تدين وانطواء ثم تحرش وممارسات مثلية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بداية أشكر كل القائمين على الموقع، مؤسسين ومديرين ومستشارين، شكراً جزيلاً لكم جميعاً ووفقكم الله لما يحب ويرضى.
عذراً إن أطلت عليكم في سرد تفاصيل قصتي وبصيغة الغائب:
طفلاً صغيراً يذهب إلى المسجد للصلاة دوماً حتى وإن تأخر والده أو حتى إن لم يذهب، كان محافظاً على الصلاة يحفظ أجزاءً من القرآن الكريم وأحاديث من السنة النبوية المطهرة، يلتمس فيه الجميع أن يكون شخصاً نافعاً لدينه ولوطنه. لكن والده كما يقولون في وادٍ وهو في وادٍ؛ لا حديث بينهم ولا كلام إلا نادراً، والمهم عنده هو حفظ الكتب وتسميعها عن ظهر قلب (أعوذ بالله من سوء الظن).
نشأ في أسرة محافظة جداً على التعاليم والقيم الإسلامية، وكان من أتباع الدعوة الوهابية (أو السلفية كما تسمونها في مصر ولا أذم في الوهابية منهجهم على الإطلاق)، وكان يطلب العلم الشرعي ولنبوغه الذهني لم يذكر أنه كان يأخذ مع من هم في سنة إلا نادراً، فكان شيوخه ومدرسيه دائماً يضعونه مع من هم أكبر منه بسنتين على الأقل، ومع هذا كان شديد التواضع وكان يحفظ الخطب ويدعو الناس إلى الله سبحانه وتعالى.
كان معه بعض الأصحاب -صداقة سطحية- فكانوا يسخرون منه إن طالبهم باتباع الأحاديث من تقصير الثوب وغيرها... فكانوا يذهبون لهذه الدروس لمجرد أوامر من أولياء أمورهم فضلاً عن أنهم مراهقون، وطبعاً لم يكن يستطيع الرد لقلة خبرته بكلام الشوارع، كما أن له شخصية انطوائية، وكان يحاول التفاعل مع من هم أكبر منه بسنوات عديدة لشعوره بأنه منهم وأنهم منه، لكن هذا الطفل الصغير لم يشد الانتباه إليه إلا على أنه الطفل الموهوب وفقط -وتعلمون أن من أكبر منه بسنوات عديدة لن يفكر بصداقته لأنه ما زال صغيراً في نظره- مما زاد من انطوائيته. كان يحتاج إلى من يفهمه بكل معنى الكلمة، لكنه لم يستطع، أصحابه وزملاؤه يسخرون منه إن طالبهم بالالتزام الحقيقي، والكبار ينظرون له على أنه طفل.
مرّت الأيام حتى جاء يوم وتحرش به أحد زملائه من المراهقين -كان الطفل صغيراً لم يصل لسن البلوغ- لكن حكم الدرس أن جمعه مع من هم أكبر منه بسبب ما ذكرت آنفاً.
ثم زاد الأمر حتى وصل للممارسة الكاملة، وزاد الأمر سوءاً -والله أشعر بالخجل من نفسي، وأنا أكتب هذا الكلام- بعد أن أخبر العديد من الزملاء فصاروا هم الآخرون يمارسون معه وفي المسجد، بل وفي مكان الدرس هذه الفاحشة، وياللمصيبة عندما تلتقي الفضيحة مع الشهرة -نسأل الله العافية-.
على كل حال صاروا يهددونه بوالده لو علم وأنه يجب أن يدعهم يفعلون به لئلا يخبروه، ولسذاجته لم يعرف ماذا يفعل، كان يذهب لمكان درس العلم ليلاً وحده ويبكي... لا يعرف ماذا يفعل؟!.
كان هذا الطفل الصغير ليس له أقارب قريبين منه لأنه كان في بلد بعيدة جداً عن أقاربه، فكان لا يشعر أن له أحداً يدافع عنه، حتى تسرب الخبر إلى مدرسته وزملاء فصله، بل ولأحد المدرسين، وللعلم لم يعلم أحد من المسجد ومن مدرسي العلم الشرعي لأن هؤلاء الصعاليك -أعني المراهقين- لا يجرؤن على إخبارهم.
بالطبع، مرت الأيام الصعبة ومات الموضوع، لكنه أراد أن يكون فاعلاً كما كان في يوم من الأيام ضحية، وبالفعل عاود الممارسة فاعلاً ومفعولاً بالمقابل.
وانتهى هذا الأمر بالكلية الآن ولم يبق منه شيئاً إلا عوارض نفسية، وهي الأهم الآن. وأرجو إعطاء الحل لها وهي:
* أشعر بنقص الثقة بل موتها كلية؛ إن لبست قميصاً قصيراً أو فعلت أي شيء يدل على أني انتمي لجماعة الوهابية (أو السلفيه كما تسمونها في مصر)، وأنا لا أريد العودة للجماعة، لكن لي معارف كثر يسألونني دائماً أين أنت ولماذا لا تأتي؟ وغير ذلك وأتحجج بحجة أو غيرها لأني لا أستطيع تصور شكلي بزيهم ومظهرهم، الأمر الذي يفقدني صوابي فأشعر أني عار عليهم.
* أشعر أن كل شخص يتغير من ناحيتي قد عرف شيئاً عني -لأني اعتدت على هذا في الصغر- ويتبين لي خلاف ذلك، لكن لا أعرف كيفية التخلص من هذا الشعور.
* أتاني وسواس أن الناس إنما يحترمونني لأني أصلي، أو بعبارة أوضح وأصحّ لأني من الجماعة الوهابية وهي مقدسة هنا، فكان هذا داعياً لي أن تركت الجماعة وفرطت في أمر ديني تفريطاً شديداً ناظراً أيحبني الناس لصفة ما فقط أم للشخص ذات -وأنت تعلم أن الشخص يحب أن يكون محبوباً مطلقاً بلا قيد-؟ أعلم أنه تصرف خاطئ، لكن ما دفعني أكثر هو أني شعرت أني عارٌ على الإسلام والمسلمين.
* أشعر أحياناً بالوحدة، فليس لي صديق حميم أخبره عن نفسي أو أي واحد أتحدث معه عندما أكون حزيناًَ، فكيف أتغلّب عليه؟.
* يطاردني شبح الماضي وأنت تعلم ما معنى أن يعيّر الرجل بأنه... فهو أمر يقتل المرء كرهاً لنفسه، فماذا أفعل وكيف أتعايش معه؟ وإن جاء على أرض الحاضر.
* عندما أتذكر هذا الفعل أشعر بكراهية لنفسي، وأحياناً أكره والدي، فهو الذي ساقني لهذه الجماعة (وإن كان بحسن ظن منه).
* أخاف دائماً من الظهور، بل وانهدمت أحلام الصغر المولدة للشهرة، وأحب الآن أن أعمل ما أريده متخفياً.
* لا أطيق أن أقبّل يد أمي أو قدمها لأنها ستثني عليّ إن فعلت، ولا أحب أن أسمعها تدع لي، ودائماً أقول لها "ادع لي في سرك لا تسمعيني" ولا أحب أن يراني أحد وأنا أذاكر درساً، وإن قدمت صنيعاً لأحد وزاد في شكره لي أخجل ولا أستطيع الرد فلا أحب الشكر الزائد ولا أحب المديح لي، وطبعاً أنت تعلم سبب حبي لهذا النوع من المدح.
* لدي عقبة واحدة هي أي قد أعطي محاضرة كاملة عن شيء لكني أجد إحساسي مناقضاً له ومناقضاً لما أقوله! لذا فلا أدخل أي شيء في رأسي إلا عن اقتناع تام، بل ولا أدخل شيئاً هكذا اعتباطاً فالشيء الذي لم أتخذ فيه قراراً لا أبقيه معلقاً، بل يجب أن أفكر فيه حالاً وأتخذ القرار المناسب، فليس أي كلمة تقنعني. علماً أني قد أتغير في يوم واحد إلى النقيض إن اقتنعت به، فأنا سريع جداً في التغير عند الاقتناع.
* أشعر أني ليس لدي وطنية وليس لدي تعصب حتى لو بسيطاً لعائلتي إن حدث مشكلة بينهم وبين أحد آخر، الأمر الذي يجعلني أشعر بالنقص، وكل هذا مبني على سوء الفهم للكتب التي قرأتها دون معلم، وفهمي المغلوط للولاء والبراء والتعامل مع الكتابيين والحكم بغير ما أنزل الله، فبالغت في ذلك حتى خرجت عن نطاق الوسطية.
* لا أعلم كيف أتعامل مع النساء مطلقاً، فرجاء أعطوني نصيحة لهذا الأمر.
* أشعر بمشاعر غريبة؛ أحياناً يذكر أمامي أن شخصاً ما قال كلمة عادية فأتعجب، وهل يعرف معناها؟. وأبسط أمر أني أتعجب هل النبي رجل مثلي -دون وجه مقارنة- مقصدي أنه رجل مثلي في التركيب. أشعر بالفخر و/أو عندما أرى طفلاً وكبار المجلس يتحدثون إليه. أتعجب من العلاقات مثلاً بين الرجل والمرأة، لماذا ينجذب الرجل بشدة لجسد المرأة، بينما لا يحدث معها ذلك بنفس الدرجة؟ وما الجاذب في جسد المرأة؟ أشعر أني موهوم، وعلى النقيض شديد الواقعية، فدائماً أجمع بين النقيضين لا أعرف؟.
* دائماً اشعر بالعجلة، وأن من أمامي لن يعطيني الفرصة لأتحدث.
* دائماً أتخيل نفسي وأنا أضرب ضرباً عنيفاً من قبل شخص أضعف مني وأرفض الدفاع عن نفسي، أو أتخيل وأنا أبكي بشدة أمام الجميع، علماً أني لا أبكي إلا نادراً جداً... وأحياناً أشعر أني مجهد بدرجة عالية من كثرة التفكير.
* الصفة التي يخبرني بها أحد أنها أحد صفاتي أشعر أني أعملها له، كان يقول لي أحد أنني صادق فأشعر أني لا أكذب بعد ذلك لأجله فقط، وأبالغ في الصدق أمامه فتتغير عندي الصفة بمجرد أن يكتشفها أحد ويخبرني بها ويشغل هذا حيز من التفكير.
* أتمنى من الله أن أتغلب على الظاهرة السيئة وهي الخجل، فماذا أفعل؟.
* عندما أترك شيئاً أنسى أحياناً المشاعر المتعلقة به، فأنا الآن أشد على المثليين، لماذا يفعلون هذا الفعل؟ علماً أني كنت واحداً منهم ذات يوم! نسيت الشعور بمجرد الابتعاد عن المسبب له.
* عندما أرى جماعة من الشباب يقفون مع بعضهم ينتابني شعور بالقلق وأنهم سيتحدثون عني! حاولت جاهداً التغلب ومواجهة المخاوف، لكنها حتى لو اختفت فترة تعود ثانية، وكذا كل مخاوفي فهل العلة في طريقة المواجهة أم أنها لن تزول إلا بزوالي؟!.
وعندما أذهب للمسجد القديم أرى الأماكن وأتذكر ما حدث لي، فهل أتركه وأذهب لمسجد آخر؟ علماً أني أذهب إليه لمواجهة مخاوفي، لا أعلم هل هذه الطريقة صحيحة أم لا؟.
* هل من طريقة معينة أو دواء ما لوقف التفكير ليل نهار؟.
* في عزّ الشتاء أشغل المبرد وأشعر أن طاقة كبيرة تخرج من جسمي وأشعر بالحر الشديد، لذلك أشغله.
* أشعر بالقلق الخفيف (أو وسواس)، أنا قلق من شخص شكله غريب وأظن أنه يفكر بي بشهوة، الأمر الذي يجعلني أشعر أني مجرد أنثى خائبة خائفة فأكره نفسي بشدة، لكن هذا نادراً.
* عندما أغمض عيني استعداداً للنوم أرى قضيباً يقترب من بعيد وكأنه يريد الفعل وأنا أدافعه بخيالي، بل وأحياناً أشد عضل فخذي والمؤخرة! والأدهى أني عندما أتخيّل الجنس أرى نفسي مفعولاً مع جهدي الجاهد أن أتخيل أني فاعلاً، لكن الصورة تقطع بسابقتها.
الخلاصة هي مجموعة اضطرابات مصاحبة للمثلية، والمؤكد أنكم تعلمون ما أريد قوله:
* الأمر الأخير أني أشعر أني لا أعرف ما أشعر به أو ما يجب أن أشعر به، أريد أن أكون شخصاً آخر لأرى كيف يفكر وكيف يشعر، وأنا لا أحب هذه الكلمة! قرأت كثيراً عن التفكير الإيجابي وتحويل الفكرة السلبية إلى إيجابية والتنويم بالإيحاء والمغناطيسي والبرمجة اللغوية العصبية، أحقاً تجدي نفعاً على مدى قصير، أم أني لا أعرف كيف أستخدم هذه الأمور؟ أم أنه مجرد استعداد نفسي لأن أستريح ثم يزول... لا أعرف إلى متى ستستمر هذه المعاناة.
رجاء أخير، لا تقل لي "وهل كذا مبرر لك في هذا العمل؟" لأني أعلم أنه ليس مبرراً وأشعر بالذنب، وهذا عام في كل ما ذكرته.
أريد أن أنفع ديني بعيداً عن الجماعة المذكورة، علماً أنهم والله أناس فضلاء وأنتم تعلمون ذلك أم أنه كره عارض لنفسي وسيزول؟.
* في النهاية، أريد أن أسأل طبيبي المعالج سؤالاً وأريد مصداقية في إجابته:
هل لو يوماً تقدمت لخطبة ابنتك وعلمت أنني كنت مثلياً (homosexuality- كما تسمونه) فهل ستقبلني زوجاً لها؟. لو كنت مكانك فأنا لن أقبل، علماً أني أعرفهم أكثر منك، واعرف أن منهم العباد (عفاك الله وأولادك وجميع أبناء المؤمنين).
أنا أسامح كل من اعتدوا عليّ، لكن أرجو أن أكون عبرة تتعلمون مما حدث لي وأن يحفظ الله أولاد المسلمين جميعهم من هذا الوباء يارب، والله وددت لو قتلت وأن يحفظ الله نسل المسلمين من هذا الوباء، وهذا ما أدعو الله به.
29/11/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إن كان رب العالمين يعفو عمن عصاه ألا يجدر بنا نحن البشر أن نعفو!. مليئة سطورك بالتفاصيل وبأسئلة غير مترابطة يوحي بعضها بتفكير وسواسي، وبعضها الآخر يشير إلى ميول مازوخية وقد تكون صورة فقط للتعبير عن تدني تقديرك لذاتك فهل سببها أنك أسهبت في الكلام فتعثرت وتقاطعت كلماتك.
اعلم أن الكثير من ضحايا التحرشات والاغتصاب يعانون من معظم ما ذكرته وليس أقلها تلك الذكريات المقتحمة التي تواجهها قبل نومك بالإضافة إلى تدني ثقتك في نفسك وكراهيتك لها رغم كونك كنت ضحية في الأول وجاهل عندما قررت الانتقام بنفس الأسلوب وتدني مفهومهم هذا يعطل استمرارهم ونجاحهم في الحياة فهم من حيث لا يدرون يسببون المزيد من الأذى لأنفسهم.
وأثار التحرشات يزيدها سوءا ويسببها أحيانا ضعف العلاقة مع الوالدين المفروض بهما إن لم ينجحا في توعية الصغير في البداية أن يسارعوا بتقدبم الدعم والحماية له ولكن كان الله في عون الأهل على ما بهم من جهل أو حسن ظن أو انشغال بمشكلاتهم الشخصية.
أمامك مع كل ما ذكرته طريقان كلاهما سهل لكن اختر لنفسك ما يناسبها؛ الأول، أن تذهب إلى جلسات نفسية تفرغ فيها كل خوفك وضيقك وتتعلم من معالجك كيف تستمر في حياتك، والخيار الثاني، هو أن تقرر بنفسك قفل باب متين على الماضي وما فيه من منغصات وتوقف كل ما يجول في خاطرك من أسئلة لا تنفع ولكن بالتأكيد تضر وبعضها لن تجد له إجابة مثل إن كان سيزوجك طبيبك ابنته فلا أنا ولا د وائل لنا بنات.
اعلم يقينا أن ما خبرته قد يكون باب تميز لك أكثر مما تتخيل حين يجعلك حساسا ومتعاونا مع الآخرين شاكرا نعمة ربك الذي فتح عيونك على ما في العالم من شرور فبدل أن تتحول إلى ضحية استثمر جرحك وألمك فيما خلقت له وهو عمارة الأرض، انشغل بأهدافك التي تريد انجازها في حياتك أكثر من انشغالك بوعثاء الطريق، ليتك تستجيب.
واقرأ أيضاً:
خلفيات جنسية: شائعة أم مخلة؟ أم هي الوسوسة
أسير الماضي: لا تدفن نفسك معه
تحرشات الصغر وتأثيرها في الكبر
التاريخ الجنسي لذكر يشعر بالذنب