السلام عليكم،
في الحقيقة أنا أرى أن مشكلتي معقدة لكن حلها سهل إن شاء الله إن وفقني الله ووجدت الطريقة الصحيحة للعلاج.
أنا أرى نفسي متأزم نفسياً من عدة اتجاهات؛ فأنا مدمن لأحلام اليقظة بصورة مرضية، وأتذكر أني كنت أمارس هذه العادة منذ الطفولة، وعندما لا أستطيع الحصول على شيء أحصل عليه في أحلامي، أيضاً عندما أعجب بفتاة مثلاً أحلم أني تعرفت عليها وأعيش معها قصة في خيالي!.
أحلم دائماً أني أقوم بأعمال بطولية وأنقذ الأشخاص من مشاكل وأحارب أسوداً!... أرجو لا تضحكوا مني، أنا أعرف أن هذا الأمر سفه في حد ذاته، ولكنه ناتج عن حالات فشل مررت بها منها قصة حب فاشلة تلاها ألم نفسي من القصة نفسها وألم نفسي عميق من الإحساس بالذنب، حيث أني أحسب من الملتزمين الذين يرون أن العلاقة بين الشاب والفتاة محرمة إلا في الحدود المباحة.
بعد قصة الحب الفاشلة هذه تغيرت نظرتي للحياة، بدأت أعيد التفكير في كل شيء وكأني أكتشف الحياة من جديد... التغيير كان سلبياً إلى حد كبير، رأيت الدنيا بعين قاتمة وبدا وجهي مكتئباً دائماً، بالطبع تأثر مستواي الدراسي ثم العملي فقد تزعزعت ثقتي في نفسي كثيراً، فقد كان الحب من طرف واحد إلى جانب جرح كبير في رجولتي لأن هذه البنت أذلتني بعدما تيقنت أني مولع بها، وهذا ما سبب ضعف شديد في ثقتي في شخصيتي وقدراتي.
قصة الحب هذه استمرت حوالي ستة أو سبعة أشهر وانتهت تماماً منّ خمس سنوات، الآن أستطيع أن أقول أنه لا يوجد في قلبي ذرة تعلق بهذه البنت، إحساسي تجاهها متعادل، فقد مررت بمراحل كثيرة كرهتها وكرهت اسمها ثم أحببتها واشتقت إليها ثم نسيتها تماماً وتهت في الحياة... نعم تهت في الحياة.
بعد هذه الحادثة اتجهت إلى المواقع الإباحية وعكفت عليها طول الخمس سنوات بل من قبلها، كنت أحس بتأنيب ضمير واضطرابات نفسية في كل مرة أدخلها، ويئست من أن أقلع عن هذا الذنب، فكنت أراه ذنباً وأؤنب نفسي عليه بعد كل مرة، كنت أقلع عنه فترة ثم أعود، الآن والحمد لله عافاني الله منه ولم أعد أدخل على هذه المواقع.
في الخمس سنوات الماضية عشت فيها صراعاً من أجل النهوض بلا جدوى بل كان التدهور أكثر، فلم أكن أحرز أي تقدم عملي، ساءت أخلاقي وأصبح عزمي ضعيفاً جداً بل منعدماً، حققت في عملي بعض الإنجازات، فأنا الحمد لله أتمتع بقدر جيد من الذكاء والتركيز والقدرة على التحليل، ولكن هذه الإنجازات كانت قليلة وسرعان ما كنت أعود إلى الغفلة والكسل والخمول والعجز بعدها. أنا أعمل مطور برمجيات الحاسب الآلي (مبرمج)، وأيضاً كانت تواجهني مشكلة الفرح بالإنجاز، فبدلاً من يزيد من ثقتي ويدفعني للأمام فإني أفرح بالإنجاز وأعجب به وأظن أني "وصلت"، وبالتالي لا أبذل مزيداً من الجهد للاستمرار في مزيد من الإنجازات.
كنت دائماً أعيش في أحلام اليقظة؛ أحقق أهدافي التي أنا عاجز عنها في أحلامي، إذا كنت مستغرقاً في حلم ثم قطعه شيء، كشخص يناديني مثلاً، ثم أعود إلى نفسي بعد ذلك أتذكر أني كنت أفكر في أمر أنا أحبه كأني أفكر في قضاء أجازة أو أتذكر ذكرى سعيدة تدخل عليّ السرور وعندما أسترجع ذاكرتي أكتشف أني كنت في حلم من أحلام اليقظة فأعود سريعاً لأستكمل ذلك الحلم الذي أشعر بالسعادة وأنا أعيش بداخله.
سأعطيكم مثلاً: قرأت خبراً عن بنت صغيرة مصابة بالذئبة السوداء حيث ينمو الشعر بكثافة في وجهها، بعدما قرأت الخبر، استغرقت في حلم يقظة عملي، أي أني كنت أعيش فيه بجوارحي مع خيالي فحلمت ونفذت الحلم أيضاً! حلمت أني أكلمها بطريقة طبيعية كدعم نفسي لها وأني ألعب معها وأعاملها كأي طفلة حتى لا تشعر بمشكلة نفسية!... أود القول أن أحلام اليقظة تطورت معي من مجرد خيال إلى تنفيذ عملي بالحركات والكلام والمشاعر من حزن وفرح، أخشى أن تتطور وأصاب بانفصام في الشخصية.
أمر آخر يؤرقني كثيراً وهي الوساوس القهرية في أمر العقيدة؛ حيث أنني أجد صوتاً ساخراً بداخلي من المعتقدات الغيبية تحديداً، فعندما أقرأ مثلاً في حديث قاتل المائة نفس: "... فجاءهم ملك على هيئة رجل..." أجد صوتاً ساخراً داخلي يقول: هل تصدق هذا؟ هل هذا معقول؟ هل تعتقد أن هناك ملك وجن وهذا الكلام؟! هذا الصوت وهذه الروح هي روح الملحدين العرب تحديداً، لا أعلم كيف أتخلص من هذا الصوت وهذا الوسواس فهو كفيل بتدميري، حيث أني دائماً عندما يتدهور مستوايَ الديني يتدهور حتماً مستوايَ الدنيوي من عمل وعلاقات اجتماعية.
أعرف أن هذه الوساوس لم تأتني إلا عندما استسلمت لليأس والإحباط والعجز وسلمت أن لا فائدة مني وسأظل هكذا طول حياتي عاجز عن الانتصار على نفسي.
منذ أكثر من نصف عام انتقلت للعمل بإحدى دول الخليج، هنا قابلت تحديات كثيرة في العمل وفي التعامل مع الزملاء في الشركة الجديدة، كنت في مصر أموت ببطء من كثرة السلبيات التي أراها يومياً ومن الإعلام الذي يضخم هذه السلبيات ومن الفساد ومن اللامبالاة التي يتسم بها الكثير من المصريين، رغم أني دائماً أقول أني قابلت في مصر رجالاً بمعنى الكلمة. التحديات التي قابلتها في العمل الجديد وفي البلد الجديد جعلتني أتحرك رغماً عني وأتخلص من بعض السلبيات التي كانت بي... منها عدم اهتمامي بالعمل والإنجاز، فأصبحت في البداية أهتم بإنجاز العمل رغماً عني وكنت أستغل الوقت رغماً عني، لكن الآن أفعل ذلك وأنا مستمتع جداً أني انتصرت على نفسي في هذه النقطة.
وأخيراً أصبحت شهيتي مفتوحة للعمل والقراءة والإنجاز والترقي والمنافسة، لكن ركودي الطويل ما زال له تأثير قوي علي. أيضاً منذ أن أقلعت عن المواقع الإباحية والتي كانت السبب الأساسي لاحتقاري لنفسي، فكنت أرى أن أي شخص مسلم في العالم أفضل مني بكثير... بعد أن أقلعت عنها الحمد لله أصبحت الرؤيا تتضح لي شيئاً فشيئاً وبدأت أحاسيسي تعمل من جديد.
الآن الحمد لله أحس بتحسن جيد ولكن ما زلت أعاني من أمراض كثيرة مثل أحلام اليقظة والوساوس إلى جانب ضعف نسبي في إرادتي وعزيمتي، فلم أسترجع إلا جزءاً صغيراً منها، فقد كانت إرادتي قوية بفضل الله قبل تجربة الحب الفاشلة التي مررت بها.
أخبرني صديق لي على علم بالأمور النفسية أني شخصية perfectionist ، ولكن بصورة سلبية فأنا أضع أهدافاً كبيرة لا تتماشى مع قدراتي وبالتالي أفشل وهذا الفشل يؤدي للإحباط، قرأت في الشخصية الكمالية وساعدني ذلك كثيراً في إكساب أعمالي صفة الاستمرارية وزادت ثقتي بنفسي والحمد لله.
R03;أريد من سيادتكم النصح في كيفية التخلص من أحلام اليقظة، وكيف أسترجع ثقتي في نفسي وكيف أتخلص من الوساوس وكيف أسترجع عزمي وإرادتي كما كنت؟
آسف للإطالة ولكني أطمع في سعة صدركم.
29/11/2009
رد المستشار
وعليكم السلام وأهلا بالأخ الكريم،
أرى أن مشكلتك تكمن في قانون ومقياس الصح والخطأ والحلال والحرام (ضميرك)؛ فلا يوجد لديك مقياس منطقي متوافق مع الواقع وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
إن المقياس السابق للصح والخطأ والحلال والحرام مبالغ به ومتشنج وضاغط ومعيق للحياة، فحاول الانفلات منه انفلات السجين من سجنه المقيت، كنت وما زلت تنفلت منه بأحلام اليقظة، ومرات بالتحرر الكامل نحو المواقع الجنسية ضارباً بضميرك عرض الحائط ليعود جالداً لك ومعذباً من جديد.
أعد النظر في ذلك الضمير بعيداً عن الغلو والتشنج وعدّل مقياسك للأمور من حيث الصح والغلط وفق أطياف وليس طيفين وحسب، فهناك درجات من الصحة والحِلّة، وهناك درجات من الخطأ والحرمة.
اقرأ كتب الشيخ علي الطنطاوي والشيخ محمد الغزالي.. اقرأ كلام ربك قراءة محب لهذا الرب الكريم.
واقرأ أيضاً:
باختصار شديد: أعاني من خيالات وهمية
أحلام اليقظة.... وبعد
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !
أحلام اليقظة بين الصحة والمرض
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !