الوحدة وما أدراك ما الوحدة
تعليقاً على رسالة الصديقة الصغيرة التي أصبحت في مقتبل العمر لكن لا تعلم كيف تستمتع به وتعيشه.
معك الحق في ألمك وإحساسك بالوحدة وسط الناس وهذا الإحساس سبق وشعرت أنا به عندما وصلت في مرحلة من المراحل لدرجة عدم استطاعتي تكييف نفسي مع الواقع والاكتفاء بالانزواء والانحباس بداخلي دون أن يشعر أحد بهذا، لكن من الخاسر في هذا الموقف؟ بالطبع كان أنا كما أنه أنت الآن.
بالطبع تحتاجين للشعور بالمشاركة والأمان لتستطيعي الخروج من هذه الغرفة المغلقة ولكن، هل تنتظرين أحداً ليساعدك؟ ربما يأتي وربما لا! ماذا لو بدأت أنت بالوقوف مع نفسك وإشعارها بالأمان! ألست أنت الأولى بمساعدة نفسك؟ صدقيني لا بد أن تقفي بجوار نفسك أولاً لتجدي من يقف بجانبك بعد ذلك، وحاولي قدر المستطاع ألا تضيّعي سنوات عمرك في الوحدة والألم.
أنت الآن في مقتبل عمر جميل بإذن الله وستواجهين الكثير، فهذه طبيعة الحياة فحاولي ألا تبددي طاقتك الآن.
لا أقول لك هذا الكلام مجرد كلام، فقد مررت بأوقات مثلك وكنت في البداية أستطيع أن أقف مع نفسي إلى أن وصلت لدرجة عجزت أو بمعنى أصح استسلمت فيها للوحدة والهروب، فوقفت وشعرت أن حياتي لا أستمتع بها ولا أعيشها، فمتى سأستفيد منها؟ بعد أن تضيع ولا أستطيع؟.
صدقيني ابدأي مع نفسك أولاً ووجهي ما بداخلك لفائدتك، وستجدين أيضاً القدرة أكثر على الوقوف مع غيرك، ولكن ليس للهروب من نفسك.
أعانك الله.
11/7/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أهلاً بك د. ريناد وشكراً على مشاركتك ابنتنا خبرتك الشخصية وحرصك على توجهيها معنا. سبحان من ركب فينا حرصاً ذاتياً على حياتنا ومصلحتنا، قد يعتقد البعض خطأً أحياناً أنها تتحقق من خلال اجتناب الناس والحياة.
خلق الإنسان في كَبَد، ولكن من خلقه وقدّر عليه هذا خلق فيه قدرات تدفعه وتعينه على تجاوز العقبات بغض النظر عن نوعها، الخروج للحياة يعني السعي للتغلب على ما فيها من مصاعب، وكل نجاح فيها يعزز ثقتنا بأنفسنا، وكل فشل يكسبنا خبرة لنتجنبه في الخطوات القادمة من الحياة.
ومن يقرر اعتزال الحياة هرباً من ضغوطها ومشكلاتها تصبح مشكلاته داخلية فهو لديه طاقة نفسية ورغبات ودوافع عطلت بسبب انسحابه من الحياة فارتدت عليه مسببة له الألم.
لكن إن فرضت علينا هذه الوحدة لظروف خارجة عن إرادتنا يجب أن تكون لنا قدرة على الاستقلال والتحمل، ولن نكتسب هذه القدرة إلا من خلال خوض فرص الحياة المتاحة أمامنا.