أحلم كل يوم أحلام متعلقة بالغربة..!؟
السلام عليكم ورحمة والله وبركاته،
طوال عمري أتخيل نفسي فراشة تطير في كل مكان دون قيد أو مسؤوليات كبيرة كالزواج والأطفال، حلمت أن أكون مضيفة وحاولت لكن لم أتمكن من ذلك بسبب الحجاب، وعلى الرغم من هذا إلا أن الأمل ما زال موجوداً أن أعمل بحجابي. تمنيت العمل في المجال الذي درست فيه وسعيت لذلك وأخذت عدداً من الدورات في اللغات، كنت قد رسمت لنفسي دائماً طريقاً تملؤه الحرية والسفر لكل مكان والاختلاط بالناس وتكوين الصدقات، وأني في نفس الوقت سأفكر في آخرتي وأعمل أعمالاً خيرية ولا أغضب الله، وطبعاً كنت أواجه النقد من كل الناس وأهمهم أهلي، خاصة وأني تقريباً لا يمر شهر إلا ويعجب بي أحدهم ويتقدم لخطبتي. في سن ال 18 خطبت لواحد وافقني على أحلامي وشغلي، لكن الخطوبة انتهت بالفشل بعد 8 شهور لأسباب كثيرة من لصغر سني وجهله الكبير بدينه الذي حاولت كثيراً أن أكون سبباً في هدايته لكن دون فائدة.
وعلى الرغم من فسخ الخطوبة إلا أن سيل الخطاب لم يتوقف، وحلمي وخيالي الذي سعيت في تحقيقه ما زلت أفكر فيه وأرفض العرسان من طبيب لمهندس لضابط...
لكن من شهور قليلة خطبت لواحد -لا أدري كيف- أعجبت بشخصيته الجادة والبعيدة عن التفاهة، وأعجبت بدينه وأخلاقه، وعقد قراني -أيضاً أنا من وافقت عليه بمنتهى الحرية وبتصميم مني-، لا أدري كيف فعلت ذلك! فجأة نسيت أحلامي- كيف فجأة رضيت أن أعيش في السعودية بعيدة عن أهلي، وبعيدة كل البعد عن الحرية والعمل الذي أحلم به، بعيدة عن الاجتماعيات وحبي الكبير لتكوين صداقات والخروج كثيراً؟!.
على الرغم من حسن خلقه ودينه وطيبته لكن ليس هذا فقط ما أتمناه، كنت أحب أن يكون الإنسان الذي أقع في حبه خفيف الظل يضحكني كثيراً وللأسف هو لا يتمتع بهذه الصفة.
ماذا أفعل؟ أحلم كل يوم أحلاماً كثيرة متعلقة بالغربة والمسؤوليات الكبيرة التي سأواجهها والتي ستقيد حريتي، حتى في يقظتي لا أتوقف عن التفكير.
أتمنى أن أنام وأصحو فأجد أن كل ما حصل هو حلم وأني ما زلت بحريتي وقادرة على تحقيق أحلامي، كل يوم أحس بالندم وأسأل نفسي: لم فعلت ذلك؟ ما زلت صغيرة لم أصل سن 21 ، ألم يكن من الأفضل أن أحقق أحلامي وأختبر الحياة وأرى الدنيا قبل أن أتزوج؟!.
ماذا أفعل؟ أنا نادمة، ورطّت نفسي بنفسي.
10/08/2009
رد المستشار
أهلاً ومرحباً بك معنا،
جميل أن تحلمي وأن يكون لك طموح وآمال لها دلائل على أرض الواقع وتحقيقها أمر متاح وإن كان صعباً، فلا يهم أن يكون حلمك صعب، المهم أن يكون متاحاً ولو من بعيد أو بدا محالاً، طالما ترين في نفسك القدرة والإمكانيات اللازمة التي تؤهلك لوضع قدمك على أول درجة نحو القمة والوصول للهدف، فليس لازماً أن نكون مسلحين بكل الإمكانيات، تكفي البدايات المبشرة. أما أن نحلم بما هو فوق قدراتنا وإمكانياتنا وفي نفس الوقت لا نفعل شيئاً لتحسين قدراتنا، وكل ما نفعله أن نطير في السماء، نحن جينئذٍ موهومين.
الحلم أو الهدف أو الغاية هو شيء نضعه نصب أعيننا ولا نكف عن العمل من أجل تحقيقه مهما كانت الصعوبات، فنحن نقول لأنفسنا سنقهرها واحدة تلو الأخرى مهما استغرق هذا من وقت وجهد، أما في حالتك فأنت أسيرة حلم فتاة صغيرة! فلا أكاد أعرف فتاة لم تحلم بأن تكون مضيفة طيران!.
جميل أن تكوني مضيفة طيران، ولكن هل تعلمين أن حياتهم ليست بالإبهار الذي ترينه من بعيد، كثيرات منهن يتمنين لو استقرين في مطار واحد من المطارات التي تأخذهن بعيداً، كما أن عمر هذه الوظيفة قصير فمتى انطفأ جمالك وكبر سنك لم تعدين صالحة للعمل... إذن أنت تحلمين حلماً قصير المدى ما يبهرك فيه فكرة السفر والترحال، وربما كانت هي الدافع اللاشعوري وراء موافقتك على خطيبك.
يقول المثل "ذهبت السكرة وأتت الفكرة" فأنت تشعرين أنك متورطة للأسباب التالية من وجهة نظرك:
"سوف يعوقني الزواج عن تحقيق حلمي بالعمل كمضيفة"، وهذه الفكرة لها جزئين؛ الأول أن الزواج لم يكن أبداً عائقاً أمام الحلم والطموح ربما أعاقه قليلاً ولكنه متاح طالما استطعت التوفيق بينهما وتفهم زوجك لأحلامك. هل تعلمين أن كثير من الناجحين والعلماء قد تزوجوا في سن صغيرة!. فكرتك عن الزواج تحتاج لتصحيح، نعم هو مسؤولية ولكن متى كانت المسؤولية عائق أمام الأمل والحلم.
الجزء الثاني، أنك تتكلمين كما وأنك ستصبحين مضيفة أمر لا محالة! ولكن ماذا لو لم تتمكني من الوصول لهدفك؟ فكري في هذا الاحتمال فكل شيء وارد.
ومن أفكارك الخاطئة "ما زلت صغيرة لم أصل سن 21 ، ألم يكن من الأفضل أن أحقق أحلامي وأختبر الحياة وأرى الدنيا قبل أن أتزوج؟!" من قال أنك لن تعيشي؟! يمكنك أن تتزوجي وتكوّني صداقات وتعيشين حياتك كما تحبين وكما تريدين، فأنت نفس الشخص لن يغيّر فيك الزواج شيئاً لا تريدينه أن يتغير فكل شيء بإرادتنا.
أما عن شخصية خطيبك فأنت تري أنه "ليس خفيف الظل" إن كنت تبحثين عمن يسعدك ويضحكك فلن تجدينه، فنحن من يصنع السعادة والمرح، وإن كنت تعيسة من داخلك فلن يضحكك حتى وإن تزوجت كومديان أو بهلوان في سيرك!.
أعيدي تقييمك لشخصية خطيبك بشيء من العقلانية لا على أساس المزاح والضحك، فأي حياة هذا تبنى أو تهدّ على أساس الضحك والمزاح أولى بك أن تري عيبًً آخر -إن وجد- كالبخل والكذب والنفاق هذه هي الصفات التي يجب أن نتوقف عندها، طالما أنه إنسان جيد ومتفهم فلم لا!!.
ستقولين طموحك فأنا أخشى أن يكون سراباً وخيط دخان وفي لحظة ما ستتعبين من المطاردة، ووقتها ستنظرين وراءك وترين أنك قد ابتعدت كثيراً وأنت تطاردينه.
وفقك الله وهداك.