صديقاتي (أمامير)، وأنا غير.
أنا فتاة من أسرة متوسطة الحال، مشكلتي أنى مش عارفه أكون زي بنات خالي هم مستواهم الاجتماعي فوق المرتفع عندهم ملابس كثيرة أوى وشيك، وكمان هما أمامير أوى أحلى مني، وعندهم ثقافة أكثر مني وكل الناس تحبهم أكثر مني.
أنا ولا عارفة أكون مثلهم في أي حاجة حتى في حب الناس لي، بصراحة مش عارفه أعمل إيه ؟؟
والموضوع ده مؤثر علي في المذاكرة والحالة النفسية.
31/12/2003
رد المستشار
الابنة العزيزة: أهلا بك، مشكلتك في حقيقة الأمر هيَ مشكلةٌ تقع فيها بناتٌ كثيراتٌ من صاحبات الطموح والتطلع، والطموح والتطلع سمتان طيبتان في الشخصية، وينتظرُ أن تدفع تلك السمات بصاحبها إلى الأفضل دائمًا، ولكن ما الذي حدثَ في حالتك؟ ولماذا تسببت بعض صفات شخصيتك في معاناتك؟
المسألة نتجت عن شيء من التسرع في الحكم وشيء من عدم الفهم لحقيقة الأمور في الدنيا التي نعيشها، وعلينا أولاً أن نقوم بتقسيم ما لدى كل إنسانٍ منا إلى جزءٍ لا يد له فيه ولكنه يستطيع تنميته وتحسينه غالبًا إذا ما أراد وأصر، وجزءٍ يعتمد في أغلبه على ما يستطيع الإنسان تقديمه لنفسه وإضافته إلى قدراته وميزاته.
فإذا بدأنا بالمستوى الاجتماعي لأسرتك، وهذا ما لا يد لك فيه فأنت ولدت لأسرة متوسطة الحال، ولكنك تستطيعين بالصبر والطموح والتطلع إلى أعلى الدرجات العلمية أن تصلي إلى مستوى اجتماعي أفضل ربما مما تتخيلين نفسك قادرةً عليه، وأما ما هو من تبعات المستوى الاجتماعي كالثياب وغيرها فإن الأناقة ممكنةٌ بالبساطة وحسن الاختيار والتناسق ولا يشترط أن تملكي الكثير من الثياب لكي تكوني أنيقة، بل يشترط أن تتمتعي بالبساطة وحسن الاختيار كما قلت، وهذه أشياءٌ يمكنك إذا نزعت النظارة السوداء التي تنظرين بها إلى حياتك أن تكتشفيها في نفسك.
إلا أنني إذا قارنت طريقة تفكيرك يا ابنتي بطريقة تفكير كثيرات في مثل سنك، فإنني أجدك تتطلعين لا إلى الملابس والمظهر فقط، كما فعلت صديقتنا التي ظهرت مشكلتها على الصفحة بعنوان: قبل النشر والكي: عصر الملابس، وإنما تتطلعين أيضًا إلى الثقافة وإلى حب الناس فأما الثقافة فإن سعة الاطلاع هي الطريق الذهبي إليها، فكلما ازددت معرفة وازدادت سلوكياتك تأثرًا بتلك المعرفة، كلما ازددت ثقافة، وقدرة على أن يُعجبَ بك الآخرون أي على انتزاع إعجاب الآخرين بك، وأما الطريق الأسهل لحب الناس، فهو أن تسعي لإرضاء الله عز وجل، لأن من يبتغي رضا الله في أفعاله وأقواله ينعم الله عليه برضاه سبحانه وبرضا وحب الناس.
والحديث الشريف يقول: ((من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم [والحديث إسناده صحيح]، وفي رواية لإبن حبان: ((من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله، ومن أسخط الله برضى الناس وكله الله إلى الناس)) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم [وسنده صحيح أيضا، والحديث ذكره الشيخ الألباني في حديث الجامع الصغير السيوطي وقال عنه الشيخان شعيب وعبد القادر الأرناؤوط في تحقيقهما لزاد المعاد: إسناده صحيح].
عليك إذن أن تبحثي عن ميزاتك (وهي بالتأكيد موجودة ولكنك لا ترينها ولذلك لم تذكريها)، فبدلاً من التحسر على ما أنعم الله به على الآخرين وحرمك منه الآن، يفضل أن تبحثي داخل نفسك عن قدراتك وما تستطيعين تنميته من مهارات وأن تسعي إلى القراءة لكي تكوني مثقفةً ربما أكثر من الأخريات، أنت تحتاجين إلى مزيدٍ من الجهد إذن لا إلى مزيد من التحسر على ما لم تملكيه.
باختصار شديد هناك من يجدون متع الحياة جاهزةً في انتظارهم، وهناك من يضطرون إلى العمل من أجل توفيرها بمجهودهم في الدنيا، وهؤلاء هم الأشخاص الجديرون بالنجاح والتفوق في الحياة إذا هم أرادوه وثابروا وأصروا، بينما نجد المتمتعين بالوراثة أقل قدرةً على تحقيق النجاح وأقل إحساسًا بقيمته وبالسعادة التي تصاحبه.
وأحيلك إلى عددٍ من الردود السابقة لمستشارينا على صفحتنا استشارات مجانين التي ستفيدك إن شاء الله وذلك بنقر العناوين التالية:
كيف تنمي ثقتك بنفسك؟
الحل...ابحث عن ذاتك
كيف نهزم الخجل ونحب الأصدقاء
صعوبة التعامل مع الآخرين: النموذج والعلاج.
في النهاية عليك أن تراجعي طريقة تفكيرك وأن تنظري إلى دروسك لا كعبء عليك بل على طريقةٍ للوصول إلى ما تطمحين إليه حتى وإن تأجل إشباعك لرغباتك بعض الشيء، فهناك ما زال العمر مديدًا إن شاء الله تعالى، وتابعيني بأخبارك.