السلام عليكم ورحمة الله،
أرسل إليكم خطابي هذا وأملي بعد الله فيكم، وقد انتظرت الأسابيع الطوال لعرض مشكلتي هذه، واليوم أعرضها عليكم.
مشكلتي كالتالي:
أحب شخصاً يعاني من مرض الفصام، أخبرني بذلك من أول تعارف بيننا وخيّرني في أن أحبه على ما هو عليه أو أن ننفصل، وبعد تفكير قررت البقاء معه، مع العلم أنه لم يحاول أبداً التأثير على رأيي.
في بادئ الأمر لم أكن أعلم كيفية التعامل معه؛ كان أحياناً يحادثني بكل براءة وطيبة قلب، وأحياناً أخرى ينقلب شيطاناً رجيماً، لا شيء يهمه في هذه الدنيا سوى إشباع رغباته الجنسية، كنت أعلم أنه يقابل فتيات ويعاشرهن في الحرام، وكنت أصبر على ذلك وأقول في نفسي أنه لا يعي ما يفعل!. بداية معرفتي به كانت عندما أتى إلى بلدنا لاستكمال دراسته الجامعية، وقد بدأت معه أعراض المرض منذ أن جاء إلى بلدنا -أي منذ 3 سنوات تقريباً- حيث أحس بالوحدة، فقد كان وسط أهله أما هنا فقد جاء وحيداً لم يعي مشاكل الحياة وصعوبتها، ما ولّد لديه شعوراً بالوحدة والانعزال. لقد علمت مؤخراً أن عمة والدته مريضة بنفس المرض ففهمت أنه متعلق بالوراثة.
سأحدثك قليلاً عن الشخصية الشريرة والتي تدعى "كازانوفا"؛ تريد تدمير علاقتي به وذلك لأنه بدأ في التحسن بعد أن عرفني، لقد حاولت جاهدة أن يتحسن وكنت أذكّره بمواعيد العلاج (أعتذر، فلم يخبرني عن اسم العلاج الذي يتعاطاه). كانت الشخصية الشريرة سابقاً تأتي بالأسابيع والأشهر وهي الغالبة على تصرفات حبيبي والمتحكمة في عقله، أما عندما دخلت في حياته ووقفت بجانبه وأشعرته بمدى أهميته في هذه الحياة تحسن كثيراً ولم أعد أرى الشخصية الشريرة لأكثر من ثلاثة أيام من كل شهر أو شهرين.
لقد أخبرتني هذه الشخصية أنني أدمرها بهذه الطريقة لذلك سيمنعني من رؤية حبيبي تلك الشخصية اللطيفة الطيبة ما لم ألتزم بعدم مضايقته أو عدم التزامه بأخذ العلاج!. في بادئ الأمر كنت أجهل كيفية المعاملة ولكنني تدريجياً بعد أن أكملت السنة معه أصبحت أفهمه شيئاً فشيئاً، ولم أعد أبكي عندما يرجع إليّ حبيبي لأني لاحظت أن بكائي يزيد الأمر سوءاً ويجعله يحس بالذنب وتأنيب الضمير على ظلمه لي. أصبحت قوية رغم أني لا أحتمل غيابه عني وعلمي أنه الآن في حضن امرأة أخرى، تحمّلت كثيراً ودعوت الله كثيراً أن يلهمني الصبر ويشفيه.
بالنسبة لعلاقته مع أسرته فهي في أحسن ما تكون، فهو لم يعِقّ أبويه قط، على العكس فهو يشجعني لأتعامل مع أمي وأبي بأسلوب راقٍ كأن يقول لي مثلاً: "لماذا تستحي من أن تقبّلي يد أمك أو أن تحضنيها أو أن تشتري لها هدية؟". من الأعراض التي كنت ألاحظها عليه:
- أحياناً أثناء حديثي معه أنه يقول لي أنه يسمع أصواتاً مخيفة أو أصوات ضجيج! مع العلم أنه لا وجود لأي شيء من هذا القبيل.
- أيضاً لدى حبيبي الشعور بالعظمة وحب الذات وأنه يفهم في كل شيء، كثيراً ما يحسسني بأنني جاهلة ولا أفهم مثله، مع العلم أني جامعية ولا ينقصني شيء.
- أحياناً يهمل في نظافته، ولكن غالباً ما أجده يهتم بمظهره، فهو وسيم جداً ما يجعل البنات يلتففن حوله فيشعره ذلك بالعظمة.
- دائم التفكير في الجنس، كما أنه مدخن شره وخاصة الشيشة، ولا يتعاطى أي نوع من المخدرات، وبفضل الله حاولت إقناعه بالتقليل من الدخان وبالفعل نجحت.
- دائماً ما يكون بارد الأعصاب لا يشدّه شيء، هادئ لدرجة الجنون لا يبالي بأي شيء.
لقد نسيت أمراً مهماً ألا وهو أن كل ما يدور بيني وبين حبيبي تتذكره الشخصية الشريرة، وعندما سألته أخبرني بأنه لا يفعل شيئاً سوى التذكر؛ فكل شيء يدور يقرؤه من الذاكرة! مع العلم أن حبيبي لا يتذكر أي شيء مما تفعله تلك الشخصية وهذا الأمر مريب حقاً.
تحملت الكثير لأجله مع أنه لم يعدني بالزواج في حالة لم تتحسن حالته، لقد بحثت في الانترنت عن علاج لحالته ووجدت علاج اسمه Abilify من مجموعة مضادات الهوس أو الوسواس، قد تم استخدامه بصورة واسعة في أستراليا لشهور عديدة لعلاج حالات عدة من انفصام الشخصية، وقد أثبتت التجارب أن الدواء المذكور يعالج بفعالية حالات انفصام الشخصية، فضلاً عن كونه يقلل من التأثيرات الجانبية الشائعة للعلاجات الأخرى المستخدمة كزيادة الوزن والخمول، وقد سأل طبيبه المعالج والذي أخبره بأنه يعطيه دواء من نفس التركيبة الكيميائية لهذا الدواء... لا أدري، ولكني استبشرت خيراً بهذا الدواء رغم أنه غير متوفر عندنا.
أعلم أن الأمر قد يبدو كأفلام السينما، ولا أخفيكم سراً أني كنت كثيراً ما أشك انه ليس بمريض وأنه يريد اختباري ليعرف مدى حبي وإخلاصي له وتحمّلي لأجله!.
بالله عليكم، أنا في أمسّ الحاجة إلى أن تخبروني: هل من أمل في شفاء حبيبي؟ وما هو الدواء المناسب لحالته؟ كما أنني أتمنى أن تخبروني ما هي الطريقة الصحيحة لمعاملته، فهو شديد الحساسية ودائماً يحس بأنه يظلمني لأنني أتحمل، وأخبره أني راضية والحمد لله.
لكم مني كل تقدير واحترام،
والسلام عليكم.
05/07/2009
رد المستشار
الست "قمر"،
نشكر لكم ثقتكم العالية بموقعنا.
أما عن حالة زميلك التي وصفتها بمرض الفصام والتي هي اضطراب عقلي يصيب حوالي واحد من كل مئة شخص، وأكثر المصابين به تتراوح أعمارهم بين 14 و 36 سنة، ومع ذلك فهو من الممكن أن يبدأ في أي عمر، ويصيب الذكور والإناث بنفس النسبة حيث تصل الإصابة به إلى 1 بالمائة من سكان العالم، ويكون أكثر في المدن منه في المناطق الريفية، ومن أعراضه:
1- الهلوسة: وتحدث عندما تسمع أو تشم ، أو تشعر أو ترى شيئاً ولكن في الحقيقة لا يوجد شيء حقيقي على أرض الواقع.
2- اضطراب الفكر: يجد الشخص المريض صعوبة في التركيز؛ فلا يستطيع قراءة مقالة في صحيفة أو مشاهدة برنامج تلفزيوني إلى نهايته أو متابعة الدراسة أو التركيز في المهنة، وتكون أفكاره مشوشة وينتقل من فكرة إلى فكرة دون وجود أي صلة واضحة بينهما. وقد لا يمكنه أن يتذكر ما يريد التفكير به أصلاً، ويصف بعض المخالطين لهم أفكارهم بأنها "مبهمة" أو "مشوشة" ويكون من الصعب عليهم أن يفهموه.
3- الضلالات أو الوهامات: وهي أن يعتقد الإنسان المريض بالفصام في شيء مع الاقتناع التام به، رغم أن هذا الاعتقاد يكون مبني على سوء فهم الأحداث، ورغم أن الآخرين يرون أن هذا الاعتقاد خاطئاً وغريباً أو غير واقعي لا يستطيعون في الواقع أن يناقشوه مع المريض. وإذا تم الاستفسار عن سبب هذا الاعتقاد تكون الإجابة ليس لها معنىً أو لا يتمكن المريض أن يشرح للمستفسر شيئاً مقنعاً أو معقولاً أو مقبولاً، ومع هذا يظل المريض بالفصام يبدي أن ما يعتقده هو الحقيقة. وقد تبدأ الضلالات فجأة أو قد يشعر المريض بالفصام أن هناك شيئاً غريباً يحدث، إلا أنه لا يستطيع أن يفهمه أو يفسره.
4- فقدان الاستبصار: يشعر المريض أن الجميع على خطأ، وأنهم لا يمكنهم فهمه، كما يشعر بفقد السيطرة على كل حياته.
ومن الجدير بالذكر أن في مريض الفصام لا تظهر كل الأعراض مجتمعة، فقد يعاني من الهلاوس ويكون تفكيره غير مشوش، وقد يكون لديه ضلالات.
ولكن أيتها الابنة "قمر" من خلال رسالتك يظهر لنا الأمر أنها اضطرابات المزاج أو بالأحرى مرض يدعى ثنائي القطب؛ وهذا يعني مرة يكون فيها الهوس ومرة أخرى إن وجدت حالة من الاكتئاب. وتشخيص الحالة تؤكدها النوبات الهياجية العدوانية له التي تقوم بتدمير كل ما حوله، إضافة إلى الهياج الجنسي، ومن ثم رجوعه إلى الوضع الطبيعي، وربما لو بقي لفترة طويلة ستنتابه نوبات من الكآبة ولكن حتى الآن لم تظهر كما ظهر من الرسالة أن العلاج في الوقت الحاضر، فيفضل العلاج الحديث الذي يسمى Quetiapine 100 مع علاج لتوازن المزاج Carbamazepine، ويمكن أن يبقى على العلاج لفترة طويلة من 1- 2 سنة، ويمكن التعامل مع حبيبك بكل هدوء ودون إثارته مع عدم تطبيق كل ما يطلبه مع استخدام السياسة في التعامل معه بالود والعاطفة، ويفضل مراجعة طبيب نفساني لتحديد نوع العلاج، كما يفضل بالنسبة لك استشارة الباحثة النفسية بالجامعة لتوضيح مدى نجاح علاقتك به.
مع خالص تحياتي،
واقرئي أيضًا:
مرض الفصام