الخائض لتجارب حب كثيرة..!؟
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أود أن أشكر جميع القائمين على هذا الموقع الأكثر من رائع، وجزاكم الله كل خير على كل ما تقدمونه من مجهودات عظيمة.
أنا شاب خريج من إحدى الكليات النظرية وبعمل والحمد لله على قدر من الالتزام الديني والاحترام، وذلك من خلال شهادة الناس من حولي. بالنسبة لحياتي العاطفية فأنا خاطب لشابة تصغرني بأربع سنوات ونصف، تدرس بالسنة الثالثة بإحدى الكليات وتسكن في مدينة تبعد عن مدينتي مسافة ثمانين كيلو متراً، تعرفت عليها عن طريق إحدى جارتنا التي تعتبر خالتها وتسكن في منطقتنا.
هي إنسانة رائعة، وللحقيقة هي تحمل كافه الصفات التي طالما حلمت بها وأهلها أناس طيبون جداً ويحترمونني أنا وأهلي كثيراً، وأشعر أنهم يحبونني كثيراً.
خضت تجارب حب في حياتي السابقة ولكنها فشلت بسبب أنه كان حب من طرف واحد أو بسبب عدم التوافق في أشياء كثيرة، آخرها أحببت واحدة أكبر مني وكانت زميلتي في العمل وهي كانت أيضاً تبادلني نفس الشعور، لكننا في النهاية واجهنا بعضنا بعدم جدوى هذا الحب بسبب أن أهالينا سترفض الاعتراف به. وبعد ذلك قررت أن أختار بعقلي أولاً ثم بعد ذلك يأتي الحب، فبذلك تخليت عن فكرة راودتني كثيراً وتمنيت أن أحققها وهي أني أحب أولاً ثم بعد ذلك أتزوج، فبذلك خطبت عن طريق العقل.
بدأنا أنا وخطيبتي علاقتنا على التفاهم ومع مرور الوقت أصبحنا لا نطيق الابتعاد كثيراً عن بعضنا، وقليلاً ما كانت تحدث بيننا خلافات وبصراحة كنت لا أطيق فكرة أننا قد نترك بعضنا أو يحصل لها شيء سيء، وكنت أبكي ليلاً عندما نكون متضايقان من بعضنا، وكنت أعرف أيضاً منها بعد ذلك أنها أيضاً كانت تبكي ولا تنام، وكنت أيضاً كلما زرتها في مدينتها وأنا راجع أشعر بشعور غريب كشعور المسافر التارك لأهله، شعور الغربة، وكنت أرى الحب في عينيها وكانت تصرح لي بذلك وأنا كثيراً ما قلت لها تلك الكلمة، وكانت هي أول إنسانة أقول لها هذه الكلمة بصراحة.
إلى هذا الحد وكل شيء جيد، لكني أخفي عنها إلى الآن شيء وهو أني لا أشعر بدقة القلب حين أراها، وهو الشعور الذي كنت أجده في حبي الأول (دقة القلب والخطفة واللهفة وشتات العقل) كل هذا لا يحدث معي الآن، ويبقى السؤال هل أحبها أم لا؟ لكني متأكد أني لا أستطيع تركها أو الاستغناء عنها، لكني أيضاً أريد أن أحس بمشاعر الحب السابقة التي ذكرتها آنفاً.
المشكلة الرئيسية: أنني كنت أعمل في شركة الشهر الماضي، رأيت فتاة نظرت لها نظرات عادية جداً لكنها نظرت إليّ نظرة كنت أحس أنها غير عادية، كانت كلما تلقاني تنظر إلي وأنظر إليها، وبدأت أحس أن قلبي يرتجف وتزداد دقاته كلما رأيتها. حدث ذات مرة أنها كانت متأخرة في العمل هي وصديقتها ونحن نعمل في مدينة بعيدة من المدن الجديدة وفاتتنا حافلة المصنع بسبب صاحب العمل وكان هو يريدني أن أعمل معه لفترة مسائية بعد أن ينهي معهما العمل. انتهتا من عملهما وكانتا تريدان العودة بمفردهما فاستأذنت من صاحب العمل وقلت لهم لا بد أن ارجع معهما، وفي الطريق تكلمنا معاً -أنا وهي- عن حياتنا، وكانت أول مرة أحدثها فيها وعرفت أنها تكبرني بعامين ومخطوبة على وشك الزواج خلال الأربعة شهور القادمة، هي لا يبدو عليها السن، وأنا أيضاً شكلي أكبر من سني، فطبعاً صدمت لما عرفت سني -رأيت هذا في عينيها- لأني سألتها عن تقديرها لسني فقالت سن يقارب سنها. طبعاً شكرتني كثيراً لهذا الفعل وحدثت جميع الأصدقاء بما قمت به، وأصبحنا نتحدث أكثر.
كل هذا حدث فجأة أمامي بعد أن كنت متيقناً أني أحب خطيبتي جداً، ولا يمكن أن أفكر في غيرها بعد ثمانية أشهر على الخطوبة والحب، كأن الحقيقة كانت متخفية وتعرّت فجأة أمامي.
وقررت بعد ذلك ألا أنظر إليها مرة ثانية وأتركها لخطيبها لأني لا أرضى أن يقوم أحد بعمل ذلك مع خطيبتي، وحاولت تجاهلها لكني لم أستطع لأني أرى الحب في نظراتها، وأفعالها كانت ترتبك عندما تفعل شيئاً أمامي، كنت ألاحظ ذلك، وأقول لنفسي لماذا هي مخطوبة وأنا خاطب؟! هي أكبر مني وتحضّر للزواج الآن، إذن هي علاقة فاشلة منذ بدايتها (علماً أنها محترمة جداً وأعتقد أنها لا يمكن أن تفكر في شيء يغضب الله).
حاولت ألا أتمادى في هذه المشاعر بأن أقارنها بخطيبتي، وكانت خطيبتي الفائزة في كل مرة ولكني فشلت، فأنا كنت أحس بشيء داخلي تجاهها عندما أراها لا أشعر به عند خطيبتي. المهم أني تركت العمل في أول فرصة عمل أخرى، وقررت نسيانها للأبد. على فكرة لقد حلمت بها مرتين بعد ذلك وراودتني فكرة الاتصال بها على رقم العمل لأني لا أعرف رقمها الشخصي، لكني تراجعت لأنساها للأبد.
طبعاً أنا كنت أشعر كل يوم بأنني أخون خطيبتي والفتاة التي تحبني من كل قلبها ومخلصة لي، لكني لا أستطيع أن أمنع أي شيء. أنا الآن أريد أن أعيد حب خطيبتي كما في السابق، وأن أضمن ألا يحدث ذلك مرة أخرى وأخونها بفكري، لأني لا أرضاه لي فكيف أرضاه لها! ما الحل؟ أصبحت أشك في كلمة "أحبك" وأنا أقولها لخطيبتي أحس أني كاذباً. أريد أن أحبها بصدق وأن يرتجف قلبي لرؤيتها، وأشعر بتلك المشاعر الرائعة التي كنت أشعر بها في حبي الأول؟.
علماً بأني وأنا أحدثها وأجلس معها أحس أني محتاج لها وأحس أني أحبها فعلاً، وكان هذا من قبل أيضاً، لكن كيف يحدث بعد كل هذا أن أقع في الحب مع إنسانة أخرى غيرها؟ أنا لا أريد أن أظلم هذه الفتاة معي الآن، وبعد الزواج إن شاء الله؟ أنا خائف من القول أني أحبها وأكون كاذباً.
أنا أعلم أني أطلت كثيراً عليكم، لكن والله هذه المشكلة تؤرقني كثيراً، ولا يوجد أحداً أفضفض له.
شكراً كثيراً لسعة صدوركم.
والسلام ختام.
11/02/2010
رد المستشار
اطمئن فأنت تحب خطيبتك يا أخي الكريم، لكنك لم تتخلص من "نزعة" التعدد التي تصيب بعض الرجال الذين يقعون فيها لأسباب كثيرة؛ أولها للأسف أننا لم نعلم شبابنا ما هو الحب، لم يتعلم كيف يفهم مشاعره ويسميها بأسمائها الصحيحة، فلم يعد أحد يستطيع أن يفرق بين الحب والإعجاب أو بين علاقة زمالة وعلاقة زواج، فالأوراق كلها مختلطة. وقد يكون السبب ذا بعد تربوي يعود لطريقة التربية منذ الصغر والتي تعتبر من أعمق البصمات التي تحدث في النفس. أو بسبب الخبرات السابقة والتي تجعلنا أسرى الماضي اللذيذ، وبالتالي عقد المقارنات. أو يعود لسبب نفسي يتدرج من البسيط للشديد؛ بدءاً من ضعف الثقة بالنفس والذي يتم تأكيده عن بعض الرجال بوجود هالة من العلاقات العاطفية حوله في نفس الوقت، مروراً لوجود اضطراب نفسي كالنرجسية أو الدنجوانية، أو الرغبة في الانتقام أو القرب من شخصية الأم التي لم تكن العلاقة بها جيدة من خلال تلك العلاقات بشكل غير واعٍ وانتهاءً بالوقوع في مساحة من نطاق الوسواس القهري الذي لا أعلم هل يتفق معي دكتور وائل تجاهه أم لا والذي يجعل الرجل في زمرة الرجال "متعددي العلاقات العاطفية" كفكرة تسلطية في حد ذاتها، قد أكون وضحت لك بعض الأمور التي تبعد عنك كثيراً أو تقترب، لكن على أية حال عليك أن تعي الآتي:
* الحب الأول حب فريد ليس لأنه الأنضج وليس لأنه الأنسب، لكنه صاحب اللقطة الأولى التي مهما تكررت لن تكون مثل أول لقطة، فهي أول دقة قلب وارتجاف، وأول مرة نكتشف فيها أنفسنا على مستوى العلاقة بالآخر وعلى مستوى مشاعرنا عن قرب، فلن يتكرر الحب الأول مهما وجدت ومهما تصورت ومهما قارنت، والمقارنة حينئذ ستكون ظالمة؛ لأنها تختبر المشاعر ولا تختبر حقيقة الشعور بالطرف الآخر، فهل يجوز أن نقارن بين مشاعر مررنا بها ونحن غضّين أصحاب مشاعر بكر، والآن وقد مررنا بعدة تجارب وخبرات وحقائق؟ هل أنت على نفس مستوى التفكير مثلاً منذ عامين فقط؟ فلماذا لا نطبق ذلك على المشاعر؟ الحب الأول ليس حباً كما يكون الحب، ولكنه أول مشاعر وأول سهر وأول اشتياق، وهنيئاً له من جمع بين الحسنيين حين أحب وتزوج من أحب.
* الحب ليس فقط "الكيمياء" التي تحدث بين اثنين والتي تظل مجهولة السبب، ولكن الحب "صناعة" تحتاج أدوات لتقوى وتصبح عملاقة لا يضيرها وجود بعض المنغصات. فالحب؛ جهد وبذل حقيقي من المحب لمحبوبه فيقدم التقبل والتفهم والرحمة ويعطي الاحترام والذوق والثقة لتتوطد العلاقة وتصير متينة لا تقتلعها الرياح التي حتماً ستهب يوماً، هذا الجهد من الطرفين هوالحب الحقيقي المستقر، قد يكون أقل اشتعالاً أو أقل في درجة حرارة المغامرة أو الشوق، لكنه ثابت متين يحيا بنا ومعنا طوال العمر. وكلما كان الشريك متناغماً معنا ونتقبله بصدق كما هو ويتقبلنا بصدق كما نحن، وكلما كانت الدفة تسير تجاه العطاء والصبر والجهد لا لتغييره ليكون مثل الصورة التي نرسمها له في أذهاننا، كان الاختيار أنضج وأنسب ما دام موضوعاً في إطار من التكافؤ بين الطرفين ورضى ومباركة الأهل.
* الماضي سيظل جميلاً وقد يظل الأجمل لأننا نريده أن يكون ذلك، في حين أن الواقع قد يدهشنا لو رأينا حبيب الماضي في واقعه الحقيقي اليوم، فنجده يحمل خصال لا يتمتع بها حبيب اليوم أو خصال لن نتمكن من تقبلها بسهولة ولكن كما نقول في أمثالنا الشعبية "البعيد سره باتع"، فمحبوبتك في الماضي قد تكون أقل نضجاً أو أقل تحملاً للمسؤولية عن خطيبتك ولكنك لا ترى ذلك. وكذلك تلك الزميلة أنت ترى صورة لها من الخارج وبعض الكلمات التي تبادلتها معها والتي في الحقيقة لا تعني أي شيء، فعالم النظرات عالم خادع ولا يمكننا منه معرفة تفاصيل الشخصية التي قد تكون عصبية أو غير قادرة على تحمل المسؤوليات أو أقل في النظافة الشخصية مثلاًَ، فزميلتك وهم جديد تضيفه لنفسك ومن صنع نفسك فلا تنساق وراءه، ويمكنك تفادي ذلك بأن تأخذ نفسك ببعض الشدة والجدية في علاقاتك الأخرى وتحافظ على وجود "حدود" حتى لا تكون أحد أبطال متعددي العلاقات العاطفية.
* قوّي صلتك بالله سبحانه وتعالى لتستحضر جلاله وتطلب منه في دعائك أن يحفظك من كل سوء.