وسواس تكبيرة الإحرام له علاج
صحيح أن الوسوسة في تكبيرة الإحرام أمر يشق على المصلي حتى يفوّت الشيطان عليه ركعة أو الفاتحة، وإن استرسل مع الوساوس فسوف يفوّت عليه الصلاة جماعة أو إلى أن يخرج الوقت، فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرّجيم والأذكار والاستغفار في كل وقت.
وإذا كبرت تكبيرة الإحرام فابدأ دون انتظار وكبّر، وإذا كبّرت وتلفظت بها وأتاك الوسواس فقل في نفسك دون تلفظ بها: "المهم أني كبّرت وتلفظت بها، وما يأتيني ما هو إلا مرض والمريض معذور" وليس أسهل من أن يتلفظ بها المصلي المأموم سراً، وحاول تعويد نفسك وعدم التكرار فسوف يزول عنك إذا وجد منك مقاومة ومجاهدة، فكيد الشيطان ضعيف.
وأسأل الله العافية لي ولك ولمن ابتلي بالوساوس.
آمين.
18/7/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
قد كُلّفت أن أجيب على مشاركة في مشكلة أجاب عليها الدكتور القدير محمد شريف سالم بجواب كافٍ وافٍ، وأنا خجلة من كتابة رد بعد الذي تفضل به الدكتور حفظه الله تعالى.
غير أني سأكتفي بوضع النصوص الشرعية التي تدل على مشروعية الخطوات المذكورة في الإجابة، -وفي مشاركة الأخ أبو إبراهيم- لسد كل ثغرة يأتي الشك منها إلى المريض، ولزيادة همته على تنفيذ علاجه.
فأولاً: إن الطب والشرع متفقان على أن ما يجري في فكر الموسوس ليس حقيقة ثابتة وإنما هي مجرد وساوس لا قيمة لها، سواء رددناها –بعد ذلك- إلى اختلال الناقلات العصبية، أو إلى وسوسة الشيطان، ولا تعارض بين الأمرين على كل حال إذ لا مانع –عقلاً أو شرعاً- من رد الوسواس إليهما معاً، بغض النظر عن كيفية عملهما معاً. قال الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل": (... وقال عزّ الدين: الوسوسة ليست من نفس الإنسان، وإنما هي صادرة من فعل الشيطان، ولا إثم على الإنسان فيها لأنها ليست من كسبه وصنعه، ويتوهم الإنسان أنها من نفسه.... فيتحرج لذلك ويكرهه).
وثانياً: إن الطب والشرع -أيضاً- متفقان على طريقة علاج الوسواس –بما يشمل وسواس تكبيرة الإحرام- وهي التعرض للمثير مع منع الاستجابة. وقد سئل الفقيه الشافعي ابن حجر الهيتمي –رحمه الله- عن دواء الوساوس فقال: (له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية- وإن كان في النفس من التردد ما كان-، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرّب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها).
وقال ابن تيمية –رحمه الله- في درء التعارض: (وهذا الوسواس يزول بالاستعاذة وانتهاء العبد، وأن يقول إذا قال: لم تغسل وجهك؟: بلى، قد غسلت وجهي! وإذا خطر له أنه لم ينوِ ولم يكبّر، يقول بقلبه: بلى قد نويت وكبرت! فيثبت على الحق ويدفع ما يعارضه من الوسواس فيرى الشيطان قوته وثباته على الحق فيندفع عنه. وإلا فمتى رآه قابلاً للشكوك والشبهات مستجيباً، إلى الوسواس والخطرات، أورد عليه من ذلك ما يعجز عن دفعه وصار قلبه مورداً لما توحيه شياطين الإنس والجن من زخرف القول وتنقل من ذلك إلى غيره إلى أن يسوقه الشيطان إلى الهلكة).
وقد ذكر الغزالي -رحمه الله تعالى- في كتابه "إحياء علوم الدين" كلاماً نفيساً عن النية في الصلاة وحقيقتها، والوسواس فيها ثم قال: (فكيفما تيسرت النية للموسوس ينبغي أن يقنع به حتى يتعود ذلك وتفارقه الوسوسة، ولا يطالب نفسه بتحقيق ذلك فإن التحقيق يزيد في الوسوسة).
فهذه النصوص كلها تبين أن على الموسوس ألا يلتفت إلى وساوسه ولا يعمل بمقتضاها سواء كانت في تكبيرة الإحرام أم في النية، أم في غيرهما. وإذا كان هذا هو الحكم الشرعي، فليطمئن الموسوسون وليعملوا بنصائح أطبائهم ومعالجيهم بقناعة تامة، ودون خوف من أن تكون صلاتهم غير مقبولة.
شفى الله الجميع.