المتعة والمنطق
السلام عليكم،
أنا طالب طب في السنة الخامسة، من أوائل كلية الطب بتقدير مرتفع جداً ولله الحمد، لكني أحب الرياضيات والرسم جداً، وكنت ماهراً ومتقناً لكلتا المادتين، وقد درست قبل دخولي لكلية الطب فصلاً كاملاً في الهندسة الكهربائية وأفكر جديّاً أن أحوّل إلى الهندسة مرة أخرى- بصراحة لأني أحبها جداً وأريد فعلاً دراستها.
وإذا سألتني ما الذي أدخلك من البداية إلى كلية الطب ما دامت تحب الهندسة؟ فأقول لك أني اغتررت بكلام الناس عن الطب ومدى كونه من أروع التخصصات -وهو كذلك-، أنا لا أكره الطب أبداً ولكني أفضّل الهندسة عليه وأحس أنها ممتعة أكثر.
أريد أن أسأل هل من الممكن أن ادرس الهندسة بعد تخرجي من الطب واجمع بين التخصصين؟ أم أن هذا الكلام ممنوع؟ لقد سمعت أن شهادة الثانوية العامة تكون غير صالحة بعد خمس سنين من صدورها!.
أنا الآن في غاية الحيرة، وبصراحة مستواي الدراسي قلّ عما كان عليه في السنوات الماضية من شدة التفكير في هذا الأمر.
أرجو من حضرتكم أن تنصحوني ماذا أفعل، شاكراً لكم ذلك.
مع أخلص التحيات.
13/12/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سامحني في تأخري في الرد. لقد بحثت طويلاً فلم أجد ما يؤكد فكرتك عن انتهاء صلاحية الشهادة الثانوية بعد خمس سنوات، لكن الجمع بين تخصصين ممنوع بالتأكيد، وهذا المنع صادر عن دائرة العقل المنطقي.
بداية وإن كان الطب كتخصص ومهنة أكثر صعوبة إلا أننا في حاجة إليه أكثر من الهندسة -سامحوني يا هندسة- ولا ينبغي أن تفكر في نفسك فقط ورغباتك فحاجة مجتمعاتنا للأطباء تفوق حاجتنا للمهندسين وهكذا يشجعك العقل على الطب وليس كلام الناس.
كما يرى العقل أن الشك في قرار اتخذته بحرية من خمس سنوات وبذلت فيه الكثير من الجهد والوقت والمال أمر مرفوض تماماً. ويرشدك التفكير العقلاني أيضاً بألا تبحث عن القرار الأمثل فليس هناك أمر دون امتيازات ولا سيئات في دراستك وعملك وجميع جوانب حياتك.
ويقول المنطق أننا لا نعيش الحياة سعياً وراء متعنا مهما كانت، فليست المتعة هدفنا ولا محركنا في الحياة وإن كانت بعض مما يهون علينا الحياة ولكن لا تجعلها محكاً للحكم على أمور حياتك، وتذكر دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام: "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا" وما الدنيا سوى المتع!.
يمكن للهندسة أن تبقى هوايتك إلى جانب تخصصك في الطب ولكن لا يمكن عكس الصورة فلا يتيح الطب مجالاً للهواة، وهو تخصص أناني سيتطلب النجاح منك فيه الكثير من وقتك وجهدك ولكنه في المقابل سيعطيك معنوياً ومادياً ما يسمح لك بممارسة أي هواية.
لا تهدر طاقتك في الحيرة وركز في دراستك فالكثير من المرضى في انتظار مساعدتك لهم مهما كان التخصص الذي ستختاره بعد ذلك، تجلّد وواجه صعوبة تخصصك وافرح بأن لك مجالاً تبرع فيه وتحبه يمكنك أن ترتاح فيه من عناء العمل.
ويتبع>>>>>>>>المتعة والمنطق مشاركة