السلام عليكم،
الأخ الكريم،
اسمي آدم وأبلغ من العمر 36 سنة، غير متزوج ولم يسبق لي الزواج، طولي 177 سم ووزني 74 كغم، وأعمل مدرب غوص. نشأت في أسرة أقل من المتوسطة مادياً ومتوسطة اجتماعياً بإحدى المدن الريفية بمصر وخريج جامعة القاهرة.
الحاله الصحية:- أعاني من القولون ودهون على الكبد من الدرجة الثانية، والحموضة، وشعور بالكسل والخمول، وكذلك شرخ بفتحه الشرج، وبالطبع كل هذا ينشط على فترات متقطعة ولكن بصفة عامة فالصحة جيدة ولله الحمد.
لا أعلم على وجه التحديد إذا كنت أعاني من شيء أم أنني ببساطة هكذا وتلك صفاتي الشخصية.
قبل 5 سنوات لم أكن ملتزماً دينياً على الإطلاق، وبفضل الله بدأت أتعرف على ديني من خلال القراءة ومتابعة الدروس والمحاضرات، ولم أتطرف في التزامي.
منذ سن الثانية والعشرين تقريباً -وربما قبلها- وأنا في حالة مستديمة من عدم الرضى عن النفس، وبالإجمال عن مجتمعنا العربي، وربما الكثير يعانون من عدم الرضى حيث أنه القاسم المشترك لغالبية الأمة شباباً وشيوخاً ولكن تلك الحالة أثرت بي على الصعيد الشخصي بشكل كبير على خلاف الآخرين، وأعتذر عن الإطالة لأني لا أعرف على وجه التحديد مم أعاني ولكن سأحاول إيجازها في نقاط محددة من خلال ما أشعر به في الفترة الأخيرة، وبغض النظر عمّا حدث سابقاً:
* علاقتي دائماً مضطربة بالجنس الآخر ولا أستطيع الحفاظ عليها وغالباً برغبة شخصية مني، وإذا حدث وجاء الرفض من الطرف الآخر اعتدت أن أفعل الكثير لاستعادته، ولكن لا أظن أن تلك حالتي الآن، ودائماً ما أنتقص من قدرهن وأحاول البحث عن عيوبهن بشكل واضح، بالرغم أنني لا أريد إيذاء أحد على الإطلاق والكثير يشهدون لي بحسن الخلق. تمت خطبتي مرتين مع وجود ترحيب من الطرف الآخر شخصاً وعائلة ولكني بعد فتره أنسحب دون كلمة واحدة تاركاً خلفي كل شيء مدعياً لنفسي أني لا أرغب في زواج الصالونات وأنه غير مناسب لي، ولقد أضرني هذا كثيراً مادياً وكذلك اجتماعياً، حيث أني أحرجت عائلتي كثيراً بانسحابي دون مبرر واضح من وجهة نظرهم.
* لا أستطيع البقاء في عملي أكثر من عام على الأكثر وأتنقل من شركة لأخرى وهكذا، بالرغم أنني أعمل في مدينة صغيرة ومجال محدود، إلا أنني أنجح في إيجاد عمل آخر إذا أردت، ربما لأن الجميع يشهد لي بحرفيتي وإتقاني بغض النظر عن عدم التزامي. دائماً ما تنحصر مشكلتي مع مديري المباشر؛ حيث لا أستطيع ممارسة التملق كما يفعل الآخرون، وإذا كان مديري ذا ضعف مهني وليس شخصي فأنا لا أستطيع احترامه وأصرح بذلك دون الإبقاء على شيء! وغالباً أنسحب أنا من العمل، فأنا لا أحب الكثير من المشاكل وأرى أن العمل يجب أن يكون ممتعاً وإلا ليس لي به من حاجة، علماً أنني بدأت أعاني مادياً بوجود الكثير من الالتزمات من إيجار سكن وقسط سيارة، حيث أني أرفض أن أعيش في مستوىً متدني، حيث أرى أن الله لم يخلقنا لنعيش تحت ذل الحاجة.
منذ فترة طويلة أصبحت أقضي الكثير من الوقت بلا عمل وليس لي رغبة في معاركة الحياة، وأجد صعوبة في التعامل مع الناس وأستغرب لماذا هم هكذا!.
* أقضي الكثير من الوقت ملازماً المنزل، حيث أشعر بارتياح في البعد عن البشر متنقلاً ما بين القراءة ومشاهدة التلفاز، وكذلك البحث في الانترنت، ولكن للحق فإني لا أستسلم لتلك الحالة حيث أخرج كل يومين أو ثلاثة للجلوس مع صديق والسير قليلاً، وفي بعض الأحيان لقضاء الصلاة في المسجد.
أنا سعيد في حياتي وحيداً في البيت، لكن ما ينغص عليّ هذه السعادة تركي لالتزماتي الاجتماعية، وكذلك فقدي لمباهج الحياة خارج المنزل، وتقصيري في أداء دوري نحو المجتمع ونحو نفسي، على سبيل المثال: رخصة قيادتي منتهية منذ ستة أشهر ولم أجددها بالرغم من أنني بلا عمل منذ خمسة أشهر وأملك الكثير من الوقت، ولكن كل يوم أقول غداً وغداً لا يأتي! وأعلم أنني سأجددها فقط عندما أضبط وتؤخذ مني بعد دفع الغرامة، لماذا أنا هكذا ولماذا أنتظر الإيذاء لنفسي؟ وعلى الجانب الآخر غذا مارست حياة اجتماعية طبيعية فإنني أفتقد توازني الداخلي وهذا بدوره ينغص عليّ حياتي، فأنا دائماً ما بين المطرقة والسندان.
* من ناحية الله فقد التزمت كما قلت سابقاً بتعاليمه جلّ شأنه؛ فلم أمارس الجنس منذ خمس سنوات حيث أنني كنت معتاداً على اتخاذ رفيقة، وكما أسلفت فإنني لا أستطيع الحفاظ عليها لوقت طويل لأنصرف عنها وأجد الأخرى، وتلك الحياة كانت سهلة حيث أني قضيت بعض الوقت في دولة غربية وكذلك في مدينتي السياحية ذو الطابع الأوروبي بمصر، مع ألمي الشديد لقولي هذا كمسلم في بلد مسلم، فليرحمنا الله جميعاً.
في أول ثلاث سنوات من التزامي نأيت بنفسي عن كل ذلك، ولكن في الفترة الأخيرة -ما يقارب السنة والنصف- توقفت عن صلاة الفجر في ميقاتها، وأحياناً أتوقف عن الصلاة كلية لمدة أيام وأبقى بالمنزل مدخناً الحشيش متقلباً ما بين النوم واليقظة أمام التلفاز مغلقاً هاتفي مع شعور قوي بعدم الراحة فيما أفعل، وأهرب من كل ما يدعو لله حيث أتنقل بالريموت سريعاً عندما تأتي بالصدفة قناة دينية، أو غلقى لهاتفي لعدم رغبتي في الحديث مع أمي وإخوتي أو أصدقائي، وكل هذا ليس كراهية بل هو أكثر منه خجل من الله والأهل والأصدقاء، ومحاولة مني للاستمتاع المزيف بما أفعل بالبعد عمّا أراه زيفاً منغصات، وأعود ثانية مستغفراً ربي طالباً منه المدد... وهكذا مكرراً ذلك مراراً وتكراراً، وإذا استمرت حالة العصيان فترة أكبر فلا يمسكني عنها إلا القسم على كتاب الله بعدم إتيان ذلك مرة أخرى ولكن لضعفي وخوفي من عدم الوفاء بما عاهدت الله عليه فإنني أحدد مدة الانقطاع بشهر -أقل أو أكثر- آملاً المدد من الله لإصلاح حالي ونشر رحمته عليّ وأن يهيئ لي من أمري رشداً. وفي تلك المدة أسمع القرآن وأستعذبه متاثراً باكياً ولكني أترك الصلاة على ميقاتها، وأحياناً أخرى أترك بعض الفروض. لكن والحمد لله وضعت خطوطاً حمراء لا أتعداها؛ فلم اقرب الزنى أو الخمر أو الكذب أو السرقة، وإن كنت في بعض الأحيان أهول في سردي لقصة ما ولا أعتبره كذباً ولكن تشويقاً للمتلقي أو إضفاء أهمية على ذاتي. وبعدي عن الزنى قابله ممارسة للعادة السرية، وفي بعض الأحيان الإسراف فيها، ولا يمسكني عنها غير كتاب الله، وأفعل معها ما أفعله مع تدخين الحشيش من قسم وانتظار عون الله بإرساله من أحب وليس من هو مناسب فقط.
* وفي فترات أخرى -لكنها قليلة- تتغير نظرتي وأحاول وضع هدف وبرنامج لحياتي، وأختلط مع خلق الله على اختلافهم، ولكن سرعان ما يتلاشى كل شيء.
* ذو مزاج غاضب وناقم معظم الوقت، وإن كنت لا أظهره حفاظاً على من حولي عملاً بـ "إن كنت فظّاً غليظ القلب...". متقلب المزاج بشكل أعتقد أنه كارثي، دائم النقد وأرى عيوب الأشياء والأشخاص قبل مزاياهم وإن كنت لا أصرح بها كلية لمن أحبهم وأهتم بهم، ولكن أفعل هذا كلية وبلا تحفظ مع الأشياء فأنا أستطيع أن أرى بقعه متناهيه الصغر في أجمل اللوحات الفنية وأكثرها عبقرية!.
* هل اتخاذ قرار بسيط جداً من فعل شيء في صالحي مهما كان صغيراً يأخذ مني كل هذا المجهود؟ فأنا أعجب لأمري وأشعر بالسخافة في بعض الأحيان، وأحيان أخرى أشعر أني ببساطة هكذا ويجب أن أتكيف مع طبيعتي الشخصية ولا أجلد نفسي وأترك الأمور تسير على ما تأتي به من وتيرة، فاليوم هكذا وغداً شأن آخر ويجب مسايرة كل الحالات.
أهتم بالسياسة، والدين، والفن، والأخلاق. أرى الظلم والتجبر وعدم تكافؤ الفرص؛ أرى الأخرق رئيساً، والمنافق مخلصاً ولكن فقط للأخرق، السفيه حكيماً، والسطحي كاتباً ومذيعاً، وذو الأفق الضيق عالماً، والأغبياء رؤسائي في العمل، وأشعر بالعجز في عمل أي شيء حتى في تغيير ذاتي فهل أنا مثلهم مجرد طبلة ذو صوت عالٍ لكنها جوفاء... يقلقني هذا كثيراً.
منذ سبع سنوات لجأت لأحد الأطباء ووصف لي بعض الأدوية بجرعات صغيرة جداً ولكني انقطعت عنها برغبتي، ولم أعاود تلك الطبيبة مرة أخرى، فمن إحدى قناعاتي أن بالفعل يوجد مرض نفسي ولكن الوساوس الشيطانية وضغوط وطبيعة حياة المجتمع هي المسؤولة عنه بنسبة 70% إذا لم يكن هناك تغيرات فسيولوجية وكيمائية واضحة وملموسة بجسم الإنسان، وأن الشخص الوحيد المسؤول عن العلاج هو صاحب النفس والمرض معاً وذلك بمساعدة الله وليس الأدوية، لكني تعبت وربما أكون مخطئاً في تلك القناعة ولذلك قررت الكتابة لكم.
رجاء إذا قررتم إني مريض ولا بد أن أخضع لدواء فليكن نوعاً واحداً، حيث لا أريد أكثر من هذا بجرعة واحدة يومياً. بالرغم مما تبدو عليه رسالتي من سوء، حتى أني فوجئت بمشاعري تلك عندما استرسلت محللاً واضعاً إياها على الورق، وعندما قرأتها كقطعة واحدة هالني سوء نفسي ووضاعتها، ولكن لا أشعر بأنني في حالة متأخرة حيث ما زالت هناك بعض المباهج والقليل القليل من الأهداف!.
لكن ما أعلمه يقيناً أنني لا أريد الاستمرار هكذا، ويكفي ما ضاع فأنا في السادسة والثلاثين ولم أنجز شيئاً يذكر.
غاية الأسف للإطالة ولكني في حاجة للمساعدة.
شكراً والسلام.
27/6/2009
رد المستشار
الأخ السائل "آدم" المحترم، السلام عليكم ورحمة والله وبركاته،
يتضح من رسالتكم أنكم متقلبون لا تستقرون في عمل، مع ذكركم وساوس شيطانية إضافة إلى الملل وتغيير العمل رغم نجاحكم، ودائماً تجعل المسؤول نصب عينيك، والهروب من المسؤولية -فأنت مثلاً انسحبت في خطبتين-، كما أنكم تفتشون عن مثالب الآخرين لتضعها عذراً لترك الحبيب أو الزميل أو العمل، ثم تدخينك الحشيش.
يتبين أنك من البداية لديك مشكلة مع الشخص الذي يمثل سلطة الأب، وهذا ما يجعلك غير قادر على التوافق مع مسؤوليك، وتوضح قصتك أن شخصيتك تسمى العدائية السلبية والتي أعتقد أنها وراء كثير من مشاكلك وعدم ثباتك على أمر passive aggressive personality هي في كثير من الأحيان تسبب لك المتاعب، كما أن ورود كلمة "الوساوس الشيطانية" هل هي وساوس قهرية أم لا؟.
إن استخدام الحشيش لفترة طويلة هو أحد الطرق للهروب من الألم النفسي والذي يؤدي بعد استخدام طويل إلى تناذر انعدام الدافعية، أنصحك بمراجعة طبيب نفسي واتباع نظام تلزم نفسك به.
مع احترامي وتمنياتي لك بالسلامة والصحة الدائمة.