أوهام عربية يحبني ويتزوجني ويحب أطفالي م
خلطة فوزية وخلطة نبوية.. وخلطة رشا ورنا وغيرها من الخلطات الكثير في مجتمع كثر فيه خلط المفاهيم وضيق الأفق والإدراك، والحد من التفكير في إطارٍ زركش بأغلفة دين قويم. خلطات ساهم في تركيبها مجتمع بأكمله بذكوره وإناثه، وساهم في تعقيد تركيباتها الكيميائية خلط آخر في تمييز الصواب من الخطأ.
تولد حواء وتأتي إلى الدنيا لتذكر في كل لحظة وأخرى بأنها يجب أن تسير وفق نطاق حدده لها الجميع يتصدره الحد من القدرات والأفكار والحريات، لا لشيء سوى ليتم إثبات آدميتها عبر عريس منتظر ولا شي آخر... لا موهبتها ولا قدراتها تشفع لها باختيار طريق آخر لإثبات الذات، فبِنَيلها لقب الحرم المصون سيسمح لها باقتناء عقار الخصوصية الذي سيسمح لها بالستر والاختيار وتقرير المصير وتقييم الأمور، فهي تلك الأمور التي لا تروق للمهدي المنتظر! والذي قد لا يأتي إلى أن يتوفاها البارئ الكريم.
فتاة في ال14 من عمرها، في عمر الزهور، موهوبة في تجميل مثيلاتها من الفتيات بمساحيق التجميل... باتت مقصداً للصديقات والقريبات في كل مناسبةٍ وكل احتفال... لتدفعها الفطرة العقلية باستغلال هذه الموهبة بتخصيص جزء من حجرة نومها كصالون صغير للتجميل وتصبح بعده شخصاً قد زاد من صقل مواهبه باستقلالٍ مادي وتحقيق ذاتي يصطدم برفض قاطع من الوالد الفاضل الكريم (فالناس حتقول علينا إيه؟؟؟) والذين لهم دور فعّال في قدوم المهدي المنتظر عندما يطلب يدها؟!
وأخرى تغلبت على الصعوبات والمعوقات النفسية والعقلية لتجتاز الثانوية بامتياز لا يضاهيه مثيل في قسمها ومدرستها، لتثبت للجميع ذاتها التي تستحق التقدير بسفر يملك جميع مقوماته رب الأسرة، الذي يرفض بدوره الأبوي الأدرى بمصلحة هذا المخلوق القاصر فكرة السفرن فماذا سيقول عنها المهدي المنتظر؟! والمنتظر من كل أفراد العائلة؟ فبسفرها سيشك بها المهدي، لن يأتي ولن يكون منتظراً!!! في حين أنها ترى أخاها الذي وبالكاد اجتاز الثانوية يسافر لتحقيق ذاته ليعوض فشله، فالمهدية المنتظِرة ستقبل به أياً كان فعله لتفوز بالاستقلال الذي سيتوج بحفل مسرف جماهيري كبير، فاللقب وبكل حق يستحق كل هذه النفقات، هو اللقب الذي كابدت وتحاملت على وأد ذاتها من أجله!! قد يحتفل الجميع طرباً مع معازف هذا الزخم الهائل، وقد يحتفل الوالدان لأسباب أخرى، أما هي فتحتفل بالشهادة دون أن تدري.
وأخرى عصفت بها أحداث الأيام والقلوب، ومرت أعوامها مرّ الشهب وباتت على مشارف العقد الثالث أو الرابع من العمر تختلس كل فرصة سانحة للتملص من نظرات الاستنكار التي يرمقها بها كل شخص لعدم نيلها شهادة الأهلية الآدمية، والتي لا تأتي إلا بالاقتران بالمهدي.. تعصف بها أفكار الرد على الاستفسارات قبيل كل مواجهة لزائر أو قريب يتسنى لأبويها دعوته، مع كبت الرغبة في نيل مسكن مستقل تختبئ وراء جدرانه من عار فشلها في نيل الشهادة، فكيف يكون لها مسكن مستقل؟! حاشا لله وإلا كان عدم مجيء المهدي المنتظر حالة مؤكدة!.
هو ليس منتظراً فقط.. فهو هادٍ أيضاً؛ يهدي من تقترن به أياً كانت تصرفاته لطريقة استعمال الشهادة التي سيسحبها منها إن وسوست لها نفسها بتركه! فهل تتركه وتترك الشهادة التي عانت ما يقارب العقدين من الزمن لنيلها؟ بالطبع لا، كل وسائل توكيد الذات الأخرى لن ترقى لفعالية شهادة المنتظر التي سلبت منها... ويا للأسف!!!
وأخرى تأتيها فرصة نادرة للعمل مع أحد أشهر الشباب المتدينين المصلحين المجددين في عصرنا، فيرفض الأب الفاضل الكريم ذلك حرصاً يشاد به على مستقبل ابنته، فماذا سيقول العريس أو المهدي المنتظر؟؟ هذا بالتأكيد لن يروق له وبذلك لن يأتي، ولا مجال هنا للسؤال عن فائدة التربية إن كان الوالد يتخذ قرارات مصيرية نيابة عن ابنته التي قاربت أعوامها على بلوغ ربع قرن... وغيرها وغيرها الكثيرات.
ماذا تتوقعون ممن كابد وصابر واصطبر واحتبس الأنفاس أن يتوقع جائزة لصبره واصطباره سوى الجنة! والني تتمثل في المهدي الذي يمطر هذا العبد الصالح بالحنان والمال والدفء والفراش الوثير؟ لا عبادة في الجنة.. فكيف تطالبون هذا العبد الصالح أن يواصل عبادته حتى بعد دخوله الجنة؟ هنا يكتشف هذا العبد الصالح أن هذه الجنة الموثقة بالشهادة المهدية ما هي إلا بداية لنيل الجنة الأبدية عند سدرة المنتهى.. هنا يكتشف هذا العبد الصالح سبب خلقته الحقيقية وهي إعمار هذا المهدي الذي انتُظِر والذي بدوره سيعمر الأرض.. ولا يجوز حينها لهذا العبد الصالح أن يستفسر عن مصدر تلك المعلومة الرائجة والتي لم يجد لها نصاً قرآنياً أو نبوياً واحداً وإنما وجد نصها في لفافات مقرطسة لبعض فلاسفة قرون ما قبل الميلاد!!
كم المهدي معمر للأرض!! فها هو أشهر رجال الإصلاح والتي تحفل به الشاشات ويهتف له ملاين الشباب يؤكد على هذه المعلومة التي وثقت بلفظه لها... وإن كان يستدل دوماً بالآيات النبوية والأحاديث الشريفة إنما في هذا الموضع تكفي البديهة الظالمة الخرقاء ولا داعي للبحث عن النص الديني، الذي إن وجد فمصيره تفسير مجحف من هذا أو ذاك. ولا مجال للقول بأن كليهما، العبد الصالح والمهدي المنتظر، خلقا لإعمار الأرض، وأن لخلق كل منهما دعماً للآخر تماشياً مع النصوص التي تُجمع بعدل الواحد الأحد القهار! ولا داعي للاستفسار عن سبب تأهيل الرب القدير لذلك العبد الصالح بمواهب وهوايات وقدرات ما دام الغرض من خلقه إعمار المهدي المنتظر فقط، ليأتيك الجواب أن هذه المواهب والقدرات ما هي إلا مؤهلات وجدت أيضاً لإعمار المهدي المنتظر والذي يؤكد الواقع في كثير من الحالات أنه لا يعمر الأرض وإنما يعمر نفسه فقط.
المهدي المنتظر مهم لذلك العبد الصالح فهو سبيله للوصول إلى الجنة التي عند سدرة المنتهى؟؟ أليس من المتوقع لهذا العبد الصالح أن يتوقع أن يكون سبب وجوده في هذا الكون والمتجسد في ذلك المهدي جنة مصغرة؟ تكريماً لذلك العبد الصالح الذي جعل جملة (وراء كل رجل عظيم امرأة) تمر مرور الكرام.. دون الالتفات إلى زركشة الجمل لضمان صمت هذا العبد الصالح وإيهامه بجمال كونه وراء الأضواء دائماً إحكاماً للخلطة!!؟؟
يكابد ذلك العبد بعد ذلك الاكتشاف لسبب الوجود في بذل المزيد للمضي قدما في إعمار المهدي المنتظر عن طريق استغراق (جميع) أوقات فراغه في لف ورق العنب وحشي المحشي أمام شاشات التلفاز.. ذاك المحشي يشد من عود المهدي الذي انتظِر.. وبالمساهمة في شد عوده تتحقق جنة المأوى!!. ولا مجال لتطوير الذات هنا وإثارة المشاكل بسبب ذلك وإلا بات أمر فقد الشهادة وارداً... وحينها سيتحتم على ذلك العبد الخوض مجدداً في بحر من الأفكار للتملص من نظرات الاستنكار لفقد شهادة الأهلية وأحقية السكن المستقل و.و.....، وتمر العقود... ليصطدم العبد الصالح بأن المهدي قد تركه لمنتظِرة أخرى، ساحباً منه شهادة العمر الأهلية، ليوسوس الشيطان لذلك العبد أنه قد أمضى عقوداً من عمره في الطريق الخطأ، فيستعيذ ذلك العبد من الشيطان ماضياً في طريقة أخرى لنيل شهادة مسيارية تعوضه عن الشهادة المفقودة.
سقيم ذلك الجدال الذي يحاول فيه كل شخص نصرة بني جنسه بعيداً عن التفكير في كيفية استخدام الجنسين كل بمميزاته لإعمار هذا الكون الذي خُلق الجنسان لإعماره. بدا سقم هذا الجدال واضحاً في الفترة التي تم إتحاف جماهير الموقع بمستشار على مدى 3 أعوام يتقن فن المساهمة في تركيبة من تركيبات خلطة فوزية في نصوص مهدية تطل علينا بين الحينة والفينة في سطور منمقة عطرة، تحث ذلك العبد الصالح في المضي قدماً في خلطة فوزية لضمان بقاء الشهادة والمهدي المنتظر، وإن كان ذئباً يرتدي ثوب الفضيلة مقابل توتاً تحتاج غصونه للري.. ليكمل ذاك العبد الصالح مشواره نحو جنة المأوى.
خلطة فوزية هي خلطة خفية حيناً وجلية حيناً آخر، تركيباتها قد تجدها في كتاب أو على لسان متدين إصلاحي أو موقع هادف يتجمهر حولهم الملايين من الناس، وهم لا يدركون أنهم يتجرعون أحد مركبات تلك الخلطة القاتلة!
خلطة فوزية قد بدأت من الأساس في جعل المهدي المنتظر محوراً لكل شيء: للحياة، للسعادة، للشقاء، للغنى والفقر... كيف لا ومركبات الخلطة يتجرعها العبد الصالح منذ رخوة عظامه؟.
هناك استثناءات كثيرة بكل تأكيد تُمثل خلطات زويلية وفقيهية ركبت لإعمار الأرض، لم يسع المقام لذكرها في محاولة لفك طلاسم خلطة فوزية المكتوبة منذ آلاف السنين بلغة أشبه باللغة الآرامية، والتي يستغرب المرء تمكن شعوبنا العربية من قراءتها بكل مهارة رغم انقراض معاني حروفها عند الكثير من الشعوب.
الشعوب العربية باتت شعوباً مزواجية لا تتمعن في أي من معاني سورة التكاثر.. وكأننا بتنا نسخاً أخرى لمخلوقات سُخرت لنا!!! قبل أيام قليلة فاتحت صديقا عربياً مهدياً مغترباً بفكرة عمل تجارة مشتركة بيننا في أحد الدول القريبة ليجيبني متعجباً من تفكيري بأمر كهذا وأني لم أحظ بالمهدي المنتظر بعد!!.
28/6/2009
رد المستشار
للكاتب المسرحي الشهير "كافكا" مسرحية أسماها "المسخ" أو "الحشرة"، وفيها يستيقظ البطل فيكتشف أنه تحول من إنسان إلى كائن يشبه الصرصار، وتحوي هذه المسرحية نقداً عميقاً وجذرياً للحضارة المادية العاصرة والثورة المسماة بالصناعية وتأثيراتها على الناس والمشاعر والعلاقات!!
وعلى حد علمي فإن أحداً من المبدعين أو المبدعات في عالمنا العربي لم يتصد بعد لتشريح وتوصيف ورصد حياتنا بوصفها حياة لا إنسانية، ولا آدمية برغم تعايشنا معها، واعتقادنا الجازم جماعياً بأننا "نعيش"!! مثل بقية البشر، وأنه لا يخلو بشر من مشكلات...إلخ، والمدقق في التفاصيل سيكتشف بسهولة أن تشوهات أنظمة تفكيرنا وإدارة شؤون حياتنا، وعشوائية مسلكنا، وفوضى تقييمنا وتصريفنا لأمورنا، هذه التشوهات تتطلب قدراً من تعمد التشوه الذاتي يرتكبه كل واحد طواعية بوعي أو بغير وعي ليتكيف مع هذه الحياة المشوهة نادرة الوجود في كوكب الأرض، الأمر الذي شجعني ذات مرة على اقتراح إعلان مجتمعاتنا العربية "محميات طبيعية" يأتي إليها الناس من أركان العالم ليتفرجوا على مخلوقات تشبه الآدميين تبدو حريصة على البقاء -أي بقاء- بأي ثمن، وترفض الارتقاء إلى مستوى البشر لأنها تعتقد أن ثمن هذا التغيير فادح، بينما ثمن بقاء الوضع على ما هو عليه أنها تتحور تدريجياً، وتتحول إلى أشباه صراصير!!!
وربما قد استقر في وعيها أنها مستهدفة بالإفناء فهي تقنع من الغنيمة بالبقاء!!
وبكلمة منكم على كلمتنا، وتدريجياً تكتمل صورة المشهد الذي نعيشه، وتعالوا نتأمل:
من يتابع ويقرأ ويحلل أو من عاش بوعي فترة السبعين عاماً الماضية سيعرف أن هناك محاولة عربية للنهضة والانعتاق من التخلف قادتها نخب افتقدت للتكوين والإنضاج اللازم فجاءت هذه المحاولات، وهي تحمل من بذور الفشل وسواد الأفق وكارثية المصائر ما تجلّى وظهر في صورة وقائع أشد مرارة من الكوابيس، بحيث أصبح لكل قطر عربي مخزون أحزان وراء أحزان، وظلام يأس شديد وطويل وكأنه لن ينتهي، وكأن الزمان قد توقف فلا مستقبل إنما فقط إعادة إنتاج للماضي والحاضر يتكرران مثل صورة ثابتة مع تغيير رتوش تفصيلية في أفضل الأحوال!!
كان متوقعاً إذن أن تنكسر وتندحر هذه المحاولات المنقوصة لنهضة طال انتظارها، ومعنى هزيمة هذا المشروع، أو النتيجة الفعلية كانت انتصاراً للرجعية والتخلف الملتحف بملاذ الدين والهوية والخصوصية الثقافية والحضارية، وكلها سيقت وتساق بوصفها تعاويذ للبركة، ومبررات ورخص للإعفاء من المسؤولية في المراجعة والمحاسبة والتجديد والاجتهاد!!
لذلك فإن واقعنا المنهك تقبض عليه بقوة وتحركه بسهولة عجيبة أصابع التخلف والغباء والعشوائية والجهل، وفي هذا السياق نحيا، وأصف أجزاء الصورة!!!
انكفأت المجتمعات العربية منسحبة دون خطة أو نظام كما انسحب جنودنا يوم الخامس والسادس من يونيو 1967م وما تلاهما من تفاصيل تراجع وهزيمة حصلت دون حرب أو مواجهة عسكرية حقيقية، إنما فقط فشل التوقعات، وعجز وتخبط القيادات!!!
وأنت تتحدثين عن طرق التحقق وإثبات الذات للمرأة، ولا أدري ماذا تقصدين في مجتمع انسحب من ميادين العلم والتكنولوجيا، والبحث العلمي، والإبداع بأشكاله العليا.. ولم تبق سوى فلول متناثرة تجاهد لإبراء الذمة، وتحاول بصدق أن تفعل شيئاً، وآخرون يثبتون الذات بالتمرد على المجموع، وعلى تقاليد القبيلة، وأعراف القطيع، ولو كان شكل هذا التمرد أن يلصق الغراب على أجنحته ريش طاووس فلا يبق كما هو غراباً، ولا يصبح طاووساً بالطبع!!! أي نموذج نهضة تتمثلين؟!!
في غياب سبل ما تسمينه تحقيق الذات أو تغييبها، وفي غيبة الارتقاء الإنساني والتمدن والعمران البشري بفنونه وآدابه ومؤسساته وجهوده وأفكاره وأبحاثه وإنتاجه وإبداعه وزخمه، حين يتم تغييب هذا يرتد الناس وينكصون إلى البدائيات، وهي في حالة البشر حاجات بيولوجية أو نفسية أو اجتماعية بسيطة تحتفظ بأشكال الوظائف مثل الزواج والإنجاب دون الهدف الأعمق من هذه الأفعال، فما كان الزواج مقصوداً لذاته، وما كان الجسد مقدساً في ذاته، وحتى الحياة نفسها إنما كانت سبيلاً للسعادة، ومجالاً للامتحان، لكنها في حالتنا المعاصرة صارت شيئاً مختلفاً، ومسخاً مشوهاً!!! فما هو الأفق الذي إليه تتطلعين؟!
متوقع إذن أن يتحول الزواج إلى "المصير" و"المشروع" والفرجة الكبرى والحادث السعيد وسبيل التحقق الوحيد المنتظر، ومن بعده الإنجاب طبعاً!! ولم يعد أحد يطبخ يا فاضلة؟!! بقيت الصورة والطقوس والتعاويذ والأشكال، والجوهر فشل وخراب إلا ما رحم الله!! والطبخ مهارة وليس عيباً في ذاته.
ويمكن في مناسبات أخرى أن أتساءل عن طموحات حواء المعاصرة والعربية في تحقيق الذات لأنني أعتقد أنها صارت طامعة جداً في الكثير جداً، وتصرخ وتطالب دون استعداد لخوض معركة التغيير العام، الأمر الذي أدى إلى مكاسب جزئية متناثرة في قوانين وتشريعات وإجراءات تبدو منتصرة للمرأة بينما هي فقط مجرد زخرفة فوق صفائح القمامة، أو نقش بالحناء الجميلة فوق لحم يحترق، مثلما كان نصيبنا من هوجة تطوير تعليمي مجرد عبارة مكتوبة بخط جميل على سور كل مدرسة: مدرستنا نظيفة جميلة ومتطورة ومنتجة!! وهكذا مجتمعاتنا كما تبدو على صفحات جرائد الحكومات، وتصريحات المسؤولين، ومديح الزعماء لشعوب نعلم جميعاً أحوالها!!
مربط الفرس أن حواء العربية وآدم العربي يتكيفان مع كل هذا الكلام الكارثي النكد ولذلك فهما يتشوهان معاً، وتتحول الحياة إلى مسخ، والعلاقات إلى مسخ، والأسرة صارت شيئا مضحكاً وعاجزاً أقرب للبلاهة والتأخر العقلي منه إلى السكن الذي أراده الله سبحانه لها!!!
حواء العربية تتأقلم وتتكيف تحت الضغوط، وتتزوج بشكل بهلواني عشوائي وغير عقلاني بحثاً عن أهداف في رأسها أو هروباً من ضغوط تخنقها، وشريكها في هذه اللعبة الخاسرة يلعب دوره في الرواية العبثية متقمصاً دور "الزناتي خليفة" أو "المهدي المنتظر" الذي تكذب حواء وتسكب دموع الحزن أو الفرح، وتدبج سطوراً وآهات المشاعر الكاذبة لإتقان مباراة الخداع المتبادل، والتهريج الجماعي!! وتتمرد نماذج قليلة، وتتزوج أغلبية ما، وفي مرحلة لاحقة ستكتشف حواء العربية، ويالحسرة القلب المسكين، أن أهلها ضغطوا عليها، والمجتمع لاحقها وضربها على يديها لتضع قناع الحياء المصطنع، وتتكيف مع مطالب القبيلة، وتقول في غنج ونعومة: نعم موافقة..."زوجتك نفسي"!!
وبعد أن تحصل حواء على ما تحقق به نفسها طبقاً لتقاليد القطيع من زواج وإنجاب تلتف في مرحلة لاحقة، وتنسى ما حصل وتتمرد على"المهدي"... وهي وضميرها !! بعضهن يتخذن "أنتيماً"، أو علاقة خارج الزواج، ولا تبحث عن الطلاق من أساسه لأنه عار في عرف قبيلتنا، أو هكذا تلعب حواء العربية لعبة تقاليد المجتمع حين تريد، وتتمرد عليها حين تستطيع!! تطالب بحقوق مثل المرأة العصرية أو الأوروبية وغير مستعدة للتنازل عن المزايا القديمة التقليدية!! وهي في الحالتين تتشوه كما يتشوه آدم سواءً بسواء!!
إحداهن تزوجت وأنجبت ثم بعد عدة سنوات حاولت فيها التأقلم مع عيوب زوجها -من وجهة نظرها- لكنها فشلت حتى الآن، ولذلك قررت دفعة إلى طلاقها بادعاء الجنون!! وأخريات يندمجن في الدروشة، أو عقاقير الاكتئاب، وبعضهن يختزن محاولات تحقيق ذات مشوشة ومتأخرة عبر أنشطة قد تكون على حساب الأسرة، وقد يرفضها المهدي لأن دوره في اللعبة أن يكون دوماً ضاغطاً وقاسياً، وألا يقول غير كلمة:"لا"!!
أدم يتعلم ويفقد مجده القديم وتترنح حواء العربية وتتخبط وتفقد توازنها في مجتمعات فاقدة للوعي والأهلية، مختلطة العقل والمعايير، مشوشة التفكير والمعالم، ولا أحسب أن لعبة صراع رجال/ نساء تصل بنا إلى أي حل ولا شاطئ غير السراب المتجدد لمن يحبونه!
يا فاضلة، نحن مجرمون وضحايا في نفس الوقت، وأي قدر معقول من الإنصاف والعمق سيكتشف فوراً أن مناصرة الرجال ضد النساء أو النساء ضد الرجال، هي محض وقوف في الجانب الخاطئ، وربما لن ننعتق من كوارثنا ما لم نتخلص من أساطير محشوة بها عقولنا، وفيض تحليلات وتوصيفات سطحية سهلة وشائعة، وكلمات تلتها ألسنة وأفواه نخب مسكينة لا تقل بؤسنا عمن تتحدثين عنهم من أنصار التخلف، والمدافعين عن الجاهلية التي نعيشها باسم الدين أو العنصرية!!
إلى هنا واسمحي لي أن أكتفي بالاسترسال الذي أخذتني كلماتك إليه دون أن أتعب تفكيري، أو أستقصي وأتحرى لأعرف من هو: أشهر رجال الإصلاح؟! ومن هو المستشار الذئب الذي تقصدين؟! أو بقية طلاسم ألغازك!!!
وربما يفيد التذكير بأنه ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى- فلا عذر لمجرمة في حق نفسها أو ربها، وإن اشترك معها آخرون في الجريمة كما فصلنا في حديثنا عن "المجرم الأخير"، وعندي فإن تضييع الوقت والجهد في لعبة مناصرة نساء مقهورات في مواجهة رجال جبارين، أو العكس، لن تؤدي بنا إلى شيء غير المزيد من دورات حياة الصراصير التي نعيشها، والتي نسيت ما درسته عنها في علم الأحياء منذ أكثر من ثلاثة عقود، نسيت هل في الصراصير ذكوراً وإناثاً أم أنها ثنائية الجنس!!! عموماً الفارق لا يبدو كبيراً طالما المصير هو السحق تحت النعال، وتحياتي.