السلام عليكم ورحمة الله،
أشكركم لهذا الموقع الرائع. أرجو أن يجيبني الدكتور وائل أبو هندي.
أنا بكل صراحة لا أعرف ماذا تعني هذي الكلمة! أحس نفسي سراباً، ذليلة حقيرة، لا أستحق الحياة، عانيت من هذا الحال منذ سنوات، أتقلّب من حال إلى حال وبحالي الغامض أصبح الكل مضطرباً.
في اليوم الواحد أكون مرة سعيدة جداً ومرة مكتئبة جداً، وأكون أحياناً بالحالتين المتناقضتين! صراحة أشعر أنني لا شيء في حياتي، لا شيء في الوجود، بل أنا أحقر فتاة في الأرض.
كنت مهزوزة الثقة، أي أحد يضحك عليّ، مرّت عليّ مواقف كثيراً وأكون الضحية الكبرى، أكون أنا المخطئة. حساسة جداً وعصبية لأبعد الحدود، أحياناً أكون طبيعية جداً وأقول في نفسي أني بأفضل حال وأن لا توجد بي مشكلة، وينقلب حالي مرة واحدة... صرت لا أطيق حياتي.
كنت بالمدرسة ضعيفة المستوى، ضعيفة الشخصية، كثيرة المشكلات، أرى نفسي غير مرغوب فيها. كانت تأتيني حالة غريبة في المدرسة وكأني سيغمى عليّ حالاً، فأذهب لمقعدي وألقي نفسي عليه. تعبت كثيراً من هذا الحال، صار يصيبني بكل مكان خصوصاً عندما أخرج إلى مكان من البيت، فصرت لا أخرج وزاد بعدي عن الناس. في الثانوية كنت مكتئبة جداً، ووصل بي اليأس حدّاً صارخاً، أميل إلى الانعزال وأحب الجلوس وحدي، لم أحصل على نتيجة في الثانوية ففرحت لأني لا أريد أن أكون شيئاً لأني لا أستحق.
السبب الثاني بسبب التعب والدوخة التي أحس بها وتجعلني قلقة وأتناول المسكنات لأهدأ، وعندما انتهيت من الدراسة أصبحت أكثر شدة بحالتي النفسية. علاقتي بأهلي سطحية وأنا لا أتكلم معهم كثيرا،ً أجلس في غرفتي أكتب أفكاري وخواطري الحزينة، لم تدمع عيناي منذ زمن فانحبست وأنا أصارع آلامي وأحزاني، وبعدها أكون بقمة السعادة والانطلاق وأقول كلاماً متسارعاً وأفكاراً متسارعة جداً.
أصبحت كمن ينتظر موته، وأحياناً أقول لنفسي كلاماً غريباً أستغرب من نفسي، لا أهتم بنفسي كثيراً ولا أهتم بشيء، ألتزم بغرفتي معظم الوقت، أقول لنفسي أني ربما حامل وسأنجب أطفالاً غير شرعيين، وأن عليّ قطع يدي، وقد حاولت لئلا ترتكب ذنباً جديداً! لم يعد يثق بي أحد، الكل يعتبرني عالة، يعتبرني ثقل، وأنا لا أتحملهم، صرت أكرهم جداً، وقررت الانعزال مدى الحياة لئلا أراهم لأنهم يحقرونني، وأحس أنه إذا جلست معهم سأكون شيئاً مقززاً. لا أهتم بشيء، ولا بأكلي فأصبحت ضعيفة آكل قليلاً جداً كأنني صائمة لأني قررت الانتحار ببطء. عندي أفكار بالموت والانتحار لكني أتراجع، تدور تلك الأفكار برأسي جداً، أتخيّل أني سأتخلص من نفسي أحياناً كثيرة أو أني أضرب نفسي لذنب فعلته، فأقول أني مؤمنة ولا أفعل ذلك أبداً، لكني أحياناً أمسك السكين لأجرح نفسي وأتراجع قبل أن أفعل شيئاً.
أحياناً أفكر أني أكره الناس، أكره طبيعة الحياة اليومية، أصبحت أفكر أني سأذيق أهلي مرارة الحياة؛ فمرة بإزعاجهم بأي طريقة، أنا أضرب إخوتي الصغار، أستخدم قوتي لإزعاج الآخرين، كنت سأضرب أختي حقاً وتراجعت. أحاول كبت هذا الشعور القاسي الذي بي، أفكر باستمرار أني لا أستحق الحياة بكل معانيها، أستحق الضرب، الإهانة، القتل، الإعدام، لأني لا أستحق البقاء على هذي الحياة لحظة واحدة، أصبح الموت شغلي الشاغل، وأني أتمنى الفراق ليرتاح أهلي من علة أنجبوها لتعذيبهم وتنغيص حياتهم. كأني أعيش بنفق مظلم ستكون نهايته القبر، كأني لست موجودة أحياناً كثيرة أتكلم مع نفسي جداً وأضحك فجأة، يقول أبي أني جننت.
هكذا تمر بي الأيام؛ وكأني ميتة لا أتحرك، لا أتفاعل، لا آكل، لا أستحم لا لا لا.....
اعتقد أني منتهية، فأنا شابة كأني في الستين من عمري، كأني أكبر من سني الحقيقي، وأعصابي تعبت من التفكير ومن الأحلام المزيفة التي بداخلي، وأحلام اليقظة التي تراودني والاضطراب الغامض الذي بي.
والسلام عليكم.
15/11/2009
رد المستشار
ابنتي العزيزة؛
كل ما وصفته من مشاعر، وأحاسيس، وأفعال في الجزء الأخير من شكواك يؤكد معاناتك من نوبة من أعراض اكتئاب شديدة، وهي بالطبع متطورة وتحتاج للتدخل العلاجي السريع، وبعون الله قابلة للشفاء تماماً، ولكن...
بناء على ما تقدمت به من تفاصيل، تؤكد وجود تقلب واضح في المزاج، على فترات متقاربة أحياناً (في نفس اليوم)، يثير الانتباه لإمكانية كون هذه النوبة الاكتئابية الحالية تقع ضمن نوبات متكررة من الاكتئاب، بالتبادل مع نوبات أخرى مما هو عكس الاكتئاب مثل المرح الزائد والمبالغة في الابتهاج، ويجب التأكد من ذلك بالفحص النفسي المباشر، كما يفضل وجود أحد أفراد الأسرة الذين يعيشون معك للحصول على وصف دقيق لبعض الأمور التي قد تغيب عنك.
وفي حالة التأكد من هذا التشخيص قد يختلف العلاج الدوائي بعض الشيء ليشمل علاجاً وقائياً يمنع هذا التقلب المزاجي أو يجعله تحت السيطرة، وذلك بعد التخلص من الاكتئاب الحالي بعون الله.
والعلاج الدوائي في هذه الحالة مطلوب، مع الدعم والمتابعة النفسية، والنتائج العلاجية ناجحة، ومقنعة والحمد لله.
كما أنك قد تحتاجين لعمل بعض الفحوصات الطبية مثل تخطيط الدماغ، وكذلك فحص الغدة الدرقية لتحديد نوع الدوخة التي تعانين منها أحياناً.
أرجو منك اللجوء الفوري للعلاج النفسي، فالشفاء بإذن الله على الأبواب، فلا تتقاعسي.
والله المستعان.
واقرئي على مجانين:
مكتئبة لا تدري
انقلاب مفاجئ: بل اكتئاب
اكتئاب مروة متابعة1