السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أحييكم على إصداركم الأخير تحت عنوان الوسواس القهري، فلقد قرأته ولكم شدني وأفادني خاصة وأنني أهتم بكل ما يتعلق بالنفس من طب وعلم.
إن لي طلبين وأرجو من سيادتكم تحقيقهما لي:
الأول يتعلق بمهنتكم. فأنا أتمنى أن يأتي اليوم الذي أمتهن فيه هذه المهنة. لذا، أود أن أعرف المزيد من المعلومات عنها.
أما الطلب الثاني فيتعلق بمشكلة خاصة بي وهي الكبرياء وليس التكبر. إن كبريائي يمثل مشكلة كبرى لي.
فأنا لا أقبل الإهانة وخاصة الظلم حتى أن الأمر يصل بي إلى قطع علاقات حميمة مع أصدقائي وحتى أقاربي.
وقد كان ذلك ناتج عن عدة حوادث حصلت لي أثناء طفولتي وهي أنني كنت أسامح الناس دائما بالرغم من ظلمهم المتكرر لي. وبتكرار ذلك الأمر، اكتشفت أن الناس لا تقدّر سماحي لهم تقديرا صحيحا.
بل لاحظت أنهم يرون في الشخص المتسامح شخصية ضعيفة خجولة سهل استغلالها. فاكتسبت بذلك صفة الكبرياء وعزة النفس المبالغ فيهما وانتزعت من نفسي صفة السماح و العفو. وبمرور الزمن، اكتشفت أن ذلك خطأ فادحا مني فأردت العودة إلى طبيعتي ولكنني لم أتمكن من ذلك.
إنني أرجو منكم إيجاد حل لي
وشكرا.
17/08/2003
رد المستشار
ابنتي الحبيبة: أهلا ومرحبا بك صديقة لموقعكم الجديد وندعو الله سبحانه أن يعيننا دائما على الرد على مشاكلكم واستفساراتكم، وبالنسبة للجزء الأول من سؤالك: هل تريدين أن تكوني طبيبة أم بالذات طبيبة نفسية؟ عموما أيا كانت رغبتك فإن البداية تكون بالالتحاق بإحدى كليات الطب، وبعد الانتهاء من مرحلة البكالوريوس تأتى مرحلة الدراسات العليا من أجل التخصص، وكما تعلمين فدراسة الطب شاقة وطويلة وتحتاج الإنسان المثابر الدؤوب الذي يضع أهدافه نصب عينيه ويسعى لتحقيقها،
ويعتمد الطبيب النفسي على طرق علاجٍ مختلفة منها:العلاج الدوائي Drug Treatment والعلاج النفسي Psychological Treatment والعلاج المعرفي السلوكي Cognitive Behavior Therapy والعلاج الجماعي Group Therapy وهناك أيضا العلاج العائلي Family Therapy (حيث يتعاون أفراد العائلة في تقديم العون والدعم للمصاب)، وهناك أيضا العلاج الزواجي Marital Therapy وكذلك العلاج باللعب Play Therapy ،
والمشكلة التي تواجه أطباء النفس في مجتمعاتنا هي النظرة السلبية للطب النفسي والوصمة التي يوصم بها المريض النفسي، رغم أن المرض النفسي ابتلاء من عند الله كأي مرض ولا دخل للمريض ولا ذنب له ولا جريرة، ويمكنك التعرف أكثر على الطب النفسي من خلال تصفح صفحات موقعنا هذا مجانين نقطة كوم.
أما بالنسبة لكبريائك المبالغ فيه والذي يجعلك تقطعين أواصر العلاقات مع الأهل والأصدقاء كرد فعل على أي تصرف منهم، فأنا أحمد فيك شعورك بعيبك ورغبتك في التخلص من هذا العيب، وأدعوك بداية لتدبر هاتين الآيتين الكريمتين من قرآننا الكريم، فلقد قال المولى عز وجل في محكم آياته: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" صدق الله العظيم، وتدبري أيضا قول الحق جل وعلا وهو يقول:"ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم" صدق الله العظيم، أنت الآن لا تتسامحين مع هفوات الآخرين فهل تحبين أن يعاملك الله سبحانه بنفس المنطق ونفس الأسلوب؟!!!
ابدئي من اليوم بتدريب تقومين فيه بإحصاء أخطائك اليومية في حق ربك وتذكري أن الله سيحاسبك كما تحاسبين عبيده، وفي نفس الوقت قومي بعمل إحصاء يومي لمن لا تتسامحين معهم، عاهدي نفسك على أن تكوني دائما البادئة بمد يد الخير والتسامح، كافئي نفسك مع كل إنجاز، وحددي نوعا من التعزير لنفسك عندما تفشلين في ترويضها وكبح جماح كبريائها، ويمكن أن يكون التعزير بحرمان النفس من شيء تحبينه، وبمرور الوقت ومع التزامك بالمتابعة المستمرة لنفسك يمكنك أن تتغلبي عليها وتروضيها. وتابعينا بالتطورات.
*ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، أن للتسامح أيضًا حدودًا يجب أن تكوني يا بنيتي على وعي بها، لأن ما أتخيله تسبب في تغييرك عما سبق كما يفهم من هذه السطور في إفادتك (أنني كنت أسامح الناس دائما بالرغم من ظلمهم المتكرر لي . وبتكرار ذلك الأمر ، اكتشفت أن الناس لا تقدّر سماحي لهم تقديرا صحيحا. بل لاحظت أنهم يرون في الشخص المتسامح شخصية ضعيفة خجولة سهل استغلالها)، فلم يكن الأمر هنا تسامحا في الغالب بقدر ما كانَ عجزًا عن توكيد الذات أو عن التعبير بحرية عن مشاعرك تجاه الآخرين، وأقصد بذلك أن التسامح لا يعني أن أتعرض لإهانة مقصودة أو لإجحاف أو استغلال لحيائي مثلا ثم أسكت صونًا لمشاعر الآخرين أو خجلاً من التعبير عن مشاعري تجاه الآخر أو الآخرين فهذه هي الحالة التي تدفع الآخرين إلى استغلال صاحبها، أما أن تنقلب الأمور إلى ضدها فتصبحين مبالغةً في الاعتزاز بنفسك فإن ذلك حري بأن يؤثر على علاقاتك بالناس، فعليك بالتزام نصائح وإرشادات الأخت الدكتورة سحر دون أن تبتعدي عن الوسطية التي يدعو إليها الإسلام ودمت سالمةً ونأسف إذ تأخرنا في الرد عليك.