لست بقادر على نسيانها..!؟
السلام عليكم، أكتب لكم اليوم لأني محتار في أمري! أحببت إنسانة وجدت فيها كل المعاني والمواصفات التي أريدها، لكن هذا الحب على النت! هي أحبتني ولكن طلبت أن تصلي صلاة استخارة لكي تحدد إن كانت ستنتظرني أم لا، لأني طالب وأحتاج من العمر سنين حتى أرتبط. صلّت وقالت لي أنها غير مرتاحة منذ أن صلّت وأن هذا نصيبنا ويجب أن نبتعد عن بعضنا ونبقى أخوات.
أنا متعلق بها جداً طبعاً وأحبها، ولما سألت عن الاستخاره قالوا لي أنها يجب أن تكون لحاجة في أوانها.
المهم أني طلبت منها أن نبتعد كما تريد فمن الممكن أن يكون هذا الحب هو الذي جعلها غير مرتاحة لأنه ممكن يكون حرام. عرضت عليها عرضاً بأن تكلمني لو مرّت المدة التي ستنتظرني فيها دون ارتباط وسأتقدم كأي شخص آخر، ولو ارتبطت تخبرني. وافقت وكلّمت والدها واقتنع، لكن قال لها أن عليها أن تنسى الأمر لئلا يؤثر على مستقبلها أو على مستقبلي.
المشكلة أني لست بقادر على نسيانها، وأدعو الله كل يوم أن يجعلها من نصيبي، فهل أعترض بذلك على قضاء الله؟ أأنساها أم لا؟ أأعيش على أمل أن يجمعني الله بها كزوجة؟ أنا أشعر أن هذه هي الإنسانة التي ستسعدني حقاً، فهي الوحيدة التي تفهمني.ساعدوني.
30/08/2009
رد المستشار
عجباً للحب هذا! يشقينا ونرجوه، يؤلمنا ونذهب إليه ولو حبواً، وكلما أبعده القدر عنّا كلما ازددنا تشبثاً به، ولو ظللت أحدثك عن الحب ما انتهيت، ولكن لا أملك إلا أن أهديك الدرس الهام في الحب والذي لم نصل إليه إلا بالشقاء والدموع ومئات القصص التي كانت ثمناً لهذا الدرس: لكي يحيا الحب ويظل موجوداً يبث بداخلنا الطاقة والخير والسعادة لا بد وأن يكون تحت قيادة العقل، ولا بد وأن يكون مقروناً برضى الله علينا، وكلما غرقنا في بحره دون عقل واعتبار لجلال الله سبحانه كانت النتائج أكثر شراسة وقسوة.
لن أكرر حديثي عن حب الإنترنت فأنا لا أؤمن به ولا أضعه في عالم الحب والمحبين، ولكن سأحترم مشاعرك بغض النظر عن رأيي وأتمنى أن تقرأ فقط فيما تحدثنا عنه مراراً وتكراراً في هذا الموضوع حتى لا تكون ضحية وأنت لا تدري أي شيء، ولا أقصد هنا أن تكون ضحية فتاة تلهو بك فهذه قصة أخرى، ولكن حتى لا تكون ضحية لعدم الوعي بكيفية معرفة من تتمناها شريكةً لحياتك، ضحية لعدم معرفتها معرفة صادقة وحقيقية بعيدة عن الكلام المباشر بينكما لتفاصيل شخصيتها التي ستعيش معها. أنت لم ترها وهي غاضبة، ولم تتلمس عن قرب مدى تحملها للمسؤولية، أو مدى تكاسلها عن أمور تجدها هامة جداً في تفاصيل حياتك... وغيرها الكثير. أو تكون ضحية وضع ثقتك في غير محلها؛ فما أدراك أنها حدّثت أباها فعلاً؟.
يبدو أنني سأكرر حديثي رغماً عني وأعود فأقول لك: أنك تملك ثلاث طرق للتعامل مع ما حدث؛ أولها طريق السلبية المُقنّعْ -يسمونه الرضى زيفاً- وهو أن تظل على درجة من القرب دون أن تجعل لقصة الحب بينكما مكان -مؤقتاَ- حتى تتمكن للتقدم لها وهذا يتطلب منك قوة نفسية كبيرة لتستطيع أن تتحدث معها حديث الأصدقاء أو الإخوة (لا أؤمن بذلك) بعد أن اعترفتما بالحب بينكما، ولكن ميزة هذا الطريق انك ستظل موجود بالصورة وتعرف عنها ما يستجد -بالسلب أو الإيجاب- وتقترب أكثر لتتعرف عما يجب عليك معرفته حتى يحين الوقت المناسب. لكن الأمانة تقتضي مني أن أقول أن عدم راحتها التي أشارت لها ووجود سنوات عديدة لتحقق حلم الفوز بها أمور تضعف الموضوع ولا تقوّيه.
الطريق الثاني هو طريق المغامرة غير المحسوبة وهو أن تأخذ خطوة جادة مع أهلها الآن وأنت ما زلت طالباً وما زال لديك العديد من السنوات، وتضع مع أهلها رسماً لملامح مستقبلك المتوقعة وتحدد فيها ماذا ستفعل وما ستقوم به خلال تلك السنوات من: عمل إضافي مثلاً أو مشروع بسيط يدر عليك دخلاً.... وأن تفتح أنت هذه المرة الموضوع مع أهلك، وتسمع وجهة نظرهم لعلهم يضيفون شيئاً، حتى لو كانت الإجابة على طلبك كما تعرفها الآن من أبيها أو حتى من أهلك، فتكون قد أخذت خطوة ودخلت البيت ورأيت أهلها وأوصلت لهم رغبتك الصادقة في الارتباط الشرعي بابنتهم وتعرّفت على وجهة نظر أهلها عن قرب وكذلك وجهة نظر أهلك في زواجك أو في الزواج بشكل عام. أقول لك وكلي ثقة أنك ستجد من أهلك عجباً وما لا تتوقعه، فكثير من الأبناء لم يتعرفوا على آبائهم إلا وقت الزواج والحديث حوله.
والطريق الثالث هو طريق العقل والواقعية وهو ليس بالضرورة طريق الحسابات وعدم اتخاذ المشاعر في الحسبان، ولكنه الطريق الذي سيخرج منه نتائج ملموسة على أرض الواقع سواء رضينا بها أو لم نرض، وطريق العقل يقول: أن تضع النقاط فوق الحروف وتحسم أمرك بما تتطلبه الرجولة والمسؤولية، فرجولتك ومسؤوليتك تجعلك لا تضع نفسك في مساحة مواجهة متطلبات الرجولة قبل أن تعد العدة لها فتظهر أمام نفسك وأمام من يهمك أمره بمظهر "الطفل" أو الذي لا حول له ولا قوة، فلتعد عدتك من تفوق دراسي واختيار ما يقويك من كورسات تساعدك على الالتحاق بعمل يرضيك على مدى سنوات دراستك وتفهم الحياة أكثر والعلاقات أكثر وتفهم نفسك وتعرفها أكثر -فهل تتصور أنك قد تتغير أنت بعد سنة أو سنتين مثلاً؟ وتسأل نفسك كيف كنت هكذا؟ وكيف كنت أفكر؟- على أن تحتفظ داخل قلبك بالدعاء لله سبحانه أن يرزقك بها إن كانت هي من تناسبك، وهذا طريق شاقّ وصعب ولكنه ليس مستحيلاً، وستدفع فيه ثمناً من دموعك ومشاعر الفراق التي ستشعر بها، لكنها ستكون -في نفس الوقت- سبب لقوتك وتغير نظرتك وتدريب لك لإدارة مشاعرك وتغليب العقل واحترامه، فستحتاج ذلك في كل شؤون الحياة وليس في قصة حبك فقط.
يبقى أن أرد على سؤال دعائك بأن تكون زوجتك وهل هذا اعتراض على قسمة الله سبحانه لك، وكذلك سؤالك عن عدم قدرتك على نسيانها، فأقول: لا يا ولدي، ليس هذا اعتراضٌ ما دمت تدعو، ولكن نحن في حقيقة الأمر لا نعلم بحق ما هو الخير لنا، وما هو الذي يناسبنا، فأتمنى أن تدعو أن تكون من نصيبك لو فيها الخير لك، وقصة النسيان قصة قديمة عاشها من قبلك وستعيشها أنت وسيعشها بشر من بعدك، وكلما ابتعدت عما يذكرك بها كان الأمر أيسر، وكلما كنت متفرغاً للأهم في حياتك الآن والذي قد -وأقول "قد"- يكون سبب قربك منها ثانية إن كان فيها خيراً لك كما دعوت.
ويتبع >>>>>>>>: يا ترى سلبي ولا متهور ولا عاقل مشاركة