وساوس كفرية تأتيني! أريد الخلاص بديني
سيدي... أنت لم تذكر الحل
سيدتي الفاضلة،
أرى أنك اكتفيت ببعض التفسيرات وتوضيح بعض ما يدور في رؤوسنا في مثل هذه الحالات، جزاك الله خيراً على كلامك الجميل، ولكن لي تعليقين أرجو الرد عليهما:
أولاً، ماذا تعني أنها وساوس شيطانية؟ وهل الوسواس القهري من الشيطان؟.
ثانياً، ما هو الحل المقترح؟ فسيادتك لم تذكر حلاً! هل هو العلاج بالقرآن، أم بالطب والدواء؟.
أرجو سرعة الرد...
فأنا محتاجة جداً لمعرفة الحل.
26/10/2009
رد المستشار
السلام عليكم،
يبدو أنك يا أخت "إيمان" قارئة جديدة على الموقع، أو أنك لا تقرئين ما يكتب في الوسواس القهري من مقالات أو أجوبة استشارات.
قد اكتفيت بما ذكرته للسائلة لأنها تعلم المعلومات الأخرى التي يمكن أن أنصحها بها، فهي تعلم أنه وسواس وأنه مرض، وأن عليها الذهاب للطبيب، وتقوم بإهمال أفكارها وتنجح في كثير من الأحيان.
وسأجيبك على الأسئلة التي تدور في ذهنك:
* فأما سؤالك الأول فجوابه المستند إلى العلم التجريبي والنقلي فهو:
الوسواس القهري مرض معروف في الطب وهو عبارة عن تسلط أفكار غير مرغوبة واستحواذها على ذهن الإنسان دون إرادة، وقد يصاحبه أفعال قهرية يقوم بها... وقد لاحظ الأطباء وجود خلل في الناقلات العصبية وأهمها السيروتونين عند مريض الوسواس القهري، ولاحظوا تحسن هذا المرض عند معالجة ذلك الخلل في الناقلات بواسطة الأدوية... فالبحث العلمي إذن أثبت كونه مرضاً وله علاج دوائي.
بالمقابل: فإن هناك حالات وردت عن الصحابة رضوان الله عليهم، يراها الأطباء منطبقة على حالة الوسواس القهري، ولو سئلوا عنها لقالوا: إنها من وجهة نظر طبية: "وسواس قهري"، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة عندما سألوه عنها: إنها من الشيطان!
- فقد روى البخاري ومسلم: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم: «يأتي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ».
- وروى مسلم: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ أَتَى النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاتي وَقِرَاءَتِي، يَلْبِسُهَا عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ِ-صلّى الله عليه وسلّم: «ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزَِبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَاتْفُِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي.
فالنقل الصحيح عن الصادق المصدوق يثبت أن الوسواس القهري من الشيطان.
فهل بين البحث العلمي التجريبي وبين النقل الصحيح تعارض؟ طبعاً لا يمكن لذلك أن يكون! فإن الذي خلق قوانين الكون هو الذي أرسل رسوله وأوحى إليه بما قال وأخبر به.
فلا بد إذن من التفكير للجمع بين الأمرين، وهذا ممكن:
0 فإما أن يقال: إن الشيطان لا يترك الإنسان بحال، وإذا كان يتسلط على الأصحاء سليمي الفكر، الذين يستطيعون مقاومته بسهولة، فإنه لن يترك المريض الذي يضعف عن مقاومته لاعتلال فكره، بل يجده لقمة سائغة له، ويلقي إليه بسائر الوساوس المهلكة التي يشوش عليه بها وينكد حياته بسببها ويصده عن ذكر الله.
0 وإما أن يقال: من المحتمل أنه إذا كانت الفكرة الصحيحة -التي يعالج بها المريض في العلاج المعرفي السلوكي- تحدث تغييرات في الدماغ نحو الأحسن، فَلِمَ لا تُحدِثُ الفكرة الخبيثة التي يلقيها الشيطان تخريباً في الدماغ إذا اقتنع الإنسان بها وعمل بمقتضاها، وتسبب له مرض الوسواس القهري؟ بمعنى: أن اقتناع الإنسان بوساوس الشيطان الخبيثة، واسترساله معها، يسبب له ضرراً في دماغه، ولو أنه كف عن الاسترسال معها، لما أصيب بالمرض!.
وهذان احتمالان كلاهما وارد، وقد يكون هناك غيرهما أيضاً.
* وأما سؤالك الثاني فهو مترتب على الإجابة الأولى:
إذا ثبت أن الوسواس القهري مرض: فلا بد من علاجه بما تعالج به الأمراض من الأدوية.
وبما أن هذا المرض يؤثر على التفكير والسلوك: فلا بد من تصحيح المعارف والسلوك عند مريض الوسواس، عن طريق العلاج المعرفي السلوكي.
وبما أن للشيطان دوراً فيه أيضاً: فلا بد من معالجة الوساوس بالاستعاذة والأذكار.
فعلاج الوسواس هو: علاج دوائي، ومعرفي سلوكي، وأذكار مسنونة. ومن أراد الحصول على نتائج أفضل في العلاج فلا بد له من الأخذ بهذه الأمور الثلاثة.
وإذا أردت جواباً موسعاً عن هذا الموضوع، فارجعي إلى مقالات: "منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري" وخاصة المقالات: (3- 4- 11).
أرجو أن أكون بهذا قد أجبتك عن أسئلتك وأوضحت لك ما التبس عندك.