السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
شكراً جزيلاً لتواصلكم معي والرد عليّ، جزاكم الله خيراً عني وعن كل من ساعدتموهم.
أود بداية أجيب عن تساؤلاتكم بخصوص فترة الخطبة؛ لقد دامت 7 أشهر ولم يتخللها مشاكل نظراً لأن من تقاليد أسرتنا (للأسف الشديد) عدم كتابة قائمة ومؤخر كبير، فوالدي ملتزم بالسنة وأن خير الزوجات أيسرهن مهوراً، وأنه إن استأمنه على ابنته فلا تهم الماديات! فلم تحدث مشاكل بسبب ذلك إلا بعض المشاكل البسيطة نتيجة اختلاف ذوق أمي وحماتي في اختيار الأثاث مما يحدث في كل الزيجات، وأنا بطبعي مطيعة وطلباتي قليلة، فمرت فترة الخطبة بسلام.
أما بالنسبة للعمل وسلوكه؛ فنحن نعمل بمواقع مختلفة وعلى ماكينات لذا فالاحتكاك الشخصي قليل، كما أنه حسن المظهر حلو اللسان، فلم يشكوه أحد يوماً إلا عندما أخبرهم بالانفصال وحاولوا التدخل للإصلاح فرد على الجميع بعصبية شديدة وقلة ذوق وسط ذهول الجميع من سلوك هذا الزميل المحترم. كما أنني من أسرة شديدة التزمت فلا اختلاط ولا رحلات، كان كل همي هو المذاكرة والتفوق الدراسة، حتى أني كنت أصغر الحاصلين على درجة الماجستير في تخصصي -أنا أعلى من زوجي علمياً-، وإن كنت لا أعمل معه في نفس المجال بل في مجال مختلف، لذا لم يشعر يوماً أني أعلى منه أو أني أرأسه في العمل، ورغم ذلك بعد الخلافات ترك العمل!.
المهم الجديد، أنه عقد مجلس صلح وحضر هو ووالدته فقط دون والده، وكانت الجلسة عبارة عن 4 ساعات متواصلة من التشكيك في سلوكي ولعني أنا وأسرتي على سوء التربية لأني خرجت من منزل الزوجية ولأنه لا يعلم ماذا فعلت وأنا بمنزل والدي طوال الفترة السابقة، وأن والده لم يحضر الجلسة لأنه يطالب ابنه بطلاقي منذ اليوم الأول الذي دب فيه الخلاف بيننا وعلم سببه، لكن ابنه لم يطلقني وأن جميع أفراد أسرته لا يطيقون رؤيتي أو حتى رؤية ابنتي منه بسببيي، فكما يدعي "فضحتهم في الشغل والبيت"! مع العلم أن أهلي لم يقوموا بأي شجار على الملأ مثلاً بل جميعها كانت حوارات للإصلاح ليس إلا، وأنا لم أذكر شيء في العمل بل هو من تحدث في أمرنا هناك!
أخذت والدته تلومني أن المرأة الشريفة إذا وجه لها مثل هذا الاتهام لن تهدأ حتى تبرأ ساحتها، ثم تلومني على العكس بأنني ضخّمت الأمر وقلبت الدنيا لمجرد اتهامه لي! والصحيح أني ظللت أدافع عن نفسي بالإقناع مرة وبالشجار مرة وهو يرفض أي كلام أقوله قائلاً أن الأمر انتهى انتهى، حتى تركت المنزل كما ذكرت سابقاً. واتضح أن أمه وعائلته تعلم كل التفاصيل يوماً بيوم على الرغم من إنكارها هذا من البداية، وكان تعليقه على المكالمات من الشخص المجهول التي تحكي علاقته مع العاملة ويحكي لي أدق تفاصيل حياتي، إن نظر إلى والدته وقال لها: "مفيش موضوع أصلاً للمناقشة، كلام خايب" وعلّقت والدته بأني قمت بتشويه سمعة ابنها بهذا الكلام، وأن ابنها يعرف ربه وعليّ أن أحاسب نفسي على ما قلته، وعندما يذكر بابنته التي لم يرها إلى الآن رد بأنه ليس من نوعية الرجال الذين يتأثرون بالأطفال، وأنه غير مذنب إن لم يرها أو يصرف عليها فهي يجب أن تحاسب أمها التي فعلت ما فعلت وخرجت من البيت ولم تراعها، وأيدته والدته بأن ابنتي ستلعنني كل يوم لأني بلا تربية وغير جديرة بالانتماء لأسرتهم، وأنهم لن يروا ابنتي بسببي وعليها أن تحاسبني أنا وليسوا هم!
وهكذا استمرت المناقشة وبدأ والدي يرد دون تجريح وتدخل المحامي الذي حضر الجلسة (بصفة شخصية فهو صديق للعائلة، وهو من توسط للصلح)، وسأله ما هي شروطه للعودة والصلح فقال أن يوصلني والدي لبيته وألا يزوني أحد من أهلي وأن أترك العمل، وألا أنزل إلى الشارع وألا يكون بالبيت هاتف، وأن يسمح لي بزيارة أسرتي متى ما أراد هو، على أن يوصلني إلى الباب ويستلمني "كالحقيبة" بحسب تعبيره! وألا أسأله عن أي شيء يخصه، وممنوع الاختلاط بالصديقات وخلافه، وممنوع الخروج لشراء أي شيء، وبعد كل هذا سيقاطعني كزوجة ولن يصفى قلبه لي أبداً ولن يقربني بتاتاً، وأن عليّ أن أعلم أنني هنا فقط لأربي ابنتي وأن والده ووالدته سيعيشان معنا وعليّ خدمة الجميع دون نقاش! وبذلك يكون ملتزماً بشرع الله؛ فالشرع يقول أن المرأة من بيت أبيها لبيت زوجها للقبر، وقال أنه كان كالحمل الوديع يقول نعم وحاضر وطلباتي مجابة ولم يقابل إلا بالغدر، ووالدته توافقه أن هذا ما يجب أن يكون مع من هي مثلي، فحسب قولها:"مشفتش بنات بالشكل دة" مع العلم أن والدته وأخواته البنات سيدات مجتمع ونوادي وفي منتهى الجرأة!.
أخذ يقول: "ما هو ثمن كرامتي التي أهينت؟ ما هو ثمن خروجك عن طاعتي" مع العلم أنني خرجت مع أهلي بمباركته ولم يطلبني يوماً أو يحاول التفاهم معي قائلاً أنه "أسقطني من حساباته ونسيني"، وثم صار يصرخ بشكل هستيري: "ما الذي يمكن أن يعوضني عن هذا؟" وعندما سألته لماذا لم يطلقني طالما أني بهذا السوء تدخلت والدته قائلة أنها وأخواته البنات منعنه من ذلك لأني كنت حبلى!. رغم أنها طوال الجلسة تهينني وتشعل النار.
انتهت الجلسة وعدت مع والدي، وطبعاً أرفض أن أعيش هذا الذل وأحسست أني أمقته وأنه شيطان وأنني أمقت كل ما في الحياة عدا ابنتي التي هي قرة عيني. في اليوم التالي فوجئنا بوالدته تتصل وتقول أن ابنها يريد طلاقي شرط أن أتنازل عن حقوقي مقابل أن أسترد ما اشتريته -من حرّ مالي فقط- من الشقة، والأفضل أن آخذ نصف قيمته المادية على أقساط باتفاق ودي مع الكثير من الكلام الحلو -عكس اليوم الذي سبقه-، وأن الانفصال يجب أن يكون حضارياً! فرفض والدي العرض بأدب قائلاً أن التفاهم سيكون من خلال المحامي بما يحكم به الشرع والدين.
الآن يا سيدي أشعر إني لن أفيق من هذه الصدمة، ويعلم الله أن هذه هي القصة دون زيادة أو نقصان… أعلم أني ربما أخطأت بتركي المنزل أو تعاملي مع الموقف بجهل، لست أدري! لكن الطريقة التي تحدثوا بها أفقدتني الثقة بنفسي، وأحس بالذنب تجاه أهلي، وأن الله غاضب عليّ، ولا أدري لم هذا الشعور البغيض؟! كما أني لست أدري هل ستلعنني ابنتي حقاً؟ وكيف أتعامل معها؟ وماذا أقول لها عندما تكبر عن رفض والدها لها؟ علماً بأنني لن أمنعه يوماً من رؤيتها ولن أمنعها عن البر به عندما تكبر، لكني أخشى أن تقتنع بمثل هذا الكلام وتكرهني، وأنا ليس لي سواها، فلن أتزوج ثانية ولن أثق في مخلوق بعد الآن، كما أن المطلقة في مجتمعنا دائماً هي السبب! أما هو فسيتزوج ويعيش حياته من جديد، وهذا شعور قاتل… صحيح أن الأمومة شعور رائع، لكنني عشت طوال عمري أتمنى أن أشعر أني أنثى، فعشت هذا الشعور شهراً ونصف وتحطمت حياتي وحكم على هذا الشعور بالإعدام لمجرد رنة تليفون لم أرد عليها!!! لا أعلم، هل هذا وسواس أم ماذا؟ فدائماً أسأل لنفسي: هل هذا جزاء الالتزام؛ أن أطرد بعد شهر ونصف بفضيحة، ويحكم عليّ أن أحرم أنوثتي العمر كله؟ أنا لدي بنت لن أرضى لها أن تعيش مع رجل غريب ليس أبوها أو أن تعيش بعيداً عني، حتى لو كان الثمن حياتي كزوجة التي تمنيتها طويلاً -أستغفر الله العظيم وأطلب من الله أن يسامحني على هذا الفكر- لكنها فكرة تسيطر عليّ وتؤرقني.
آسفة للإطالة ولارتباكي في سرد القصة وسرد تساؤلاتي، واسمحوا لي أن أتواصل معكم وأن تكونوا إلى جانبي، فأنا منغلقة وليست لي علاقات اجتماعية. وجزاكم الله خيراً على ما تفعلوه في هذا الموقع. أعانكم الله على احتمال مشاكل الناس ومساعدتهم.
وشكراً.
27/12/2009
رد المستشار
سيدتي العزيزة،
أهلاً ومرحباً بك على الموقع مرة ثانية، وعذراً على التأخير وعلى ما تعرضت له في حياتك من إهانات لن أتطرق إليها لأنني أرى من خلال سردك أنكم وصلت لطريق قد يكون مسدوداً، وأن ما حدث بينكما من الصعب أن ينسى. لكنني سأهتم بالجانب الأخير من رسالتك وهي مخاوفك من لقب مطلقة، ورفضك الزواج، وخوفك من رد فعل ابنتك العزيزة.
سيدتي،
من الخطأ أن نعمم تجربة شخصية تتكرر بدرجة بسيطة ونعتبرها مؤشراً على كل العلاقات الزوجية؛ فتجربتك ليست معياراً لأسباب متعددة، منها: قلة خبرتك وأسرتك بالرجال، وقصر المدة الزمنية سواء للخطوبة أو الزواج، ونمط العلاقة الغريب في أسرة زوجك، وطبيعة شخصية زوجك نفسها، ورد فعل والده... وغيرها من الأسباب التي تدعوك إلى عدم التعامل مع خبرتك على أنها قاعدة، كما أنني لا أود أن تأخذي قرارات وأنت في حالة نفسية لا تسمح لك بذلك.
أما عن ابنتك فستحتاج منك بعض المجهود لتبرير غياب الأب، وهذا سيتوقف على ما ستترتب عليه الأحداث من متغيرات، فهل سيبقى حال أسرة زوجك على رفضها وعدم رؤيتها وعدم الإنفاق عليها وغير ذلك؟ مما سيجعل مهمتك ربما أسهل لأن الواقع سيشهد بأن أهلها هم من يرفضونها، وبالتالي سيكون عليك التعامل مع ما سيترتب على ذلك من مشكلات نفسية عن طريق وجود أب بديل يعوضها ذلك (إما زوج، الأخ، الوالد)، أما إذا عادوا إلى حياتها فربما لا يسممون أفكارها نحوك، أو ربما يرون مصلحتها في هذا أو....إلخ، وبالتالي سيتم التعامل مع ما سيتجدد من مشكلات.
عزيزتي،
أرى أنك تحتاجين إلى إعادة ضبط حياتك وتحديد ما تحتاجينه في حياتك على المستوى الشخصي والعملي والاجتماعي والروحاني، فما تحتاجينه هو أن تتوازني في حياتك مما سيساعدك على اكتساب الخبرات الحياتية وتعديل طريقة تفكيرك وعلاقاتك بالناس وزيادة استمتاعك وتغيير نظرتك للحياة.
وفقك الله وتابعينا.
ويتبع >>>>>>>>>>: خذوهم بالصوت! غيور أم مريض؟ م1