السلام عليكم،
أنا فتاة أبلغ من العمر 17 عاماً، طالبة في الثانوية (السنة الأولى بكالوريا)، أعاني من مشكلة الخجل. هذا المرض الاجتماعي أو النفسي -إن شئتم- يحرمني من عدة أشياء ويضيّع عليّ فرصاً وأهدافاً لطالما طمحت في تحقيقها.
بحسب علمي فإن الخجل غالباً ما ينتج عن ضعف الشخصية ونقص تقدير الذات، فأنا شخصياً لا احترم ذاتي بل ألومها وأسبها على تقصيرها، ولا أشكرها أو أمدحها على مجهودها.
والغريب في الأمر أني متفوقة في دراستي، بيد أني لا أتمتع بهذا التفوق ولا أحسه أبداً، بل أعتبره شيئاً عادياً ينبغي للمرء أن يحققه! بل وأخجل خجلاً شديداً عندما يمدحني الأستاذ على علاماتي أو يقارنني مع بقية التلاميذ. وعلاوة على ذلك فإني اكره المفاجآت لأنني دائماً أخجل عندما أفاجأ؛ كأن يطلب مني الأستاذ القيام إلى السبورة أمام حشود من التلاميذ، أو أن أقوم بإلقاء عروض أمامهم أو المشاركة في الندوات... لكني أتهرّب من مثل هذه المواقف التي تسبب لي الضيق والحرج، وخاصة العروض منها. وما يزيد الطين بلة هو أني أصبحت أخجل في مواقف لم أكن أخجل فيها؛ كأن تطلب مني أمي خدمة الضيوف وخاصة الغرباء، بل الشيء الأخطر هو أني أصبحت عاجزة حتى على قراءة نص بشكل سليم دون تلعثم أو أخطاء داخل الصف، وسبب ذلك هو الصمت الرهيب الذي يسود القسم أثناء القراءة وإحساسي الدائم بانتباه الآخرين لكل كلمة أنطق بها.
دائماً أتساءل كيف سيكون مستقبلي الدراسي والوظيفي أمام زملاء جريئين لا يعرفون المستحيل ولا يعرفون للخجل معنى؟! هنا في هذه الحالة لا ينبغي أن أكون ضمنهم، وخصوصاً إذا بقيت على نفس المستوى من الخجل والضعف. إذن لا بد أن أتحرر من قيود الخجل، وأن ألغي حدود التواصل مع الآخرين وأناقشهم وادحض آراءهم إن كانت خاطئة وفي المقابل أعبّر عن رأيي الشخصي وأدافع عنه بكل مصداقية دون أن أخشى في الله لومة لائم. وفضلاً عن كل هذا، لديّ حلم يراودني كلما شاهدت التلفاز وهو أن أقف أمام عدسة الكاميرا وأتحدث عن تجربتي الدراسية أو شيء من هذا القبيل دون أن يحمّر وجهي. وبالمناسبة فاحمرار الوجه هو أكثر الأعراض طغياناً في حالتي؛ أي أن وجهي يحمر كلما توقعت أني سأخجل، فماذا عساي أن أفعل كي أتخلص من هذا الشعور القاتل؟.
أعرف جيداً أن ذلك يتوقف بالأساس على مدى عزيمتي ورغبتي في ذلك، وأؤكد لكم الآن أن رغبتي في التخلص من الخجل أكثر من أي شيء آخر على الإطلاق لأن مصيري محسوم بذلك، فقط ساعدوني وسأعمل جاهدة على تطبيق ما ستقولونه لي. وإلى جانب العلاج السلوكي الذي ستقترحونه عليّ أن أرجوكم أن تصفوا لي علاجاً دوائياً مناسباً لحالتي، وذلك بناء على ما كتبته لكم، وأذكركم أن خجلي هذا يتميز بشدة احمرار الوجه لأتفه الأسباب.
ملاحظة: لم أستطع الذهاب إلى طبيب نفسي لأن أهلي لن يتفهموا تلك الفكرة أبداً، لذا لجأت إليكم لأنني لم أجد من يساعدني في معالجة مشكلتي، وأتمنى من أعماق قلبي أن أجد عندكم الرد الشافي.
جزاكم الله على كل ما تقومون به من أعمال تطوعية لفائدة أفراد المجتمع المسلم الذي يعاني قهر الأمراض النفسية والاجتماعية.
وشكراً.
30/08/2009
رد المستشار
الأخت الكريمة "رجاء"،
أشكر لك ثقتك في موقع مجانين دوت كوم. وأود في البداية أن ألفت نظرك إلى أن الموقع رغم أنه يحتوي على نخبة ممتازة من الأساتذة والمختصين في مجال الطب النفسي، وعلم النفس إلا أنه ليس بديلاً عن المعالج، ولا نستطيع أن نصف لك دواءً عبر الموقع، إنما نرشدك إلى محاولة فهم دروب النفس البشرية، ونكون دليلك إلى فهم شكواك وطرق علاجها، ليكون عليك في النهاية مسؤولية البدء في رحلة علاجية لإصلاح مفاهيمك الخاطئة وتغيير مشاعرك السلبية.
ما تشتكين منه أعراض الرهاب الاجتماعي وهو: ظهور أعراض القلق المتعددة في المواقف الاجتماعية. والرهاب في جوهره خوف من تقييم الآخرين السلبي للإنسان أو لتصرفاته في الموقف الاجتماعي، وهو ليس ناتجاً عن ضعف الشخصية كما تفضلت وذكرت في استشارتك الكريمة، إنما يصاحبه عدم الثقة بالنفس لتعدد مواقف الفشل الاجتماعي والنقص الحاد في بعض المهارات الاجتماعية.
ومن الضروري مراجعة طبيب نفسي ليصف لك دواء مناسب مع مراجعة أخصائي نفسي للعلاج السلوكي المعرفي لتعديل أفكارك عن نفسك وعن الآخرين، وطبيعة الأفكار السلبية المصاحبة للرهاب، كما تحتاجين للتدريب على المهارات الاجتماعية من خلال ملاحظة المتميزين في العلاقات الاجتماعية ومحاولة تقليدهم، وتعلم السلوكيات المتعلقة بالمواقف الاجتماعية التي ترهبك ووسائل توكيد الذات.
من الجميل أن لديك نجاحاً حقيقياً وهو النجاح والتفوق في مجال الدراسة، أرجو أن يكون بداية خير ورُقيّ، وأن تعممي هذا النجاح على مواقف أخرى خارج نطاق الدراسة.
وفقك الله ويسّر أمرك.
* وتعلق المدققة اللغوية لمجانين قائلة: أحمد للأخت صاحبة الاستشارة حسن تعبيرها وسلامة لغتها من الركاكة والتكسير، فهذه من الاستشارات القليلة التي تندر فيها الأخطاء، وتترابط الأفكار، ويشرح فيها صاحبها شكواه بلغة ممتازة... شكراً جزيلاً، وأدام الله عليك نعمة الفصاحة وحسن البيان.
واقرئي على مجانين:
عفواً على الإزعاج: رهاب اجتماعي
مساير الليل وأعراض الرهاب
الحياء حين يصبح مرضاً
الرهاب الاجتماعي وعواقب عدم العلاج
الرهاب الاجتماعي قصة نجاح مشاركة
شبح الرهاب... كيف أتخلص منه؟
يحدث في أوطاننا:صناعة الرهاب الاجتماعي
ويتبع>>>>>> : رهاب واسترجاز قمة الإيجاز !