السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مشكلتي في الحقيقة لا تتعلق بي ولكن تتعلق بأبي. نحن أسرة صغيرة مترابطة مكونة من أب (عمره 54 عاماً) وأم (عمرها 45 عاماً) وثلاثة أبناء وبنتاً واحدة، أكبرهم عمره 27 عاماً وأصغرهم عمره 20 عاماً.
الحمد لله تربينا على الأخلاق الفاضلة والقيم والدين على الرغم من سفر أبي إلى الخارج لمدة 11 عاماً ولكنه غرس فينا المبادئ الصحيحة من صغرنا، والحمد لله أنهينا جميعاً دراستنا الجامعية، وتزوجت أنا وأختي والحمد لله رزقنا بأولاد، واستقر أبي بعد غربة طويلة في تعليمنا والصرف على نفقاتنا وأدى راسلته معنا على أكمل وجه.
R03;الآن أبي يعيش مع أمي وأخي الصغير الذي أنهى دراسته الجامعية هذا العام، وقد أصيب والدي منذ مدة بمرض السكر ويأخذ أدوية عبارة عن حبوب وما شابه.
اليوم فوجئت برسالة على هاتفي بالخطأ من هاتف والدي والرسالة موجهة إلى امرأة... ذهلت من الرسالة وحاولت أن أكذب ما رأت عيني، ولكن أسلوب كتابة الرسالة هو نفس أسلوب والدي، والرسالة تقول: "بعد السلام عليكم، الرجاء إذا كنت تتضايقين من الاتصال عرفيني وأنا أعدك ألا أتصل، شكراً".
ما فهمته من الرسالة هو أنه يحادث امرأة هاتفياً... شيء كهذا كفيل بهدم حياتنا وقلبها رأساً على عقب بعد 28 سنة زواج من والدتي، كما لا أستطيع الحديث مع والدي لأنه شخص يجمع من الصفات الكثير من المتناقضات، بمعنى أنه عنيد جداً وشديد الصلابة، وفي نفس الوقت حنون جداً ودمعته قريبة!.
لو حاولت التحدث معه في هذا الموضوع من الممكن أن يصاب بانتكاسة صحية خطيرة لأن هذا يهز صورته المثالية أمامنا، وفي الحقيقة فإن والدي هو مثلنا الأعلى في حياتنا كلها، وشيء كهذا كفيل بتحطيم صورته.
بالله عليكم دلوني ماذا أفعل؟.
وشكراً.
19/07/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بارك الله فيك ولداً باراً ورزقك بر أبنائك إن شاء الله. تشكو صدمتك باهتمام والدك بأخرى، ولا أعرف ما الذي حدث فلم تعد علاقة واحدة كافية؟ لماذا لم نعد قادرين نساء ورجالاً على احتواء قلوب شركائنا ومن حولنا في الحياة؟ هل التكنولوجيا التي قربت البعيد شغلتنا في ذات الوقت عن الاهتمام بالقريب؟ هل شيوع الثقافة الفردية على حساب الثقافة الجماعية ثبّت مبدأ "اللهم نفسي" حتى داخل الأسرة الواحدة؟.
أفكار إن لم تكن تعنيك في خضم انشغالك بمشكلتك الشخصية بالدرجة الأولى إلا أنها تعنينا جميعاً مع تكرار هذه الشكوى التي لها جانب أسري غير أنها زوجية بالدرجة الأولى، ولاحظ أنه لم يقصّر في واجبه تجاه أولاده ولكن قلبه يميل بعيداً بحثاً عن شريكة. وفي حين تلوم الثقافة المرأة الأخرى على إفساد العش الآمن، تؤكد الدراسات أن ظهور العلاقات دليل على اضطراب وبرود الزواج فهي عرض للمشكلة لا سبباً فيها.
عليك بأن توجه والدتك بكل الطرق غير المباشرة للاهتمام بنفسها وبعلاقتها به، منوهاً بأن والدك ما زال شاباً وعليه العين، وأن الرجال -البشر عموماً- لا تنتهي حاجتهم للانتباه والاهتمام، وساعدها على حل مشكلاتهم إن كنت قريباً منها.
اعمل من الناحية الأسرية على شغل والدك بكم ومعكم كأسرة كي لا يجد نفسه محتاجاً لسد شعوره بالوحدة والفراغ، وهو ما توحي به سطور رسالته، لقد سمعتها صرخة استغاثة من شخص وحيد والوحدة ليست مادية بل نفسية.
مهما كان سلوك والدك تذكر أنه مسؤول عنه فلا تراجعه بصورة مباشرة، ولكن تقرّب منه كصديق لتتراجع حاجته لغير أسرته، ولعل الله أراد بكم جميعاً خيراً حين ضلّت الرسالة وجهتها فتلقيت أنت إنذاراً بشعور والدك بالوحدة وحاجته للحب، وفي نفس الوقت عدم تلقيه رداً لمثل هذه الرسالة قد يفهمه رداً بالنفي.