضاع شبابي مع إنسان ممل وكسول لا يحب أن يستمتع بالحياة، كل اهتماماته تنحصر في النوم والأكل (لكن هذا لم يكن سبب الطلاق رغم أنه سبب وجيه، فقد حدث الطلاق لأسباب ليس مهم ذكرها الآن، المهم أن الانفصال نهائي وللأبد ودون وجود أي أحقاد بيننا، فالاتصال مع أولاده دائم والتعامل بيننا باحترام ومودة لأجل الأولاد، وهو يعيش في بلدنا الأصلي الآن).
دكتور، هل هناك أمل في هذا العمر أن أبدأ حياة حلوة جديدة أم أن العمر الحلو ضاع ولن يعود؟ هل سأشعر يوماً ما أني سعيدة؟ يعني أنا في هذا العمر مطلوب مني أن أدرس من جديد -على الأقل لمدة سنتين- ثم بعد ذلك أنتقل من المدينة التي أعيش فيها لمدينة أخرى قريبة من العاصمة مما يسهل عليّ أموراً كثيرة. والانتقال الآن غير ممكن بسبب القوانين، فيجب عليّ أن أنهي المدرسة أولاً.
أحلم أني أقابل رجلاً يحبني ويتزوجني ويحب أطفالي أيضاً -فيستحيل أن أتخلى عنهم مهما حدث- لكي أستقر وأعيش في كنف رجل يحميني، أسند رأسي على صدره، وهذا الحلم يتعبني لأني دائماً أتساءل: هل يمكن لإنسانة في وضعي أن تحلم بهكذا حلم أم أني كما يقول لي الجميع يجب أن أعيش لتربية أولادي فقط وألا أفكر بالارتباط مرة أخرى؟ ربما من الصعب وجود إنسان مناسب في وضعي هذا يقبل بي، خاصة أن جمالي متواضع رغم شخصيتي الجميلة بشهادة أصدقائي.
أتدري يا دكتور، أنا أكره كوني عربية من أصل عربي، ولو كنت أوروبية لما كان عمري أو شكلي أو طلاقي أو أطفالي يشكلون عقبة في أن أبدأ حياتي من جديد، لكن لأني عربية أعاني كل هذا. أشعر بالتعب والوحدة والبرد… وأن رأسي سينفجر من التفكير!.
23/05/2009
رد المستشار
سأبدأ من حيث انتهيت في رسالتك حيث تقولين أنك تكرهين أنك عربية، وأنك لو كنت أوروبية لما كان عمرك أو شكلك أو طلاقك... إلخ!!.
أعرف معلمة أمريكية ربما تكون في مثل سنك وظروفك، كانت تعيش مطلقة مع طفليها، وتعتمد على نفسها وعملها، ولديها منزل وسيارة من نتاج عملها، وقابلت قريباً رجلاً عربياً أعجبها، ويعيش معها حالياً هي وأطفالها، وحين سألتها مؤخراً عن أحوالها قالت أن كل شيء على ما يرام، وأنها سعيدة جداً في حياتها، وقلت لها: "ماذا لو لم تنجح العلاقة مع هذا الرجل؟"، قالت: "أنا حالياً سعيدة جداً من كل الجوانب، وإذا لم تستمر هذه السعادة فهذا الرجل ليس آخر الرجال!! سأتركه وأبحث عن غيره..." هل تريدين عقد مقارنة مع هذه الأمريكية التي تقولين أنك تودين لو كنت مكانها؟!.
هل تسمحين لي أن أذكر لك عيوب المرأة العربية من حيث الاعتمادية والرغبة في الاستمتاع دون جهد يذكر، والاعتقاد أنها تستحق كل خير وسعادة وحب وإشباع جنسي لمجرد أن الله خلقها امرأة؟! وبالتالي فهي تنتظر من يتزوجها ويحبها ويسعدها، وينفق عليها، ويمتعها جنسياً، وتعيش معه حياة مستقرة "في كنفه" إذ يحميها، وتسند رأسها على صدره، وترفرف فوقها السعادة، وتعتقد وهماً وكذباً أن هذا هو وضع المرأة الأوروبية؟!! هل هذا معقول؟!!
هل أنت مستعدة لتفكيك هذا الركام من الأوهام التي تعشش في رأس الأغلبية الساحقة من النساء العربيات، وتنغص حياتهن في الوطن كما في الغربة؟!
طبعاً أنا لست سعيداً بأوضاع المجتمعات العربية، وأحوال النساء فيها جزء من المنظومة المهترئة المتخلفة اجتماعياً ونفسياً وثقافياً، وأوهام النساء العربيات عن أنفسهن وعن الزواج والعلاقات وعن العالم وما يحصل فيه أوصلتنا إلى طرق مسدودة، والأدوار ضائعة، والخطوات تترنح في حاضر مضطرب مفتوح على رياح عاصفة، ونحن نبحر فيه بلا شراع، ولا ذمة سليمة، ولا خبرة باتجاه الريح، أو بوصلة تهدينا السبيل!!
لن أناقش ما يقوله الناس لك، ولكن أحاول إسقاط بعض أوهامك عن نفسك وحياتك، وعن أحلامك أو أوهامك!!
طبعاً ما تزال أمامك الفرصة لحياة جديدة بقدر ما تبذلين من مجهود في بناء نفسك وأوضاعك، واستثمار فرصة التعليم والتوظيف بعد أن تتعلمي اللغة الجديدة، وتنتقلي من مدينة إلى مدينة، وتصعدين في سلم الاستقرار خطوة فخطوة أو درجة درجة، فهل أنت مستعدة أن تعيشي حياة زوجية متكافئة بحيث تتحملين فيها مسؤولية نفسك وأولادك، وقد تقبلين بعلاقة زواج متساوية (مثل المسيار، أو ما شابه) مع رجل عاقل متزن حكيم يحبك ولا ينظر إلى شكلك، ولكن إلى عقلك، ولا تهمه ظروفك الاجتماعية فلا يعتبر الطلاق وصمة، ولا يضيق بوجود أولادك في حياتك؟!
أم أنك تبحثين عن حمال حارس، وفارس مغوار يحملك أنت وظروفك وأولادك، ويغض الطرف عن جمالك المتواضع، ويفعل لك كل شيء، ويحمل عنك مسؤولية كل شيء، وهذا ما تسميه المرأة العربية: حقها في السعادة والحلم والحياة المستقرة!!!
هل تحلمين مثل ملايين بمميزات أتاحها الشرع الإسلامي، ومنجزات حققتها الثقافة الغربية، وتعتبرين هذه وتلك حقوقاً "مفروغ منها" تنتظرينها مقابل لا شيء من جانبك تقريباً؟! وهل هذه هي معادلة السعادة والحرية والمساواة التي تعيشها النساء الغربيات؟!... أي خداع هذا؟!!
هل اتضح أمامك الآن لماذا نحن فاشلون؟! هل أنت مستعدة للتنازل عن بعض أجزاء هذه الأحلام أو الأوهام مقابل رجل يتنازل ليقبل ببعض أوضاعك غير المثالية شكلاً وظروفاً؟!!
طبعاً تستطيعين قضاء ما يحلو لك من وقت في لوم غدر الزمان، وظلم الأيام، وأنك عربية ومن أصل عربي، وتستطيعين أيضاً غسل رأسك من الأوهام العربية كلها، وتفكرين وتسلكين بواقعية ونضج كما يفعل كل البشر الأسوياء في العالم، وفي هذه الحالة فقط ستجدين المستقبل أمامك وستجدين أن ما فات لم يكن فشلاً بمقدار ما كان دروساً وخبرات!!.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> أوهام عربية .... مشاركات