السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
R03;
مشكلتي شائكة لم أجد لها مخرجاً؛ أنا أتعذب ليلاً نهاراً، أرجو أن تساعدوني من فضلكم.
أنا فتاة ملتزمة، حياتي كانت كلها عبادة ودراسة حيث أنني الأولى على مستوى ثانويتي، الجميع يحبني ويحترمني. لم أفكر يوماً في أي شاب، حتى مراهقتي مرت في صمت... إلى أن جاء يوم اعتبره ثورة بالنسبة لي حيث شاركت في مسابقة لحفظ القرآن الكريم بمسجد من المساجد، حين دخلت القاعة وجدت وجهاً ملائكياً يشع نوراً لم أر مثله في حياتي! كان شاباً قمة في الأخلاق بهرت بعلمه وورعه، لقد كان رئيس اللجنة التي قيمت حفظي، غنه شاب حافظ لكتاب الله، كلما ابتسم لي ووجهني شعرت بشيء غريب لم أشعر به في حياتي.
فزت بالمسابقة وكنت الأولى، كلمني ليهنئني فازداد تعلقي به، ومنذ ذلك اليوم وأنا أفكر به، كلما رأيته في الطريق لا أستطيع حتى أن أرفع رأسي لأنظر إليه، كل الليل أفكر به، لقد أحببته حقاً وأتمناه زوجاً لي ومن المستحيل أن أصرح لأحد بحبي له فأخشى أن يرفضني، ماذا أفعل؟.
14/01/2010
رد المستشار
حضرة الأخت "حزينة" حفظك الله،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لقد كنا نعتقد أن الحب قد مات بمرض السرطان منذ زمن بعيد، خاصة ذلك الذي يولد من أول نظرة... حاله كحال الغول والعنقاء والخل الوفي.
وما أروعك اليوم وأنتِ تعيدين لنا الثقة بأن الحب ما زال حياً يرزق، وأنه ما زالت تأتي به البجع في كل موسم ربيع، إن لم تحمله السنونو بمناسبة المسابقات الدينية والتلاوات القرآنية. لست أدري كيف تكونين حزينة وأنت تملكين هذا النبع من الحب المتدفق والطوفان الذي يغرق القلب منذ النظرة الأولى!.
لربما وجب علينا أن نعيد تعريف الحب أمام رسالتك الحساسة، حيث أنه قد يختلط الأمر في التعبير عن الشعور الذي نكنه تجاه كل ما يحيط بنا أكان إنسياً أم مادياً، فكما لا تستطيعين أن تقولي بأنك تحبين فاكهة "البوروجو" إذا ما تذوقتها للمرة الأولى بل تقولين إني معجبة بهذهه الفاكهة، كذلك لا تستطيعين القول بأني أحب فلاناً منذ اللقاء الأول، بل إني معجبة بفلان.
الحب بحسب تعريفنا هو الشعور الإيجابي الناجم عن العادة في إشباع رغبة، "العادة في أكلة ما، أو في التحدث مع أحدهم، في رؤيته، في..." نخرج بعد هذا التعريف أنه من الممكن لك أن تقولي بأنك معجبة بذلك الشخص. أما الحب؛ فتحتاجين إلى وقت أكبر لكي تقولي أنكك مصابة به.
في كل الأحول أياً يكن حقيقة شعورك تجاه ذلك الرجل، أيتها الحساسة المرهفة، هل من الممكن أن تسمحي لفكرة ما أن تتحول إلى وسواس قهري يعيش معك، ويغير حياتك، ويُقعدك عن بناء المشاريع المستقبلية، و...؟ هل يمكن أن تسمحي حتى للحب أن يقيد يديكِِ ويمنع قلبك من الخفقان، ونبع عواطفك أن يهدر ليسيل أنهاراً ورافد تصب عند أفئدة كل مَن يحيط بك، وينعم بجميل العيش معك وحولك؟.
كيف يكون حزيناً من يملك هذا الكم الهائل من الحب الجارف؟ وهل أن الحب أصبح لعنة؟! أم أنه بلسم لكل الجراحات، حتى لجراحات الحب؟ وهل غير الحب يستطيع أن يشفي من أي داء؟تقول عندكم أم كلثوم: "يا دنيا حبي وحبي وحبي فالعمر هوا... العمر هوا... الحب وبس"
هنيئاً لك هذا الشعور الجميل، والذي إن أرق ليلكِ وشغل خيالك، وكبل عقلك، فليس إلا السجن الذهبي الذي تحتاجه كل الإنسانية في هذا الوقت المعاصر، فقد نحتاج مجدداً لظهور السيد المسيح عليه السلام في هذا العصر، ليعلمنا من جديد درس الحب الذي حفظْتِهِ ظهراً عن قلب. مبارك لنا وجودك في مجتمعنا، وهنيئاً لك هذا الحب الفوار. أما حقيقة الشعور أهو الحزن أم الفرح، الذي يقطر حباً فلن أستطيع أن أُدْمغ لك البيان.المهم، هل تقولين له، أم تبوحي لسواه بالسر، أم...؟
لربما أنت بحاجة إلى صديقة قد تكون أمك أو أختك أو جارتك، تثقي بها لتحدثيها عن الموضوع، ودعي بعدها القدر النسائي ليقود كلماتك مع الريح إلى مسامع قلبه، فقد يُفتح الباب بعد الطرق، أما أن تستوقفيه وتبوحي له بالسر؛ فهذا ما لا ننصح به، لأن الرجل عادة يحب الفتاة التي يهرول خلفها، ويحب أن يصطادها، ولا يستسيغ أكل الطائر الذي يغط على كتفه.
لقد قاد لك قدرك ذلك اللقاء، وقد يكون امتحانك اليوم في درس ديني مهم، ألا وهو الصبر وحُسن الثقة بالله عز وجل، فإن كان مكتوباً على الجبين فسوف تراه العيون، وإن لم يكن مكتوباً، فالشكر لله دائماً وأبداً على كل ما أنعم، وعلى كل ما قدر ولطف.
ومَن يدريكِ أنه في غير صالحك أن يكون هذا الرجل زوجاً لك؟ الله وحده يعرف فأحسني الظن بالله، توكلي عليه، وانعمي بالرضا والتسليم يكون ذلك أسعد لك وأهدأ لقلبك.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.واقرئي أيضاً: