لا أشعر بالانتماء لمكان معين..!؟
قد تربيت خارج مصر، وحين رجعت لمصر قالت لي أمي أني مهما اختلطت بالمصريين فلن أتمكن من الاندماج معهم وأن من المستحيل أن أتزوج منهم! وهذا فعلاً ما وجدته من أقربائي في اختلاطي بهم، فهم يعاملونني كغريبة عنهم وأنا كذلك بالفعل؛ فقد تربّوا معاً في أني لا ألتقيهم أكثر من 3 أو 4 أيام في السنهة، هم يرفضونني وأنا لا أدري كيف أتعامل معهم.
نقطة أخرى، أن أهلي يقدّرون أن مكثي بينهم قد طال وعليّ أن أتزوج كقريناتي من الصبايا، فقريباتي ممن هن في عمري تزوجن... ماذا عساي أن أفعل، فما كنت يوماً متصالحة مع نفسي، ولم أشعر بالأمان مع أحد أحبه. أتمنى أن أجد من يسمعني كلاماً حلواً كباقي البنات لئلا أشعر أني أقل من أي بنت، فكلما قلت لأحدهم أن ليس لدي علاقات من أي نوع مع الجنس الآخر يعتبرني معقدة أو بي عيب!.
ماذا أفعل مع أهلي؟ فلن يقتنعوا أو يغيّروا رأيهم، وأنا تعبت من نظرة الناس إلي على أني كبرت، كلّهم يدعون لي أن أتزوج مع أني ما زلت صغيرة، وتعبت من انتظار ما لن يحصل. أهلي مستعدون للموافقة على أي شخص يطلب يدي سواء كان مناسباً لي أم لا، ما يهمهم أن يكون من أقاربي وإلا فلن أتزوج مهما كان المتقدم من خارج عائلتي مناسباً، فهو مرفوض بلا نقاش. ما العمل؟ والناس يعتقدون أن العيب مني أنا..
لقد كرهت ظروفي وكرهت تقاليد العائلة،
وفاقدة للأمل في المستقبل.
23/05/2009
رد المستشار
هل تسمحين لي أن نقرأ مشكلتك سويّاً بهدوء؛ أنت الآن تواجهين ضغطاً من مصدرين: ضغط الرغبة في وجود حبيب تتمنين له شخصية معينة وهو غير موجود حتى الآن، وضغط الأهل المرتبط بفكرة زواجك من العائلة رغم عدم وجود صلة بهم من الأساس. والحقيقة أن الضغطين سببهما أمران خطيران لديك، وهما:
خطأ في طريقة التفكير، والتأثر بمن حولك. فالحبيب الموعود لن يأتي بالبحث أو بالانتظار السلبي أو العبث كما تفعل بعض الفتيات من حولك، وإنما سيأتي حين يرى "هو" منك ما يتمناه فيمن يريد الزواج منها، ورغم الاعتراف بأن هذا يدخل في مقدرات الله سبحانه وتعالى لأنه هو الرزاق المُقِيت؛ إلا أن علينا واجباً تجاه ذلك لمساعدة أنفسنا في الوصول إليه، وهو الاستعداد له -بالتنمية- والحركة في مجال الأنشطة المختلفة في الحياة، فلتوجهي تفكيرك وطاقتك لتنمية نفسك واكتشافها وتعلية مهاراتها وتعليمها بكل الوسائل المتاحة لك سواء من خلال أعمال تهوينها أو بالرياضة أو العمل التطوعي أو الترفيه أو دورات إعداد الفتاة للزواج...الخ وهذه الأمور متاحة وموجودة، ولكن لمن ينوي أن يفتش بحق ويجد نفسه ويجعلها مختلفة وناضجة، وبذلك تضربي عصفورين بحجر وهو التنمية والاستعداد واحتمال لقاء الحبيب -بالضوابط طبعاً- وكذلك الخروج من تحت قيد "الوحدة".
أما بروتوكولات الزواج التي تفرضها الأسرة فأرى أنها الجزء الأشق حقاً، ولن أقول لك حطمي تلك القيود الغبية أو أدهشيهم برفضك، ولكن أقول لك: أن الحق لا يُمنح ولكنه يؤخذ، وحقك في الزواج بمن سيتقدم لك وترينه مناسباً لك حق مشروع جداً منحه لك الله سبحانه من قبل، ولكن تظل العثرة في كيفية أخذه دون المساس بالبر أو دون تعقد العلاقة وتدهورها مع الآباء، وفي ذلك أقترح عليك أمرين:
الأول، ألا تشغلي بالك بهذا الهم المستقبلي فيكفينا اليوم وهمومه أو متعته، بل ومن الحمق أن نظل نتصور ماذا سيحدث من هموم مستقبلية وكيف سنواجهها وكيف سنتعايش معها فيضيع منا اليوم!، وفي الحقيقة الذي يضيع منا هو الحياة.
والثاني، هو أن تجدي لك طريقة تبحثين عنها من الآن للدخول في تلك المساحة الشائكة مع والديك، وغالباً ستتوقف على لباقتك وذكائك في معرفة مفتاح القرب منهما ليكون هذا الحوار حين يأتي وقته خاضع للنقاش، وحين يأتي هذا الوقت قد تتغير رؤيتهم للأمور من يستطيع أن يقسم؟ وكذلك لا أريدك أن ترفضي يا صغيرتي من قد يتقدم لك من أهلك وكوني منصفة ومحايدة وحاولي أن تتعرفي عليه فقد يعجبك أو تجدي من تتمنينه فيه، لم لا؟ فلا ترفضي الفكرة بالكلية ولا تقبلي ما لا ترضين لنفسك، أو قد يضطرك الوضع فتحتاجي للإصرار المهذب على من ستختارينه ويكون مناسباً لك اجتماعياً ونفسياً وتكوني مثل عشرات الفتيات اللائي كن غاية في الأدب وكذلك غاية في الإصرار حتى يقتنع الأهل.
والآن أتصور أن عليك ترتيب تفكيرك وترتيب الأولويات كما تحدثنا وهي:
- عدم الغرق في هموم مستقبلية متوقعة حتى لا تخسري اليوم لأنه الأهم.
- الخروج من مستنقع الوحدة، بالتفاعل في الحياة بالمفيد والمطور لشخصيتك.
- بمرور الوقت ستتغير نظرتك لنفسك وللحياة وسيكون حولك دائرة من البشر تتعاملين معها.
- البحث عن مفتاح القرب من الوالدين.
- الإصرار على حقك المشروع بأدب جم .
- الصبر حتى تنقشع غمة الرفض بعد وقت طويل أو قصير.
- الدعاء لله سبحانه أن يعينك على كل ما سبق فهو القادر الكريم والرازق المقيت.