قدر أحمق الخطى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سؤال فقهي للأستاذة رفيف الصباغ (وعذراً لغرابة السؤال)؛
بعض الأغاني الأجنبية التي أسمعها موضوعها يكون عن الأساطير الرومانية والإغريقية والآلهة التي كانوا يعبدونها، وطبعاً نحن كمسلمين لا نؤمن بهذه الآلهة. وبعضها الآخر يحتوي تعبيرات مجازيةً يشبه فيها المغني شخصاً كأنه إله كالإسكندر المقدوني مثلاً، سؤالي هو: هل يعد سماع هذه الأغاني كفراً أو شركاً بالله عزّ وجلّ حتى لو لم أكن أؤمن بتلك الآلهة؟ أم يكون إثماً فقط لأنه لهو وتضييع للوقت؟.
ثانياً: في بعض الأغاني العربية أيضاً تعبيرات مجازية مثل "قدر أحمق الخطُا" لعبد الحليم حافظ وأغنية حسين الجسمي التي تقول: "أنا الشاكي أنا الباكي أنا الحساس أنا اللي في المحبة خاضعٍ راسي وأنا لغير المحبة لا ما خضعت الرأس وكم فيه كم غيري في الهوى يقاسي"، وبعض الأمثلة هنا
ما حكم من يسمع هذه الأغاني؟ هل يكون مشركاً أم آثماً فقط؟ وهل ينطبق هذا على ألعاب الفيديو والأفلام والمسلسلات التي تحتوي على هذه المادة؟.
شكراً وبارك الله فيكم.
شكراً يا دكتور وآسف مرة أخرى على الإزعاج.
14/1/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلاً وسهلاً بك يا أخ "أحمد"، ولا داعي لاعتذارك، فسؤالك ليس غريباً البتة، بل هو يدل على وعي وانتباه لما تفعل وتسمع..، والمفترض في كل مسلم أن يعلم جوابه، لكن للأسف لا يخطر سؤالك ببال الكثيرين فضلاً عن أن يعرفوا جوابه!.
أولاً: وقبل كل شيء، أود التنبيه إلى أن قضية التكفير قضية خطيرة جداً، ولا يحل أن نسم بالكفر من كان مؤمنًا إلا لدليلٍ لا شبهة فيه، ومهما احتمل كلامه أو فعله تأويلاً آخر غير الكفر فليس لنا أن نكفره بحال، وفي الشعر بالذات كثيراً ما تستعمل التعبيرات المجازية التي يراد بها معنًى آخر غير المعنى الحرفي الظاهر. فالمثال الذي ذكرته مثلاً: (... أنا اللي في المحبة خاضعٍ راسي وأنا لغير المحبة لا ما خضعت الرأس..). إن أراد القائل أنه لم يخضع لأحد أبداً كائناً من كان، حتى لو كان الإله، فهذا كفر. ولكنه كلام مجازي، والغالب استعماله للتعبير عن إذلال المحبة للمحب... وفعلاً فإن المحب يصبح ذليلاً خاضعاً لأوامر محبوبه، دون أن يقصد بذلك عبادته وتأليهه.
ثم لا بدّ في الكفر والشرك من أن يكون القائل فاهماً لمعنى ما يقوله، قاصداً له...، وإلا فلا ينسب إليه كفر!
وفي الرابط الذي أرسلته تقول صاحبة النص عن كلمات بعض الأغنيات: (والكثير لم ينتبه لمثل هذي الكلمات الخطيرة التي قد تشرك بالله بسببها دون أن تعلم)! ولا يمكن للإنسان أن يشرك بالله دون أن يعلم!! لأن الكفر لا بد فيه من القصد، وقصد الشيء لا يمكن بدون العلم به. وكمثال: لو ألقى إنسان المصحف في القاذورة (والعياذ بالله) فإنه يكفر لاستهزائه، لكنه لو ألقى حقيبة في القاذورة دون أن يعلم أن فيها مصحف فإنه لا يكفر لعدم قصده إهانة المصحف والاستهزاء به.. بل نص الفقهاء، على أنه لو ألقى المصحف في القاذورة لينقذه من يد كافر فإنه لا يكفر وإن كان فعله محرماً! وذلك لأنه لم يقصد إهانة المصحف!.
كذلك من كان جاهلاً معنى ما يقوله، وكان ما يقوله لا يحتمل التأويل والتفسير بمعنى آخر، يُعَرّفُ أولاً معنى كلامه، فإن أصرّ عليه كفر، وإن تركه بعد العلم به فليس بكافر... كما في (قدر أحمق الخطا)..أو (أعطني الناي وغني، فالغِنا سر الوجود)... وكذلك حكم من يستمع لهذا الكلام..
إذن فقضية نسب الكفر والشرك للنفس أو للغير مسألة خطيرة ولها شروط كثيرة، ولا بدّ أن يكون الكفر واضحاً وضوح الشمس حتى نستطيع نسبته للمسلمين. ولا تكفير عند الشك أو وجود الشبهة.
ثانياً: نأتي لما سألت عنه تحديداً:
بغض النظر عن حرمة الاستماع للغناء بسبب الآلات الموسيقية المحرمة التي تستعمل فيه...، وبغض النظر عن الخلاف الذي في المسألة ومدى قوته.
فإن الاستماع للأغنيات الأجنبية التي فيها ذكر ومدح لآلهة الإغريق وغيرها من المعبودات -سوى الله تعالى- محرم وإن لم يكن المستمع مؤمناً بما يقال، لأنه استماع لكلام الكفر دون ضرورة. ويضاف إلى حرمة الاستماع إلى الكلام، كراهة إضاعة الوقت باللهو غير المفيد.
وأما التعبيرات المجازية، فقد ذكرت لك حكمها في الفقرة الأولى. وهذا الكلام -بالطبع- ينطبق على الأفلام والمسلسلات وألعاب الفيديو أيضاً.
وقد يقول قائل: ولكني قد أجبر على سماع مثل هذه الأغنيات في الشوارع أو وسائل المواصلات، أو من عند الجيران...، فهل تنطبق عليّ أحكام التكفير أو الحرمة والإثم:
والجواب: إن استطاع السامع أن ينهى عن المنكر ويُسْكِت مصدر الأغنية، فعليه أن يفعل، وإن كان هذا خارجاً عن وسعه، فيكفيه أن يكره ما يسمعه بقلبه، ويصرف انتباهه عنه قدر الإمكان، ولا إثم عليه بإذن الله.
ويتبع>>>>>>>>>> قدر أحمق الخُطى: كفر أم لا؟! مشاركة1
التعليق: لاحظت أنك ذكرت "وكذلك حكم من يستمع لهذا الكلام.." اوأيضا "ولكني قد أجبر على سماع مثل هذه الأغنيات في الشوارع أو وسائل المواصلات، أو من عند الجيران...، فهل تنطبق عليّ أحكام التكفير"
هل هذا معناه أن الشخص قد يكفر بمجرد الاستماع؟
أم يشترط الرضا به؟