اسمعوا وتعلموا: شهرزاد تحكي عن نفسها..!
مرحباً،
أدري أن كل ما سأكتبه عن نفسي سلبي وأنني يجب أن أوجه لنفسي رسائل إيجابية، هذا ما أفعله كثيراً لكن لا فائدة، وأريد أن أبيّن لكم الأمور السلبية التي تجعل من حياتي جحيمأً مستمراً!.
أنا ضعيفة الشخصية محبة للمثالية في كل الأمور، لا أحب التجمعات وخاصة التجمعات العائلية الكبيرة، ولا أعرف كيف أتحدث أو أتصرف أثناءها. أكره أهل زوجي إلى درجة الجنون رغم أنهم لم يسيئوا لي.. فقط لا أحب التواجد معهم ولا أحب الذهاب إليهم أو الاندماج معهم في حياتهم التي أعتقد أنها قائمة على مجموعة من العادات البالية. أحس أن الآخرين يعتقدون أن بإمكانهم فرض أي شيء عليّ عن طريق تخجيلي لأني لا لا أستطيع قول "لا". أنا وزوجي نحب بعضنا بجنون وتزوجنا بعد قصة حب لا تزال مشتعلة بيننا إلى الآن بعد سنتين من الزواج، قررنا تأجيل الإنجاب لعدة أسباب ولا أحس بحاجتي للإنجاب حالياً ولا أحب الاعتناء بالأطفال. طموحة جداً في عملي وعلمي وبدأت بخطوات جدية للترقي في الاثنين.. أريد أن أجمع الكثير من المال لأني أحس أنه أمان وحماية من المهانة.
طفولتي: أنا الكبرى، ليس لي أخوة ذكور، فقط بنات، علاقتي بأبي كانت قوية وأنا صغيرة ورباني لأكون جادة وعملية، فلم يشترِ لي ما تشتريه البنات من إكسسوارات مزخرفة وحقائب صغيرة وأحذية ملونة!
متفوقة منذ طفولتي..” فترة الجامعة انضممت لتيار ديني وأهملت دراستي... لكني استفقت واستعدت قواي بعد التخرج وناجحة في عملي الآن.”
هادئة جداً وغير اجتماعية.. لا أعرف كيف أرد الإساءة أو التلميحات، لا أعرف سوى أن أنفجر في وجه زوجي إذا لم يعجبني موقف من أهله أو تعليق أو تلميح.
لا أجد متعة في الحديث مع النساء عن التوافه مثل اللبس والطبيخ.. أجد نفسي أرتاح أكثر في المناقشة مع الرجال لأنهم يتكلمون في أمور العمل والتكنولوجيا.
العائلة: علاقتي بأمي لا بأس بها.. عانت وما زالت من حالات الاكتئاب وما زالت تتناول البروزاك. وأمها “جدتي” أيضاً دائمة البكاء والحزن على أتفه شيء “دائمة بمعنى شبه يومي!“.
واجهت في صغري حالات عنف لفظية بين أمي وأبي، كنت أشاهد أمي تبكي وأتأثر كثيراً بهذا المشهد. أيضاً أهل أبي لم يكونوا جيدين مع أمي وكانت تتعب كثيراً عندما تزورهم، وهم كانوا مسيطرين على أبي حسبما تقول أمي.
أعاني من قلق، خوف دائم من الآتي، وحب لتغيير مكاني والسفر إلى حيث لا يوجد أحد أعرفه غير زوجي، أعاني أحياناً من كره لكل شيء واكتئاب وحزن وكسل وأعجز عن العمل.
أحس دائماً بالغيرة من أي أحد.. غيرة حقودة تأكلني.. لكن بما أني لا أستطيع التعبير عن مشاعري فإنها تكون بيني وبين نفسي.. وأفكر دائماً بما سيقوله الآخرون عني.. وإن عرفت أن هناك تجمع عائلي أحس بالقلق قبله بأيام خاصة إن كان فيه أهل زوجي.
مؤخراً بدأت أتكلم مع نفسي وأحس أني أكلم شخصية لي أخرى قوية وهي غالباً ما تلومني على ضعفي، لكنها غير إيجابية أو مؤثرة، بمعنى أنها لا تتواجد في الموقف الذي أحتاج فيه إلى قوة.. أخشى أنني بدأت أطور نوع من الانفصام!.
أحس أني بركان غضب سينفجر يوماً ما، لأن كل الغضب الذي أحس به خلال حوادث مختلفة لا أستطيع التعبير عنه أبداً.
أريد بشدة الذهاب إلى معالج نفسي لكن هذا لا يتوافر في بلدي! أحس أن حياتي كلها عبارة عن فوضى يسببها خلل في عقلي ونفسيتي! وأحس بأني بحاجة لعلاج ملحمي! أو حبة سحرية على الأقل تصحح من منظوري للأمور!.
28/01/2010
رد المستشار
في الأسواق المصرية الآن كتاب يتناول بالنقد والتحليل مجموعة من الروايات التي كتبتها نساء، واختار المؤلف للكتاب عنوانا لطيفا هو: القصة امرأة!!.
واسمحي لك بالشعور الإيجابي، ليس من باب الواجب، ولكن من باب التشجيع لغيرك أن يحذو حذوك في التعبير عما يجول في خاطره، وأنت تسمحي لنا بمشاركتك حياتك وفحص عيوبك، فشكراً لك، ونرجو أن نكون عند حسن ظنك.
والأمر الملفت بوضوح في رسالتك بالنسبة لي أن ما تذكرينه وكأنه خاص بك يبدو بلاءً عاماً تعاني منه بنات حواء العربيات، أو لنقل الأغلبية الساحقة، منهن، وأسباب ذلك كثيرة ومستمرة!.
فالشخصية، والثقة بالنفس، وصورة الذات المتماسكة القوية لا تولد معنا يا أختي، ولكن نكتسبها عبر التربية والتوجيه والتنشئة والتفاعل الاجتماعي الحي فتكون المهارات الاجتماعية، والقدرة على التواصل الإيجابي، والحراك الإنساني العادي في حياة طبيعية آدمية!! فهل تعتقدين أن لدينا الفرصة لنمو سليم نتوازن فيه بين الواقعية والمثالية، وبناء الذات وخدمة الآخرين، والاندماج الاجتماعي مع الحفاظ على حدود للتدخل، والاقتحام الفضولي الذي يمارسه أغلب من حولنا في شؤوننا؟! وتلك فيما يبدو مسائل هي حياة أو موت، فهل سمعت أحداً يتناول هذه القضايا في التيار الديني الذي كنت منتمية إليه؟! أو في مجالس العائلة، أو حتى في المحافل الخاصة أو العامة؟!.
من أين ستنشأ المعرفة دون معلومات، وكيف ستحصل الخبرة دون تدريب؟!
مجتمعاتنا غالباً غارقة في اللغو، وفضول الكلام، وقشور المعرفة عن الدين والدنيا، ومع غياب الأسئلة الأهم عن التناول سنظل نتخبط ونشكو من القصور الشخصي، ونحن نعتبر أننا وحدنا نعاني، رغم أن المعاناة واسعة، والنزيف مستمر!!.
يا أختي أنت مثل ملايين تحتاجين إلى بذل جهد كبير في العمل على عيوبك هذه التي تذكرينها، والتي أرى أنها تكمن في الإدراك المعيوب لبعض الأمور، والتواصل المتعثر مع المحيط الذي حولك، ولا يتسع المقام لغير النصائح العامة، أما التفاصيل فهي ما يمكنك الوصول إليه عبر البحث على الانترنت، وسلوك سبيل الباحثين عن الذات والمعرفة الإنسانية، وجهودنا على مجانين جزء منها، وما أقدمه أسبوعياً على إذاعة راديو حريتنا يمكن أن يكون إسهاماً يساعدك أيضاً، وما يستجد، نجاحك في زواجك وفي حياتك العملية والعلمية والوظيفية مرهون بجهد لأن خبراتك الاجتماعية محدودة -ما تزال- وتاريخك الأسري فيه من الاكتئاب، ودواعي الحزن والكسل والعزلة الشيء الكثير!! وفي هذه الأجواء تضعف الثقة بالنفس حتى تكاد تنعدم!!
ويفشل التواصل مع المحيط فتكون الأحزان أو الانفجارات والشعور بالضغط من المحيط، أو الاحتياج المستمر للتقدير، أو الغيرة والحقد تجاه الآخرين، هؤلاء الذين بدلاً من أن تفهمي أسباب تصرفاتهم فإنك تكتفين بإسباغ الصفات السلبية أو الأوصاف السلبية عليهم، وبدلاً من فهم وتفهم خلفيات الآخرين لتحسين التواصل بينك وبينهم تذهبين إلى لومهم وإدانتهم، ومحاولة الهرب من الموقف الضاغط بأسره، وهذا مفهوم، ولكنه ليس حلاً، لأنك لو سافرت أو هاجرت إلى مجتمع آخر ستجدين نوعية أخرى من المشكلات والبشر، وما لم تكن لديك مهارات التواصل مع هؤلاء الجدد ستذهبين تحصين عيوبهم، وتنفجرين في زوجك لأنه أتى بك إلى الغربة، ومجتمع بارد في مشاعره ولا يلقي بالاً ولا يهتم بشؤون الآخرين!!!
إن فهم الذات، والتعبير عن المشاعر، والتواصل مع الآخرين هي من لوازم الحياة، وتعين عليها علوم وفنون وطرق صارت منتشرة الآن عبر مناهج التنمية الإنسانية، أو دروب العلاج، أو التدخل النفسي المختلفة، أو سيظل الغضب من النفس، ومن الناس، والحوار السلبي مع نفسك أو مع شخصيتك المتخلية المنشودة (قوية ولوامة)!!
ولا أحسب أن الذهاب إلى معالج نفسي سيحل كل مشكلاتك إلا أن يكون مفتاحاً ومايسترو لإدارة التغيير في حياتك ووعيك وسلوكك، وتعبيرك عن ذاتك ومعرفتها... إلخ، وربما سيكون أفضل من البقاء منتظرة لعلاج ملحمي أو حبة سحرية، وهي حلول على سذاجتها، أطمئنك أن الملايين ينتظرونها مثلك!!.