لمن أشكو لما في داخلي..!؟
السلام عليكم، مشكلتي الرئيسية هي عدم وجود أحد أشكو له ما بداخلي، لأني لم أعد أثق بأحد! لقد حاولت مراراً وتكراراً الوثوق بأحد من إخوتي وبأبي وأمي وأصدقائي- الذين اتضح أنهم ليسوا أصدقائي بحق. كلما حكيت لأخ من إخوتي مشاكلي الخاصة يتجاهلون أو إذا ما فعلوا نقلوا ما قلته لهم لأمي، في حين أني لا أريدها أن تعرف. وطبعاً تتساءل لم لا أريد وصول مشاكلي لأمي! فأقول لك أن هذا يرتبط بلِم قررت عدم الوثوق بأمي هي الأخرى؛ لأني عندما أشكو لها وأفرغ همومي كصاحب المشكلة تحوّل نفسها هي إلى صاحبة المشكلة وتقول "طيب، وأنا أعملك إيه؟!" بصوت حزين ولا أريد قول نكدي لاحترامي لأمي. على أية حال، فعند هذه اللحظة يأتي أبي بدوره المؤثر فيصرخ في وجهي بالنص قائلاً: "مالك يابني؟ إيه فيه إيه؟ هو كان أبوك ولا أمك ماتوا! يا أخي مش عارف فيه إيه، ده اللي يشوفك كده يقول ده أبوك مات، أمال لو مت هتعمل إيه؟" وعندما أقول له مثلاً عن عن مشكلة من مشاكلي كمشكلتي ومن في سني "طيب ميتحرقوا هو ده اللي يخليك تزعل" قد تبدو الجملة الأخيرة إيجابية لكنها وسط ذلك المشهد لا تشعرك بشيء من الإيجابية مطلقاً.. هذا بجانب أنه يدير ظهره ويقلب كفاً عن كف وهو ما زال يصرخ وتقطع هذه الجمل، تنهيدات أمي كأنها هي صاحبة المشكلة وأنا من يجب حلها، وتقول لي: "وماذا يجدر بي أن أفعل لك" وأنا أعملك إيه بس؟"، وهذا يفسر لك لماذا قررت ألا أثق بأبي هو الآخر!.
أما أصدقائي -أو المفترض بهم أن يكونوا كذلك، مع أني مذ جئت من السعودية إلى مصر منذ خمس سنين لم أجد واحداً فيهم كذلك- فعندما أقول لأحسنهم تصرفاً وأخيرهم لا يفيدني بشيء ويهوِّل الأمور ويتصرف بغرابة بعد ذلك ويبتعد عني كأني مجنون أو معقد أو (خنيق)! لدرجة أنني الآن وحيد، ولا أستطيع البقاء على هذا الحال.
أتمنى أن تكون قد فهمتني وصدقتني، لقد فكرت كثيراً أن أذهب إلى طبيب نفسي دون علم والديّ بالطبع -لأنهم (وآمل أنك قد تكون استنتجت ذلك) لا يفهمانّي- ولكني أدركت أني لا أملك النقود لذلك، هذا إن وجدت طبيباً يرضى بحالتي ويصدّقني، آمل أن تكون قد فعلت أنت. ومع أني أحب الكتابة والتأليف وأجيدهما، إلا أني لم أستطع التعبير بالكلمات الفصحى. أرجو أن تنشر المشكلة وترد عليّ، وآمل أيضاً أن تتفضل وأراسلك مباشرة أو أتكلم معك، وأرجو منك مجدداً أن تصدقني وتشعر بي لأن ما ذكرته آنفاً لم يكن إلا مشكلتي الأساسية، وهناك مشكلات أخرى كثيرة.
للعلم أنا أبلغ من العمر 13 عاماً، وأصغر إخوتي.
والسلام عليكم.
30/08/2009
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك يا "إسلام" وأهلاً باستشارتك؛
كم هو رائع اسمك الذي يجمع بين الإسلام والصلاح، وإني أدعو الله تعالى أن يكون لك من اسمك نصيب فتكون صلاح الدين في هذا الزمان.
لقد أحسست بما تحس به يا بني، وأنا أعلم كم هو قاسٍ الشعور بالوحدة، وكم هو قاسٍ ألا تجد من يفهم مشاعرك، لكن يا عزيزي انظر إلى الموضوع من زاوية أخرى؛ فأمك وأبوك يحبان أن يرياك في أحسن حال، ويتمنيان لو تشعر بالسعادة دائماً، فيحاولان التخفيف عنك بكلماتهما تلك التي تزعجك. تشعرك أمك من شدة اهتمامها بك أنها هي صاحبة المشكلة فتحملك عبء التخفيف عنها، وكان من الأفضل أن تشعرك بتفهمها وتتركك تجد حلولاً لمشكلاتك بنفسك. أما أبوك؛ فيخفف من أهمية ما يحزنك بأسلوبه..
على كل حال سنبدأ أولاً بقراءة كتاب "لا تهتم بصغائر الأمور للمراهقين"، ولو كنت من محبي القراءة فاشترِ أيضاً "العادات السبع للمراهقين الأكثر فعالية" وسيساعدك الكتاب الأول في النظر بإيجابية لبعض الأمور وكذلك الكتاب الثاني، وكلاهما من منشورات مكتبة جرير، وأظن أن كتبها متوفرة لديكم في مصر.
والأمر الثاني الذي أود أن ألفت نظرك إليه، أنك لست بحاجة لطبيب نفسي بل تحتاج لمن يفهمك وتبث له مشاعرك فقط، وإن لم تجد في أصدقائك وإخوتك من هو صديق حقيقي فابحث عنه بين معلميك أو في مسجد المنطقة. وفي كل الأحوال وسواء وجدت أم لم تجد فالرب سبحانه وتعالى معك دائماً، فلم يا بني لا تبث شكواك إليه فتسمعه مشاعرك ومخاوفك وتدعوه وهو البر الرحيم أن يلهمك الصواب ويعينك ويخفف عنك. أنا متأكدة أنك ستستوعب كلماتي رغم صغر سنك وستصل إلى قلبك، فالمرء في سنك يكون في غاية الحساسية وإرهاف المشاعر ويحتاج لمن يفهمه، ومن أحسن من الله تعالى يمكن أن يفهمك؟! بث شكواك إليه وستجد إجابته في كل جانب من حياتك..
تحدث إلى أمك عندما تكون في أحسن حالاتك فأخبرها بأنك لا تطلب منها إلا أن تسمعك وتفهمك ولا تريد أن تنزعج لهذه الدرجة. وأدعو الله تعالى أن يلهمها الصواب فتحسن التصرف معك، ولو كانت أمك من محبي القراءة فاطلب منها شراء كتاب "كيف تتحدث فيصغي المراهقون إليك وكيف تنصت إليهم عندما يتحدثون" والمكتبات مليئة بالكتب التي تقرب الأهل من أولادهم..
نحن دائماً هنا للاستماع إليك، فلا تتردد وتابعنا بأخبارك..
تفضل واقرأ:
أهلي لا يثقون بي وأنا لا أثق بهم!
كيف أتكيف مع أهلي؟؟
هرباً من الفردية، اصنعي أنت عالمك
هاني المحترم وأصحابه
* وتضيف الأستاذة لميس طه المدقق اللُغوية للموقع:
أود وبكل حرارة أن أشكر السيد "إسلام صلاح الدين" من صميم قلبي لحسن تعبيره وسلامة لغته. ولست أَعجَب من ذلك، فهذا ما تثمر به المطالعة ويأتي به دوام مرافقة الكتاب منذ الصغر؛ أفكار منظمة يعبّر عنها بلغة فصيحة تهدي القارئ للمعنى المقصود بسلاسة تقيه شر التعثر في وعورة الإطناب والركاكة والفوضى وعواقبها من إحباط وغيظ وكمد
ويتبع >>>>>>>>>>: إسلام غريب في هذا الزمان م.