السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد،
عندما كنت في سن السادسة اعتدى أخي الكبير جنسياً عليّ لمرة واحدة فقط، وعندما وصل عمري سن الثانية عشرة كنت أرغب بأن يقوم أحد بفعل اللواط بي وكنت أبحث عن العمالة الوافدة لكي يقومون بالفعل بي، ولكني والحمد لله أمنع نفسي في آخر لحظة.
في يوم كنت مع أصدقائي نلعب في الحارة، جاءني والدي وأخذني للمنزل ثم اتهمني بأن أصدقائي يفعلون بي اللواط -كنت في الثانية عشرة من عمري- ثم جرّدني من ثيابي وملابسي الداخلية أمام إخوتي ووالدتي ليتأكد هل أصدقائي قاموا بالفعل بي أم لا، ومن تلك اللحظة تغيّر عليّ والدي وأصبح يميّز إخوتي عني، رغم أنه لم يأتيني أحد غير أخي الكبير وأنا في السادسة.
عمري الآن الواحدة والثلاثون، عندي ميول إلى حد التعطش في الرغبة في ارتداء ثياب النساء ووضع مساحيق الزينة، وبعدها يخيّل لي أن أستدعي شخصاً وسيماً ليقوم بفعل اللواط بي وتقبيلي وحضني وضمّي بقوة وحنان شديدين والعياذ بالله. مع العلم أني شخص شكاك حتى في زوجتي ومن حولي، لدرجة أنني فقدت جميع أصدقائي ولا أستمر مع شخص تعرّفت عليه أكثر من شهر ثم أتركه لعصبيتي الشديدة، إلى أن وصلت لهذه اللحظة دون صديق. أنا انطوائي وحتى إن كنت في جماعة فإني قليل الكلام، كما أني كثير الحياء.
أنا أمارس الجماع مع زوجتي بشكل طبيعي وأعشق النساء بجنون، وأعشق الجماع مع المرأة وإشباعها جنسياً، وفي ذات الوقت أعشق وبجنون ممارسة اللواط وأن يأتيني أحد في الدبر ويقبّلني بحنان! فما تفسير ذلك؟.
جزاكم الله خيراً أرشدوني.
15/11/2009
رد المستشار
عزيزي الابن، والأب، ورب البيت؛
يؤلمني، ويحزنني ما قد تعرضت إليه في طفولتك البريئة من انتهاك للبراءة، عدة مرات، بما لا يستطيع أحد أن يلومك عليه، فما تعرضت له من أخيك الأكبر لا تلام عليه من قريب أو بعيد، كما قد لا يلام هو أيضاً عليه -للأسف الشديد- فأنا لا أتوقع أن يزيد فرق العمر بينكما أكثر من خمس سنوات، وهذا يعني أنه كان ما يزال وقتها في بداية المراهقة، ونهاية الطفولة، والله وحده يعلم من أين جاء بهذه الفكرة، وكم مرة قد تعرض لها هو شخصياً.
وللحق أنا لم أستعجب من كونه أخيك، حيث أن من المعلوم والثابت أن معظم المتحرشين جنسياً بالأطفال هم من أقرب المقربين، ومن المحارم للأسف الشديد حيث لا بد لهم من توفير عوامل الأمان، والألفة، والثقة، حتى يتغلبوا على ما يتملكهم من خوف من اكتشاف أمرهم، وحتى يكون لهم مداخل إغراء، أو تهديد على ضحيتهم.
وأريد أن أوضح أنني ذكرت أن معظم المتحرشين بالأطفال يكونون من المحارم، وليس معنى هذا أن معظم المحارم متحرشين، على العكس، فالأمن والأمان على الغالب عند المحارم ما لم يكن هناك خلل.
إذن إنه الخلل... ذلك هو المسؤول الأول والأخير، ولعلك لم تذكر في رسالتك العديد من التفاصيل المهمة جداً عن الظروف البيئية والمجتمعية والدينية التي تعيشها، غير أنني قد أستنبط على الأقل أن لديك عدد كبير من الإخوة والأخوات، وفي مكان قد يكون مزدحماً، خالياً من الخصوصية، مما جعل أباك يتعامل مع الموقف على الملأ المحيط!.
الخلل الذي أعنيه هو في الأساس نوع من الجهل، سواء الجهل الديني، أو التربوي (وكلاهما عند المسلمين عملة واحدة)، ثم الجهل بطبائع البشر وغرائزهم، ومراحل النمو الجنسي والبدني.
ويلي ذلك الخلل ما قد يكون أكثر عيباً، وهو الاستهتار، فقد يؤدي الاستهتار بما قد علمناه من علم ودين إلى ما هو أشد خطورة مما يؤدي منه الجهل.
ثم يأتي بعد ذلك دور رد الفعل الخاطئ في محاولة تصحيح الخطأ، أو ما يترتب على الخطأ ذاته، وما تحدده المشاعر والعواطف الخالية من الحكمة، والمُطعّمة أيضاً بالجهل وسوء الخلق.
وجدير بالذكر أن كل ما ذكرته ينطبق على المجتمع بأسره، وعليك، وبنفس الأهمية، كما ينطبق على الأسرة الصغيرة، ويدخل في ذلك كل من هم لهم دور في حياة الطفل وتكوينه بدءاً من الآباء والأمهات، مروراً بالمدرسة، ووسائل الإعلام، حتى يصل إلى ولاة الأمر من مسؤولين، وأطباء، ورجال الفكر والدين، "فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"...
أجد الموضوع يطول شرحه هنا، والكلام فيه لا ينقطع، ولكنني لن أنتقل إلى ما يلي من نقاط قبل أن أعبر عما يجيش في صدري من فكرة، قد وجدت من حالتك فيها ضالتي، بالرغم من قلة المعلومات التي أدليت بها.
وهي أن الفطرة السليمة هي الأصل، كما تؤكد ذلك عقيدة الإسلام العظيم، "وأن المرء يولد على ين الفطرة، فياتي أبواه فيهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه"، وصدق رسول الله. وكذب من ادعى تصنيف تلك السلوكيات الشاذة على أساس أنها قد تكون موروثة جينياً، أو أنها أمراض أصلاً، إنما هي مضاعفات مرضية لجنوحات سلوكية.
نعود لأصل المشكلة، وهو الخلل.. كيف نتجنب حدوثه.
** في الوقاية؛
- الإسلام حذر من بزوغ مظاهر النمو الجنسي بلا احتياطات تتناسب معه، فأمر بالتفريق في المضاجع بين بني الجنس الواحد، إذا بلغوا الحلم، فما بالنا بمن يختلفون في الجنس!.
- الإسلام حدد ما يظهر من عورات عند بلوغ سن الحلم في الحياة وفي الصلاة.
- الإسلام حرم التلصص على العورات.
- الإسلام فرض الاستئذان، والخصوصية للمحارم وغير المحارم، حتى على الأم.
- الإسلام أمر بالطهارة خمس مرات في اليوم، وكذلك بالاغتسال من الجنابة.
- الإسلام حدد مسؤولية كل راع عن رعيته بما في ذلك الرقابة والتوعية.
- الإسلام حدد سن المسؤولية والعقاب.
- الإسلام حذر من الحمو (أخو الزوج) من أن يختلي، أو أن يطّلع على عورة زوجة الأخ.
- الإسلام وجه الشهوة وقسمها لما هو حلال، وما هو حرام.
***عظيم هو الإسلام***
** في أصول المعاملة والتربية؛
- الإسلام أوصى بالحكمة والموعظة الحسنة.
- الإسلام أوصي بتدليل الأطقال، واللعب معهم، وتقبيلهم بأبوة.
- الإسلام أمر بمبدأ الستر، وعدم الفضيحة.
- الإسلام حدد سن الضرب، وأسلوب الضرب للأبناء.
- الإسلام أمر باحترام الجسد البشري حتى عند الأطفال، وحرم الضرب على الوجه والتقبيح.
أخي السائل،
أنا أرى أنك تخلو من المسؤولية عما وصلت إليه من فساد في الشهوة، فقد أوردت من الأسباب ما فيه الكفاية ما يبرر تورطك فيها، كما يبرر نزعتك الانتقامية من قسوة الأب وسوء تصرفه في معالجة الأمر، وفي المسؤولية الرقابية والإرشادية منذ البداية.
ولكنني لن أعفيك من المسؤولية عما تمارسه الآن، من فساد في الفكر، وفي السلوك؛ فقد أصبحت مسؤولاً كما كان أبوك، والأحرى بك أن تستفيد من الخطأ ولا تكرره، وألا تنتقم من أبيك أو أخيك في شخصك أنت، فهو محاسب على فعله بقدر ما وصله من علم، وعلى قدر ما أحاط به من جهل، ولا أظن أنه كان لديه دافع آخر من قسوته غير الخوف عليك مما أنت فيه، كما قد يكون ذلك سبباً في تلذذك بما أنت فيه، والخطأ لا ينصلح بخطأ أبداً.
وأعتبرك مسؤولاً أمام الله من الآن، ما لم تنتبه، وتنتهي، وعليك أن تلجأ للعلاج النفسي فوراً، فقد يكون هناك ما يخفف من وطأة الذنب عليك ما قد يدخل في نطاق الأعراض المرضية –كالوسواس القهري- الذي نتج عن تورطك في ذلك التفاعل غير السوي، كما قد تستفيد من العلاج المعرفي والسلوكي بإذن الله.
وعليك باللجوء إلى الله فوراً بالدعاء، والمناجاة، والاستغفار والتوبة قبل أن يفوت الأوان، وأن تطلب الهداية من الله، وأن تتسلح بالعلم والتقوى قبل أن تورث أبنائك من الخطأ ما قد توارثته عن أجدادك من السلوك توريثاً غير جيني، تصبح مسؤولاً عنه أمام الله عزّ وجلّ.
يا بني... اذهب إلى طبيب نفسي على الفور، ولسوف يساعدك عن يقين بعون الله.