الغيرة والشك والنكد الزواجي
رد وتعديل
أنا صاحبة رسالة: الغيرة والشك والنكد الزواجي، في البداية أحب أن أشكر الدكتورة سحر على اهتمامها بالرسالة والرد عليها وأحب أن أضيف لها بعض النقاط.... أنا وزوجي متحابان جدا وأنا أحترمه وأقدره ولا أظهر له جفاء وإن كنت قد أطلعتكم على ما بنفسي فهذا لأنني أريد أن تشاركوني فيه ولأنني أشعر بالصراع داخلي وفي أعماقي وهذا لا يدل على أنني وزوجي ديوك في حلبة المصارعة كما ذكرتم!!!
وأعتقد أنكم أسأتم فهمي لأنني لا أتجسس على زوجي ولكن لا أشعر بالارتياح لبعض تصرفاته وهذا ناتج عن الكثير من الأمور التي حدثت بيننا، كما أنني أردت معرفة كيفية التعامل مع زوج لا يصلي مع العلم بأنني حاولت معه بلطف كبير لمرات عديدة بالرغم مما بداخلي من غضب بسبب تركه الصلاة، ولكنكم لم تجيبوني واتهمتموني بالنفاق الاجتماعي وأنا لا أنافق ربي وإلا لكنت أخبرت الجميع من حولي سواء الوالد أو الأهل وفضحت زوجي وهذا لم ولن يحدث.
فيا سيدتي الفاضلة لقد حكمت علي أحكاما غير عادلة وتوقعت بأنني ممن يعبرون عن مشاعرهم بالأفعال دوما وأنا لست كذلك ولكن أردت أن أبوح بما يخنق صدري ولا أستطيع أن أبوح به لأحد كما أنني لا أستطيع إظهاره لأنه قد يؤذي مشاعر زوجي.
أضيف إلى هذا أنني لا أنقد زوجي في حياتي بل أنا زوجة حنون تكتب الشعر لزوجها ولكن أردت أن أخبركم بصفاته التي تزعجني وهي صفات حقيقية وموجودة فيه وأعتقد أن للكل عيوب بما فيهم أنا وطلبت منكم أن تدلوني على طريقه للتعامل بها مع شخص يتصف بهذه الصفات، وبالإضافة إلى ذلك هو زوج رائع في معاملاته معي وأنا أحاول دائما أن أتودد إليه.
كما أنك اتهمتني بسوء معاملتي في تربيه أبنائي وهذا اتهام لا يحق لك قوله لأنه ما من أحد يستطيع إطلاق أحكام على البشر من دون معرفة ما يجول في بيوتهم وأنا طلبت النصيحة ولم أطلب الإهانة والتي لا أستحقها لمجرد أنني أكره أن يرى أولادي النساء العاريات في التلفاز والله إن كان الله رب قلوب كما ذكرت فهو رب الأفعال ولن يفيدك القلب الصادق إذا ما كذبت أفعالك وأقوالك يا سيدتي.
وأرجو منك الرد على هذه الرسالة وعدم إخفائها أو رميها وأتمنى أن يكون الرد في المرة المقبلة بلا إهانات أو أحكام لا منطقية ولا مبررة، ما أردته الآن هو توضيح بعض النقاط التي أسأتم فهمها وأنا بدوري قد اقتنعت أنه ما من أحد قد يعلم زوجة كيف تتعامل مع زوجها،
وشكرا.
21/12/2003
رد المستشار
أختي الكريمة: أهلا وسهلا بك ولقد سعدت جدا بمتابعتك رغم ما تحمله من قسوة، وأرحب دوما بكل متابعة وكل رأي مهما كان مخالفا أو قاسيا، وبداية أحب أن أوضح لك أنني تأخرت في الرد عليك قليلا لا لأنني كنت أنوى أن ألقى رسالتك أو لا أظهرها على الملأ، ولكنني أحببت أن أترك لك فرصة حتى تهدأ نفسك بعض الشيء ليمكنك أن تتفهمي كلماتي ومقصدي من وراء هذه الكلمات، وفي البداية أحب أن أؤكد لك أنني لم ولن أقصد في أي رد من ردودي أن أهين أو أسخر من أي سائل كائنا من كان فضلا عن أن يكون زوجة مثلك تريد أن تحفظ بيتها وتحافظ على زوجها وأولادها، فنحن نعتبركم جميعا أخوة وأخوات لنا أو أبناء وبنات لنا، فبالله عليك كيف يسخر المرء من أهله أو يهينهم؟!!!!
والمهم أنني قبل أن أشرح لك مبررات وجوانب ما حدث من لبس أود أن أعتذر لك عن أي ضيق قد تكون سببته لك كلماتي، حتى وإن كانت لا تحمل المعاني السلبية التي وصلت إليك.
0 من المفيد بداية أن أشرح لك منهجنا في الرد على الأسئلة التي ترد إلينا منكم، فنحن نتلقى منكم نصا مكتوبا يحمل بعضا من وجهة نظر صاحبه فقط لمشكلة متعددة الجوانب ومتشعبة الأطراف، ولقد حاولنا مرارا أن نحث الأطراف الأخرى على التحدث ولكن هذه الغاية لم تتحقق، وبالتالي أصبحنا مضطرين للتعامل مع نص غير كامل (واقتراب هذا النص من الكمال يعتمد على دقة صاحبه في وصف تفاصيل المشكلة)، ولذلك فنحن دائما نحاول أن نقرأ ما بين السطور لنتعرف على الأبعاد المختلفة للمشكلة المعروضة علينا.
0 ومن خلال هذا النص نحاول أن نوجه السائل لما يمكن أن يكون قد حدث من أخطاء في التعامل مع الأطراف الأخرى، وفى ردنا نركز على أخطاء السائل – لا لأننا نبغي الحكم عليه فنحن لا نستطيع ولا نريد أن نكون حكاما أو قضاة – ولكن لأنه هو المتاح بين أيدينا وهو الذي جاء طالبا النصح، والمفروض لذلك أنه الطرف الذي يرغب في الإصلاح ومستعد لبذل الجهد من أجل تحقيق هذه الغاية.
0 ونحن نريد من عملنا أن يحقق نفعه لا لخدمة السائل فقط ولكن ليثير قضايا ويفتح مجالات للنقاش والفعل العام المؤثر في مجتمعاتنا، أي أننا نحاول أن ننتقل في معظم ردودنا من الجانب الفردي الخاص بصاحب المشكلة إلى الجانب العام والقضايا العامة التي تثيرها مشكلة السائل.
ومن رسالتك السابقة أردت أن أفتح ثلاث ملفات هامة: وأول هذه الملفات كان قضية العلاقة بين الأزواج والمشاكل الزوجية التي تفاقمت بشدة في مجتمعاتنا، وعندما ذكرت تصارع الأزواج كالديوك كنت أقصد الحديث عن الواقع العام من المشكلة ولم يكن كلامي يعنى حالتك الخاصة بأي حال من الأحوال، ولم تأت أي إشارة في كلامي لهذا المعنى الذي فهمته، فهل تنكرين أن الكثير من بيوتنا – ولا أقصد بيتك - بها من المشاكل ما يحولها لحلبة مصارعة؟!!!!
وهدفي من إثارة هذه النقطة هو أن نركز على أهمية إعداد الزوجين للقيام بدور الزوجية، ونفس المنطق ينطبق على القضية الثانية أو الملف الثاني وهو ملف الإعداد للوالدية، فلم أقصد إطلاقا أنك أنت تحديدا لا تجدين تربية أبنائك أولا تحسنين معاملتهم، ولكنني أعتقد أن معظمنا لا يجيد هذا الفن، وأننا نتعلم في أولادنا، وأننا نقترب أو نبتعد بدرجات متفاوتة عن المنهج التربوي السليم، ولكن المحصلة أن هناك خللا في هذه النقطة لابد من تداركه.
0 أما بالنسبة للملف الثالث الذي حاولت أن أفتحه أو أثيره، فهو ملف المظهر والجوهر والعلاقة بينهما في علاقتنا بربنا وعلاقتنا بديننا، والشاهد في حياتنا أننا أصبحنا ننشغل بالمظاهر ونغفل حقيقة الأمور، ولا يعنى كلامي هذا التقليل من قيمة المظهر الخارجي ولكن يعنى فقط أهمية أن نراجع أنفسنا بحيث يكون مظهرنا الخارجي انعكاسا لحقيقة ومتانة وصلابة ونقاء الجوهر الداخلي، ولذلك أردت أن أوجه انتباهك وانتباه القراء لأهمية أن نهتم عند تربية أنفسنا وأبنائنا وكل من حولنا بتقوية معاني حب الله وحب طاعته واستشعار مراقبته الدائمة لنا بحيث تكون هذه القيم القلبية خير وازع للإنسان يقيه المهالك، ودليلي على أن الأوامر والنواة وحدها لن تجدي قصة دوما أقصها لزميلة لي فرض عليها والدها الحجاب عندما كانت في المرحلة الإعدادية.
هذه الفتاة كانت تخلع غطاء الرأس فور خروجها من المنزل، وبالمقارنة فقد حرصنا نحن وصديقاتي على أن نزرع حب الله وحب طاعته في قلوب أبنائنا، ففوجئنا بالبنات منهن يطلبن أن نسمح لهن بالحجاب حتى قبل أن يصلن للسن التي يجب عليهن فيها ارتداؤه، وأولادي كما قلت لك سابقا يسرعون بغلق التليفزيون أو بتحويل المحطة إذا ظهرت راقصة (مثلا) وهم يفعلون هذا دوما حتى وأنا غير موجودة، فهل كلامي هذا يعنى أنني لا أهتم بالمظاهر؟!!! بالطبع لا ولكنني أرفض المظاهر التي لا تعكس حقيقة الجوهر واعتبر هذا نفاقا اجتماعيا سائدا في مجتمعاتنا، وبالطبع لا يمكن أن تعتبر محاولتي لتشخيص أحد أدوائنا الاجتماعية على أنني أصمك أنت أو أصفك بالنفاق الاجتماعي، فكلامي جله كان منصبا على الشق العام لا الخاص في حياتك.
0 أما بالنسبة لمسألة التجسس على زوجك فلم أقلها أنا ولكنك أنت من ذكرت هذا عندما قلت: "كما أنه لا يَصْدُقُ القول دائما وكثيرا ما يلف ويدور مما يجعلني دائمة الشك به فأنا لم أعد أصدقه إطلاقا ودائما ما أبحث عن الحقيقة المختفية وراء رواياته وللأسف أنا دائما محقة"، فكيف تبحثين عن الحقيقة المختفية وراء رواياته؟!!! إن كنت لم أفهم فاعذريني لسوء فهمي ولكنني حاولت أن ألفت انتباهك لخطأ تقع فيه الكثيرات من الزوجات، وتصورت أنك تفعلينه وهذا الخطأ يتمثل في تفتيش أغراضه وقراءة أوراقه للتعرف على ما يخفيه عنك، وهذا التصرف منهي عنه شرعا، والمهم أعتذر لك مرة أخرى إن كنت أسأت فهم هذه النقطة وتصورت خطأ أن كلماتك تعنى التجسس على زوجك.
0 أما بالنسبة لمنهج تعاملك مع زوجك ومع أولادك لإصلاح ما ترينه من فساد، فلقد حاولت أن أرسم لك نهجا يعتمد سياسة الرفق واللين، مع تجنب أسلوب الوعظ المباشر أو الأوامر أو التقريع وكما تعلمين أن "الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه"، وذلك من خلال رفع الإيمانيات وتقوية معنى مراقبة الله عز وجل (ويتم ذلك بالكيفية التي تجدين أنها تناسب زوجك، فيمكنك قراءة حديث أو آية مع عرض هذه المعاني في الأوقات التي تجدين فيها أنه مؤهل للاستماع ويمكنك أن تستعيني ببعض شرائط الكاسيت التي ترقق القلوب، كما يمكنك أن تحرصي أنت وهو على حضور مقرئة للقرآن)
والحرص على الصحبة الصالحة من الأهل والأصدقاء هام جدا وضروري لأن الذئب لا يأكل إلا من الغنم القاصية، ويعينك على هذا أن تكوني أكثر قربا من زوجك وذلك من خلال مشاركته في هواياته واهتماماته، وقبل كل هذا لا تنسى التضرع إلى الله أن ينعم على زوجك وأولادك بالهداية وبالفلاح في الدنيا والآخرة فمنه سبحانه الفضل والمنة وقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء.
أختي الكريمة: مرة أخرى أعتذر لك أن تسببت كلماتي في مضايقتك فلم أقصد إطلاقا أن أجرحك أو أن أهينك ولكن تسرعك في قراءة كلماتي جعلك تفهمين ما لم أقصده، وأتمنى أن تكون المعاني التي قصدتها قد أصبحت الآن أكثر وضوحا، مع دعواتي أن يبارك الله لك في زوجك وأولادك وتابعينا بالتطورات.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخت السائلة أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، ونأسف أولا لما شعرت به من أسف بسبب سوء التأويل الذي حدث، كما نأسف لتأخرنا في الرد على متابعتك فقد كان لظروف خارجة عن إرادتنا، والحقيقة أن الأخت الزميلة د.سحر طلعت قد أحاطت في تعليقها على متابعتك بمعظم جوانب المشكلة، لكنني أود فقط أن أحيلك إلى ردود سابقة على صفحتنا لعل فيها ما يفيدك ويسليك إن شاء الله:
هذه الخدمة الحكم والرأي والأطراف!
الغيرة: ماضي الرجل والثقة بالنفس
وفي النهاية نتمنى أن يسعدك ردنا عليك في هذه المرة، وننتظر منك المشاركة معنا، وأهلا وسهلا بك دائما فتابعينا بالتطورات.