محتاجة مساعدتك جداً
أنا إنسانة تعيسة حظي سيء في أشياء كثيرة. ظروف صحية صعبة جداً، زوج جاء في آخر فرصة، قال لي أن ظروفي ليس لها تأثير في زواجنا لكن بعد ذلك اتضح أنه ليس صادقاً.
عمره 52 عاماً، مزواج لا يغض البصر، أنا الزوجة الرابعة، وأنا أكثر نجاحاً منه في حياتي العملية والدراسية. عنده مشكلة في علاقته بأبيه؛ كان أبوه قاسياً معه، وعنده مشكلة في علاقته بأولاده من زوجته الأولى، عصبي وغير متدين بتاتاً، يظن أنه وصل للحقيقة المطلقة برفضه الدين ويريدني أن أتبعه في ذلك. كان يود لو أني أملك مالاً كثيراً أن يستولي عليه، يهاجمني دائماً وينعتني بالغباء في حين أني أستاذة جامعية ومغتربة في كندا.
أرجوك ردّ على رسالتي جزاك الله كل الخير. سؤالي:
كيف أتعامل مع هذا الإنسان -المصاب بمراهقة متأخرة وغيرة شديدة مني، وفي نفس الوقت ينظر إليّ على أني لست كفؤاً له- لكي أعيش بطريقة أفضل من الآن؟.
6/2/2010
رد المستشار
أختي الكريمة،
أحياناً يضطر الطبيب لمصارحة المريض بحقيقة مرضه حتى يعي الفترة القادمة بشقائها ويستعد لها، أو ليتخذ قراراً مؤلماً لكن يحمل الراحة ولو بعد حين. في المجال النفسي يوجد ثلاث مساحات رئيسية للمرضى؛ الأولى المريض النفسي؛ وغالباً هذا المريض يحتاج لجلسات نفسية وعلاج سلوكي ومعرفي وبعض الأدوية المعينة ليتحسن، وبالفعل يتحسن كثيراً لكن تكون البطولة في التحسن لصالح العلاج السلوكي أكثر من الدواء حتى لو احتجناه ولو بجرعة كبيرة في البداية أو كبداية حقيقية للعلاج.
والمساحة الثانية هي المريض العقلي؛ حيث يتحسن المريض أو يتفادى تدهور حالته بالكثير من العلاج الدوائي مع بعض البرامج السلوكية، لكن يظل الدواء هو البطل الحقيقي في التحسن أو وقف التدهور.
أمّا المساحة الثالثة فهي في غاية الصعوبة وتحتاج لعلاج طويل واستراتيجيات كثيرة في التعامل وصبر ورغبة من المريض نفسه في العلاج، والذي وجدنا معظمهم لا يقتنعون أصلاً بأنهم مرضى! وهؤلاء هم أصحاب أشقى وأصعب داء نفسي ألا وهو اضطرابات الشخصية، حيث يكون المريض صاحب علّة في شخصيته ظلت ملاصقه له منذ عمر الطفولة بعد المتوسطة ودون وعي -كالمعتاد- من حوله بوجود مشكلة في شخصيته، فتترعرع وتكبر وتنمو معه كلما كبر وانتقل من مرحلة لمرحلة، لذلك معظم الاضطرابات تظهر بوضوح -لمن يرى ويفهم- منذ مرحلة المراهقة، وتزداد الأعراض كلما كبر الشخص. مصيبة هذه المساحة أن المريض ليس مريضاً نفسياً تماماً كما شرحت، ولا مريضاً عقلياً تماماً كما شرحت، لكنه يعاني من اضطراب صار مزمناً لأنه كالعاشق والمعشوق منذ سنوات طويلة. ويتم علاج هؤلاء المرضى بشكل جزئي حين يعترفون بذلك ويرغبون في العلاج وقليل ما هم.
إن زوجك كما وصفته يحمل اضطراباً نفسياً بجدارة، ولم أتمكن من تحديده؛ لأنك لم تتحدثي في تفاصيل توضحه، فعلاجه أتصور صعوبته وكذلك قرار بقائك أو انفصالك عنه، فالآن أمامك اختيارين كلاهما مرّ، لكننا في النهاية نختار الأقل ألماً وقدرة على تحمل تبعاته، وهما:
إمّا أن تواجهي حقيقة اضطرابه وتتعايشي معها بحلوها ومرها وتحصلي على الجزء "اللطيف" منه أو "المفيد"، وأنت تتحدين اضطرابه وتحاولين استمالته للعلاج. أو أن تجعلي اضطرابه جزءاً لا يتجزأ من منظومة تعاملك معه دون أن تحرقي دمك وتظلي صريعة أسئلة واستفهامات لا تنتهي. أو أن تقرري بمنتهى الوضوح والصدق أنك لن تستطيعي الاستمرار معه حتى لو حصلت على لقب مطلقة ما دمت تعلمين أن زواجك منه سيحطمك أكثر من انفصالك عنه.