السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
أنا مدرس عمري 35 سنة متزوج، لدي ولداً وبنتاً. ينتابني شعور بالنقص والدونية لا أدري له تفسيراً! أحس بضيق في صدري، أخاف من فقدان عقلي وعملي، وتفكك أسرتي. أحاول دائماً النظر في المرآة فأشك في نفسي وقدراتي العقلية، بل أعتبر نفسي مجنوناً رغم حصولي على شهادة وإجازة في الفلسفة/ تخصص علم اجتماع، دائم الصمت سواء إن كنت مع زوجتي أو مع الأصدقاء، حساس جداً وروؤف وعطوف، أنشغل وأتأثر بانتقاد الآخرين لي، ولدي بعض النقص في الاتصال بالمجتمع، وثقتي بنفسي ضعيفة.. أحس في نظرة الناس إلي ما يقول أني مجنون ومعتوه! مسالم وأتحاشى الخلافات والمواجهات مع الآخرين؛ كما أبالغ في احتقار ذاتي وتصغير قدراتي وتقليل طموحي، وأتجنب الدخول في المنافسات الكبيرة أو حتى المتوسطة، كما لدي ضعف في اتخاذ القرار سواء في البيت أو خارجه، حتى لو كان قراراً مصيرياً.
أنا ملتزم وأحافظ على صلاة الجماعة، وأصل رحمي، وكنت أحضر مجالس العلم مع جماعة منذ ما يزيد عن 13 سنة حتى انفصلت عنهم لكثرة الالتزامات وعدم اقتناعي بمسارهم، ذابت شخصيتي وفق تصوراتهم منذ التعليم الثانوي- حينها لم تكن شخصيتي قد تبلورت. لقد كنت نشيطاً ومرحاً في تلك المرحلة، أعامل الناس باحترام وهدوء، ومتعاون جداً مع الغير، ومتطوع لعمل أي شيء... لكني لا أتلذذ بالعبادات وأستيقظ قلقاً، لا أستمتع بحياتي ولا مع زوجتي وأولادي، وأقارن نفسي مع الآخرين وأحتقر ذاتي وأحس بالغربة. أعتذر عن الإطالة، وددت لو التقيت بك يا دكتور لأحكي ما أحس به، لكني أقطن بالمغرب.
جزاكم الله خيراً، فكيف أستطيع تجاوز هذه الحالة مخافة أن تسوء حالتي؟ فقد مررت من هذه الحالة سنوات 2001/2007 .
11/1/2010
رد المستشار
عزيزي،
أهلاً ومرحباً بك، تحدثت عن العديد من الأعراض التي تحتمل إما أن هذا نمط من أنماط الشخصية أو أنه مرض نفسي وسيتوقف ذلك على أن تعرف الفرق بينهما. فالتشخيص الأول أن لديك اضطراب الشخصية التجنبية.
لقد عرفت منظمة الصحة العالمية اضطرابات الشخصية بالتالي:
"هو نمط من السلوك المتأصل السيئ التكيف، والذي ينتبه إليه عادة في مرحلة المراهقة أو قبلها. ويستمر هذا السلوك في معظم فترة حياة الرشد، وإن كان في الغالب يصبح أقل ظهوراً في مرحلة وسط العمر، أو السن المتقدمة. وتكون الشخصية غير طبيعية إما في انسجام وتوازن مكوناتها الأساسية، أو في شدة بعض هذه المكونات، أو في اضطراب كامل عناصر الشخصية، ويعاني بسبب هذا الاضطراب، إما صاحب هذه الشخصية، أو الذين من حوله، ولذلك تكون هناك آثار سلبية لهذه الشخصية المضطربة على الفرد، أو على المجتمع من حولها". ويتطلب تشخيص اضطراب الشخصية:
(1) أن يكون عمر الشخص المضطرب أكبر من 18 عاماً؛ حيث تبدأ الأعراض قبل هذا العمر وتعرف بالسمات، وعندما تستمر هذه الأعراض مع الشخص حتى عمر 18 سنة تترسخ عنده ويصعب تغييرها، ويطلق عليها عندئذ اضطراب نمط الشخصية، ويستثنى من ذلك الشخصية المضادة للمجتمع إذ يكفي عمر 16 سنة لتشخيصها.
(2) ألا تعيق اضطرابات الشخصية صاحبها عن الاستمرار في حياته الاجتماعية والعملية وإن كانت تتسبب في بعض الصعوبات لمن حوله أكثر مما تسبب له؛ فإن أقعدته عن عمله وسببت خللاً واضحاً في علاقته مع الآخرين أصبح ذلك مرضاً وليس اضطراب شخصية.
وأعتقد أنك تجد صعوبات في حياتك لكنك ما زلت تعمل كما أظن.
وسمات الشخصية التجنبية هي:
0 تتميز بالكف الاجتماعي والإحساس بضعف الكفاءة مع وجود حساسية زائدة لنقد الآخرين.
0 يتجنب المهن التي تتطلب احتكاكاً اجتماعياً لخوفهم من النقد والرفض وعدم الاستحسان.
0 لا يميل لمخالطة الآخرين إن لم يتأكد أنهم يحبونه.
0 يظهر إحجام عن العلاقات الحميمية لأنه يخشى أن يُجرح شعوره أو يسخر منه.
0 في المواقف الإنسانية الجديدة عليه يصبح معوقاً بسبب شعوره بعدم الكفاءة.
0 يشعر أنه أقل من الآخرين، سخيف، غير لبق .
0 يمتنع عن المواقف التي تتطلب بعض المغامرة، أو يمتنع عن الاشتراك في الأنشطة الجديدة لأنها قد تظهر ارتباكه.
المظاهر المرافقة:
1- من الشائع أن يعاني المصاب بهذا الاضطراب من الاكتئاب والقلق لإخفاقه في إقامة علاقات اجتماعية. وقد يرافقه رهابات محددة.
2- يتمنى المصاب على الرغم من عزلته الاجتماعية أن ينال محبة الآخرين وقبولهم له، خلافاً للمصاب باضطراب الشخصية الفصامية الذي يتصف بالعزلة الاجتماعية ولكن ليست لديه الرغبة في إقامة علاقات اجتماعية.
العلاج:
1- العلاج النفسي يهدف إلى الاستبصار وتلطيف حدة الخوف المرتبط بالصراعات اللاواعية.
2- العلاج السلوكي: التدريب التعبيري والتدريب على المهارات الاجتماعية لزيادة ثقة المريض بنفسه باستخدام أساليب نزع الحساسية.
3- قد تفيد أساليب العلاج المعرفي في تقليص وإزالة التوقعات المرضية التي تقلل إلى حد كبير ثقة المريض بنفسه.
4- العلاج الجمعي.
5- قد يفيد إعطاء الأدوية المضادة للقلق أو للاكتئاب.
أما إذا كانت هناك بداية محددة للمشكلة فأنت تعاني من اضطراب الاكتئاب سواء الجسيم أو المزمن.
مواصفات الاكتئاب الجسيم Major Depressive Episode:
أ- اكتئاب الوجدان (سرعة الاستثارة في حالة الأطفال والمراهقين) أغلب فترات اليوم وكل يوم طوال أسبوعين متتاليين (شعور المريض بالحزن أو ملاحظة الآخرين ذلك)، أو فقد الاستمتاع والاهتمامات لأغلب الأنشطة اليومية.
ب- وجود أربعة أعراض أخرى مصاحبة لمدة أسبوعين على الأقل:
1. فقدان الشهية، وفقدان الوزن أكثر من 5% خلال شهر.
2. الأرق أو زيادة النوم؛ صعوبة الدخول في النوم أو أرق يتخلل النوم أو أرق في الصباح الباكر، النوم أكثر من المعتاد أو النوم المتقطع .
3. الفوران النفسي الحركي؛ عدم القدرة على الاستقرار في مكان أو التجوال أو الطرق باليد أو شد الشعر أو حك الجلد، أو التبلد الحركي؛ بطء حركة الجسم وبطء الكلام مع فترات صمت قبل الإجابة على الأسئلة، الكلام بصوت خافت وعلى نغمة واحدة، نقص مقدار الكلام أو البكم.
4. الإجهاد أو فقدان الطاقة دون مجهود جسماني تبدو أمامه المهام مستحيلة.
5. الشعور بعدم القيمة أو الشعور بالذنب المفرط وغير المتناسب مع دواعيه، وتتفاوت من مشاعر العجز إلى التقييم السالب للذات، وانتقاد النفس مع كل فشل بسيط وتضخيمه، والشعور بالذنب قد يصل لدرجة الضلال.
6. تكرار فكرة الموت أو المحاولات الانتحارية، تفضيله الموت على الحياة، لديه أفكار انتحارية أو خطة للانتحار أو محاولة انتحار.
7. صعوبة التفكير أو صعوبة التركيز.
ج- وجود خلل وظيفي أو اجتماعي واضح.
د- أن تستمر هذه الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل، أو ا، تستدعي دخول المستشفى.
هـ- الاضطراب ليس تفاعلاً طبيعياً لفقد شخص عزيز.
مواصفات الدسثيميا (الاكتئاب العصابي المزمن) Dysthymic Disorder:
أ- كآبة أغلب فترات اليوم، كما في الاكتئاب الجسيم.
ب- وجود اثنين على الأقل مما:
1- فقد الشهية أو زيادتها.
2- الأرق أو زيادة النوم .
3- نقص الطاقة أو الإجهاد.
4- نقص التركيز.
5- الشعور بالعجز.
ح- تستمر هذه الأعراض لمدة سنتين أو سنة في الأطفال والمراهقين، لا تختفي خلالها الأعراض لمدة أكثر من شهرين .
د- لا تحدث خلال السنتين نوبات اكتئاب جسيم أو نوبات مختلطة .
و- أن تسبب الأعراض خللاً اجتماعياً أو وظيفياً أو معاناة ذاتية.
أخي العزيز،
عليك أن تعيد تقييم الموقف بعدما سبق، حتى يتسنى لك تحديد طريقة التعامل معه، وفي الحالتين تحتاج إلى مساندة مهنية متخصصة.
وفقك الله وسدد خطاك.