السلام عليك،
دكتور وائل؛
أنا فتاة عربية أعاني من الكآبة والقلق والجنسية المثلية، هل يمكنني الحصول على مساعدتك عبر الإنترنت؟؟؟
أنت تعرف طبعا أن الإنسان في مثل حالتي هذه يكون لديه إحساس عالي بالضياع والتشوش ولكن أفلحت حسن أستجابتك في إعطائي بعض الأمل.
أولا: أنا فتاة عربية أبلغ من العمر 26 عاما، كنت أعيش منذ صغرى مع أسرتي المكونة من أبى وأمي ولدين وبنتين وأنا ترتيبي الثالث بعد بنت وولد، وفي عمر التاسعة عشر سافر أبى للخارج لظروف العمل وبعد عام ذهبت معه أمي أيضا،
وأنا الآن أقيم في ألمانيا مع أختي و أخي لظروف الدراسة لذلك لم أستطع اللجوء لطبيب هنا لإختلاف الثقافة واللغة.
تعرضت وأنا في العاشرة من عمري لمحاولة أعتداء جنسي من أبن الجيران الذي يكبرني بحوالي خمس أو ست سنوات، وأنا لم أعرف حينها أبعاد هذا الأمر لجهلي وصغر سني وإلى الآن لا أعرف هل ما زلت عذراء أم لا؟.
أعتاد على الأختلاء بي كلما سنحت له الفرصة وطوال عام كامل حاول الأعتداء علي أكثر من عشرين مرة.
عندما بلغت الثالثة عشر من عمري أو الرابعة عشر لاحظت أني أعاني من الكآبة والقلق والميل نحو العزلة، ولكني أعتبرت ذلك من آثار فترة المراهقة، ولكني أنتبهت أيضا لميلي للبنات ميل جنسي مثلي ولكنى أيضا لم أتهجس بذلك لأنه لم يكن يتعدى أفكار تدور في رأسي ولكنى أنجرفت في السنتين الأخيرتين لممارسة جنسية مع فتاة، لم يكن نود في البداية أن نصل لهذه المرحلة_ فهذه كانت التجربة الأولي لها وكذلك أنا _ ولكنا كنا نحب بعضنا ونتبادل مشاعر الأهتمام والحنان التي حرمنا منها ولم نستطع أن نمنع أنفسنا من التعبير عنها باللمس والتقبيل والعناق ولمس الأعضاء الجنسية ومصها أحيانا، رغم أننا كنا نحس أن هذا خاطئا ولكن لم نستطع منعه.
أنا الآن أعاني من شعور بالكابة وكان متقطعا إلا أنه حاد أحيانا لدرجة أحس معها بالخمول وعدم القدرة على فعل أي شيء بالإضافة لخوف شديد من الحياة الاجتماعية وميل نحو العزلة، كنت قد حاولت استشارة طبيب نفسي وقد أعطاني بعض المهدئات والآن توقفت عن زيارته بسبب ظروف سفري.
الغريب في الأمر أني أحيانا أحس أن مشاعري تجاه الجنس الآخر طبيعية وكثيراً ما أتأثر بالمشاهد الجنسية في التليفزيون والسينما....الخ حتى أنني أتبلل من فرط الإثارة،
فإذا كنت طبيعية لهذا الحد لماذا أعاني هذه المعاناة؟؟؟؟؟
أرجو منك أن تساعدني..............
12/8/2003
رد المستشار
* الأخت الفتاة العربية (التي لا أعرف لها اسما!)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو أن تكوني بخير واطمئني فأنا معك وسأبقى معك ما مكنني الله سبحانه، ولكنني في حيرةٍ من عدم إفصاحك بكل شيء عن نفسك، ولذلك أضطر إلي ذكر النقاط المطلوبة من كل من يستشير طبيبًا نفسيا بعضها ذكرته أنت بالفعل وبعضها لم تذكريه، ربما لأنك لا تحسبينها مهمة.
الاسم، العمر، ولابد أن يكونَ صحيحا، الجنس، الديانة، المستوى التعليمي، ويفضل تفصيلا، الحالة الاجتماعية، الوظيفة، الدولة التي يقيم فيها، وكذلك موطنه الأصلي إن كان هناك اختلاف، البريد الإليكتروني الخاص بصاحب المشكلة، المستوى الاقتصادي للأسرة، وبعد ذلك على صاحب المشكلة أن يقوم بإرسال تفاصيل مشكلته مع مراعاة التالي:
* يفضل ترتيب الأعراض ترتيبًا زمنيا، مع بيان التاريخ التقريبي لبداية ظهور الأعراض.
* يراعى ذكر مسار كل عرض من الأعراض بمعنى هل زادت شدته مع الوقت أو قلت أو ظلت كما بدأت وهكذا.
* من المهم الإشارة إلى علاقاته بأفراد أسرته خاصةً إذا كأن يعيش معهم، ومن المهم أيضا الإشارة إلى التاريخ العائلي للأمراض النفسية أو العصبية.
* في حالة المشكلات المزمنة والتي تم عرضها على أحد الأطباء النفسانيين، فإن من المفضل ذكر أسماء الأدوية وطريقة الاستجابة لها.
وأما ما أستطيع استنباطه من رسالتك الصغيرة التي بعثتها لي فهيَ أنك تعرضت في أواخر طفولتك لعلاقة ضرار جنسي sexual abuse، لا أستطيع تحديد أثرها النفسي عليك إلا إذا وصفت لي كل ما تجدينه في ذاكرتك من ما يتعلق بها حتى أنك لو استطعت أن تتذكري التواريخ والساعات التي حدثت فيها في كل مرة وكيف كانت مشاعرك مع ذلك الجار، وكيف وكيف أدق التفاصيل الشعورية والمعرفية وهل أخبرت أحدا أم لا وماذا قال لك وهكذا،
وبعد ذلك هناك ميل جنسي مثلي بدأت تلاحظينه في فترة المراهقة، وقد يكونُ طبيعيا! ولم تفصلي أي شيء لي مع أن المفروض أننا في جلسات علاج هذا النوع من المشاكل نطلب من المريض ونساعده على تذكر خبراته الجنسية منذ بداية ما يستطيع تذكره، ولا نستسلم أبدًا لشعوره بالنسيان لأن الحل يكمن في التذكر، كل خبراتك الجنسية إذن مع جاركم القديم ذلك ومع صديقتك أو حبيبتك الحالية مطلوب أن تفصليها لي، بنفس المستوى الذي تشعرين به أثناء الممارسة أو التخيل، ثم فيما يتعلق بعلاقتك الأخيرة تلك لابد لي من معرفة الكثير عن صديقتك وعن توجهها الجنسي وهل لها صديقات غيرك؟ أو أصدقاء، بل أنني ولا تستغربي قد أطلب في يوم ما صورة لكما معا (صورة مؤدبة بالطبع)،
المهم أنني أريد أيضًا أن أعرف وضعك من الناحية الاجتماعية، وهل هناك متقدمون لخطبتك؟ أم أن كونك في ألمانيا يقف حائلاً بينك وبين ذلك؟
والجزء التالي من الخطاب هو جزءٌ من ردي على حالة قد تكونُ شبيهةً بحالتك وفقني الله لعلاجها وهي الآن زوجة وفي انتظار مولود، وكنت في بداية علاجي لها أشرح لها مفهوم السحاق:
السحاق مفهومٌ فضفاضٌ يمتدُّ من نقطةٍ بسيطةٍ جدا، وتكادُ تكونُ تافهةً جداً هي أن أنثى تتلمسُ أنثى طلبًا للمشاعر الجنسية البسيطة، وقد يكونُ ذلك مزاحًا، وقد يكونَ تجريبًا جنسيا، وقد يكونُ تعبيرًا عن مرحلة عابرة من التَّمَيُّز الجنسي، وقد يكونُ بمثابة الفضفضة الجنسية ما بينَ صديقتين في مجتمعٍ مغلقٍ يفصلُ فصلاً غير صحيح ما بينَ الجنسين، وهو في كل هذه الحالات عابرٌ وغالبًا بسيط، وهو أيضًا في كل هذه الحالات ليسَ شذوذًا ولا انحرافا، وليسَ أكثرَ من سلوكٍ خاطئٍ عابر، بشرط ألا يتكررَ إلي حد أن يصبحَ عادة.
ويمتدُّ مفهوم السحاق من مثل هذه النقطة إلي نقطةٍ في أقصى الطرف الآخر يوجدُ فيها توجهٌ جنسيٌ نفسي وفعلي كامل من الأنثى نحو أنثى، ليسَ لأن الرجل غير موجود، ولكن لأنهُ مرفوض، هذا هو السحاق العصري. إذن فالسحاق العصري شيء مختلف تمامًا، تختارُ الأنثى فيه أنثى أخرى مثلها لكي تشبع حاجتها الجنسية من خلالها مع رفض الاختيار الفطري الطبيعي الذي هو الذكر! فهل كنت أو صديقتك يومًا كذلك؟
ويوجد في مكان ما بينَ هاتين النقطتين بعض الإناث اللاتي لا يرفضن الذكر ولا يرفضن الأنثى أيضًا، فلا مانع عندهن من التفاعل الجنسي المزدوج، وغالبًا لا يعلم أحدٌ بذلك، لأن هذه الأنثى تعيشُ حياتها الاجتماعية والأسرية بشكل طبيعي تماما، وتبقى علاقتها أو علاقاتها غير الطبيعية سرًّا مكتومًا، وكل ما يدخل في مفهوم السحاق حرام شرعاً ويحاسبها عليه الله سبحانه وتعالي بعلمه وبقدرته.
وحسب ما أعرفُ من معلومات عن الفقه الإسلامي فإن عقوبة السحاق أمرٌ متروك للقاضي، واسم هذه النوعية من الأحكام الفقهية "التعزير"، ويفهمُ من ذلك أن العرب القدماء عرفوا ظاهرة السحاق وسمَّوها، وأعتقدُ -والله أعلم- أن السحاق المقصود كان من النوع الأخير، أي عند الأنثى المزدوجة الهوية الجنسية أي التي تستطيع أن تتفاعل مع الذكر ومع الأنثى أيضًا، ولا أظنُّ لديك أو لدى صديقتك ما يوحي بذلك.
كما أن الحقيقة التي لا بد من ذكرها هنا هي أن السحاق بالمفهوم الغربي الجديد ليس إلا ابتداعًا حديثًا جدا من ابتداعات الحضارة الغربية أو على الأقل هكذا يقول التاريخ الغربي المكتوب، فهو علي عكس اللواط تماما في هذه النقطة.
إذن فليسَ هناكَ تاريخ مؤكد لظاهرة السحاق أبعد من أقل من قرنٍ ونصف من الزمان، ليسَ هذا فقط بل أنهم يستدلون علي وجوده فقط من أن أمرأتين عاشتا بمفردهما لفترةٍ طويلة في ذلك التاريخ البعيد (النصف الثاني من القرن التاسع عشر) وليس أكثر من ذلك، ومعنى هذا هو أن السلوك الحميم ما بينَ إمرأتين نادرًا ما كأن ينظرُ إليه اجتماعيا على أنهُ شذوذ لأنهُ في أغلب الأحوال ليسَ كذلك!
وفي النهاية أقول لك أنه لا داعي لأن تقلقي، وحاولي تحسين علاقتك بالله سبحانه وتعالي أكثر وأكثر، ولا تحسبي نفسك إلا مع الذين يخافونَ الله ويتقونه فأنت كذلك، كما أنني أحب طمأنتك مبدئيا لأن عبارتك (أحيانا أحس أن مشاعري تجاه الجنس الآخر طبيعية وكثيراً ما أتأثر بالمشاهد الجنسية في التليفزيون والسينما....الخ حتى أنني أتبلل من فرط الإثارة) هذه العبارة تشيرُ أولاً إلي أن الأمر أن شاء الله سيكون أسهل من كل ما تتصورين وثانيا أنك قادرةٌ على وصف ما قد تخجل منه كثيرات، وأكرر أنا معك والله معنا إن شاء الله.
ويتبع >>>>>>: السحاق عندنا كبتٌ أو رهاب ! م