اقتران اضطرابي الشخصية البينية والوسواس القهري
حضرة الدكتور مصطفى السعدني المحترم،
أشكرك جزيل الشكر للإجابة على أسئلتي الملحّة. أما بعد، ففعلاً اضطراب الشخصيّة الحديّة هو أقرب وصف لحالتي؛ عدت وقرأت الكثير عنه وقد وجدت بعض السمات والأعراض الجديدة موجودة في شخصيّتي غير التي ذكرتها أنا في رسالتي السابقة... إلى جانب الوسواس القهري... لدي بعض الأسئلة:
* إن اضطراب الشخصيّة الحديّة عادة ما يترافق مع اضطرابات وجدانية؛ اضطرابات قلق، اضطرابات في الأكل... المهم أن الوسواس القهري هو اضطرابي القلقي، لكن لم أستطع تحديد اضطراب وجداني بعد... فبحسب رسالتي السابقة، هل هو: الاكتئاب الإكلينيكي- الأحادي أم هو الثنائقطبي؟.
* التحرّش الجنسي الذي تعرضت له كان ظاهرياً فمرّ مرور الكرام ولم يوثّر عليّ مطلقاً... فهل من الممكن أن يكون قد أثّر على اللاوعيّ؟.
* إذن علاجي يتمثّل بخلطة من مضاد للاكتئاب -موجّه للوسواس القهري وللاكتئاب معاً- ومثبّت للمزاج، وعلاج نفسي أهمه : Dialectical Behavior Therapy (صمّم خصيصاً لعلاج الشخصيّة الحديّة)، لكن ماذا لو لم أستطع الوصول للعلاج النفسي واكتفيت بالأدوية، فهل ستبقى شخصيّتي مضطربة رغم "علاج" الوسواس القهري والاكتئاب؟.
* ربما لست مسؤولاً عن مرضي بالوسواس القهري، لكن هل أنا السبب في تطور شخصيّتي المرضيّة وصولاً إلى الحديّة؟.
* كيف ممكن أن تفسّر معاناة شخص "حدّي"+ "موسوس"+ "مكتئب" لشخص ما؟ فهذا الشخص قد لا يفهمك رغم وصف معاناتك له، وقد تكون جريدةّّّّّّ!!.
* في النهاية؛ هل تنصحني بالإفصاح عن حالتي لبعض الأشخاص؟
وأرجو جواباً دقيقاً لما قد يسبب الإفصاح من مشاكل و "Stigma" وإلخ..
وشكراً مجدداً...
26/02/2010
رد المستشار
أعراض الاكتئاب واضحة في استشارتك ويكفي أنها تعيقك عن نجاحك في إتمام دراستك الجامعية، وأذكرك بمقطع كتبته أنت بنفسك في استشارتك ومنه: "ولكن كان ضميري دائماً يجلدني بعد الانتهاء من العادة السرية وألوم نفسي... إلى أن وصلت إلى مرحلة عدم القدرة على المواجهة، ومن هنا بدأ الأكتئاب وامتد إلى كل جوانب حياتي"، وإليك هذا المقطع أيضاً: "أكره المجتمع والآن الاجتماعيات، لأنني من الصعب أن أندمج ومن الصعب أن أجد أشخاصاً يشاركونني اهتماماتي... ودائماً ما أحس بأني منعزل عن الباقين رغم وجودي معهم"، أما هذا المقطع من استشارتك فهو ينطق بالاكتئاب الأكيد: "وصل الاكتئاب بشكله المعروف بشكل عام، فقد بدأت أعاني من الآتي:
* فقدان الأمل
* الحزن
* اللامبالاة
* عدم الاستمتاع بمعظم الأشياء تقريباً التي كانت محببة على نفسي.
* الملل
* البكاء أحياناً
* الفراغ العاطفي
* عدم القدرة على الدراسة
* بذل مجهود جبّار للقيام بعمل بسيط
* تعب من دون سبب.
* عدم القدرة على اتخاذ أي قرار ولو بسيط بالعودة لوصف الحالة، كان هذا لأكثر من أسبوعين، لم أعاني من مشاكل في النوم أو الأكل (باستثناء زيادة الشهيّة أحياناً)، كما لم يكن هناك أفكار انتحارية في البداية، بدأ مستواي الدراسي ينحدر, بدأت أحس أني سجين هذه الحياة".
مُحتمل بالتأكيد أن يكون التحرش الجنسي الذي تعرضت له أثر بآلية لاواعية.
إذا لم تستطع الحصول على العلاج النفسي اللازم لاضطراب الشخصية واكتفيت بالعقاقير وتم علاج الوسواس القهري والاكتئاب فقط، فإن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، بالبلدي يعني: نص العمى ولا العمى كله! فاجتهد في طلب العلاج قدر استطاعتك، وتذكر أن التحسن سيكون تدريجياً وبطيئأً، ولا تستعجل على تمام الشفاء، واحذر نوبات غضبك قدر استطاعتك وتذكر أن الحلم بالتحلّم.
ورداً على سؤالك: هل أنا السبب في تطور شخصيّتي المرضيّة وصولاً إلى الحديّة؟
كما قلت لك قبلاً، فأسباب هذا الاضطراب ترجع لأسباب وعوامل وضغوط نفسية تحيط بالشخص نفسه، وكذلك طريقة تربيته وتنشئته، أي ظروف وضغوط أسرية وبيئية واجتماعية، بالإضافة للعامل الوراثي أيضاً، فأنت في كل الأحوال لست مسؤولاً عن حدوث تلك الاضطرابات، ولكنك مسؤول أمام نفسك وأمام الآخرين عن السعي الحثيث لعلاج نفسك، والتعايش السلمي مع النفس ومع الآخرين قدر استطاعتك.
ورداً على سؤالك: كيف ممكن أن تفسّر معاناة شخص "حدّي" + "موسوس" + "مكتئب" لشخص ما؟
ما المانع في أن تجتمع كل تلك الأعراض في شخص واحد؟!، وعلى فترات متباعدة، وأحياناً في نفس الوقت، وأزيدك من الشعر بيتاً: فقد يصاب هؤلاء الأشخاص أيضاً -من ذوي الشخصية الحدّية- بنوبات ذهانية حادة لفترات قصيرة مصحوبة بهلاوس وضلالات مختلفة، وهذا ما يجعل تشخيص حالتهم صعباً في أحيان كثيرة، وهنا تأتي فائدة العلاج النفسي لكي يفهم المريض نفسه وينضج نفسياً مع الوقت، ورغبة المريض الحقيقية في التغير والتحسن للتعايش -مع الآخرين ومع نفسه في سلام واطمئنان- من أكثر العوامل المساعدة على علاج المريض وتحسنه التدريجي بأمر الله تعالى.
وفي النهاية: لا أنصحك ولا أنصح أي مريض نفسي بالإفصاح عن حالته للعامة (ولو من الأقارب) إلا بعد استشارة طبيبه المعالج، لتجنب المشاكل والوصمة ممن يتعامل معهم، ولو كانوا من أقرب الناس إليه!!.
ويتبع>>>>>: اقتران اضطرابي الشخصية البينية والوسواس القهري، م1