هل أحتاج لطبيب آخر..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أود بداية أن أشكر المسؤولين على الموقع.
مشكلتي بدأت من حوالي 3 سنوات، كنت حينئذ في الثالث الثانوي، وهي غالباً أول نوبة هلع أتعرض لها، وقتها لم أكن أعرف أنها كذلك فقد فسرتها على أنها بسبب كثرة وسوستي. كانت أعراضها كالتالي: صعوبة في التنفس، وزيادة ضربات القلب، وشعور بأن روحي تنسل من جسدي. رحت لطبيب في منتصف الليل وطمأنني أنه توتر بسيط. أنا بطبيعتي شخصية موسوسة، وقد بدأ ذلك وأنا في ثاني إعدادي نتيجة وفاة جدي؛ أتتني وساوس بالموت.
المهم، بعد أن شخصها الطبيب على أنها توتر مرّ الأمر وعرفت أنها أوهام. بعدها ببضعة أشهر عاودتني النوبات لكن كانت مرتبطة بركوبي للميكروباصات؛ كلما ركبت الميكروباص ارتبطت عندي ببداية الأعراض، وظللت فترة معقداً من الميكروباصات ولا أركبها، لكن بعدها مرّت المسألة، لكن لم أستشر الطبيب النفسي، وأمضيت فترة حوالي سنة ونصف أمارس حياتي طبيعية جداً حتى يوم 26/5/2009 ، يومها كانت بداية مأساتي الحقيقية.
كنت في ذاك اليوم على متن مركب وكنت أمازح ابن خالتي على المركب، كان مائلاً قليلاً وربما يتقلب، وكل هذا مزاح، وفجأة أحسست بتوتر وعرفت أن الأعراض ستعاودني، وفعلاً لكن كانت شديدة جداً أحسست معها أن روحي تفارقني، وتحاملت على نفسي حتى نزلت من المركب، وبعدها هدأت قليلاً وظننت أنها ستمر خصوصاً أني كنت قبلها بيومين في مركب ولم يحصل شيء! كنت يومها في رأس البر وسأسافر في اليوم التالي للقاهرة، فحملت همّ السفر وأني سأتعب وتأتيني الأعراض، وظللت طوال اليوم متوتراً جداً. وفعلاً ركبت الحافلة وتعبت قليلاً لكني وصلت القاهرة وكنت سعيداً بعودتي، فقد كنت أحس أني لن أعود خصوصاً أن أحداً من أهلي لم يكن معي.
بعدها بيومبن خرجت، وهنا كانت الصدمة، تعبت في كل المواصلات حتى المترو، ومن يومها وأنا عاجز عن ممارسة حياتي طبيعية، خصوصاً أني معتاد على الخروج كثيراً. راجعت طبيباً نفسياً وعرفت حينها أنها ليست مجرد فوبيا بل هي نوبات هلع، وكان ذلك يوم 2/8/2009، وقد طمأنني الطبيب قليلاً وقال لي أنها ليست مضرة ولن أموت، ووصف لي أدوية وهي "مودابكس" صباحاً واسمه العلمي "سيرترالين"، و"توبمود" مساءً واسمه العلمي "سولبيرايد"، و"ستللاسيل" عند الضرورة واسمه العلمي "تراي فلوبيرازين" وآخذه عن التوتر، و"نيوتورون" فيتامين للأعصاب لمدة شهر، وأن أستمر على الدوائين الآخرين 6 شهور، ولا أحتاج لجلسات فقد كانت استشارة فقط!.
أنا منتظم على الأدوية، وأشعر بتحسن من الناحية النفسية، يعني أحس أني مرتاح الحمد لله إلى حد ما، لكن عقدتي كما هيك لا أركب المواصلات لأني أخشى الأعراض، وصرت لما أبتعد عن البيت -أخرج لمكان بعيد- أحس بنفس أعراض نوبات الهلع وبالتوتر، وهذا يخنقني أكثر، ولا أدري ما العمل؟ اقتربت الدراسة وجامعتي بعيدة، وكلما اقترب الوقت أختنق جداً، ما هو أحسن حل؟ وما رأيكم في الأدوية التي أتناولها؟ وهل من دواء آخده مثلاً قبل ركوب المواصلات يهدئني أفضل من الدواء الذي آخده عند الضرورة؟ فتأثير الأخير ليس قوياً بما فيه الكفاية! هل أحتاج مراجعة طبيب آجر؟ وهل الجلسات ضرورية؟ مع العلم أني لا أستطيع الخروج من منطقتي "حلوان" يعني مقيّد بالأطباء المعينين. تأتيني النوبات مرتبطة بموقف يوترني، أو مثلاً وأنا أصلي في المسجد، وحين أحس أني مقيّد ولا أعرف كيف أخرج من المكان الذي أنا فيه. أنا الحمد لله علاقتي بأهلي جيدة جداً، ومتفوق إلى حد ما في دراستي، والحمد لله أعطاني كل شيء جميل في حياتي، لكن هذا الأمر قلب حياتي 180 درجة.
أرجو أن تردّوا عليّ بأسرع وقت،
وآسف للإطالة.
14/09/2009
رد المستشار
إن التفكير في الموت ملازم لكل البشر، وأحياناً يكون مفيداً كدفعنا لعمل الخير وتكفير الذنوب والتقرب إلى الله، لكن هناك حدودا للتفكير، فعندما يكون التفكير في الموت ملازماً للفرد ويشعره بالخوف والفزع ويلازمه الاكتئاب -وهذا ما أراه في رسالتك- فيكون الخوف من الموت في هذه الحالة رهاباً، وفي حالات أخرى وسواساً.
لقد فعلت الصواب عندما ذهبت لطبيب نفسي، وإن كنت أرى ضرورة العلاج المعرفي السلوكي في حالتك، إن خوفك وحبس نفسك في البيت زادا من مشكلتك، يجب عليك أن تصحح أفكارك ومفاهيمك عن الحياة والموت. أنت حي ولست ميتاً، وما زلت تتذوق حلاوة نعمة الحياة، واسأل نفسك لماذا تخاف الموت؟ وحدد الأسباب وجد لها حلاً: مثل أن تجيب أخاف من الموت لأني قد أذهب للنار، فقل لنفسك أنك ستعمل لكي تذهب للجنة، وأنك ستستغفر لذنوبك فالله غفور رحيم، وضع في بالك أن الموت ما هو إلا مرحلة انتقالية من حياة لحياة، وحياتنا هذه تحدد شكل حياتنا الأخرى: مَن عمل خيراً وجد خيراً، والعكس.
واعلم أن الله رؤوف رحيم وأن حياتنا هذه هي الجزء الصعب فعزّ من قائل: "لقد خلقنا الإنسان في كبد" أي أن حياتنا هذه هي الكبد والعناء وبأمر الله ما بعد الموت هو الحياة الأفضل طالما كنت مؤمناً بالله ومخلصاً في عبادتك له. كما أن لا أحد يهرب من الموت فهو جزء من الحياة.
واجه الحياة وليكن ما يكون، وإن تخطيت خوفك مرة فستقهره للأبد، فالخوف أضعف مما تتخيل وسترى أن ما ضاع من عمرك بسبب الخوف راح هباء.
تشجع وتوكل على المحي المميت واركب المواصلات التي تخشاها، وفي سفرك حاول أن تسلي نفسك بالقراءة أو الاستماع للموسيقى أو القرآن، ويستحسن لو ذهبت لطبيب يعطيك جلسات علاج معرفي سلوكي، ولحينها جرب تمرينات الاسترخاء فهي مريحة وستخفف من توترك وقلقك.
واقرأ أيضًا:
نفسي عصابي رهاب ساحة Agoraphobia
نفسي عصابي: اضطراب هلع Panic Disorder
نفسي عصابي: خلطة قلق واكتئاب Anxiety Depression