موسوس من العيار الثقيل متابعة2
وسواس قهري من العيار الثقيل- عقد اتفاق2
الدكتور وائل يأخذ نفسا عميقا، ويستعد لقراءة كاتب لا يمل الكتابة.
السهم: واحد، اثنان، ثلاثة..... انطلق.
حينما أخبرني طبيبي بأني يجب أن أدخل المستشفى تبادر إلى ذهني أني سأدخل إلى مستشفى الأمراض العقلية الموجود في عمان، أي ما نسميه في الشام "العصفورية".
فطبيبي أخبرني أنه سيأتيني في كل يوم خمسة أشخاص لخمسة صلوات لكي نطبق العلاج السلوكي في الوضوء والصلاة، ومستشفانا الجامعي الكبير ليس فيه معالج سلوكي واحد (اختصاصي علم نفس سريري) فضلا عن خمسة، كل ما فيه 3 أطباء مختصين، و3أطباء مقيمين، يعملون في غرفتين، تسميان في المستشفى بالعيادة النفسية.
ومن ناحيتي لم يكن لدي مانع -كما أخبرتك- من دخول "العصفورية"، لكن طبيبي خيّب ظني، إذ أن مكاني كان في الطابق العاشر من المستشفى (قسم الباطنية)، وفي غرفتي شخص مصاب بالجلطة -عافانا الله وإياكم-، وآخر بالتهاب البنكرياس، ومدمن لامترال!!
وكل ما تعلمته من العلاج السلوكي في إقامتي في المستشفى هو أن يأتيني ممرض كل ستة ساعات ليقيس لي ضغطي وحرارتي، اللهم إلا أن يأتيني طبيب مقيم عند الثانية ظهرا لأتوضأ وأصلي أمامه، ثم نتحدث قليلا. وغالبا بعد أن ينتهي أذهب أنا لقضاء صلوات اليوم السابق، إذ أكون تركتها خوفا من مواجهة الوضوء. أي أنني كنت أمارس أشد أنواع الوسواس التجنبي، في الوقت الذي ينبغي أن أكون فيه تحت العناية المشددة، وأمارس أكثف أنواع العلاج السلوكي. الحمد لله على كل حال.
المهم أنني خرجت بعد أسبوع، وعدت لأهلي مدة أسبوع تقريبا، ثم هاأنا ذا في الأردن لأخذ الفصل الصيفي.
الخلاصة:
* أسبوع من تضييع الوقت.
* لا فائدة مجنية فأنا منذ وصولي للأردن بتاريخ 8-7 إلى اللحظة الحالية صليت 10 صلوات فقط.
* 200 ملجم أنفرانيل يقومون بتسخين الحديد لكي أضربه، ولكني أجبن عن مواجهة وضوئي، وأترك أنفرانيل "يغني في الطاحون".
* أنفرانيل أصبح لا يسبب النعاس ولله الحمد (يبدو أن نعاسي الشديد كان بسبب اجتماع الأنفرانيل مع نقص فيتامينB12 الذي كان لدي 162).
هذا كان لكم، أما ما هو لي فهو تجربة مريرة أمر بها اليوم، كانت موجودة سابقا لكن بشكل خفيف.
ما منعني أن أكتب عنها سابقا:
1) لا أعرف كيف أصف شعوري بدقة تجاه هذه التجربة.
2) لا أظن أن لديكم لها علاجا غير العقارات الدوائية.
3) أنها كانت خفيفة ولا تشكل لي مشكلة كبيرة، وكتابتي عنها سترسخها في ذهني، وتجعلني أتعامل معها على أنها موجودة بقوة.
4) ربما -وربما تفيد الشك- أنني كنت أخجل من الحديث عنها.
التجربة هي ما تسمونه وسواس الشذوذ الجنسي:
ما بين المدة والمدة يختار سماحة الوسواس القهري شخصا من زملائي أو أصدقائي ليفتنني به. أتذكر جيدا من فتنت بهم في الثالث المتوسط، وفي الثاني ثانوي، وفي الثالث ثانوي، وفي السنة الأولى الجامعية، وفي السنة الثالثة، وهذه السنة الرابعة.
وطبعا لا بد أن يكون هذا الشخص على قدر متوسط أو كبير من الحسن والبهاء. وعندما يكون المفتتن به شخصا عزيزا علي تكون المعاناة أكبر.
ما هي المعاناة تحديدا؟ هذا ما لا أعرف كيف أصفه. لكني سأصف ما حدث يوم الأربعاء الماضي.
سكنا سويا لستة أشهر دون أن يكون هناك أي مشاكل، ثم انتقل عنّي لمجيء أخيه. في البداية كان الأمر شوقا عاديا، فأنا لا أنكر أنني أحببته لحسن عشرته، بل أنا لا أخفي عليه هذه المحبة بل أخبره بها برسائلي الشعرية بين الفينة والأخرى.
المسألة تعدت الشوق إلى أن صرت أفكر فيه في محاضراتي أثناء شرح الدكتور..وهذا بدأ يظهر مع بدايات ترك الدواء. ثم صرت أراقب نفسي، وأكون متحفظا جدا عند لقائه، بل كنت في اللقاء الأخير واجما تماما في حين كان يظن هو أن صمتي صمت حكمة فهو ورفاقي كانوا يخوضون في موضوعات سخيفة وجدل عقيم.
المهم هو ما حصل يوم الأربعاء:
لأول مرة نكون سويا في مختبر واحد في الجامعة _نفس المختبر لكننا لا نعمل سويا_.
أنا مضطرب أثناء الشرح، لا أركز، أحاول أن أطرده من بالي، كلما وقعت عيني عليه أغض بصري وهو لا يلاحظ هذا فهو منهمك في عمله.
عدت إلى البيت متعب الجسم، منهك الفكر، وجلست أخيرا للدعاء، وبكيت لأول مرة منذ أشهر، بكيت وبكيت قرابة 35دقيقة من نوبات البكاء، وبعد أول نوبات البكاء تمددت فبدأ التنميل على يدي اليمنى ووجهي وأنفي، ولساني,, وفي جلسة البكاء التي كانت اليوم تنميل في كلتا يدي وأذنيّ ولساني!!
أريد أن أعرف ما الذي يحصل معي؟؟ وهل منه خلاص؟
معذرة عن الإطالة، وعن الارتباك في القسم الثاني من الرسالة، فأذان المغرب اقترب، وأنا لم أصل بعد، لذا بدأت أتوتر.
لعلك دكتور وائل بعد هذا الارتباك ستغير رأيك الذي عبرت عنه بــ(مخك منظم جدا يا سهم)، هذه العبارة التي سيكون لي معها وقفة -إن شاء الله- في معركة أخرى.
سأكون سعيدا إذا اطلعت الأستاذة رفيف على رسالتي وأبدت رأيها.
* هو طالب متميز، بل من أوائل القسم في تخصصه الصعب.
وهذه بالنسبة لي مشكلة أخرى، فبعد أن كنت متزنا واقعيا، أصبحت أغار منه -إن صح التعبير-، وأقارن بــــيــــنـــه وبيني.
19/07/2009
رد المستشار
الابن العزيز "أبو أنس (السهم)" الحقيقة أنني سعيد برسائلك قدر حزني لاستمرار معاناتك مع الوسواس بكافة أشكاله لا سيما القهري منها......
مبدئيا -وبعد إذنك- أطلب منك أن توصل شكري واحترامي وتقديري للطبيب أو الأطباء النفسانيين العرب الذين قاموا بهكذا محاولة لمساعدتك وفي المستشفى الجامعي بالمجان هؤلاء بالتأكيد مجاهدون في سبيل الله في حدود تخصصهم.. أدعو الله أن يوفقهم وأن يزيل من طريقهم كل ما يثبطهم....
يا "سهم" ليتك تتعاون معهم فلا تسلم بأن الأسبوع الذي قضيته في المستشفى ضاع وإنما اعتبره كان بداية على الطريق الصحيح بغرض مساعدتك ومساعدة كثيرين من أمثالك من الموسوسين.... صدقني يا ولدي.... لن يفيدك كثيرا أسلوبك الساخر حين ينتقل إلى مرتبة السيادة على التفكير، وأنا أعرف فيك نزعة عالية للسخرية يا سهم يا ابني!
صحيح أن كل الانتقادات ونقاط القصور التي أشرت إليها في ذلك الملجأ العلاجي الذي وضعك فيه طبيبك النفساني المعالج موجودة لكنك كان يمكن أن تبينها لهم وتساعد على تجاوزها لا أن تستغلها لتمارس احتياطات أمانك هربا من مواجهة ما يثير وساوسك بينما العلاج السلوكي يبدأ حينما تبدأ يا ولدي في مواجهة ما يثير وساوسك بل وربما تضخيمه وتهويله ثم مواجهته -لا الابتعاد عنه يا "سهم"-.....
ولا أدري لماذا ومتى قررت أن تتظاهر بأنك منخرط في العلاج السلوكي بينما أنت تصف حالتك في هذه العبارات (وغالبا بعد أن ينتهي أذهب أنا لقضاء صلوات اليوم السابق، إذ أكون تركتها خوفا من مواجهة الوضوء. أي أنني كنت أمارس أشد أنواع الوسواس التجنبي، في الوقت الذي ينبغي أن أكون فيه تحت العناية المشددة، وأمارس أكثف أنواع العلاج السلوكي) يعني كنت تمثل وتخفي أعراضا مهمة عن معالجيك.. أهكذا يكون سلوكك صحيحا يا بني؟ أنت دخلت المستشفى لتتلقى العلاج لا لتكون مفتشا على أحوال العمل وهذا المتاح من الطيب أن يكون متاحا في مستشفياتنا الجامعية في أي من بلداننا العربية وعلينا تشجيعه لا إحباطه يا سيد "سهم".
في وسواس الشذوذ لم تأت بجديد كثير يا ولدي وكل ما تعانيه هو علامات وسواس الشذوذ كأحد تجليات اضطراب الوسواس القهري الذي هو ابتلاؤك أو جزء منه ولا أدري أليست طريقة العلاج المعرفي السلوكي المشروحة على مجانين تكفيك لكي تكف عن الاستجابة لوساوس الشذوذ بمثل ما وصفت من طرق!
أنصحك أن تضع كل هذه الملفات أمام طبيبك الذي أشرت إليه واتفق معه أنك منذ هذه اللحظة ستساعده في علاج نفسك من الوسواس، واعلمْ أن الله إذا أردت بصدقٍ وإصرار أن تشفى سيعينك سبحانه ويجزيك خيرا في نفس الوقت،
بل مخك منظم يا سهم ما زلت أراه لكنني أتمنى أن تستفيد من قدراته تلك لا أن تضر نفسك يا ولدي، أهلا بك.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>> موسوس من العيار الثقيل مشاركة