نوبات الهلع: عرضٌ أم تشخيص!؟!
ردا على سؤال السيدة التي تعاني من حالات الهلع
أنا في هذا العام مريت بهذه الحالة بالرغم من صعوبة الحالة ولكن لقد أفادتني هذه الحالة كثيرا بسببها أقلعت عن السجاير وأقلعت عن ما يغضب الله
صحيح أفعل ذنوب ولكن ليست مثل الذنوب الماضية، ولكنني أريد ردا على هذا السؤال وأتضامن معك في سؤالك هل حالات الهلع تبقى حتى آخر العمر؟
وأسأل الله الشفاء من عنده لي ولكِ
ولجميع مرضى المسلمين!
16/09/2009
رد المستشار
الأخ العزيز "sameh yussif ismeal" أهلا وسهلا بك على مجانين، وشكرا جزيلا على مشاركتك في هذه الاستشارة الأرشيفية التي نشرت في خامس يومٍ لظهور مجانين..... ذكرتنا بأيام قد خلت فشكرا جزيلا لك.
أحد أهم فوائد نوبة الهلع هو بالضبط ما ذكرته من الإقلاع عن التدخين والابتعاد عن السلوكيات الضارة أي أن يعقب حدوثها للمرة الأولى انضباط عام في السلوك أحيانا يكون دائما وأحيانا عابرا جعلك الله من دائمي الانضباط....
سؤالك مهم (هل حالات الهلع تبقى حتى آخر العمر؟) ولكنك على ما يبدو لم تقرأ ردنا على صاحبة المشكلة الأصلية لأنك أنت الآخر لم تذكر لنا تفاصيل حالتك هل كانت نوبة هلع واحدة ولم تتكرر أم هي تكررت؟ وماذا كانت استجابتك لها وكيف تصرفت وكيف تطور بك المسار بعد ذلك.. إجابة كل هذه الأسئلة مهمة يا أخي لنستطيع الرد عليك لأن المسألة تعتمد على الإطار الذي تحدث فيه نوبات الهلع فهل هي وحدها أم هي العلامة الأساسية في اضطراب مزمن كاضطراب الهلع؟ أم هي جزء من أحد اضطرابات القلق الرهابي؟
وعلى كل سأوضح لك بعض المفاهيم المهمة والتي تفترضها النظرية المعرفية السلوكية لنوبات الهلع، وأرى أن نوبات الهلع ظاهرة تكاد تكون طبيعية وآمنة لأنها يمكن أن تحدث لأي إنسان (أو لنقل أنها تحدث ولو مرة في العمر لتسعين بالمائة من الناس) إذا توفرت ظروف معينة لحدوثها والمهم هو بأي شيء يفسر المريض العرض الأول لنوبة الهلع لأن هذا التفسير الذي غالبا ما يكون إدراكا مفرطا في التهويل للخطر الداهم (موت مفاجئ، سكتة قلبية، تصرف مجنون..إلخ) فتكون النتيجة بالتالي هي زيادة أعراض القلق بسرعة وتتاليها لتتشكل النوبة الكاملة.... هذا التفسير هو ما يجعل البعض يصبح مريضا بالهلع أو بغيره من أنواع الرهاب أو الوسواس... إلا أن كثيرين من التسعين بالمائة لا ينشغلون بتلك النوبة فيتجاهلها بعضها لأنها تكونُ عابرة رغم قسوتها أو يفسرها مثلا بأنه لم ينم بالأمس فكان مرهقا أو أسرف في تعاطي الكافيين أو بأي تفسير آخر وينتهي الموضوع ولا ينشغل به الشخص.
إلا أن هناك تهيئة بيولوجية وربما معرفية أيضًا تجعل بعض الناس فقط هم من تتكرر لديهم النوبات إما في مسار اضطراب مزمن كاضطراب الهلع؟ أو كأحد أعراض أي من أنواع الرهاب (اضطرابات القلق الرهابي؟) أو غالبا في إطار رهاب الساحة فيما يسمى "اضطراب هلع مع رهاب ساحة".... وكي لا أتعبك معي والتوصيف والتصنيف أقول لك يا أخي الفاضل:
لنعتبر أن كل إنسانٍ عرضة في ظروف معينة -ضعف فيها كيانه النفسي بشكل أو بآخر- لأن تحدث له نوبة هلع، لكن من دهمته نوبة الهلع مرة يبقى معرضا أكثر لها هكذا بالمنطق البسيط... لكنه إذا تغير بشكل إيجابي فأصبح إما بيولوجيا أو معرفيا وسلوكيا قادرا على إيقاف حدوثها إما لأنه مسلح بعقاقير من مجموعة الم.ا.س.ا أو لأنه مطمئن تمام الاطمئنان معرفيا لعدم خطورة النوبة وبعد العلاج المعرفي السلوكي الناجح مطمئن لقدرته على إيقاف نوبة الهلع إذا هي يوما حاولت مداهمته هو واثق في قدرته على الانتصار.
إذن سؤالك مهم (هل حالات الهلع تبقى حتى آخر العمر؟) لكننا لا نستطيع الإجابة ما لم نعرف بأي شكل تتعالج أنت من نوبات الهلع؟ إن كنت فقط تعالج عقاريا فأنت في الأغلب ستستمر على استخدام العقاقير إما بصورة مزمنة –وهو الأفضل- أو بصورة متقطعة...، وإن أفلحت في إيجاد من يصدقك العلاج المعرفي السلوكي لنوبات الهلع وأكملته معه بنجاح فأنت إن شاء الله ستستطيع الحياة والاطمئنان دون عقاقير... أتمنى أن يكون في هذا رد على سؤالك يا "sameh yussif ismeal".... وكل عام وأنت بخير فنحن نودع الشهر الفضيل....
وأهلا بك دائما على مجانين.
ويتبع >>>>>>>>: نوبات الهلع: عرضٌ أم تشخيص!؟! مشاركة1