صديقتي خنقتني
حباكم الله بالصحة والسعادة على جهودكم في هذا الموقع، حقيقة أتمنى الخير للجميع.
مشكلتي هي محاولة فهم أفضل صديقة لي، إذ يبدو أن صداقتنا خرجت قليلا عن الطبيعي، هي تتكلم وأنا أستمع، هي تتحدث أكثر من استماعها لي، وأنا لا أحب ذلك، لديها أسلوب في الحديث به نوع من التنويم، لا أعرف كيف تفعل ذلك، ولكن في نهاية حديثنا، وحينما أرجع البيت أشعر أنني اختنقت، لأنني لم أقم بما يمكن أن يطلق عليه "التنفس الصحي"، هي دائماً تنفس عما تود قوله، ودائماً مندفعة لإظهار آرائها وانتقاداتها وحكايات التي تدور حول مغامراتها (الإعجاب بها، وأصدقائها من الذكور – boy friends_ وغيرها من الأنشطة التي تقوم بها) وحول نفسها وجسمها ووجهها ومكياجها.
نعم هذه هي النقاط الرئيسية التي تتحدث عنها، (يا إلهي!) كتابة هذه الأشياء جعلني أتأكد مما أشعر به تجاه هذا الموقف، انه بالفعل اختناق، خاصة لأنني لا أستطيع فهم كيف والأكثر أهمية لماذا يمكن لشخص الاستمرار في الحديث عن نفسه ولمدة طويلة (ساعات، دائماً)، بالطبع يمكنك أن تتخيل ما يفعله ذلك بي:
أنا لدي ثقة عالية بالنفس –الحمد لله- واثقة بما يكفي لأرى من خلال ضعفها أنها تعمل على تضخيم ذاتها وتعمل لنفسها شعبية، علي أن أقول- ولأننا أصبحنا أصدقاء منذ كنا صغاراً إلا أنني لم أفهم ذلك ألا مؤخراً، الآن أتضايق من اعتزازها بأناها – هذا ما وددت قوله.
الحمد لله أنا إنسان عاقلة إلى حد كبير، وربما تكون هذه هي المشكلة، لا أستطيع رفضها تماما، ولا أريد عمل ذلك، أريد فقط أن أجلس معها وأتحدث بشأن هذا الموضوع، ربما يكون هذا ما على فعله؟ و لكن مرت فترة طويلة. وقد فرض علي هذه النمط من الصداقة.
من ناحية أخرى– هناك أشياء معينة أكرهها فيه: أنها تتنقل بين التحرر والمحافظة، ثم تعلن التحرر لكل من هو قريب منها حتى أمام أختي التي هي في سن المراهقة، أعني أنها تقدمية جداً وغير قادرة- في بعض الأحيان- على التمييز بين ديننا ووجهات النظر العالمية، طبعا كلانا مسلمتان، أنا لا أحب ذلك حقاً، إن ما تفعله ليس شيئا سيئا في حد ذاته، ولكن اعتقد أنها اختلافات مزاجية بيني وبينها.
يذكرني هذا بموضوع حساس، وهي أنها تعمل لنفسها شعبية على أنها جميلة، وبعد فترة من التفكير في أنها ليست بجمال المظهر هذا (أنا بأمانة لا أهتم، مظهرها مشابه لشخصيتها، وهذا أمر طبيعي وصحي، وهو ما يمكن أن يفعله أي منا)، هي فعلاً تؤكد على جمالها في كل مناسبة، ولكن لديها طريقة مرنة على فعل ذلك، ومن ثم لا تكون ظاهرة (تمركز حول الذات بنعومة)، وحينما يتعلق الأمر بي تنافقني.
إذا كان لدي صورة حلوة أو ارتدي ملابس جيدة، يتحول الحديث عن جسمها ومكياجها ومظهرها لا أستطيع فهم ذلك؟ إنه غير مريح أن أشعر بطريقة أو بأخرى أنني على حافة محاولة التنافس مع تحررها، محاولة توجيه الحديث حول نفسي (قلييييلاً) فقط، حتى أصل إلى شيء من التوازن وليس الاختناق.
الحمد لله أشعر أنني لست في حاجة إلى أكثر من أسرتي وزوجي، لدي صديقة أخرى مستمعة جيدة بقدر كبير، ويمكنك أن تقول أنها تجاملني وتتحدث عن نفسها بطريقة طبيعية وبسيطة دون أن يدور الحوار حولها، وهذا مريح جداً، ومن ثم يمكننا التحدث –بالفعل- حول أشياء أخرى في الحياة.
لكن مع الصديقة الأولى يكون الحديث اليومي عادة حول الماكياج وجسمها وحال شعرها. كما تعرف –أنها من النوع تقوم ببساطة بالاتصال بصديقها؟ أثناء حوارنا في المطعم وأنا –التي دعوتها- أجلس وأشاهد حديثها، أكره ذلك حقا.
ولكن –رغم كل ذلك أحبها فعلا، أرى فيها من خلال التعامل معها مرات متعددة أستطيع القول معدنها جيد جداً وبراق وبسيط حقاً وطفلي، ولكن تصرفاتها المزعجة التي أجد صعوبة في التعامل مع نفسي، وأيضاً صعوبة في شرح الموقف لها. حاولت مرة، ولكني أسافر كثيراً-لأدرس في الخارج أساساً- اختفى تأثير ذلك الحديث الصادق بالتدريج، لقد كان صحياً جدا بالنسبة لي لأنني قلت ذلك –فعلا- شعرت براحة كبيرة وأنني أستطيع التحكم في نفسي بفضل الله (نعم أعتقد أنها مغرمة بالسيطرة، وأنا يصعب التحكم في جدا، لا أحب أن أكون تحت سيطرة أي شخص). على أي حال أنا صبورة كالفلاسفة.
بارك الله فيكم جميعا، أحب أن تلقوا الضوء على موقفي، عما تظنون أنه يجرى هنا؟ هل لديها مشكلة؟ أشعر أنني شخصية متزنة تماماً لا أستطيع تحمل هذا التمركز الدرامي حول الذات لفترة طويلة............... ماذا تعتقدون أنه يحدث و......... لا أعرف "هل علي عمل شيء ما؟ أم علي فقط أن أحافظ على مساحتي الشخصية وحدودها بحيث تكون أبعد قليلا مما هي الآن؟
09/01/2004
رد المستشار
أصل المشكلة أننا الشباب والشابات نصاحب كل من جاء في طريقنا –كما ذكرت- "أصبحنا أصدقاء عندما صغاراً- إذا بدأت الصداقة تبعا للظروف التي وضعت هذه الصديقة في طريقك وربما كانت -في تلك الفترة– صديقة مناسبة لك، ولكن الآن تغير الحال بعد أن أصبحت أكثر نضجا واتسعت وتعمقت رؤيتك للأمور، لقد حللت رسالتك الطويلة فلم أجد سوى جملتين فقط من عن الجوانب الايجابية في صديقتك. وكل الرسالة تشرح وتصف الجوانب التي تزعجك فيها.
على أي حال سأحاول فيما يلي أن أوضح لك طبيعة شخصية صديقتك –في محاولة لتوسيع نظرتك للأمور- وبعدها أتعرض لموضوع استمرارك في صداقتها:
في حدود ما ذكرته أرى (ولا أستطيع أن أجزم) أن لديها "اضطرابا في الشخصية"، وهذا الاضطراب ليس مرضاً نفسيا أو عقليا ولكن الاضطراب كله في طبيعة الشخصية في حد ذاتها، وهذه الشخصيات تتميز بمحاولة جذب الانتباه والبحث عن الإعجاب والطمأنة من الآخرين، ولا تستريح في المواقف التي لا تكون فيها محور الاهتمام –ولعل ذلك يفسر لك كثير من تصرفاتها- ومنها أنها تعلن عن تحررها أمام أختك، وتتصل بصديقها أمامك كي تحظى بانتباهكم لها ولتصرفاتها!!
ومثل هذه الشخصيات تتميز بتقلب وجداني سريع وعواطف سطحية، وتعبر عن انفعالاتها بحدة وبطريقة غير مناسبة، وهي شخصيات مركزة حول نفسها ولا تتحمل الإحباط، وأفعالها موجهة للإشباع المباشر... وتتسم هذه الشخصية بالجاذبية والإغواء، وتبدو لامعة ومشغولة أكثر من اللازم بجاذبيتها الجسمية!
ويصاحب ذلك الميول الدرامية وتضخيم الأحداث والعلاقات، مع رغبة شديدة لإثارة والملل من الحياة الروتينية، وعادة ما يصفها الآخرون بأنها سطحية وغير حقيقية وحكمها على الأمور ليس عميق الجذور، ويشيع هذا الاضطراب بين الإناث.
لننتقل الآن إلى نقطة علاقتك بها، أريد أن أسألك وأن تسألي نفسك: لماذا تستمرين في هذه الصداقة؟ ولا أقصد بهذا أن تقاطعيها، ولكن أقصد أن تلك الصداقة ممكن أن تستمر بقدر ما بها من ايجابيات متبادلة بين الطرفين، ويقل القرب بين الصديقين وقد تنتهي الصداقة إذا لم تحقق الأهداف اللازمة "للصداقة" الحقة، وأهم ما تتميز به:
0 تقبل الطرف الآخر كما هو.
0 الثقة في حرص كل طرف على مصالح الطرف الآخر.
0 احترام الصديق والاعتقاد في حسن تصرفه.
0 المساعدة المتبادلة والنجدة عند الحاجة.
0 فهم شخصية الطرف الآخر وتفضيلاته ودوافع سلوكه.
0 التلقائية وشعور كل طرف بأنه على طبيعته في وجود الآخر.
0 الإفصاح عن الخبرات والمشاعر الشخصية.
فهل معظم هذه النقاط متوافرة فيها؟
يبدو أنك ممن لديهم طول البال وقدرة على تحمل الآخرين– ولديك صبر، ولكن لا تحملي نفسك أكثر من طاقتها، فالله نفسه لا يطلب ذلك من عباده فيذكر في كتابه الكريم "لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا"، أحسنت حين حاولت التحدث معها بشأن هذا الموضوع، المهم ما عليك –في رأيي- إلا أن تسألي نفسك في كل مرة تفكرين في محادثتها هاتفياً أو الخروج معها أو الاتصال بها بأي طريقة كانت: هل أرغب فعلاً في الاتصال بها؟ هل سأستمتع بالحوار معها؟ ................
إذا كانت الإجابة "نعم" فاتصلي بها، أما إذا كانت الإجابة "لا" أو كانت الإجابة –بما معناه- لابد أن أسأل عنها لأنها سألت عني.... وغيرها من الإجابات التي تشعرك أنك مضطرة أو مجبرة على الاتصال بها فلا تتصلي، وقولي لنفسك عدم الاتصال خير من أن استمع إليها وأشعر بالاختناق أو الانزعاج، اقرئي كتيب "الصداقة" للأستاذ عمرو خالد، وتابعينا بأخبارك.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخت العزيزة السائلة أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن الأخت الزميلة د.داليا مؤمن، قد أفاضت في ردها عليك وليس لدي إلا إحالتك إلى عددٍ من الردود السابقة لمستشاري مجانين لتعرفي منها مفهوم الصداقة الحقة وكذلك شيئا عن الشخصية الهيستنرجسية وذلك تحت العناوين التالية:أشك في صديقتي
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة
البحث عن الحب والصداقة
الشخصية الهستنرجسية
وأهلا وسهلا بك دائما وتابعينا بالتطورات.