وساوس السب والشكوك: محض الإيمان
وسواس مدمر وذنوب مهلكة.... أفيدوني أفادكم الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من الوسواس منذ كنت طفلة، لكن اشتد مع محاولات انتظامي على الصلاة وكنت أعاني معاناة شديدة في الوضوء الذي كنت أكرره عشرات المرات لكل صلاة حتى أبكي من عدم استطاعتي للوضوء والصلاة، وكنت أصلي وأنا في حالة توتر وعرق عارمة وحتى أنتهي من الصلاة.
كنت أمر بظروف عائلية صعبة منذ طفولتي وكنت دائماً أفكر في الموت وخروج الروح مذ كنت طفلة، وأفكر في السرطان وأشياء من هذا القبيل.
المهم، كانت أول تجربتي مع الدواء منذ 12 سنة تقريباً عندما اشتدت الأزمة العائلية وأصابني الاكتئاب لأول مرة وذهبت للطبيب الذي قال أن عندي اكتئاب ولا بد من أخذ دواء البروزاك، وأخبرني أنه عندما تستقر حياتي وأتزوج لن أحتاج للدواء. أخذت البروزاك وكان تأثيره بحمد لله سريعاً جداً حتى أني في غضون أسبوعين والله أعلم- على ما أتذكر كنت في أحسن حالاتي النفسية.
مضت سنين وظل هذا هو الحال؛ عندما تشتد الأزمات عليّ في ثوانٍ أشتري البروزاك وخلال أيام الحمد لله كان التحسن الشديد. وفي متابعتي بعد ذلك مع الطبيب قال لي أن من الافضل أن آخذ الأفكسور، ومرّت مرحلة طويلة كنت آخذ فيها الأفكسور وعندما أشعر بالتحسن -حتى لا أتابع مع الطبيب- أقطعه وحدي وأعود إليه وحدي أيضاً.
ظللت أتنقل من طبيب إلى طبيب وتمت خطبتي بعد زواجي الحمد لله من الإنسان الذي أحبه، شعرت أنه الوقت الذي يجب أن يقف فيه الدواء، وفعلاً الحمد لله أوقفته وبعدها بفترة وجيزة عاودني اكتئاب شديد ربما بسبب الحياة الجديدة والمسؤوليات التي كانت بالنسبة لي شاقة جداً ولم أعتد عليها. رجعت للدواء مرة أخرى وحاولت أن أتابع مع طبيب جلسات علاج معرفي ولكن ما أن تحسنت على الدواء انقطعت عن الجلسات وذلك لأن الدواء كان الحمد لله يذهب عني الوساوس فلم أكن أجد ما أتابعه في جلسات العلاج المعرفي. وخلال كل تلك السنين مرت عليّ أنواع مختلفة من الوساوس: المرض، الطهارة والوضوء، العقيدة، الموت.
مرّت عدة سنوات على هذا الحال وأنا متايعة على الدواء (البروزاك) حتى منّ الله علينا وأصبحت حاملاً، والحمد لله أخذت القرار بإيقاف الدواء فوراً، و مرت أول أشهر بوسواس خفيف في الوضوء والصلاة والحمد لله كنت أحرزت تقدماً فيه، بعد ذلك تنتابتني وساوس عنيفة عن الموت والمرض، الإخلاص لزوجي! والمشكلة أنه أصابني اكتئاب شديد واستحالت الحياة إلى جحيم بالنسبة لي وتلك الفترة تعد من أصعب الفترات التي مرت عليّ في حياتي. وحدثت مشاكل بيني وبين زوجي مما زاد الوضع سوءاً عليّ مع وجود الوساوس والاكتئاب، وفي مشاجرة بيني وبينه ذات مرة نطقت -غفر الله لي ولجميع المؤمنين- بقول كفر وهذه أول مرة يحدث مني ذلك، استغفرت ساعتها وأكملت كلامي معه ولكن بعد دقائق بدأ جحيم من نوع آخر.
بدأت أقول لنفسي أنا استغفرت أمامه هكذا فقط لأني مفروض أقول ذلك! أنا لم أقل صيغة الشهادتين كما ينبغي.. أنا بعدما قلت هذا الكلام -سامحني الله- أيضاً لما أكملت كلامي وقلت هكذا كنت أعني هكذا... وظللت اليوم الذي يليها أردد الاستغفار بصيغ مختلفة وأردد الشهادتين وأعيد وأكرر... فالأمر بالنسبة لي هذه المرة لم يكن وساوس بل شيء نطقته بلساني والذي أتمنى لو كان شلّ قبل ذلك، وبدأ الرعب يعتريني.
وبدأت المرحلة التي تليها وإلى الآن أنا أشعر أني أقول أشياء هكذا في عقلي، ومما زاد الوضع سوءاً أنه عند غضبي أو انفعالي أسمع هذا الكلام وأشياء أخرى في عقلي فأشعر أني أنا من أقولها لأني منفعلة، وحالي الآن أنني طوال اليوم أستغفر وأستعيذ وأصبحت الدقائق تمر عليّ كالجحيم.
أريد أن أعرف، هل هي مني فعلاً؟ وإن كانت لا، فكيف نطقت بمثل ما نطقت -غفر الله لي ولجمبع المؤمنين-؟ وهل عندما يكون هذا الكلام في العقل أسمعه وأنا أرتكب ذنباً ما، يعني يقال هذا الكلام في عقلي وأنا أفعل ذنباً معيناً باستبياع أو في حالة غضب أو أشياء أخرى لا أجرؤ أن أكتبها الآن خوفاً من أن تكون كتابتها إقراراً بها، أفلا يكون هذا الكلام نابعاً من نفسي؟.
أرجوكم أفيدوني وأرجو سرعة الرد على رسالتي،
أنا منهارة نفسياً وأتمنى أن يجعلكم الله سبباً في راحتي وراحة بالي مما أنا فيه، والذي والله العظيم لا يعلمه إلا الله المطلع على النفوس والأفئدة.
14/9/2009
رد المستشار
السلام عليكم، الأخت الكريمة،
إن لكل إنسان بلاءه في هذه الحياة، ولا تتخيلي أن أحداً يخلو من ابتلاء، وعلينا جميعاً أنا وأنت وكل إنسان على هذه الأرض أن نتأقلم مع بلائنا ونحسن التصرف معه حتى لا يؤثر تأثيراً كبيراً على حياتنا، وعطائنا. وبلاؤك هو الوسواس والاكتئاب، وأظن أن عندك معرفة جيدة بهما، ويلزم عن هذا أن تحسني التصرف معهما وتكوني على بصيرة بما يجري معك حتى لا تقعي فريسة الوساوس المرة تلو الأخرى.
إن ما حصل معك من نطق كلمات الكفر –والعياذ بالله- يمكن أن يقع لأي إنسان إن لم يتداركه الله عزّ وجلّ برحمته وفضله، ولهذا جعل الله تعالى لهذا الخطأ ما يصلحه، وهو الندم والاستغفار وتجديد الإيمان بالشهادتين، وحيث إنك قمت بهذا -بفضل الله تعالى- فإنك الآن من المسلمين، وعليك أن تحسني الظن بالله وأنه وعد بالمغفرة عند التوبة، وأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
تبقى الآن الوساوس التي تدور في ذهنك: وقد آن لك بعد هذه السنين الطويلة مع الوسواس وعلاجه أن تحسني التعامل معه، فبمجرد وقوعك في براثن فكرة ما وانزعاجك منها دون أن يكون لها سند من الواقع ذكري نفسك وقولي: "هذه حالة غير غريبة علي، ومن المؤكد أنها فكرة وسواسية لا قيمة لها، وأني أضخم الأمور وأراها على غير حقيقتها بسبب الوسواس، فيجب ألا أخاف من هذه الأفكار، وأن أقتنع بما يقوله لي المختصون، وأرمي ما سوى ذلك من الأفكار -والمشاعر الناتجة عنها- وراء ظهري فهي كاذبة"، ثم خاطبي الوساوس: فقولي لها: "نعم، عرفتك أنت وسواس ولست حقيقة!".
وما تسمعينه الآن في عقلك وسواس من جملة الوساوس التي مرت بك، لا يعبر عن حقيقتك، ولا يؤثر على إيمانك، فإيمانك أمر يقيني قطعي لا يحتاج إلى برهان ولا إلى نقاش، ولا يقوى الشك على تغييره، لهذا مهما تكرر الوسواس في ذهنك فذكري نفسك قائلة له: "أنت لست مهماً بالنسبة لي، أنت لا شيء!" وتابعي أمورك اليومية حيث لا شيء يدعو للقلق، إنما هو مجرد وسواس!.
لهذا فأنا أيضاً لا أريد أن أناقشك في ما تسألين عنه، ولا أريد أن أبرهن على بطلان مضمونه، لأنه لا قيمة له وهو مجرد أفكار وسواسية تافهة، وأنت لم تفارقي الإيمان ولا ريب.
وأنصحك من الآن فصاعداً: أن تكوني يقظة لتكتشفي الأفكار الوسواسية المختلفة من أول ورودها عليك وتهوني من شأنها فوراً حتى لا تلازمك ولا تقلقك. واستعيني بالمعالجة الدوائية وخاصة أن هناك اكتئاب وهو يؤثر على قدرتك في إهمال تلك الأفكار.... عافاك الله وشفاك.