مجانين يتحدى: وسواس واكتئاب ما له القرين
السلام عليكم أنا صاحب الاستشارة بعنوان: "مجانين يتحدى: وسواس واكتئاب ما له القرين" بداية أود أن اشكر الأستاذة الفاضلة رفيف الصباغ ود. وائل أبو هندي على إجابتكم التي أدخلت علي شيئا من البهجاء والاطمئنان جزاكم الله خيراً جميعاً لما تقدمونه للمجتمع المسلم.
صحيح الذي قلته يا أستاذة في هذا السطر ((يا ولدي يبدو أنك موسوس قبل أن تقرأ هذا المقال، وهذا ظاهر من قولك عن تطور الرهاب الاجتماعي لديك: وقد تطور هذا المرض حتى أنه بدأت تأتيني أفكار غير عقلانية وليس لها معنى)) طبعا سأحكي لكم مشكلتي من الأول منذ أن أصبت بالرهاب الاجتماعي بدأ يطور معي هدا المرض حتى بدأت تتسلط علي أفكار وسواسية لا يتقبلها العقل، كلما أتتني فكرة من تلك الأفكار إلى وطلقت في نبوة من الحرارة في جسدي انقباض في الحلقوم وبعثت في الضيق والقنوط، والحزن.
فكلما حاولت أن أبحث عن فكرة أخرى لكي اقنع بها عقلي أسقط في أخرى أسوأ منها وهكذا حتى لقيت نفسي عاجزا وكأنني في سجن.
سأعطيكم أمثلة عن هده الأفكار:
* عندما أكون جالسا وسط الناس كانت تأتيني أفكار في ذهني فأبدأ أقول لنفسي تخيل لو ضربت فلان أو فعلت كذا وكذا.
* كنت أخاف من حمل السكين خوفا أن أفقد السيطرة على نفسي.
* كنت أحس بالذنب عند قتل حشرة أو فعل شيء بسيط.
* وعدة أفكار أخرى.....
وعندما دخلت على ذلك الموقع وقرأت تلك المقلات فأقنعت عقلي أن تلك الأفكار التي تأتيني هي من قريني ولكن حدث لي ما حدث وهو الذي قلته لكم في الرسالة السابقة. اليوم الحمد لله إنني أبعدت عني تلك كل الأفكار وعرفت أنها أفكار تسلطية وبفضلكم عرفت أن ليس كل الأمراض النفسية ليست من الشيطان. والمشكلة الكبرى التي أواجهها هي أحيانا أشعر بالسعادة وحينما أفكر أو أتذكّر نص من النصوص في الدين أو أستمع إلى القرآن أشعر بانقلاب في المزاج، انقباض في الحلقوم حرارة في جسمي، واكتئاب شديد وهذا الاكتئاب يغير وجهي فأعد "مندبل" العينين ومرهق أبدأ أحس وكأنني مخدر عندما يحصل لي هذا أنعزل عن الناس فلم أعد أركز على حديثهم من خشية الخجل أمامهم فأخاف أن يسألوني ما الذي يحصل لي لا أعرف بماذا أجيبهم.
27/12/2009
رد المستشار
السلام عليكم:
نحمد الله تعالى على ما أكرمك به من طمأنينة وهدوء، ونسأله سبحانه أن يتم نعمته عليك ويمنحك العافية التامة من كل سوء...
إن هذه الأفكار التي ذكرتها وضربتها لنا مثلاً، يمكن أن تطرق ذهن أي إنسان...، ولكن غير الموسوسين يعلمون أنها أفكار مضحكة لن يقوموا بتطبيقها، فيبتسمون منها، ثم يرمونها بعيدًا إلى غير رجعة. أما الموسوس، فيصدقها ويقتنع أنه من الممكن أن يفعلها في يوم من الأيام، فيخاف منها، وتبقى بالتالي شبحًا مخيفًا يسكن في دماغه! ولو نظرت بشيء من التروي والهدوء إلى تلك الأفكار لضحكت منها ومن مضمونها ولعلمت أنها مجرد أفكار، والفكرة لا تقوى على الخروج إلى الواقع دون إرادة منك، فكيف تقوم بها وأنت تتمتع بالعقل والإرادة الحرّة التي ترفضها؟! إنك بالطبع لن تضرب أحدًا وأنت لا تريد هذا، وأنت إنسان عاقل! كذلك أمر السكاكين والخوف منها... فإياك أن تصدق ما تمليه عليك هذه الأفكار وأشباهها، أو تتصرف كما تأمرك، بل أجبر نفسك أن تتصرف كما يتصرف الآخرون.
وأما قتل الحشرات، فلم تشعر بالذنب من قتلها والله أباح لك ذلك؟ ما الذنب الذي فعلته لتؤنب ضميرك عليه؟
من المعروف أن الموسوس يتمتع بضمير حيّ، ولكن ما ينبغي أن تجعله يقتلك من أجل أن يحيا... وبما أنك إنسان عاقل فعليك أن تروض نفسك لتسير باعتدال...
وحتى لو اقترفت ذنبًا صغيرًا دون قصد، فلم كل هذا اللوم لنفسك؟!... أحكي لك قصة حدثت معي عندما كنت أعمل في المدرسة الشرعية... مرةً أصدرت المديرة أمرًا من الأوامر فخالفته خطاً، لعدم علمي به! وكنت أعلم أنها ستغضب إن علمت، وأنا لا أحب إغضابها فقد كانت إنسانة راقية جدًا... فجلست حزينة أشكو فعلتي لمدرِّسة أكبر مني سنًا... فنظرت إليّ مهونة الأمر وقالت: (أمر ما كان ينبغي أن يحصل، ولكنه حصل! فماذا أنت فاعلة؟ انسِ الموضوع). وكأني أسمع هذا الكلام لأول مرة في حياتي! لقد أعطتني بقولها هذا أعظم حلٍّ لأخطائي التي أقترفها!
أنا أحاول دائمًا أن أكون على الطريق المستقيم، فإن بدر مني ما لا ينبغي أن يكون، فماذا أفعل؟!.... إن كان ذنبًا مع الله، أستغفر الله... وإن كان مع البشر، أعتذر... وفي الحالين إن ترتب على الفعل فساد أحاول تصحيحه... وأنسى الموضوع!! والسبب أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلم أظل أجلد نفسي؟
قد يكون من الصعب عليك في البداية أن تسكت ضميرك، ولكنك بشيء من التدريب على إيقاف محاسبة النفس بعد التوبة والتصحيح، تتمكن من التحكم بمشاعرك، وإراحة نفسك من عناء الجلد والمحاسبة التي لا داعي لها. ولا بد من الاعتدال في كل شيء حتى في ممارسة الفضائل!!
وهذا الضمير الحيّ هو السبب في مشكلتك الكبرى التي تسال عن حلها...
إن هذا الارتباط بين سماع النصوص الشرعية وبين الاكتئاب، يدل على أحد أمرين: إما أنك اعتدت منذ صغرك على جلد ذاتك، واتهامها بالتقصير إن سمعت من يذكرك بالله...، أو أن هناك من كان يجلدك على التقصير كلما ذكرك ونصحك، ثم اعتدت أن تجلدها أنت بعد ذلك، بسبب ضميرك الحيّ!!
والحل بالنسبة لك الآن: أن تكثر من سماع وقراءة النصوص التي موضوعها رحمة الله تعالى، وعظيم فضله ورحمته، وما أعده للمؤمنين في جنته... وما يذكر في ضعف الإنسان وكيف يعترف بضعفه ومسكنته، وكيف يلوذ برحمة الله قائلاً له: يا رب، إنما أنا عبد ضعيف...، إن أخطأت فليس لي إلا رحمتك! وإن أصبت فبفضلك وكرمك! وأمري كله إليك وأنت أرحم الراحمين!!
إن الله تعالى ما خلقك ليعذبك، ولكنه خلقك لتسر بطاعته، ثم لتتنعم بجنته... أما ناره فهي لمن بارزه بالمعاصي، وأعلن الكفر وعاث فسادًا في مملكته! وأنت لست مثله بإذن الله تعالى...
وطِّن نفسك على الجهاد في سبيل تصحيح تصوراتك وسلوكك، ورد نفسك إلى الاعتدال، وأبشر بما سيمنحك الله تعالى من سعادة واطمئنان...ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>> مجانين يتحدى وسواس واكتئاب ماله القرين؟ مشاركات