تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 9
للأسف أن هذا الموضوع يمس حياتنا كثيراً إن كنت واحداً من هؤلاء الذين يعيشون وهم الحب الذي مضى. أفضل إنسانة قابلتها في حياتي حتى يومنا هذا، وأتمنى العودة إليها، لكن لا بد أن نتذكر عدة أشياء في حياتنا.
أولاً، إن الحب شيء والزواج شيء آخر، وكما قيل الحب والزواج كالماء والنار لا غنى عنهما لكنهما لا يجتمعان معاً، وإن اجتمعا طغى أحداهما على الآخر ويعنى ذلك أن الحصول عليهما مستحيل.
ثانياً، البحث عن الحب الرومانسي في زمن الماديات وهم يجب أن نتخلص منه لأنه غير موجود ولن يوجد.
ثالثاً، لماذا تطلب المرأة من الرجل التضحية وكذلك يطلب الرجل من المرأة التضحية، ألم يئن الآوان أن نضحي دون أن نطلب ذلك من الطرف الآخر؟ لماذا تستشهد النساء بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والرجال بخديجة رضي الله عنها وما هو بمحمد ولا هي بخديجة؟.
رابعاً، لا بد أن نجعل الماضي ذكرى جميلة حتى ولو كانت قاسية تعلمنا حسن الاختيار وكيفية المواجهة، ونتعلم من الفشل لكب لا نقع فيه.
خامساً، افتحوا قلوبكم للحب ولكن حتى الحب زائف، فالزواج لم يسن من أجل الحب ولكن سنّ من أجل إنجاب الأبناء، فلماذا لا نهتم بالوسيلة دون أن نهتم بالغرض؟ ولهذه الطبيبة الفاضلة يوم أن يرزقك الله بابن وابنة سيكون هذا الطفل الصغير ظافر إصبع قدمه الأصغر في نظرك خير من كل رجال الدنيا الذين أحببتهم. فتذكري أبناءك الذين سيأتون في المستقبل، وأنه يجب عليك وعلى كل امرأة ورجل ألا يعقّ ابنه؛ نعم عقوق الأبناء وهو اختيار الأب أو الأم الصالحين له، وتعليمه القرآن وعبادة الله عبادة صالحة، واختيار اسم يليق به ويعز كرامته.
سادساً، سيدي الفاضل إننا أمام جيل لم يعِ على التضحية ولا الكفاح ولا العرق، وللأسف أنا واحد من هذا الجيل الذي يرى أنه هو الصح وكل الآخرين خطأ.
أستاذي الفاضل،
لقد قررت في لحظة أن أخوض تجربة الارتباط، وأن أظلم من معي وأن أعيش في حب الحبيب الأول مع هذه الخطيبة الضحية، ولكن اكتشفت شيئاً هامّاً جداً: أن كل هذا خواء، وأني الآن بالرغم أنه لا يوجد بداخلي أي مشاعر عاطفية لزوجتي الحالية مثل الحب، لكن يجمع بيننا ما هو أهم "المودة والرحمة" والذي خلق السبع سماوات لو عرض اليوم العودة للحب الأول وترك هذه الزوجة لضحكت، لأن المودة والرحمة خير من الحب آلاف المرات.
أما للأستاذ الفاضل الذي يرى أن تلك الطبيبة مخطئة حينما رفضت العيش في بيت والد زوجها فأريد أن أسأله: هل تقبل أن تعيش في بيت والد زوجتك وأن تكون تحت رحمة والدها؟ هل أمك عندك أغلى من أبوها عندها؟ إننا بشر نخطئ ونصيب، نحب ونكرهه، نعمل المعاصي ونتوب إلى الله، وهذا أجمل ما فينا.
الرجاء من الجميع عدم التحامل على الآخرين، وأن ننظر لأنفسنا قبل أن ننظر للآخرين.
رجاء أخير لهذه الطبيبة، لا تحاولي أن تصطنعي له الأخطاء، أحبيه لشخصه، لذاته، وانسي هذا الإنسان السابق الذي أكن له أيضاً كل احترام لأني لا أعلم ماذا حدث بينكما وهل هو مخطئ أم لا؟.
سؤال أخير لجميع البشر: لماذا نرى أن الحق معنا وأن الآخرين هم المخطؤون؟ ربما يكون الخطأ مشترك وربما نكون نحن المخطئين؟ لماذا لا نضحي نحن ونطلب من الآخرين التضحية؟
في النهاية، سيدي الفاضل، أتمنى ألا نرى الحياة بمنظار ضيق، لا بد أن نوسع النظر وأن نوسع أنفسنا لها، نسامح ونتسامح نذب ونفشل ولا نرى أن هذه نهاية الحب، فهناك نهاية أهم في الوجود، أن نرضى بقضاء الله وأن نقتنع أن الله سيجعل لنا الأفضل ن شاء الله لأننا لا نعلم ماذا سنرى غداً، ربما هذا الحب ينتج منه بعد الزاوج عذاب أليم، ووالله ما كتب الله لنا إلا ما هو خير لأنفسنا وللناس أجمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
14/6/2009
رد المستشار
السلام عليكم، الأخ المهندس الفاضل حسام،
يبدو أنك من العقلاء الذين يستفيدون من تجاربهم التي يخوضونها، ويخرجون منها خيراً مما دخلوا، فكلامك جميل ينم عن واقعية وفهم.
وأجيبك عن تساؤلاتك بجواب واحد: وهو: أن أسباب ما تشتكي منه يعود إلى عدم تزكية النفس، وضعف الصلة بالله.
فالمرأة والرجل يطالب كل منهما الآخر بالتضحية دون أن يفعل هو: لأنه لم يزكِ نفسه، ولم يعودها العطاء، فنشأت على الشح، وحب الأخذ من الآخرين، ثم هو لم يعرف لماذا يعيش في هذه الدنيا، ولم يعِ أن حياته الزوجية اختبار: هل سيقوم بحق الله تعالى في الطرف الآخر أم لا؟ الله سيسأله: هل قمت بواجبك، ولن يسأله عن تقصير زوجه، ولكن سيعوضه عن ذلك ما هو خير وأفضل، فالذي يرى أن معاملته لشريكه اختبار ينال جزاؤه غداً من عالم الغيب والشهادة، لا بدّ أن يحسن إلى هذا الشريك وإن أساء، وأن يضحي دون طلب. هذه ليست حالة خيالية، بل حالة من يتعامل مع الله تعالى لا مع العباد.
كذلك: نرى أنفسنا دائماً على حق والآخر على خطأ، لأنها لم تتزكَ ولم تتعود على طلب الحقيقة، وإنما تعودت على الانتصار لذاتها، والإعجاب بما يصدر منها وإن كان على حساب الحقائق والعقول، ولأنها لم تتعود أن تخضع لمبادئ ثابتة تحتكم إليها، فهي تسعى خلف هواها تميل معه حيث مال وتحتكم إليه في كل شيء، ولأن صلتها بالله تعالى ضعيفة فلا تقوى على ترك حظها من أجل الوصول إليه وابتغاء مرضاته.
لا نستطيع الرضى بقضاء الله تعالى لأن نفسنا كالطفل تريد ما حضر، ولا تعرف الله حق المعرفة فتثق بما عنده.
وما هي النتيجة؟ يعاقبنا الله تعالى بنقيض قصدنا:
نأبى تزكية النفس والعطاء، فنعاقب بالحرمان والفقد، نأبى تزكية النفس وإخضاعها للحقيقة طلباً منا للعزة، فنذل –أمام الله وأمام الناس- بالخضوع لشهواتها والانتصار لها، وبسوء رأينا وبغبائنا إذ نتمسك بالباطل وبآرائنا أياً كانت، نأبى الخضوع لقضاء الله تعالى والرضى بقدره ظناً أن ما اخترناه لأنفسنا هو ما يسعدنا، فنعاقب بالكرب والاكتئاب والحزن.
الحياة الهانئة لا توجد من غير أخلاق، والأخلاق الحقيقية لا توجد من غير اتباع للشرع، واتباع الشرع لا يوجد من غير مجاهدة وصبر ومصابرة واستعانة بالله، فمتى نعي هذه الحقيقة؟ الله أعلم.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> تبحثين عن الحب أم الزواج مشاركة 11