أفدح من غزة.. وصايا فاطمة مشاركة
أستاذي العزيزان د. أحمد عبد الله...... د. وائل أبو هندي، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته؛
كم سعدت كثيرا بالرد على رسالتي التي طالما انتظرت الرد عليها حتى أرى هل كنت مخطئة في كلامي أم مصيبة؟
أحب أن أوضح أولا أن العنوان لا الاستشارة لفت انتباهي وعندما فتحتها صدمت من هول المفاجأة لا لأن ذلك جديد على مجتمعاتنا بل لأني أحسست أنه قريب مني ومن إخوتي وأصدقائي بشكل لم أكن أتخيله، وأحب أن أوضح أني في بادئ الأمر لم أكن متعاطفة مع السائل بل أحسست بالغثيان مما قاله ولكني على الفور تذكرت نفسي مع زوجي وأطفالي ونحن نشاهد ماتش كرة أو برنامج هادف أو حتى نشرة الأخبار وفجأة يخرج علينا إعلان صابون لامرأة عارية أو شبه عارية. حتى الأطفال والأسر العفيفة وحتى الرجال الذين يحاولون أن يعفوا أنفسهم جميعهم لم يسلموا من هذا الغزو السيئ.
ولقد سعدت كثيرا برأيك د. أحمد ولكن اعذرني ألا تجد فيه نوعا من النظرة التشاؤمية ما المانع من أن يمارس هذا الشاب رياضة المشي حتى أو يلهي نفسه في أي هواية أو أي شيء آخر؟ أليس هذا أفضل مما يقوم بفعله ليل نهار؟
لا تقل لي أنها مشكلة مجتمع بأسره لأنني أدرك ذلك تماما لكن بالله ما علاقة السائل إن كانت مشكلة مجتمع أم لا؟ ما علاقته بالحالة الاقتصادية وتأخر سن الزواج؟ إنها كما ذكرت رغبة ولن تطفأ إلا بطريقين لا ثالث لهما الزواج أو العفاف فإن لم يستطع الزواج فيجب أن يبحث له عن شيء آخر يمارسه غير الحرام وما الذي سيلهيه عن ذلك إلا شغل وقت الفراغ؟
أوافقك الرأي تماما أنها مشكلة أصبحت متأصلة في مجتمعاتنا لكن قل لي ما العمل مع حالة كتلك؟
لقد أحسست من ردك على استشارته أنك تسفه من مشكلته أو تقلل من شأنها فما علاقته بغزة أو غيرها (أصلا تلاقيه ميعرفش فين غزة ع الخريطة) أعتقد أستاذي العزيز أن السائل عندما يسأل عن مشكلة تلح عليه فإنه يريد الحل السريع والفوري لها -حتى وإن كان من داخله لا يريد حلا بل عرض مشكلته لمجرد رفع الإحساس بالذنب من على كاهله- فإنني أعتقد أنه من الواجب علي إرشاده وذلك لأن مشكلته عرضت على الصفحة ورآها آخرون قد يكونون قد وقعوا في نفس المشكلة أيضا، ولقد علقتم سيادتكم على اقتراح السفر للخارج ولقد أخذت ذلك الاقتراح أستاذي العزيز من على لسانكم عندما قلت له (البعض يسافر يا أخي الكريم ليبحث عن فرصة، والبعض يرضى بالمتاح من العمل ووسائل الكسب، فلماذا لا تجتهد في هذا أو ذاك لعلك تستطيع الزواج؟! ولماذا لا تستثمر طاقتك المتدفقة في شيء أو نشاط نافع يعلمك مهارة أو يضيف إليك معلومة، أو تواصلاً ينفعك بدلاً من ملاحقة مؤخرات النساء فإن هذا لن يأتي بخير!!!).
اسمح لي سيدي العزيز أن أقول لك بأنك لم تشف غليل السائل ولا حتى غليلي بذلك الرد الغريب فكما صدمني السائل صدمني أيضا ردك، واسمح لي بأن أقول لك أنك استفززتني لذلك آثرت أن أرد عليه مع أن علمي قليل بجانب علمكم في هذا المجال وبالرغم من أني امرأة لا ولن أحس بما يعانيه هذا الشاب ولقد وجدتها مخاطرة بأن أرد بعد ردكم لكني وجدت أنه من الأمانة أن أرد على ذلك الشاب حتى ولو لم يستمع لنصيحتي فيكفينا شرف المحاولة، فبالله أخبرني ما الحل الحقيقي لتك المشكلة (لذلك السائل) إن كان كلامي كلاشيهات من سفر ومشي وأقارب وأصدقاء؟.........
اشكر لك يا أستاذي العزيز سعة صدركم وتحملك لردي وإن كان جافا ولكني أعلم جيدا أنك لن تغضب لنفسك وأسعد بردك وتواصلك وأرجو أن نكون يدا واحدة دائما لحل مشكلات مجتمعاتنا، كما أشكرك أستاذي العزيز د. وائل انك اهتممت بمشاركتي وأرسلت لي الرد، كما أهنئك على موقعك الجميل الذي تعلمت منه الكثير والكثير.. أسأل الله تعالى أن يجندنا لخدمة أمته وإصلاح حال مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
9/7/2009
الأخت الكريمة: تأخرت عليك ثانية، ولكن نتواصل على خير دائما بإذن الله.
لا يوجد من سبيل غير الحوار المفتوح حتى تكتمل الصورة، وتعم الفائدة، لعل الله ينفع بكلمة نقولها أو نقرأها أو يبلغها أحد عنا، ورب مبلغ أوعى من سامع.
ليست أمامي للأسف نصوص المشكلة الأصلية ولا ردي عليها، ولا مشاركتك على الرد، ولا ردي على مشاركتك، ولم أحب أن أتأخر في الرد عليك أكثر من ذلك، لذا سيقتصر ردي على ما جاء في رسالتك الأخيرة، وما بقي في الذاكرة من خط الكلام في الموضوع منذ الرسالة الأولى!!!
تسألين: "ما المانع من أن يمارس هذا الشاب رياضة المشي، حتى أو يلهي نفسه...إلخ"
وأقول ليس هناك مانع من حيث المبدأ، ولكنني أدعو إلى استثمار الطاقة الإنسانية والحيوية لا مجرد تبديدها، وهد الحيل حتى تتسرب هذه الطاقة بالتعب!!
أقول بدلا من هد الحيل الذي نمارسه بالملايين طلبا للعفة ينبغي أن نسعى لاستثمار طاقاتنا وأوقاتنا وقواتنا في أنشطة بدنية وثقافية وروحية وترويحية ممتعة ونافعة، وهي للأسف غائبة عن أنظمة حياتنا بسبب وأسباب منها ضمور تفكيرنا وتطويرنا لتنظيم أوقاتنا على المستوى الفردي والجماعي، ولعلك سمعت مؤخرا عن أن مكتبة المجلس البريطاني بالقاهرة قد أغلقت أبوابها أمام الجمهور لأنهم وجدوا أن عدد المترددين والمستفيدين من خدمات المكتبة لا يتناسب مع تكلفة الإنفاق السنوي عليها!!!
ومثل ذلك تجدينه في آلاف مراكز الشباب وقصور الثقافة المنتشرة بطول القطر من الإسكندرية إلى حلايب وشلاتين بحيث صارت هذه الأماكن في أغلبها معطلة أو شبه معطلة ترتع فيها الحمير والماعز والقطط في الأرياف، وقد يقتصر نشاطها في المدن على إقامة الأفراح، وبعض من يتقاذفون كرة بالأقدام طلبا لبعض المتعة أو هد الحيل، ولابد من خطة أرقى تليق بالبشر حين يفكرون في قضاء الأوقات واستثمار الطاقات، أما هد الحيل فيمارسه كل أحد، وهو في رأيي مجرد تبديد وتسريب للطاقة والوقت والنشاط الذهني، وهذا قد يكون حراما أشد من التلهي بالصور العارية أو ممارسة أنواع الخبل الجنسي الذي تغرق فيه أمتنا في انتظار الزواج أو بديلا عنه أو!!!
إذا كنت تقنعين بأن سائلا يقول لك ماذا أفعل فيما أعانيه هكذا فيكون ردك: إتلهي في أي نشاط يهد حيلك فهذا أفضل مما تقوم به!!
هذا شأنك أنت واختيارك وظنك بأن هذا يبدو حلا واقعيا، وعندي فإنه يبدو ربما اختيار عاجز أقل سوءا من غيره، لكنه لا أفضل ولا يحزنون، والفارق واضح.
أنا لا ألومك ولا ألومه ولست متشائما ولا متعاطفا ولا غاوي أصدمك، ولكنني فقط أقول أن حياتنا هذه أدنى من حياة الأنعام، وأنها يمكن أن تتغير لو تغير أسلوب تفكيرنا وتخطيط أمورنا ولو على مستويات بسيطة وبالتدريج!!
الأمة التي تقولين أن فيها أغلبية تنشد العفاف، أتفق معك في ذلك، ولكن أضيف أنها أمة كسلى تنتظر من يصلح لها أمورها، وتكتفي من الرغبة في العفة بشتيمة إعلانات الصابون، والناس في كل الدنيا الفاعلة الحية يفكرون ويتفكرون ويتحركون ليعيشوا بشكل أفضل وأمتع وأكثر اتساقا مع قناعاتهم، ونحن نشكو أو نتهكم، ونسب الغزو ونتواصى بالإنكار فيحاصرنا المنكر ويخترقنا وبيوتنا وعقولنا وأولادنا طبعا!!
لأن تغيير المنكر لا يكون إلا بإقامة غيره يا أختي، ونحن ما زلنا نتلعثم أصلا في فهم فقه المنكر معناه وأنواعه وجذوره وتغييره، والقصة تطول!!
وعلاقة السائل بذلك كله أن سيادته مثل حضرتك ومثلنا جميعا أفراد في هذا المجتمع، وإذا كانت الخطة هي "هد الحيل"، وهو الحاصل فعلا على مستويات كثيرة ودوائر عدة، إذا كانت الخطة هي "هد الحيل" في أنشطة نتلهي فيها أو برامج أو حوارات أو صراعات لا طائل من وراءها في البيوت والإعلام والسياسة وعموم حياتنا، إذا كانت هذه هي الخطة فلن يحصل أي تغيير مع تمام إدراكنا مثلك أنها مشكلة مجتمع.
مع حرصي الدائم والمستمر والكامل على أن أحفز نوعا مختلفا من التفكير والتناول يخرجنا من الحلقات المفرغة والكلام السخيف الذي نكرر فيه ونعيد ونزيد بوصفه كلاما مفيدا أو حلولا نقدمها للناس، وهي مجرد لغو مثل بقية اللغو المنتشر، وأنا أحاول تجاوز هذا، وإن فشلت فلعل أجر المجتهد لا يفوتني بإذن الله، إن فاتني أجر النجاح!!
إذن نحتاج لتفكير راشد وإبداع بسيط وعميق لاستمثار كل الوقت: وقت العمل الذي لا نعمل فيه، ووقت الفراغ الذي تحول عندنا إلى خواء رهيب وخطير أو "افتكاسات" هد الحيل بحثا عن العفاف، فهل من سبيل للرشد وسط كل هذا الهدر والجنون؟! أبحث معكم!!
وأنا وأنت والسائل وكلنا نحتاج إلى إعادة احترام أرواحنا وأنفسنا وعقولنا وأجسادنا فلا نصرف وقتا إلا فيما يضيف إلينا نضجا أو متعة، دنيا أو دين، أما الهطل الشائع فلا يليق ببشر فما بالنا بخير أمة؟؟؟؟.
وللمرة المليون أكرر أنني لا أهاجم أحدا ولست متشائما ولا متفائلا ولا يهمني غير البحث الدؤوب عن مخارج من هذه السكك المغلقة التي حشرتنا فيها ظروفنا وسفه عقولنا، ولا نبدو راغبين في التحرر منها، ولا يظهر علينا أية أعراض لإبداع حلول غير تململ السقيم من مرضه مع كامل وعيه بالتشخيص، ونتائج التحليل!!!
النت الذي يجلس عليه شبابنا كان سبيلا لحل مشكلة الزواج عند البعض فمنهم من تزوج الأندونيسية المسلمة، أو غير ذلك ممن لا ترى أسرتها أن الزواج هو صفقة أو "بيعة وشروة" كما يقولون، وليس الزواج بهذه الاستحالة التي يشكو منها ضعاف العقول من شبابنا، وهم بالملايين!!
ولذلك لن أجلس أردد هذا الكلام السفيه عن صعوبة الزواج، ويا عيني على شبابنا وبناتنا، لأننا نحن من جعله صعبا، بينما هو ليس كذلك في كل الدنيا إلا عندنا!!
ولذلك أهاجم السفه الذي هو ضعف العقل وقلة الحيلة وفساد التدبير والتخطيط والاختيار للعيش، وعندنا منه الكثير!!!
ولو أنك عدت إلى أصل نص ردي، وتاريخ نشر إجابتي على السائل لعرفت علاقة مشكلته بغزة، وراجعي جيدا ذلك لتعرفي إن شئت!!
وهجومي على السفه شيء، وتسفيهي لأحد أو مشكلته هو شيء آخر تماما، لأن ضعف العقل والحيلة والخبرة والتجربة والفقه والعلم والتدبير يوقعنا في مشكلات يمكن أن نخرج بها إذا تخلصنا من هذه الآفات، وحتى يحصل ذلك فإن هذه المشكلات التي نوقع أنفسنا فيها ستظل هي نفس المشكلات بنفس الجذور!!
وهدفي الدائم استكشاف جذور السفه وأسبابه ومظاهره وأعراضه لعل وعسى، أما تسفيه الناس أو مشكلاتهم فهو أبعد شيء عن مسلك طبيب يعرف أن أية شكوى أو أعراض أو معاناة يمكن أن تكون مظهرا لخطر أكبر كامن، أو مقدمة لمشكلة أكبر قادمة، وهذا ما نحاول رصده وتحليله، وأعتذر عن أي سوء فهم أو خلط بين نقد السفه وتسفيه سائل أو مشكلة!!
هذا هو مذهبي في تقديم الاستشارات، وكل واحد فينا يقدم ما لديه وما يعتقده حلولا تفيد المسترشدين، وقد يحب البعض أسلوب الحلول التي تسمينها سريعة وفورية، بينما يرى آخرون أن الحل أن يمتلك كل منا عقلا وأسلوب تفكير يصلح له حياته وذلك بمثابة تعليم الصيد بدلا من إعطاء الناس سمكة يأكلونها ثم يجوعون، ولا مانع من تكامل الطرق والوسائل لتقديم الحلول، ولكل واحد فينا بعض الخبرة، وزاوية للنظر بقدر اجتهاده وليس بمجرد مرور الوقت، وتقادم العهد على هذا المستشار أو ذاك، بمقدار ما يبذل الإنسان تتراكم لديه معارف وخبرات يمكن أن تفيد، ولا يملك أحد منا فصل الخطاب أو كلمة النهاية حتى تشعرين أنها مخاطرة بالرد بعد أن رددت أنا، والدين النصيحة كان وما يزال وسيظل عند من يفقهون أو يبحثون عن الحق، جعلنا الله منهم.
وأنا أيضا أشكر لك سعة صدرك، وتهذيبك في استيضاح ما بدا لك غامضا، وقد أسعدني هذا، والحديث موصول.
أختم بأننا لا يجدي في حالنا غير إرشاد جذري لأصول العلل، وإصلاح جذري لمقدمات الأمراض، وطرق تفكير مختلفة عن هذه التي نتصورها طرقا للتفكير أو وصفات للحلول، وهي على طريقة: اغسل يديك قبل الأكل وبعده، ونظف أسنانك بالفرشاة والمعجون (أبتسم) مع فائق احترامي للصابون بأنواعه، وكامل اعتراضي على العري في إعلانات الصابون وغيرها، ودمت سالمة.
د. أحمد عبد الله
رد المستشار
الأخت الكريمة: تأخرت عليك ثانية، ولكن نتواصل على خير دائما بإذن الله.
لا يوجد من سبيل غير الحوار المفتوح حتى تكتمل الصورة، وتعم الفائدة، لعل الله ينفع بكلمة نقولها أو نقرأها أو يبلغها أحد عنا، ورب مبلغ أوعى من سامع.
ليست أمامي للأسف نصوص المشكلة الأصلية ولا ردي عليها، ولا مشاركتك على الرد، ولا ردي على مشاركتك، ولم أحب أن أتأخر في الرد عليك أكثر من ذلك، لذا سيقتصر ردي على ما جاء في رسالتك الأخيرة، وما بقي في الذاكرة من خط الكلام في الموضوع منذ الرسالة الأولى!!!
تسألين: "ما المانع من أن يمارس هذا الشاب رياضة المشي، حتى أو يلهي نفسه...إلخ"
وأقول ليس هناك مانع من حيث المبدأ، ولكنني أدعو إلى استثمار الطاقة الإنسانية والحيوية لا مجرد تبديدها، وهد الحيل حتى تتسرب هذه الطاقة بالتعب!!
أقول بدلا من هد الحيل الذي نمارسه بالملايين طلبا للعفة ينبغي أن نسعى لاستثمار طاقاتنا وأوقاتنا وقواتنا في أنشطة بدنية وثقافية وروحية وترويحية ممتعة ونافعة، وهي للأسف غائبة عن أنظمة حياتنا بسبب وأسباب منها ضمور تفكيرنا وتطويرنا لتنظيم أوقاتنا على المستوى الفردي والجماعي، ولعلك سمعت مؤخرا عن أن مكتبة المجلس البريطاني بالقاهرة قد أغلقت أبوابها أمام الجمهور لأنهم وجدوا أن عدد المترددين والمستفيدين من خدمات المكتبة لا يتناسب مع تكلفة الإنفاق السنوي عليها!!!
ومثل ذلك تجدينه في آلاف مراكز الشباب وقصور الثقافة المنتشرة بطول القطر من الإسكندرية إلى حلايب وشلاتين بحيث صارت هذه الأماكن في أغلبها معطلة أو شبه معطلة ترتع فيها الحمير والماعز والقطط في الأرياف، وقد يقتصر نشاطها في المدن على إقامة الأفراح، وبعض من يتقاذفون كرة بالأقدام طلبا لبعض المتعة أو هد الحيل، ولابد من خطة أرقى تليق بالبشر حين يفكرون في قضاء الأوقات واستثمار الطاقات، أما هد الحيل فيمارسه كل أحد، وهو في رأيي مجرد تبديد وتسريب للطاقة والوقت والنشاط الذهني، وهذا قد يكون حراما أشد من التلهي بالصور العارية أو ممارسة أنواع الخبل الجنسي الذي تغرق فيه أمتنا في انتظار الزواج أو بديلا عنه أو!!!
إذا كنت تقنعين بأن سائلا يقول لك ماذا أفعل فيما أعانيه هكذا فيكون ردك: إتلهي في أي نشاط يهد حيلك فهذا أفضل مما تقوم به!!
هذا شأنك أنت واختيارك وظنك بأن هذا يبدو حلا واقعيا، وعندي فإنه يبدو ربما اختيار عاجز أقل سوءا من غيره، لكنه لا أفضل ولا يحزنون، والفارق واضح.
أنا لا ألومك ولا ألومه ولست متشائما ولا متعاطفا ولا غاوي أصدمك، ولكنني فقط أقول أن حياتنا هذه أدنى من حياة الأنعام، وأنها يمكن أن تتغير لو تغير أسلوب تفكيرنا وتخطيط أمورنا ولو على مستويات بسيطة وبالتدريج!!
الأمة التي تقولين أن فيها أغلبية تنشد العفاف، أتفق معك في ذلك، ولكن أضيف أنها أمة كسلى تنتظر من يصلح لها أمورها، وتكتفي من الرغبة في العفة بشتيمة إعلانات الصابون، والناس في كل الدنيا الفاعلة الحية يفكرون ويتفكرون ويتحركون ليعيشوا بشكل أفضل وأمتع وأكثر اتساقا مع قناعاتهم، ونحن نشكو أو نتهكم، ونسب الغزو ونتواصى بالإنكار فيحاصرنا المنكر ويخترقنا وبيوتنا وعقولنا وأولادنا طبعا!!
لأن تغيير المنكر لا يكون إلا بإقامة غيره يا أختي، ونحن ما زلنا نتلعثم أصلا في فهم فقه المنكر معناه وأنواعه وجذوره وتغييره، والقصة تطول!!
وعلاقة السائل بذلك كله أن سيادته مثل حضرتك ومثلنا جميعا أفراد في هذا المجتمع، وإذا كانت الخطة هي "هد الحيل"، وهو الحاصل فعلا على مستويات كثيرة ودوائر عدة، إذا كانت الخطة هي "هد الحيل" في أنشطة نتلهي فيها أو برامج أو حوارات أو صراعات لا طائل من وراءها في البيوت والإعلام والسياسة وعموم حياتنا، إذا كانت هذه هي الخطة فلن يحصل أي تغيير مع تمام إدراكنا مثلك أنها مشكلة مجتمع.
مع حرصي الدائم والمستمر والكامل على أن أحفز نوعا مختلفا من التفكير والتناول يخرجنا من الحلقات المفرغة والكلام السخيف الذي نكرر فيه ونعيد ونزيد بوصفه كلاما مفيدا أو حلولا نقدمها للناس، وهي مجرد لغو مثل بقية اللغو المنتشر، وأنا أحاول تجاوز هذا، وإن فشلت فلعل أجر المجتهد لا يفوتني بإذن الله، إن فاتني أجر النجاح!!
إذن نحتاج لتفكير راشد وإبداع بسيط وعميق لاستمثار كل الوقت: وقت العمل الذي لا نعمل فيه، ووقت الفراغ الذي تحول عندنا إلى خواء رهيب وخطير أو "افتكاسات" هد الحيل بحثا عن العفاف، فهل من سبيل للرشد وسط كل هذا الهدر والجنون؟! أبحث معكم!!
وأنا وأنت والسائل وكلنا نحتاج إلى إعادة احترام أرواحنا وأنفسنا وعقولنا وأجسادنا فلا نصرف وقتا إلا فيما يضيف إلينا نضجا أو متعة، دنيا أو دين، أما الهطل الشائع فلا يليق ببشر فما بالنا بخير أمة؟؟؟؟.
وللمرة المليون أكرر أنني لا أهاجم أحدا ولست متشائما ولا متفائلا ولا يهمني غير البحث الدؤوب عن مخارج من هذه السكك المغلقة التي حشرتنا فيها ظروفنا وسفه عقولنا، ولا نبدو راغبين في التحرر منها، ولا يظهر علينا أية أعراض لإبداع حلول غير تململ السقيم من مرضه مع كامل وعيه بالتشخيص، ونتائج التحليل!!!
النت الذي يجلس عليه شبابنا كان سبيلا لحل مشكلة الزواج عند البعض فمنهم من تزوج الأندونيسية المسلمة، أو غير ذلك ممن لا ترى أسرتها أن الزواج هو صفقة أو "بيعة وشروة" كما يقولون، وليس الزواج بهذه الاستحالة التي يشكو منها ضعاف العقول من شبابنا، وهم بالملايين!!
ولذلك لن أجلس أردد هذا الكلام السفيه عن صعوبة الزواج، ويا عيني على شبابنا وبناتنا، لأننا نحن من جعله صعبا، بينما هو ليس كذلك في كل الدنيا إلا عندنا!!
ولذلك أهاجم السفه الذي هو ضعف العقل وقلة الحيلة وفساد التدبير والتخطيط والاختيار للعيش، وعندنا منه الكثير!!!
ولو أنك عدت إلى أصل نص ردي، وتاريخ نشر إجابتي على السائل لعرفت علاقة مشكلته بغزة، وراجعي جيدا ذلك لتعرفي إن شئت!!
وهجومي على السفه شيء، وتسفيهي لأحد أو مشكلته هو شيء آخر تماما، لأن ضعف العقل والحيلة والخبرة والتجربة والفقه والعلم والتدبير يوقعنا في مشكلات يمكن أن نخرج بها إذا تخلصنا من هذه الآفات، وحتى يحصل ذلك فإن هذه المشكلات التي نوقع أنفسنا فيها ستظل هي نفس المشكلات بنفس الجذور!!
وهدفي الدائم استكشاف جذور السفه وأسبابه ومظاهره وأعراضه لعل وعسى، أما تسفيه الناس أو مشكلاتهم فهو أبعد شيء عن مسلك طبيب يعرف أن أية شكوى أو أعراض أو معاناة يمكن أن تكون مظهرا لخطر أكبر كامن، أو مقدمة لمشكلة أكبر قادمة، وهذا ما نحاول رصده وتحليله، وأعتذر عن أي سوء فهم أو خلط بين نقد السفه وتسفيه سائل أو مشكلة!!
هذا هو مذهبي في تقديم الاستشارات، وكل واحد فينا يقدم ما لديه وما يعتقده حلولا تفيد المسترشدين، وقد يحب البعض أسلوب الحلول التي تسمينها سريعة وفورية، بينما يرى آخرون أن الحل أن يمتلك كل منا عقلا وأسلوب تفكير يصلح له حياته وذلك بمثابة تعليم الصيد بدلا من إعطاء الناس سمكة يأكلونها ثم يجوعون، ولا مانع من تكامل الطرق والوسائل لتقديم الحلول، ولكل واحد فينا بعض الخبرة، وزاوية للنظر بقدر اجتهاده وليس بمجرد مرور الوقت، وتقادم العهد على هذا المستشار أو ذاك، بمقدار ما يبذل الإنسان تتراكم لديه معارف وخبرات يمكن أن تفيد، ولا يملك أحد منا فصل الخطاب أو كلمة النهاية حتى تشعرين أنها مخاطرة بالرد بعد أن رددت أنا، والدين النصيحة كان وما يزال وسيظل عند من يفقهون أو يبحثون عن الحق، جعلنا الله منهم.
وأنا أيضا أشكر لك سعة صدرك، وتهذيبك في استيضاح ما بدا لك غامضا، وقد أسعدني هذا، والحديث موصول.
أختم بأننا لا يجدي في حالنا غير إرشاد جذري لأصول العلل، وإصلاح جذري لمقدمات الأمراض، وطرق تفكير مختلفة عن هذه التي نتصورها طرقا للتفكير أو وصفات للحلول، وهي على طريقة: اغسل يديك قبل الأكل وبعده، ونظف أسنانك بالفرشاة والمعجون (أبتسم) مع فائق احترامي للصابون بأنواعه، وكامل اعتراضي على العري في إعلانات الصابون وغيرها، ودمت سالمة.