نعم يا أحمد.. موسوس جداً قوي خالص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
مشكلتي مع الوسواس القهري بدأت في العاشرة من عمري حين كنت أشعر أن هناك قطرة بول تنزل في ملابسي فأخبر والدتي فتضربني وتقول هذا من الشيطان، ثم أصبحت أتجاهل هذه الأمور وأصلي تمثيلاً دون وضوء حتى بلغت العاشرة من عمري، ثم عدت للصلاة فعاد الوسواس بقوة ثم زاد حتى صرت أظل في الحمام بالأربع ساعات، عاد والدي من الكويت لأجلي خصيصاً ولم يتفاهم معي أو يحاول معرفة سبب المشكلة وإنما أمرني أمراً أن أتوقف عن هذا فصرت مرة أخرى أصلي تمثيلاً ثم توقفت عن الصلاة نهائياً حتى وصلت إلى سن الخامسة عشرة، ثم عدت للصلاة والتزمت بها وصرت أستطيع التغلب على الوساوس.
في يوم كنت أصلي في المسجد فسمعت في نفسي صوتاً يقول بسخرية: "ماذا لو أن الشهيد بعد أن مات لم يأته أحد ليذهب به إلى الجنة" فتضايقت من هذا الخاطر وظننت أنه مني وصرفته، ولم أعرف أن عليّ الاستعاذة. في اليوم التالي جاءني نفس الخاطر فأخذت أبكي وأبكي ثم سألت شيخ المسجد ماذا يفعل المسلم إن شك في دينه؟ فقال لي بالحرف: " يتنصر" وضحك وتركني، فتركت الصلاة والصوم وكل شيء، لا أدري لماذا؟ لكن ما لاحظته أن هذه الوساوس تركتني في حالي وإن كانت تعود كل فترة طويلة وأعود بعدها متيقناً، وهكذا...
ظللت على هذه الحال 10 سنوات لا صلاة ولا صيام ولا طهارة حيث كنت أستنمي في اليوم الواحد أكثر من 6 مرات ولا أغتسل، وأدخن السجائر بشراهة -ربما علبتين يومياً- وأشرب أكثر من 15 كوباً من الشاي كل يوم، وكنت أرى نفسي ساعتها ممن يستحقون جهنم وبئس المصير لأفعالي القبيحة هذه، حتى أنني تورطت في زنا المحارم والشذوذ الجنسي الذي كنت فيه سالباً أحياناً وموجباً أحياناً وكان دائماً من الخارج دون إيلاج، لكني أستمتع به سواء كنت في الأعلى أو الأسفل، وكنت أرفض الإيلاج ولو أني كنت أرغب فيه لأني سمعت أن من يفعله يفقد التحكم في أعصابه والسيطرة على إخراجه.
المهم أنني فشلت في كل الأعمال التي عملتها لأنني كنت أتصرف تصرفت غريبة؛ فربما مزقت دفتراً كبيراً مليئاً بالحسابات وأعدت كتابته من جديد بخط أفضل، وأعيد الآخر والآخر وهكذا! وأنزل نسخة ويندوز لجهاز الشركة كل يوم! ولا بد عند تنظيف شقتي ألا أبحث عن مواطن القذارة فأزيلها وإنما أنظف الشقة بالكامل حتى وإن كانت نظيفة ثم أسقط بعدها من فرط الإعياء، وأحياناً أتركها قذرة بالشهور وتملأ بالحشرات المهم!!.
يوم 26. 2. 2009 كان نقطة فاصلة في حياتي، حيث طلب مني والدي أن أتزوج وكان عقد قراني في هذا اليوم، فوقعت في حيرة كيف أتزوج مسلمة وأنا أشك في ديني؟ إن هذا الزواج باطل بالثلث، فحاولت أن يكون عقد القران أبعد ما يمكن ولم أوفق فقلت سأتوب يوم كتب الكتاب وسيزيل الله الشك عني لأنه بسبب معاصي، لكني استيقظت في هذا اليوم جنباً فاغتسلت ثم صليت الصبح وقد بدأ الشك يعود بقوة ويفترسني فأنهيت الصلاة ثم أمسكت بالمصحف وأخذت أقرأ والشك يزيد حتى ظننت أنه كلاماً عادي يمكن أن يؤلفه أي أحد وتلفظت بذلك وأنا أبكي ودموعي قد بللت السجادة التي أجلس عليها، وعقدت قراني في هذا اليوم رغماً عني وظللت اليوم كله من أوله إلى آخره أبكي والكل يسأل ما باله؟ ألا تعجبه العروس؟ ثم لم أدخل بزوجتي وسافرت إلى القاهرة وقد التزمت بالصلاة وقراءة القرآن يومياً، والشك ذهب مني وصرت طبيعياً، ثم ضعفت يوماً وقمت بممارسة العادة السرية فعاد الشك بقوة وأخذت أبكي، والتزمت بالصلاة في المسجد وطلبت ممن أعرف ومن لا أعرف أن يدعو لي.
ثم دخلت في مرحلة جديدة ظننت فيها أن القرآن غير معجز! وظلّ هذا الخاطر يسيطر عليّ حتى أنني حاولت تأليف سورة مشابهة لها، ثم ذهب عني هذا الخاطر، ثم عاد إليّ في صورة أشد جنوناً وهي أن القرآن معجز ولكن ليس لأنه من عند الله بل لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لديه –أستغفر الله– آلة زمن يسافر بها بين الماضي والمستقبل فيصلح أخطاء القرآن ويعرف الأحداث المستقبلية فيذكرها فيه! وكلما رأيت معجزة شعرت أنها من هذا الأمر!
أحياناً أستسلم وأحياناً أبكي، وأحياناً لا أعرف، هل أنا مسلم أم كافر؟! وأحياناً أشعر أني كافر. في كل هذه المراحل لم أترك الصلاة، وفي النهاية نصحني أحد أصدقائي الذي حكيت له كل شيء أن أذهب إلي الطبيب النفسي، فكتب لي علاج فيلوزاك وسيكودال، فساءت الحالة جداً حتى أني اقتنعت بالوساوس تماماً! ثم توقفت عن العلاج بالكلية. في فترة العلاج كنت قد ظللت في البيت فترة طويلة، فلما خرجت منه شعرت أن قوة الشك في نفسي تضعف ثم ذهبت عندما دخلت على موقع للفتاوى وقرأت بعض القرآن، ولم أبحث عن إجابة لشكوكي وإنما مجرد رؤية الدين والفتاوى أعادت إليّ صوابي، ثم بدأت بتناول البروزاك فتحسنت الحالة تماماً وذهبت الوساوس إلى غير رجعة، لكنها تعود هذه الأيام بصورة ضعيفة، وصارت آلة الزمن وغيرها أموراً غير منطقية بالنسبة لي وأضحك لأنني فكرت فيها في يوم من الأيام، لكن الوساوس الأفعالية موجودة عندي ما زالت؛ ومنها أنني أخاف أن يدس لي شخص المخدرات في منزلي –من أصدقائي ثم يبلغ عني! ومن ذلك أنني عندما أنظر من العين السحرية– أخاف أن يكون هناك من يصوب مسدساً سيقتلني به، وإن خفت حدة هذه الوساوس قليلاً.
سؤالي: هل أنا مريض بالوسواس القهري فعلاً؟ لأنني أشعر أن الأفكار توقفت بمجرد أخذ العلاج، فهل هو سريع إلى هذه الدرجة؟ وهل الأفعال ستزول بالبروزاك أيضاً؟ علماً بأنني توقفت عنه لأنه سبب لي فقداناً للرغبة الجنسية لم يعد إلا بعد التوقف عنه.. وماذا أفعل لأنسى موضوع الوسواس القهري هذا تماماً؟ وهل الوسواس الذي لدي في الأفكار فعلاً أم أنني كفرت والعياذ بالله ثم عدت للإيمان؟ وبارك الله فيكم.
11/02/2010
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا أحمد،
الحمد لله الذي نجاك من هذه الملحمة التي كنت فيها لقمة سائغة للوسواس، ورحت فيها ضحية جهل المجتمع بالقضايا -لا أقول النفسية- وإنما الإنسانية، هذا الجهل الكفيل بأن يمرض الصحيح، فكيف يقوى على علاج المريض؟!!
ولولا بذرة صالحة لديك لما خرجت من هذا المستنقع الذي انغمست فيه، ولكن الله تعالى أرحم بالناس من الأم بولدها، وأدرى بمعاناتك وسريرتك، وحقيقة قلبك، فانتشلك من ظلمات بعضها فوق بعض وأعادك إليه...
إن ما ذكرته عن نفسك يدل على أنك موسوس من الطراز الأول، والوسواس كما هو معلوم يجيء ويذهب، ويقوى ويضعف...، وكأني رأيت –من خلال كلامك- أنه لا علاقة لالتزامك وعدمه بشدة الوسواس، فحيث إنك تذكر في نهاية رسالتك أن مجرد رؤية الفتاوى أعادت إليك صوابك وأذهبت وساوسك...، كنت ذكرت من قبل أن الوساوس ازدادت يوم عقد قرانك بعد صلاتك وقراءتك للقرآن... فلا داعي لأن تربط وسواسك بالمعاصي أو بالطاعات...
إنما هو مرض يا أخي عليك أن تفهم طبيعته تمامًا، وتفهم كيف تتعامل معه، حتى لا يستغل ضعفك وجهلك شياطين الجن والإنس فيوقعونك في ما لا يحمد عقباه.
ولا يهم أن تعرف هل كنت كافرًا أم لا، فالحمد لله أنت مؤمن الآن والله فرحٌ بك، وهذا يكفي... وإن كان كل كلامك دليل على أنك لم تكن كافرًا رغم انغماسك في المعاصي، وإنما أنت موسوس وحسب! وأبرز ما يدل على هذا: اعتقادك أنك تستحق جهنم لأفعالك القبيحة، والكافر لا يؤمن بأنه يستحق جهنم!! كذلك اعتقادك أن زواجك من مسلمة باطل وأنت على حالة الشك، إذن أنت تؤمن بالأحكام الشرعية!! والكافر لا يؤمن بهذا كله!
والذي أعلمه أن التحسن يظهر بعد تناول الدواء بحوالي عشرة أسابيع، وربما كان تحسنك السريع عائد إلى انحسار الوسواس بطبيعته في هذه الفترة أو إلى أمور أخرى، الأطباء أدرى بها...
والذي عليك أن تقوم به الآن:
- أن تثقف نفسك تثقيفًا جيدًا وواسعًا بمرضك، وأعراضه، وأدويته.... وستجد على هذا الموقع في ذلك ما يسرّك بإذن الله تعالى.
- أن تتابع العلاج الدوائي، فحالتك تستدعي ذلك، وتحاور مع طبيبك من أجل معرفة الدواء المناسب لك الذي يسبب أقل أعراض جانبية مزعجة بالنسبة لك.
- إن لم يكن طبيبك يحسن العلاج المعرفي، فحاول أن تمرّن نفسك عليه من خلال برامج العلاج الذاتي الموجودة على هذا الموقع، وباختصار: حاول إهمال الأفكار الوسواسية وعدم نقاشها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وإياك أن تتصرف وفق ما تمليه عليك، وما مأساتك كلها إلا بسبب تصرفك حسب ما أملته عليك، فاقتنعت أنك كافر، وتركت الطاعات لعدم اقتناعك بجدواها حينئذ، وانغمست بالمعاصي هروبًا من واقعك!!
- سارع إلى معرفة أحكام دينك فابدأ شيئًا فشيئًا، وابحث عن عالم صادق واعٍ تأخذ عنه، وإياك أن تقع فريسة لشيخ آخر يقول لك ضاحكًا: تنصر!!
- إن لم تكن أخبرت زوجتك بمرضك، فأعلمها به، فتفهمها لوضعك وتعاونها معك له أثر كبير على تحسن حالتك.
- وسواسك قابل للشفاء، وستنتهي منه بإذن الله تعالى كما انتهى منه غيرك. لكن وطن نفسك أن لديك رحلة علاجية طويلة، غير أنها مثمرة بإذن الله عز وجل. فتسلح بالصبر، وإياك إياك من اليأس عند الفشل، وثابر على العلاج مهما عاندتك الوساوس.
أعانك الله وشفاك وثبتك على طاعته، ووفقك لما فيه رضاه في الدارين.