حصاد الالتزام: اكتئاب وعزلة وانهيار تام؟
السلام عليكم ورحمة الله،
أختي الفاضلة ثبتني الله وإيّاك على دينه، اعلمي أن الشخص إذا التزم ابتلاه الله عزّ وجلّ ليتبين صدق إيمانه من عدمه، وهداية الله لك نعمة عظيمة لا تقابل هكذا بالرفض!.
ثم إن مما قالته لك أمك أن الله لا يحبك كذب وغير صحيح، فهل اطلعت على الغيب لتقول ذلك؟ لا أحد يمكنه ذلك، إن هذا سوء ظن بالله.
ثم اعلمي أن الأنبياء كانوا قبل أن يرسلوا موضع تقدير في قومهم حتى إذا أرسلهم الله انقلبت الصداقة لعداوة شديدة، كما حصل للنبي صلّى الله عليه وسلّم عاداه أقرب الناس له بل عادته قريش كلها فصبر مدة طويلة حتى أظهر الله دينه ونصره.
وأسأل الله لك السداد والرشاد.
23/9/2009
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا "محمد"،
شكراً على مشاركتك وعلى اهتمامك بشأن أختنا صاحبة المشكلة.
أوافقك الرأي أنه لا يحق لأحد أن يقول لأحد: إن الله لا يحبك! وهذا كما قلت لا يعلمه إلا الله تعالى، وهو من الأخطاء البارزة في تربية النفوس وحضها على الطاعات. الله تعالى عندما يذكر في كتابه كرهه وعدم حبه فإنما يوجهه لأفعال وصفات يتصف بها الإنسان إرادياً، فيقول: "والله لا يحب الظالمين"، "والله لا يحب المفسدين"، "إن الله لا يحب من كان خواناً أثيماً" فعلى من يريد التربية أن يوجه لومه إلى الفعل المعوجّ لا إلى ذات الشخص الذي يربيه.
ورغم هذا فعلى الولد أن يعذر والديه ويوقن أنهما لا يخاطبانه بهذه الطريقة إلا شفقة عليه، ولأنهما بشر ككل البشر غابت عنهما هذه المعلومة في التربية -كما غابت عن كثيرين-، فإن استطاع أن يوصلها إليهما بطريقة لطيفة لا تجرحهما فليفعل وله في ذلك الأجر والثواب.
وأشكرك مرة أخرى على تذكير أختنا بما أصاب الأنبياء وغيرهم، وتنبيهها إلى عادة الناس في معاداة كل من يريد أن يخالف شيئاً من عاداتهم الذميمة، والعاقل من يتبع مقتضى الشرع والعقل ويصمد أمام هجوم الناس ولا يتزعزع. ولكن معرفة عواقب الالتزام دون تقوية الإيمان قد يعطي نتائج عكسية، فمن الناس من يقول: ما دام الالتزام سيجعلني أفقد أصدقائي، فلن ألتزم إذن! لهذا فالواجب أولاً تقوية الإيمان، ثم التنبيه إلى ما يلاقي الصالحين، وبعد هذا يأتي الصمود برهاناً على صدق الإيمان ومحبة الله عزّ وجلّ.
أسأل الله أن يثبّتنا جميعاً على ما يحبه ويرضاه.