أرفض أي عريس فقد يكون مثل أبي!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
للأسف نحن نعاني من نفس المشكلة أنا وأختي ونخاف جداً من عذاب الله لكن غصباً عنا!.
أبي كان رجلاً محترماً جداً وتقيّاً أيام العمل، عندما تفاعد تحوّل إلى شخص آخر؛ أهمل جداً جداً في مظهره بشكل ملحوظ، امتنع عن الاستحمام فأصبح مرة كل أسبوعين، ولا يغيّر ملابسه إلا بعد مشاجرة كبيرة من والدتي، وتعرّف على جماعة يقال عنهم متدينون ولكني أشك في ذلك، وذهب لحضور شيء يسمى الحضرة لذكر الله. أصبح يشتري طعاماً كثيراً وسكر وشاي ويذهب للحضرة ويأكلون في بيت الله ويفعلون أشياء غريبة، بل الأكثر أنهم حولوا اتجاهم إلى المقابر، ويشربون هناك الشاي ويأكلون! ويأتي أبي إلى المنزل ممتلىء بتراب المقابر.
لقد أصبحت أنا وأختي وأمي في جحيم؛ تكلمنا معه كثيراً بلا فائدة، وأحضرنا له كتباً وبرامج دينية تقول أن هذا حرام وشرك بالله بلا فائدة، أصبح يصرف كل أمواله على هذه الأشياء ويبخل علينا، بل يسافر مع هؤلاء الجماعة إلى زيارة الأولياء والأضرحة، وهذه الرحلات تكلفه مصاريف كثيرة. من داخلي أشعر بيقين أن هذا ليس من الدين في شيء ولكن ما الحل؟.
المشكلة أن أختي أصبحت معقدة تماماً من الزواج، ترفض كثيراً من العرسان بسبب خوفها أن يكونوا مثل أبي، فأمي هي التي تصرف علينا الآن -حفظها الله لنا- وتحاول أن تهوّن علينا. أنا أشعر بفترات اكتئاب كثيرة، وأفكر أحياناً هل إذا تزوجت أصلح أن أكون زوجة؟ هل سأسعد زوجي وأنا مليئة بالعقد النفسية؟.
وأرجو الإجابة على مسألة سمعتها وتقلقني جداً وبدرجة فظيعة: سمعت أن الله يحاسب الأبناء بظلم أبيهم الظالم، هل هذا الكلام صحيح؟.
وجزاكم الله خيراً.
13/9/2009
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ريتاج،
ما ينبغي لك أنت وأختك أن تقيسا أنفسكما وحياتكما المستقبلية على ما يحدث الآن، فصحيح أن الأبناء يشبهون الأبوين في ملامحهم وغالب صفاتهم، لكن هذا لا يعني تشابه الأفعال والمستقبل، وكم من أبوين ناجحين لم يستطع ولدهما أن يبني أسرة، وكم من أسر فاشلة استطاع أبناؤها أن يستفيدوا من تجربتهم ويتجنبوا أخطاء آبائهم لبناء أسرة مستقرة سعيدة، فليس من الضروري أبداً أن يأتيكما رجل كأبيكما في صفاته، وإن صادفكما خاطب شبيه به، فعندكما من المعرفة والخبرة ما يجعلكما تعرفانه من أول الطريق وترفضان الارتباط به، فلا تعمما مشكلتكما.
إن نزوع الإنسان إلى التعميم طريقة غير سوية في التفكير غالباً ما تسبب له أزمات نفسية، ثم إن التعميم وتوقع السيء دائماً مخالف لقانون الحياة التي لا دوام فيها لشيء، والإنسان يتقلب فيها بين السراء والضراء. وكذلك فإنه مخالف لقانون الحياة -أيضاً- الذي يقضي باحتوائها للخبيث والطيب. فبالتأكيد تستطيعين بناء أسرة وإسعاد زوج، وكل ما يلزمك لتحقيق ذلك أن تغيري نظرتك إلى ما يمر بك من أحداث، فبدل أن تنظري إليها نظرة يأس وتشاؤم، انظري إليها بعين المتفكر وحللي المواقف والأسباب وحاولي طرح الحلول التي –وإن لم تنجح في الواقع- ستعطيك قدرة على التفكير وحل الأزمات، وهذا يفيدك في مستقبلك.
يبدو أنك تعلقين نفسك بوالديك كثيراً، وكأن ما يفعلانه هو الذي سيحدد مستقبلك، وهذا واضح من طبيعة معاناتك ومن سؤالك الأخير، أو لعل ذلك القول الذي تستفسرين عنه هو سبب من الأسباب التي أدت إلى تشاؤمك.
أختي الكريمة،
الكلام الذي سألت عنه غير صحيح وهو مخالف لصريح آيات القرآن الكريم، فلا يحاسب أحد بذنب أحد، وقد قال الله تعالى: ((ولا تزرُ وازرةٌ وِزرَ أُخرَى))، ولو كان ظلم الآباء يلحق الأبناء ويعاقبون عليه، لعوقب الصحابة رضوان الله عليهم على كفر آبائهم، ولكن العكس هو الذي حصل! لكن لو كان الأبناء راضين بظلم آبائهم ومحبين له، فإن الله تعالى يعاقبهم، ليس لأن آباءهم ظلموا، ولكن لأن رضاهم بالظلم معصية تستحق العقوبة، فهم إذن يعاقبون على ذنبهم لا على ذنب آبائهم.