لعبة النرد: رمية لمغدور، والثانية أحمق!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحكي لكم مشكلتي لعل الله يفتح على حضراتكم بما يساعدني في تجاوزها، وإيماناً مني بالآية الكريمة (..... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (الأنبياء:7) ولأن عقلين خير من عقل ورأيين خيراً من رأي.. أنا شاب في أواخر العشرينات من عمري، أحسب نفسي متعلّماً وعلى قدر من الثقافة والوعي، أعشق القراءة والأفكار الجديدة والأمور الإيجابية في الحياة، أمنيتي أن أعيش سعيداً وأموت شهيداً. تزوجت منذ حوالي أربع سنوات ولي طفل والحمد لله، قصة زواجي بدأت عندما علمت أن هناك من يحبني في الخفاء ويمنعها حياؤها وأخلاقها التي تربت عليها أن تصرح لي بذلك، خاصة وأني كنت قبل معرفتي طريق الالتزام متعدد العلاقات- ليس بشكل كبير ولكني كنت معروفاً بذلك.. عندما علمت لا أنكر مقدار سعادتي وخاصة أنى كنت لا أصدق أن مثلها يعجب بمثلي فضلاً عن أن يحبه ويتمناه زوجاً! قلت لنفسي ها هو طريق السعادة؛ امرأة ملتزمة لم تحدث رجلاً قبلك قط ولم تعرف طريق العلاقات ولو السطحية، خلقها معروف حتى قبل التزامها، من أسرة محترمة مترابطة ومكانة اجتماعية جيدة، وهي قريبتي في النهاية.
رفض أبوها الأمر في البداية ثم وافق تحت إصراري وإصرارها، لم تأخذ فترة الخطبة حتى البناء طويلاً، حوالي خمسة أشهر فقط، كنا منشغلين أغلبها بالتجهيزات والترتيبات العادية للزواج، كنت وقتها في حوالي الخامسة والعشرون وهي تصغرني بحوالي ثلاث سنوات. مرت فترة العسل سريعاً ثم بدأت المشاكل من أول شهر وما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة، فترات من الهدوء تتبعها عواصف ثم عواصف يتبعها سكون.
كان السبب الرئيسي لكل مشاكلنا هو الاختلاف الشديد في الطباع والذي ربما يصل لدرجة التنافر؛ لا اتفاق في الأفكار ولا الأهداف ولا وجهات النظر مهما كانت بسيطة وفي أمور هامشية، عرفت منذ اللحظة الأولى كم كنا من عالمين مختلفين تماماً، مع بعض الأمور التي كانت تصل بالخلاف بيننا لدرجة الانفجار بسبب عصبيتها الشديدة وغضبها الأعمى المدمر الذي لا يراعي كبيراً ولا صغيراً ولا زوجاً ولا أباً ولا أماً، لا اقتناع برأي أحد ولو عم مقرب أو صديق مخلص، مع إهمالها لكل أعمال البيت وقلة اهتمامها بي وبعملها مع تذمرها الدائم من أوضاعنا المعيشية والمالية، مع أننا والحمد لله نعتبر لكثير ممن في نفس عمرنا مستمتعين بحياتنا ونجد وقتاً للترفيه والمصايف والسفر. وغيرتها العمياء، أول من تغار منها أختي الصغرى، لا تطيق أن أكلمها ولا أحدثها ولا أنفرد بها بحديث نظراً للتناغم الشديد بيني وبين أختي، فنحن نكاد نكون متطابقين في كل شيء.
غبت لظروف قهرية قرابة السنة أو أقل قليلاً، كانت ظروفاً صعبة على الجميع والحمد لله، عدت للبيت وكانت في استقبالي، عشنا شهراً من أجمل الشهور، شهراً واحداً فقط ثم عاد كل شيء كما كان، إلى أن حصل لأول مرة أن تركت البيت وخرجت لبيت أبيها دون علمي فمنعتني كرامتي تماماً أن أذهب إليها وأصالحها، تركتها قرابة العشرين يوماً خاصة أني لم أفعل جرماً يستحق هذا التصرف، فترك البيت حسب تربيتي جريمة لا تغتفر إلا لو كانت باتفاق.
تركت البيت لأني تركتها عند بيت أمي كعادتنا كل خميس ثم ذهبت لأسهر مع أحد أصدقائي ثم عدت فعلمت أنها ذهبت، بعد هذه المدة التي قضيتها ببيت أمي مستريح البال محافظاً على صلواتي وعبادتي قريباً من ربي متوافقاً مع نفسي، تدخل أحد الأصدقاء المخلصين هو وزوجته -ترتبط مع زوجتي بعلاقة وثيقة- ومع إلحاح خالي على أن أحافظ على بيتي وأعيدها وأنهي هذا الخلاف، كان لي ثلاث اشتراطات أهمها وهو غير قابل للتفاوض أنه إن تكرر الخروج من البيت بلا إذن فسيكون الأمر منتهياً من تلقاء نفسه لأني لن أصبح لعبة في يد أحد، وينتهي تماماً الكلام في الأمور المالية ولا اذكر الشرط الثالث المهم بعد ما تلاقينا تشاجرنا في أول يوم ونحن لازلنا نضع أغراضنا وجاءت أمها وخالتها والوسطاء وحل الموضوع وخضعت لرأيهم وكالعادة توافقنا لفترة ثم عادت الحياة لسابق عهدها، أصحبت شخصاً عصبياً معها، عندما نتشاجر أقوم بتكسير الأشياء مع أن هذا ليس من طبعي فأنا هادئ تماماً، أصبح ضغط دمي في انخفاض وارتفاع وعدم استقرار دائم أصبحت أيامي تمر شبيهة ببعضها: يومي اتفاق وأيام من الخلاف.. إلى أن حدث الأمر الذي حول حياتي تماماً.
عرفتها عن طريق الانترنت؛ آنسة كبيرة في السن، تكبرني بكثير، لم تتزوج لأنها لم تجد الحب -على حدّ قولها- تلاقينا من أول محادثة ووجدت فيها الأم والأخت والصديقة والحبيبة.. صدق وصراحة ونضج، نفس الأفكار والآراء والمشاعر، انجذاب غير طبيعي، نتحدث بالساعات ولا نملّ! أصبحت أراها عن طريق الكاميرا وتراني، تتصل بي وأتصل بها، تبادلنا الرسائل والمشاعر درجة عالية من النضج النفسي والعقلي، تركت كل عاداتي السيئة وانصلح حالي مع الله ومع الناس وفي عملي ومع عائلتي بل حتى مع زوجتي؛ أصبحت أعاملها أفضل معاملة وأتجاوز عن أخطائها وهفواتها، أرغب في إسعادها بكل الطرق! كل هذا الكلام بلا انقطاع كل يوم يمرّ عليّ وأنا معها أفضل في كل شيء أسير من حسن إلى أحسن..
إلى أن جاء اليوم الذي انكشف فيه كل شيء لزوجتي رغم حذري واحتياطي. سمعت محادثة التليفون بيني وبينها وانهارت تماماً، ظلت تبكي وتحتضنني رغم أنه ليس طبعا عند أي خلاف وأظل أنا بالساعات أسترضيها وهي لا ترضى. هذه المرة اقتربت مني بكت على صدري، لم تصارحني في البداية ثم بعد حوالي ساعة انهارت وصارحتني: "لقد سمعتك، فيم قصرت؟" سألتني آلاف الأسئلة لم أرد سوى على سؤال أو اثنين، صمت في الباقي، ليس لأني لا أجد الجواب لكني أكره الكذب والخداع، أنا أحب من وجدتها ووجدتني ولا أتخيّل أني أفقدها يوماً، كانت هي سبب سعادتي وراحتي النفسية وصلاح ديني ودنياي، كيف أتركها بعد أن حلّت كل مشاكلي؟! لم أتخيل ذلك.
صبرت بكل ما أوتيت من قوة على كلام زوجتي، احتضنتها وحاولت مداواة ما أستطيع، ظلّت مكتئبة وتبكي ليومين وأنا أحتويها وأحاول التخفيف عنها لكني لا أردّ على أسئلتها، أركّز معها على ما ينفعها، ظلت تضغط عليّ أن أترك العلاقة وأن أنهيها أمامها، وفعلاً وافقت بشرط أن نغلق هذا الموضوع تماماً مع تأكيدي أنها لن ترتاح وأن هذا لن يزيل الألم. اتصلت بسيدة كانت تطاردني وترغب في التعرف إليّ والحديث معي وأخبرتها ألا تكلمني مرة أخرى وأني لا أود الحديث معها، وفعلاً أظهرت زوجتي لي أنها ارتاحت وأن الموضوع انتهى، لكني أعلم أنه يغلي تحت السطح.
أعددت لها يوماً مختلفاً؛ أهديتها أزهاراً وهدية فرحت بها كثيراً، عشنا يومين من السعادة وفي نفس الوقت ألقى كل يوم حبيبتي لأحدثها، أنا لا أستطيع تركها ولو يوماً واحداً، لكن كعادة حياتنا التي تعصى على الاستقرار كانت تبحث ورائي وتنقب خلفي، تفتح رسائل جوالي، تراقب صفحتي على الفيس بوك وكلامي على مدونتي، تحاصرني ما استطاعت بكل ما أوتيت من عدم الذكاء وأنا يقتلني هذا الحصار كل يوم، حياتي تحولت إلى جحيم حبيبتي ستتركني فوراً لو أني تركت زوجتي وهي جادة في ذلك القول تماماً وفعلتها قبلي، قالتها لي صريحة فقط: "سأتركك لو تسببت في مشكلة بينك وبين زوجتك وانفصلتما بسببي" وزوجتي تقول لي: "سأقبلك مهما كان إلا أن تحب أو تتزوج غيري سأتركك"....
أنا الآن بين خيارات أحلاها مرّ كالعلقم؛ إما أن أخسر حبيبتي ونفسي إرضاءً لزوجتي التي لن ترضى أبداً من وجهة نظري، وإما أن أحتفظ بزوجتي بكل ما أوتيت من قوة وأنا لا أريد أن أخسرها أصلاً لأحتفظ بحبيتي، أو أني أخسر الاثنتين وأكسب نفسي وحياة جديدة؟ أفيدوني ماذا أفعل؟.
14/01/2010
رد المستشار
أخي الكريم؛
أشكرك على ثقتك، وعلى سعة صدرك مقدماً لأنني في معرض الإجابة على رسالتك سأوجه نقداً لاذعاً للطريقة التي نعيش ونفكر بها، لذلك يمكن أن تعتقد أنني أخصك بالهجوم الشخصي، وهو ما لا يخطر لي على بال، بل أحترم رغبتك في الوصول إلى حل، وأحييك على قدرتك الجيدة في تصوير أحوالك، والتعبير عن ذاتك، ويهمني أن أساعدك.
قصة زواجك مؤسفة يا أخي الكريم، ويلزمني أن أقول لك أنك تزوجت مثل الملايين زواجاً مبنياً على أساطير وأوهام شائعة، ومغالطات ذائعة، ولا أدري بصراحة ما الذي اتضح لك منها، وما الذي ما يزال خافياً؟! وأنت تسترسل في وصف مسار علاقتك بزوجتك، وأخشى أنك تعتقد أنك قد تزوجت المرأة الخطأ دون أدنى انتباه إلى الأخطاء القاتلة والفادحة، وأكرر الشائعة جداً في طريقة الفوضى التي نعيشها عامة، وفي الزواج خاصةًً ودون أن تنتبه إلى أخطائك أنت!. أخي أنت تعتقد أنك صاحب عقل ورأي، وعلى وعي وقدر من الثقافة، وأنا أصدقك في أنك تظن نفسك كذلك، ومثلك ملايين، وتعالى معي نعيد قراءة بعض سطورك لنبحث عن العقل والرأي والثقافة والوعي، وأكرر أن ما فعلته أنت في زواجك ومع زوجتك، هو نفس المسار البائس الذي يسيره كثيرون منا أجيالاً وراء أجيال، ولعل من القراء الأفاضل من يرسل إلينا ليعزز ويؤكد، أو يتبادل الخبرة، ويفيد الجدد ربما، أقول ربما!!.
هل أذكرك بأسباب اختيارك لزوجتك هذه؟!
1 - علمك أن هناك من يحبك في الخفاء؛ شيء لطيف، ولكن ما علاقته ببناء زواج ناجح، خاصة أن من تحبك هذه لا تعرفك جيداً، ولا تعرف شيئاً عن عالم الرجال لتكون محبتها هذه أساساً متيناً لشيء؟!.
2 - كنت متعدد العلاقات قبل الزواج، وهذا من شأنه تكوين عقدة يعوضها الشاب بالارتباط بفتاة خام لم تحدث رجلاً قبله، ويعتبر هذه ميزة وهديه وجائزة!! طيب لماذا أنت متضرر الآن من تخبطها وحيرتها وقلة خبرتها؟! وماذا تنتظر من جاهلة في عالم العلاقات الإنسانية غير ما تفعله زوجتك بالضبط من هبل، وتضخم للذات؟!!.
3 - تقول أنك لم تصدق أن مثلها يعجب بمثلك، ولم تشرح ميزاتها التي تجعلها نجمة في سماء بعيدة كنت لا تطمح أنت بالوصول إليها، ولعلها ذات جمال وحسب؟! فأين ذهب رصيدها هذا؟! بحيث صرت لا ترى إلا غباءها الإنساني الحالي المفهوم والطبيعي جداً على خلفية الصفر الذي سجلته في عالم التواصل مع البشر قبل زواجكما؟!.
4 - طريق السعادة يا أخي –في رأيك- كان مضموناً بالزواج من نجمة لم تحلم أن مثلها يعجب بمثلك، ومن أسرة محترمة ومترابطة، وذات حسب ونسب، ومستوى اجتماعي مرتفع، وصفر في المعرفة بالبشر أو خبرات الحياة، حتى السطحية منها لأنها ذات حياء وأخلاق وملتزمة، كما تصفها أنت!! هذه المرأة يمكن لأي عابر سبيل ليس على قدر من الثقافة ولا الوعي، ولا... ولا....، أن يتوقع بسهولة أن تكون مغرورة أو شديدة الاعتداد بنفسها، وأنها يمكن أن تراك –ولو في ساعات الشدة- لست كفؤاً لها، وأن تقدم ذاتها الملكية الرفيعة على اعتبارات تراها أنت أساسية وخطيرة!! وهذا النوع من البشر يا أخي العاقل صاحب الرأي يكون شديد الغيرة، وواقع في مصيدة حب التملك والاستحواذ الذي يمكن أن ترى نفسها جديرة به كنجمة ليس لها شبيه أو مثيل، وملتزمة أيضاً أو تحسب نفسها كذلك، وتحسبها أنت أيضاً! وتوزيع الألقاب والصفات صار سهلاً!!.
5 - من المسؤول عن أن فترة الخطوبة إلى البناء لم تستغرق سوى خمسة أشهر؟! ولماذا لم تعطِ نفسك أية فرصة لتتعرف على هذه النجمة العظيمة التي ستتزوجها لترى هل تناسبك أم لا؟! الحاصل أنك مثل ملايين اكتفيت بالكلام الأجوف عن الالتزام، وأنها لم تعرف رجلاً... إلخ، وهو كلام إن صح فقد يدخلها الجنة من أوسع الأبواب، لكنه لا يجعلها بالضرورة صالحة أو مناسبة كزوجة لك أنت! طبعاً أنا لا أشك لحظة أن لديك جوانب من التميز في شخصيتك، وأحسبها كذلك، ولكن ليس من جوانب هذا التميز لديك أو لديها القدرة على اختيار الشريك المناسب وإدارة التعارف عليه، ثم العلاقة به نمواً وتبادلاً للمشاعر، وتحملاً للعيوب، ومساهمة في علاجها!! وربما بسبب ما تظنه عن نفسك وتؤكده من أنك متميز، وما تعتقده هي أيضاً عن نفسها وتميزها تتعقد الأمور بينكما، لأن العلاقة بين الرجل والمرأة تحمل ملمحاً عظيماً يغفل عنه كثيرون للأسف، وهي أن هذه العلاقة -في جانب منها- مناخ وفرصة للتعليم والتعلم، ومعرفة الذات قبل الشريك والنمو الشخصي والإنساني للطرفين إذا تعاملا بنفسية وذهنية من يطمح للتعلم والارتقاء، أما المتميزون ابتداءً فلا ينتج عن احتكاكهم سوى البرق والرعد كما السحاب في يوم غائم!!.
ولم أتبين يا أخي الكريم أي أثر تعليمي للعلاقات التي تقول أنها كانت متعددة في حياتك قبل الزواج!!! فماذا تنتظر إذن لتعترف بجهلك في فقه العلاقات من الاختيار، وحتى إدارة المسار؟!! وإلى متى ستظل ترى عيوب زوجتك دون أن ترى أخطاءك أنت في اختيارها ثم في إدارة العلاقة معها؟!! وحتى ممن يمكن أن تتعلم نهجاً أكثر رشداً؟! وهل تحتاج لفشل جديد من نوع آخر أو مع امرأة أخرى يظهر لك ما ينبغي لك أن تتعلمه؟!!.
بالمناسبة إن كان يطمئنك أو يربت على قلبك أن أقول لك أنني في مثل سنك لم أكن أفضل حالاً منك، ولم أكن أعمق ولا أوسع معرفة في عالم النساء والعلاقات!! ويبدو أنني أيضاً كنت أعتقد أنني متميز ومحصلتش!! مبسوط يا سيدي؟!!.
ابتسم من فضلك، وتأمل معي، أنا أردت أن أؤكد لك أنه جهل شائع وأساطير ملفقة، وترهات متداولة تلك التي هي أساس تعاملنا في مسألة الزواج والعلاقات، وأعرف أكثر من صديق لم يتبينوا هذا إلا بعد تجارب زواج مريرة، بعضها تبدو معه حياتك مع زوجتك ملحمة سعادة فعلاً!!! ومن الأخطاء والمفاهيم القاتلة أن نعتقد في النوايا الحسنة، والأحلام العامة، والمعايير الإجمالية المتساهلة بوصفها مقدمات ومداخل إلى طريق السعادة بينما هي مطبات واضحة قبل المنحدر القاسي الذي ينزلق إليه معاشر المتميزين من أمثالك وزوجتك وآخرين!! وأصارحك أن أغلب ما هو متداول من معرفة في هذا الصدد هو محض لغو، وكلام خفيف وخطير أوصلنا إلى ما نحن فيه من بؤس، وتفكك أسري رهيب لا يراه إلا من يطلع على أسرار البيوت، وما وراء كواليس مسرح الحياة!!.
إن فقه العلاقات الإنسانية، وديناميات التفاعلات بين البشر هو فقه ضامر، أو شبه غائب عن وعينا ومعرفتنا، ونحن فيه مثلما في غيره إنما نردد "كليشيهات" وعموميات ومقولات لا تقدم بل تؤخر غالباً، ونتورط في المحنة تلو المحنة دون أن نمتلك شجاعة المصارحة، أو إرادة التعلم!! ولا يتسع المقام أن أوجز لك خبرات يتعلمها الناس من واقع الممارسة ومن التدريب والتحاور وتبادل الخبرات، وهي فروض وأجواء غائبة عن حياتنا ومجالسنا للأسف الشديد، ولا يمكنني أن أزعم تقديم علاج أو حلول مكانها عيادة الطبيب النفسي، أو مكتب استشاري العلاقات الزوجية، وهو علم يدخل مؤخراً إلى مجتمعاتنا، وتظل اللغة عاجزة عن اختصار الخبرات؟ لكن تعال نحاول فحص خبرتك مع المرأة الأخرى:
1 - ما هو مستقبل علاقة كهذه؟! هل ستظل هي تكتفي بالعلاقة الإليكترونية: شات وكاميرا وهواتف ومسجات؟! وهل تقابلتما على أرض الواقع؟!.
2 - ما الذي تحققه هذه العلاقة لتلك المرأة؟! هل هي سعيدة أنها قادرة على إغواء رجل متزوج أو تعليقه بها؟ أو تغيير حياته بقوة ونعومة وجودها وعشقها؟!.
3 - أنت أصبحت مدمن لهذه المرأة، فماذا لو وجدت هي الرجل الذي يطرح عليها عرضاً بالزواج؟! ماذا سيكون موقفها؟! وماذا ستفعل أنت وقتها؟! هل ستترك زوجتك؟! وهل ستخون هي زوجها من أجلك؟؟ أليس هذا مطلباً تحتاجه هي؟! أي الزواج والإنجاب؟! أو هل ستجمع أنت بينها وبين زوجتك بزواج متعدد؟!.
4 - يبدو أنك أحببت في هذه المرأة ما تفتقده في زوجتك من نضج وتفهم ومحض عشق تبديه لك وتستمتعان به، فهل نسيت أنك اخترت زوجتك على أساس أنها بلا خبرة ولو حتى سطحية، وأن المقارنة بين زوجتك وبين تلك المرأة ظالمة بكل المقاييس، وعلى كل الأطراف، أي ظالمة لزوجتك وللحقيقة، ولك، بل وللمرأة الأخرى كذلك!!!.
5 - ألا تعرف الفارق بين وضعية الزوج وما ينتظر منه، وبين وضعية العاشق، وما ينعم به من امتيازات نسبية؟! وهل ستظل أنت في وضعية العاشق هذه لوقت طويل أم ماذا؟! متى ستنزل عن عرش العاشق، وماذا ستفعل عندئذ؟!!
6 - ما هو تصور تلك المرأة لمستقبل العلاقة بينكما، وبخاصة أنها تهدد بتركك لو حصلت مشكلات بينك وبين زوجتك بسبب وجودها في حياتك؟! فما هو المتوقع منك في تقديرها بإطار علاقتك بها؟! وما هي الخطوة القادمة في هكذا علاقة؟!!.
أخي،
أطلت عليك كثيراً، وأعتذر عن هذا، ولكن رسالتك فعلاً "متميزة" وتفتح الباب على مساحات كثيرة تستحق التعمق والاستعراض والتحليل في غياب فقه الحياة، وخبرة الوعي والممارسة في عالم العلاقات، الأمر الذي يحتاج إلى مدرسة للتعلم وتداول المعرفة في هذا الصدد، وربما يتحمس موقع مجانين لفتح هذه المساحة التي تضيق الفرصة هنا عن الإحاطة بها وعندي فيها الكثير، ولعلك –إن بدا لك ذلك مفيداً- تقرر زيارتي قريباً، وقد كتبت في بياناتك أنك من مصر، ولا أحسبك مصرياً، فهل تعيش في مصر؟!! أهلاً بك دائماً.
ويتبع>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> لعبة النرد: رمية لمغدور..والثانية أحمق!! م