الموت في المؤخرة أفدح من غزة
أود أن أشكر السائل على جرأته في نشر مشكلته التي قد يخجل الكثير من الشباب في عرضها، ولكني أحب أن أقول لك يا أخي العزيز أنك بذلك قد قطعت شوطاً لا بأس به في حل المشكلة، فأنت تعترف بوجودها في حين ينكرها العديد من الشباب الذين يقومون بذلك يومياً بل وعدة مرات في اليوم الواحد ولا يردعهم رادع ولا يحسون أصلاً أنهم يقومون بفعل خاطئ. وبالرغم من أني امرأة إلا أني استأت عند قراءة المشكلة ولن أركب الحافلات العامة بعد ذلك.
لقد تعاطفت معك يا أخي لأن الفتن في مجتمعنا كثرت وأصبحت تحاصرنا في المنزل والعمل والشارع، وعندما أرى ما تفعله البنات في مجتمعنا أو من خلال التلفاز أقول "كان الله في عون الشباب"، لكني بالرغم من تعاطفي هذا إلا أني لا ألتمس لك العذر فيما تفعل، واسأل نفسك سؤالاً صغيرا:ً لو كنت في الشارع ووجدت سيارة مفتوحة وبها مفاتيحها والمكان خالٍ من المارة، هل كنت سارقها؟ أغلب الظن -إن شاء الله- أنك ستقول "لا" لأنك بالتأكيد لن ترضى على نفسك السرقة حتى لو كانت حالتك الاقتصادية سيئة، فأنت لن ترضى أن تأخذ ما لا يحق لك، كذلك يا أخي ما تفعله الآن: تغتصب شيئاً ليس من حقك، ما الحال إذا قمت بذلك في يوم مع إحداهن ووجدتها إحدى قريباتك أو زميلة في العمل أو إحدى جيرانك؟ كيف سيكون موقفك أمامها وأمام معارفك؟ بل ما هو حالك إذا قام شاب بفعل ذلك مع أختك أو أمك أو إحدى قريباتك؟ كيف ستتصرف حينها؟
وأذكرك بقصة رائعة حدثت أيام النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث جاء إليه فتى وقال له: "ائذن لي بالزنا" فكاد الصحابة أن يضربوه فأسكتهم النبي وجلس أمامه ونظر في عينيه وقال: "أترضاه لأختك؟" قال: "لا"، قال: "أترضاه لأمك؟" قال: "لا"، قال: "أترضاه لخالتك؟" قال: "لا"، وظل يكرر عليه الأسئلة وهو يرد بأن "لا"، فوضع النبي يده على صدره ودعا له: "اللهم أحصن فرجه واغفر ذنبه...." فالباب ما زال مفتوحاً أمامك للتراجع. وتذكر أن الزنا يبدأ من النظر مروراً بجميع التطورات حتى الوصول إلى المرحلة الأخيرة وهي التي نظن أن الوصول عندها فقط هو الزنا وهو الحرام، بل الحرام يبدأ من أول النظر.
وأحب أن أعطيك بعض النصائح التي قد تفيدك في التقليل من تلك العادة السيئة والوصول إلى الامتناع عنها نهائياً وهي:
1- حاول أن تشغل وقت فراغك بممارسة رياضة ما، ولتكن المشي مثلاً، فعوّد نفسك أن تخرج من العمل وتتناول غذاءك ثم تنزل فوراً لتتمشى ولو في الشارع حيث تسكن، وليكن لمدة ساعة ومن الأفضل ألا تأخذ معك الهاتف الجوال حتى لا يتيح لك فرصة التصوير، وكلما حاولت الاستغناء عنه في بعض الأوقات فافعل.
2- اجعل لك صحبة تهتم لأمرك، لكن بشرط أن تكون صحبة جيدة لا تحض على الشر.
3- إذا مشيت في الشارع حاول أن تشغل تفكيرك بأي شيء آخر غير هذا الموضوع، مثلاً فكّر في عملك، في يومك، كيف ستستقبله وكيف ستنهيه، حتى لا تترك نظرك يجول هنا وهناك.
4- خطط ليومك وقرر ماذا ستفعل فيه، ولا تجعله روتينياً مملاً، بل اجعل فيه التجديد دائماً: كزياة صديق قديم أو قريب لك لم تره منذ فترة. اخرج مع أصدقاء العمل أو أحد الجيران، خذ أمك أو إحدى أخواتك في نزهة أو حتى للتمشية.
5- اجعل لك صديقاً صالحاً تحكي له همومك وأسرارك، فالإنسان يسعد عندما يشاركه الآخرون همومه.
6- حاول أن تجعل للأقارب جزءاً من وقتك بأن تزور أحد أقاربك مرة في الأسبوع، فذلك يجعلك تندمج في مشاكلهم ويشغل تفكيرك عن تلك الأشياء بعض الشيء.
7- أحسست من خلال عرضك للمشكلة أن عملك إما سهل لأنه قد لا يشغل حيزاً كبيراً من تفكيرك، أو ممل روتيني ليس به تجديد أو تغيير،- أي أنه عمل غير مشوق تقوم به فقط لأنك تعمل لا لأنك تحبه-، وأنا أعلم أن أغلب الوظائف في مصرنا صارت هكذا، لكن ما المانع في أن تحاول أن تبحث عن عمل آخر قد يكون بديلاً، أو عمل إضافيّ باقي اليوم تشغل فيه وقتك وتزيد فيه من دخلك، وصدقني لو بحثت لوجدت، اقبل بأي عمل تجيده ولا تتقيد بالصورة الاجتماعية كثيراً، فكثيراً ما عمل ذوو مؤهلات عليا ليلاً في محطات الوقود، وأقسم لك أني أحترمهم أشد الاحترام لأنهم يسعون جاهدين لتحقيق ذواتهم.
8- إذا كنت ممن يستطيعون السفر فلم لا تبحث عن عمل خارج البلاد؟! قم بكتابة السيرة الذاتية الخاصة بك واجعلها على مواقع التوظيف على الانترنت. وأعطيك مثالاً صغيراً؛ إذا قمت بإرسال السيرة الذاتية إلى المواقع يومياً تكون المحصلة نهاية الشهر 300 شركة، قد تكون داخل البلاد أو خارجها وبعد عدة أشهر قليلة، ألست واثقاً بأن تقبل في أي منها بإذن الله؟.
9- حاول أن تثري معرفتك في شتى المجالات، فسيجعلك ذلك مقبولاً في مقابلاتك الشخصية مع أي شركة وليس مؤهلك فقط. وإثراء المعارف يكون بالقراءة أو الاطلاع على الأخبار أولاً بأول والبحث على الانترنت، أو غيرها من الطرق التي ستقودك لنفس النتيجة إن لم تكن من محبي القراءة.
10- كن خبيراً في مجالك وذلك عن طريق أخذ بعض الدورات البسيطة إن سمحت لك الظروف، وعن طريق متابعة كل جديد في نفس المجال حتى تتأصل لديك الخبرة اللازمة التي ستسمح لك بالترقي في الوظائف المرموقة.
11- وأخيراً يا أخي الفاضل، أذكرك بأديبنا الجميل الراحل "طه حسين" والذي يعتبر مثالاً حياً للعزيمة والإرادة فصنع نفسه بيده دون مساعدة من أحد، ذلك فقط لأنه أراد فسعى ونفذ.
وأذكرك أيضاً أن الله يرانا في كل سكناتنا وحركاتنا، في كل شاردة وواردة فتذكر الله الذي وهبك الحياة، واشكره عليها بدلاً من النكران، واعلم أنه في عونك ما دمت تسعى جاهداً للوصول.
23/5/2009
رد المستشار
حين تصلني مشاركة على إجابة قديمة نسبياً تكون سعادتي مضاعفة لأسباب لا تخفى على فطنة القارئ.
عدت للتأمل في الدور الذي تلعبة التكنولوجيا الحديثة في حياتنا عامة، وفي حياتنا الجنسية خاصة، ورغم اهتمامي بهذا الحقل من الدراسة إلا أن ما يتجمع عندي من المادة قليل، وأشكر من يلفت نظري لبعض ما تنشره استشارات مجانين أو غيرها، ومن ذلك:
استشارة "يا ريتني عمري ما حبيت"، وفيها تروي السائلة أنها قامت بتصوير موضع عفتها، وأرسلت الصور إلى فلان... إلخ!!.
نحن هنا لسنا بصدد أشخاص في علاقة أو اتصال إلكتروني بحيث يكون كل طرف هو من يستهلك أو يشاهد صورة الطرف الآخر، بل نكون في حالة يكون فيها منتج الصورة هو المستهلك الأول لها، وربما يظل المستهلك الوحيد، وربما يتعدى الاستخدام ليشمل آخرين!!.
هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الدراسة، وقد انفجرت مؤخراً فضيحتان في مجتمع القاهرة بطل الأولى طبيب يقوم بتصوير ممارساته الجنسية مع بعض مريضاته، وأخريات، والتصوير يقع بغير علمهن. والثانية مجرمها مدرس يفعل مع طالباته، ويقوم بالتصوير دون علمهن أيضاً، ثم يحصل نوع من الترويج المحدود أو الواسع لهذه المشاهد المصورة بعد أن تقوم بدورها في إمتاع صاحبها أولاً! فهل نحن بصدد انحراف نفسي جنسي جديد؟! سؤال أضعه تحت أعين الزملاء من المختصين.
هنا تذكرنا فاطمة إذن بهذه الاستشارة، وأطرح معها هذه التأملات والتساؤلات عن تصنيف هذه الممارسة التي يقوم بها السائل الأصلي، وتأطيرها علمياً.
وعندي تعليقات أخرى بمناسبة ما تفضلت به أختصرها فيما يلي:
أولاً: ليس حتماً أن الاعتراف بوجود المشكلة هو جزء من حلها، ومن كلام فاطمة التالي نفسه؛ فقد يكون هذا الاعتراف نوع من التخلص أو التملص أو التخفف من ضغط الذنب، وكنت قد قرأت عن موقع شهير للاعتراف على الإنترنت، وفكرته ألا يحمل صاحب المصيبة العبء وحده، ولكن يبوح "ولا من شاف ولا من دري" كما نقول في مصر، ونحن نخلط بين شجاعة المصارحة والمواجهة -أي وجهاً لوجه-من ناحية، وبين ما يحصل على الإنترنت من ناحية أخرى، وهو مختلف نوعياً، وربما جذرياً!!.
وقد يستخدم البعض حيلة الاعتراف هذه طلباً للتعاطف بتضخيم حجم الضغوط التي تدفعهم لهذه الأفعال، والتهوين من آثارها!!.
انظري إلى قول السائل الأصلي مثلاً: "النساء العاريات في الفضائيات وفي الأفلام، بل ووصل الأمر للشوارع"، ثم قوله "وقد تصمت (الفضيحة) وترضى بما يحدث لها، وهذا عادة ما يحدث..." في الجملة الأولى تصوير لطوفان العري الذي يحاصر السائل، وفي الثانية إشارة إلى تواطؤ يتصوره -ربما من باب أن "السكوت علامة الرضا"- رغم أنه في حالته هذه يكون السكوت خوفاً من الفضيحة والاتهامات السخيفة والنظرات الأسخف التي يمكن أن تحصدها من قد تشتكي التحرشات!!.
ثانياً: منطق السائل نجح في أن ينال تعاطفك شخصياً، كما صرحت بذلك يا فاطمة، بدعوى حكاية الفتن التي أصبحت تحاصرنا في المنزل والعمل والشارع، ولا أنسى أنك استدركت بعد ذلك، ولكن ما أعنيه هنا أن منطق ضغط الفتن قد نال استحسانك، واتفقت معه من حيث المبدأ، واسمحي لي أن أختلف معك!!
وأكرر هنا ما سبق وقلته من قبل أن أحداً لم يعتقلنا في جوانتانامو -ولله الحمد- ويجبرنا على مشاهدة الفضائيات والموبايلات والإنترنت بصوره العارية، وعوراته المكشوفة، فمن يدخل أو يشاهد يفعل هذا مختاراً بمحض إرادته، وكذلك من يطلق بصره ليرى عاريات الشوارع. وبالمناسبة أكرر أن الشوراع أو التعري في مصر أغلبه يفتقد إلى الذوق، ويؤذي العيون بسبب غباءه وتنافره أكثر مما يغري أو يثير الشهوات، فضلاً عن أنه لا توجد مقارنة أصلاً بين حجم هذا التعري وحالته مع دول عربية أخرى مثل تونس ولبنان، وسورية والمغرب تتلاحقان على الدرب، وليس هذا تقييماً موضوعياً ولا علمياً لحالة اللباس في الشوارع العربية، إنما قصدت أن أقول أن فيلم "الفتنة... الفتنة" الذي نشاهده ونسمعه ونستخدمه يحتاج منا إلى مراجعة "ونشوف لنا لعبة غيرها نلعبها أحسن!!".
هذا طبعاً مع أسفي الشديد أن تستر إحداهن جسدها خوفاً من نظرة المجتمع وألسنته الطويلة، أو تتعرى أخرى لتتحدى نفس المجتمع، وتخرج له لسانها، قائلة له: "طز فيك!!". وببساطة عندئذ فإن من تنخلع تماماً من التزامات المسؤولية الاجتماعية فلا أدري معنى أن تصدع رؤوسنا بكلام مكرر وسخيف عن الحرية الشخصية!!!.
وبالجملة فإن عاريات الفضائيات، ومتكشفات الشوارع، والمائلات المميلات في هذه أو تلك إنما هي ظواهر يمكن بل يلزم مناقشتها، ويمكن تحجيم التأثر بها والتعرض لها، بل والتعامل معها بوسائل مبتكرة تسمي الأشياء بأسمائها وتضع النقاط على الحروف، وتضع حدوداً لفوضى في المفاهيم والممارسات، وبدلاً من فيلم "الفتن... الفتن" يمكن أن ننشر واقعاً مختلفاً بوسائل شتى، ولا مناحي من تقليل التعرض لما يرى أحدنا أن يريبه، أو يفسد عليه قلبه، أو يؤذي روحه، ولا عذر لمدعي أنه محاصر!!.
ثالثاً: أؤكد وأكرر دون ملل ولا كلل أن حالة المجتمعات العربية فيما يختص بشؤون العلاقات بين الرجال والنساء، ومفارقات ومتناقضات وكوارث طريقتنا في هذا الذي نسميه زواجاً وتكوين أسرة، ذلك الذي صار من يقترفه يفشل غالباً، والمحروم منه يتمناه، ويحلم به!!. هذا الوضع العام البائس لم يعد يحتمل التشاغل عنه، أو عدم اختراقه بكل مكوناته المريضة الملتهبة، ولا أعني هنا تأخر سن الزواج أو استحالته بالنسبة للبعض، بل أتوسع لأشمل الملف كله بجزئياته كلها، والتي نحن عنها صامتون أو متغافلون، وندفع الثمن بالتالي، ولا أرى أن نصائح التشاغل والطناش أو التصبر أو الصيام تجدي بوصفها حلولاً لكل الناس كل الوقت، فهي من الأصل تصلح أحياناً ولبعض الناس، أو في أحسن الأحوال قد تصلح للناس كلهم بعض الوقت، أما أن تكون هي جوهر خطابنا، والحجر الأساس لتفكيرنا أو مشروعنا للعفة فهذا محض هراء!!
الاحتياج الفطري للجنس لا يمكن تلبيته إلا بممارسته، وليعترف المجتمع بهذا، وليجلس من لديه بقية من مروءة وعقل ليتعاون مع أمثاله حتى نخرج من تلك الكارثة، ونكف عن الكلام الذي لا يحل ولا يربط من قبيل: تشاغل.. تجاهل.. "هو حيلك مشي ورياضة عشان متفكرش، وميبقاش فيك نفس!!" مع احترامي طبعاً للرياضة والمشي، وتمنياتي للجميع بالانتظام فيهما لصحة أفضل بمشيئة الله.
ماراثون الزواج عندنا فاشل من أوله إلى آخره، وما يتصوره البعض نهاية لمعاناتهم في ممارسة الجنس يتحول إلى أنواع معاناة أخرى أشد، حين يكتشفون أن في الحياة متاعب ومصاعب واحتياجات ومطالب أخرى أهم، ربما من مجرد ممارسة أي جنس والسلام!!.
رابعاً: دور الصحبة الصالحة أساسي في تكوين العقلية وجدولة الوقت والجهد، وعملياً على أرض الواقع تفرض مصادر وسياقات إنتاج هذه الصحبة!!. كثير من الأخيار يسكنون السجون والمعتقلات العربية، وكثير من الفاضلات اعتزلن الحياة العامة كجزء من فيلم "الفتن"، فمن لا تحتاج للعمل أو الشغل لأسباب مادية تؤثر البقاء وعدم الخروج، وتروج بينهن ثقافة أن أفضل مكان للمرأة هو البيت، وبالتالي يساعد هذا في أن تمتلئ الشوارع بأصناف أخرى من النساء، ثم نشتكي من الفتن!!!.
أقول أن هناك مشكلة حقيقية حالياً في العثور على صحبة صالحة، ومشكلة أكبر في الوصول إلى أماكن ملائمة لقضاء وقت أو ممارسة نشاط هادف وممتع، فالأماكن عندنا غالباً تتراوح بين دور العبادة، أو المقاهي، وقليل جداً من المكتبات، وأقل من المساحات الاجتماعية التي تصلح للقاء الصحبة الصالحة "إن وجدت"!!.
ولا أحد يتصدى لهذه العقبات أو حل هذه المشكلات، إنما بقينا نردد كليشيه "عليك بالصحبة الصالحة"!!.
وبالنسبة لقضاء الأوقات مع الأصدقاء أو الأقارب؛ فإن لدينا مفهوماً يستحق المراجعة بشأن فكرة أوقات الراحة أو الفراغ، ففي أي ثقافة إيجابية متطورة يتمثل قضاء وقت الراحة في ممارسة أنشطة أخرى غير المعتادة، البعض يذهب للصيد أو التزلج أو التزحلق على الجليد، أو ممارسة رياضة، أو غناء أو تعلم مهارة جديدة أو صقل موهبة... إلخ، أما مفهوم وقت الفراغ أو الترويح عندنا فينصرف غالباً إلى فعل "لا شيء"، أي إن وقت الراحة عندنا يعني عدم عمل شيء، وبالتالي يتحول إلى شيء سخيف وضار وغير فعال في تجديد النشاط أو ترويح النفس، أو إمتاع الوجدان أو الروح!!.
بالتالي فإن مجرد زيارة الأقارب أو الخروج مع أحد الأصدقاء أو الجيران يتحول إلى فعل غير ممتع إن مارسه البعض مضطراً لأداء واجب فلن يكرره، ولا يمتعه، ولا يؤدي المرجو من ورائه!!.
ولا أعتقد أن عملاً إضافياً، أو السفر للخارج سيكون له أي أثر شافٍ تخفيف الهياج الجنسي لأحد، بل إن هذا الهياج يتضاعف في المجتمعات المغلقة التي تبيت وتصحو، وهي تفكر في الجنس، وأنشطته هي المحور الأهم للحياة، وبخاصة مع توافر الحد الأدنى من أساسيات الحياة المادية، وغياب الأنشطة الترويحية بالمعنى الذي شرحته منذ قليل، وبالتالي تتحول الأيام والليالي، وتنصرف الأحاديث والاهتمامات إلى التسوق، وجمع المال، والجنس!!.
خامساً: يبقى إثراء المعرفة مشروعاً مقبولاً ومجنداً ومطلوباً، ولكنه يحتاج إلى عون حقيقي، ودعم من صحبة على شبكة الإنترنت أو خارجها، لأن المعرفة العامة بشؤون الحياة، أو زيادة المعرفة المتخصصة في مجال العمل، أو متابعة اهتمام بشأن قضية من القضايا ليست ثقافة شائعة في مجتمعاتنا، قيمة المعرفة نفسها واكتساب المعرفة وتعميقها تبدو مهدرة ومهجورة في مقابل اكتساب المال والثروة مثلاً، أو زيادة النفوذ والقوة، وتوسيع حدود السلطة..... إلخ!!!.
وبالجملة أشكرك يا فاطمة على اهتمامك ومشاركتك التي أثارت الكثير من التأملات مما يساهم في بلورة وعي أفضل بالواقع وتشخيصة والاشتباك مع أوجاعه، ولذلك يلزم فرز الكثير من الأفكار والمقولات التي نكررها ونرددها دون مراجعة جدواها أو واقعيتها وفاعليتها سواءً في تفسير أو علاج المشكلات!! شبعنا كليشيهات!! وأعتقد أن تسديد وترشيد تفكيرنا وتشخيصنا وممارستنا في المجال النفسي والاجتماعي مطلوب بشدة، ومثله التعاون على البحث العلمي الجاد، والحوار الحقيقي المثمر، والاستكشاف والمصارحة بين أصحاب المشكلات، وأصحاب التخصص، والجهود في ذلك وهذا مفتقدة بشدة.
والله من وراء القصد.
ويتبع: >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> أفدح من غزة... متابعة على مشاركة