اكتئاب ثنائي القطبين
أنا مصاب باكتئاب ثنائي القطبين منذ 4 سنين، تتوالى عليّ حالات الاكتئاب والهوس، وآخر نوبة اكتئاب حدثت لي كانت متلازمة مع دخولي للعمل في مكتب استشاري كبير، لكن للأسف لم أهتم بالعمل وكنت دائماً أقول لنفسي عندما يتم الشفاء من المرض (أتناول علاجات كثيرة زيبركسا، رسيبيريدال، اريببريكس) سأهتم بالعمل.
وأيضاً عندما أكون في المواصلات أو في المسجد كنت أتجنب التكلم مع الناس مع أني موجود بينهم، وكانت هناك صورة ذاتية لي في ذهني كنت عليها في آخر حالة هوس، وهي الثقة بالنفس والصوت العالي؛ فكنت في العمل أصطنع الثقة بالنفس والصوت العالي ولكن للأسف مع عدم الاهتمام بالعمل فساءت صورتي أمام زملائي والمشرفين عليّ في العمل، وكنت أقول لنفسي عندما أشفى من المرض سأهتم بالعمل وأهتم بالناس من حولي، حتى تم فصلي من العمل. أصبحت مريضاً بالذهان وتكونت أفكار سلبية عندي وهي أني لا بد من أن أتكلم بصوت منخفض في أي مكان مغلق، وأصبحت الآن شخصية سلبية جداً، صوتي منخفض وفقدت الثقة والقوة في التعامل مع الناس (علماً بأني قبل المرض كنت ناجحاً في كل شيء، في الدراسة، في الكرة، في علاقاتي مع زملائي).
والمشكلة الأهم الآن أن الناس يؤثرون على جسمي وعلى حركاتي في المسجد، لا أستطيع التفوه أثناء الصلاة في البيت أيضاً، للأسف أحس أنهم يسيطرون علي، عندما أريد أن أفعل شيئاً لا أستطيع وعندما أشكو لأحد عن حالة تأثير الناس علي يرد مستنكراً "ما هذا الذي تقوله؟". حالياً آخذ علاج اولابكس وستللاسيل واكينتون.
18/10/2009
رد المستشار
الأخ الكريم،
شفاك الله وعافاك. جميل أن تعلم التشخيص العلمي والطبي لحالتك، وجميل أن تسعى للعلاج، لكني للأسف لا أجدك تعلم الكثير والأهم عن طبيعة هذا المرض المزمن -حتى إشعار آخر- فحتى هذه اللحظة يعتبر مرض الاكتئاب ثنائي القطب من الظواهر المزمنة في الطب النفسي، تماماً مثل داء السكري أو أمراض الضغط، ولا يعني ذلك أنه ليس له علاج، ولكنه يعني أن العلاج يجب أن يكون بشكل مزمن أيضاً إلى أن يفتح الله على العلماء بما هو أفضل من ذلك.
فطبيعة المرض ثنائي القطب هي التأرجح والتبدل في المزاج ما بين نوبات من الاكتئاب الحاد ونوبات من الهوس الحاد، وكلاهما له من التأثير الضار والمعوق عن السير الطبيعي للحياة، كما أنه تكون هناك فترات من المزاج الطبيعي كما هو واضح من تاريخك المرضي، فقد أكملت تعليمك بكفاءة كما أنك استطعت الالتحاق بالعمل والحمد لله، لكنك يا بني يجب أن تعلم أن تقلب الحالة المزاجية لديك بين الصحة والمرض لا يستطيع أحد التنبؤ بمواعيده، وبالتالي فقد تحدث نوبات المرض في منتصف أي طريق مما يؤدي إلى الإعاقة والخلل كما هو في حالتك.
ومن هنا كان من الواجب أن تعلم أن العلاج لا ينتهي بانتهاء النوبة الاكتئابية، أو نوبة الهوس، وإنما يتغير إلى نوع من العلاج الوقائي المستديم الذي يضمن لك ثبات الحالة المزاجية إلى حد كبير، أو على الأقل يمكّنك شخصياً من الانتباه إلى ما يحدث من تغيرات فتستطيع اللجوء للطبيب في الوقت المناسب وقبل حدوث أي خسائر.
وهذا النوع من العلاج الوقائي يتوفر منه العديد من البدائل التي يختار منها الطبيب المعالج ما يناسبك، وأعني طبعاً العلاج الدوائي بالمقام الأول، ومنه ما هو متوفر بأسعار تكاد تكون رخيصة جداً بالمقارنة بما ذكرته من أدوية مرت عليك، وحتى من التعبير المستخدم لتصنيف تلك الأدوية يمكنك أن تتخيل طبيعة عملها، فهي تسمى بالأدوية المنظمة والمثبتة للمزاج.
كما أنني أحب أن أكرر أن الاعتماد على هذه الأدوية يجب أن يكون بشكل مستمر في حالة الصحة والخلو من الأعراض، وقد يكون في شكل حبتين فقط في اليوم، هذا بالإضافة لأهمية المتابعة المستمرة والمنتظمة مع أحد الأطباء حتى يستطيع توجيهك لكيفية التعامل مع تلك الطبيعة المرضية، والتي يمكن حتى الاستفادة منها في بعض الأحيان من النشاط الزائد الذي يمكن توجيهه للعديد من الأشياء المفيدة التي تستطيع القيام بها، خصوصاً أن هذا النوع من المرض لا يكون مرضاً في الذكاء العام وإنما قد تتوفر معه في كثير من الأحيان إمكانيات وقدرات شخصية غير عادية يمكن توجيهها والاستفادة منها على أحسن وجه مع الاستمرار في العلاج والمتابعة.